ماءُ الورد Rosewater

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماءُ الورد Rosewater

    ماءُ الورد Rosewater

    على الرغم من أن أحداث هذا الفيلم ، ( ماء الورد ـ Rosewater ) تدور في العام 2009 ، إلا أن ما يحصل في ايران ــ بين فترة و أخرى ــ من احتجاجات و اضطرابات و اعتقالات و اتهامات بالعمالة لـَـينسجم مع ما هو مطروح في الفيلم ، و هذا ليس الفيلمَ الأمريكي الوحيد ، أو الأول ، الذي يتعرض لطبيعة الحياة الداخلية في ايران و تصرفات ما تُسمّى بالجمهورية الإسلامية التي قامت بعد سقوط حكم الشاه عام 1979 . ففي عام 1991 قدّم المخرج " براين غلبرت " فيلمه المثير ( ليس من دون إبنتي Not Without my Daughter ) من بطولة " الفريد مولينا " الذي مثل دورَ ( دكتور محمدي ) ـ إيراني الأصل ـ و الذي يعمل طبيباً في أحد مستشفيات ولاية ( ميشيغان ) الأمريكية ، و يقرر السفر الى إيران للقاء أهله بعد قيام الثورة الإسلامية و سقوط نظام الشاه ، و يصطحب معه زوجته الأمريكية ، التي مثلت دورها " سالي فيلد " ، و معهما ابنتهما ، و في ايران تتفاجأ الزوجة بالتحول العقائدي لدى زوجها ، بتأثير من أهله ، حيث يقرر عدم العودة الى أمريكا ، و يُرغمُها و إبنتَها على ارتداء الحجاب ، و في سياق الأحداث يقدّم الفيلمُ صورةً عن الحياة الإجتماعية المضغوطة في ظل النظام الإسلامي الجديد ، الأمر الذي اعتبره المسؤولون الإيرانيون تشويهاً لصورة ( الجمهورية الإسلامية ) .
    و في العام 2008 تم إخراج الفيلم الأمريكي ( رَجمُ ثريا ) من قبل المخرج الأمريكي ــ من أصل مصري ــ ” كايروس نورسته ” ، و هو مأخوذ عن قصةٍ أحداثـُها واقعية ، كتبها الكاتب الفرنسي ــ من أصل ايراني ــ ” فريدون صاحب جم ” و قد التقطها عن لسان سيدة إسمها ” زهراء ” ، عند مروره ببلدة صغيرة نائية ، و هي تتحدث عن محنة ” ثريا ” ، إبنة أختها ، التي تعرضت للظلم و الإضطهاد و القتل ، رجماً بالحجارة ، على يد أزلام نظام ( الجمهورية الإسلامية ) في البلدة .
    و في العام 2012 ، قدم الممثل و المخرج الأمريكي " بن أفليك " فيلمه ( آرغو ـ Argo ) الذي ترشح لسبع جوائز أوسكار ، نال ثلاثاً منها ، و هو فيلم يتناول قصة إنقاذ ستة دبلوماسيين أمريكيين تم اختطافهم في طهران بعد قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979 . و هو أيضاً قدّم صورة عن السياسة الداخلية الضاغطة في إيران و إنعكاسها على السياسة الخارجية . و هذه الأفلام جميعها تستندُ الى أحداث واقعية حصلت في ايران .
    هذا فضلاٌ عن أفلامٍ إيرانية سلطت الضوء على واقع الحياة في ظل النظام الإيراني ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ولعل أكثرها وضوحاً و صراحة ً فيلم ( السحلية ) ، المُنتَج عام 2004 ، من إخراج المخرج الإيراني ” كمال تبريزي ” و الذي يُعرّي زيفَ رجال الدين المتحكمين بمقدرات الشعب الإيراني . و لا ننسَ فيلم ( الرئيس ) للمخرج الإيراني المعروف ” محسن مخملباف ” الذي يحمل صفة ً إيحائية ً عن مصير ” علي خامنئي ” مرشد ( الجمهورية الإسلامية ) ، فضلاً عن فيلمه شبه الوثائقي ( حياة خامنئي ) .
    تدور أحداث فيلم ( ماء الورد Rosewater ) في العام 2009 ، و ينقل صورةً عن الشكوك التي يتعرض لها الفرد من قبل السلطات الأمنية داخل إيران ، أكان هذا الفرد مواطناً إيرانياً أم أجنبياً ، و يركز الفيلم على الجانب الوحشي داخل السجون الإيرانية . حيثُ يتعرض الصحفي الكندي " مارياز بهاري " ــ و هو من أصل إيراني ــ الى السَجن في سِجن ( ايفين ) الشهير و الى الضغط و التعذيب الجسدي و النفسي و الإبتزاز ، بتهمة ( التجسس تحت غطاءٍ صحفي ) ، و هي ذات التهمة التي وُجهت الى الصحفية الكندية ، ذات الأصل الإيراني أيضاً ، " زهراء كاظمي " عام 2003 ، و هو ذات السجن الذي وُضعت فيه و ماتت من أثر التعذيب ، ما تسبب بتدهور العلاقات الكندية الإيرانية ، و التي انتهت الى القطيعة حتى اليوم .
    و قصة فيلم ( ماء الورد ) واقعية ، و قد حصلت مع الصحفي " مارياز بهاري " الذي قدم الى ايران كمراسل لمجلة ( نيوز ويك ) الأمريكية ، لتغطية الإنتخابات الإيرانية عام 2009 التي تميزت بالتزوير الفاضح ، و قد انتهت بفوز ” أحمدي نجاد ” بولايةٍ ثانية . و ” بهاري ” إيرانيٌ ــ أصلاً ــ ولد في طهران عام 1967 ، و عندما أصبح في العشرين من عمره ، عام 1987 ، سافر الى باكستان ، و من هناك هاجر بعد عام الى كندا ، لدراسة الإتصالات . تزوج من المحامية الإيطالية البريطانية " باولا جورلاي " . و كان والده " بابا أكبر " قد تعرض للسَجن في عهد الشاه ، و كذلك في عهد " خميني " . كذلك تعرضت شقيقته " مريم " للسَجن مدةَ ست سنوات ، في عهد " خميني " قبل أن تفارق الحياة بسبب مرض سرطان الدم ، و كلاهما ترد سيرتهما في فيلم ( ماء الوردRosewater ) الذي هو من اخراج " جون ستيوارت " ، كاتبٌ ومقدم البرنامج التلفزيوني الساخر الشهير ( The Daily Show ) .
    " بهاري " الذي مثل دوره المكسيكي " جايل غارسيا برنال " ، لم يبق لديه في إيران ، بعد وفاة والده و شقيقته ، غير والدته ، و قد مثلت دورها الممثلة الإيرانية الأمريكية " شهرية أجهدآشلو " الحاصلة على جائزة ( ايمي ) . و من بيت والدته يأخذه رجالُ الأمن ، بعد أن فتشوا البيت بحثاً عن وثيقة يمكن اتخاذها ذريعة لاعتقاله ، فلم يجدوا غيرَ مجلاتٍ عامة و أفلام سينمائية و اسطوانات موسيقية ، و هذه المواد يصفونها بالإباحية ، فهم جاءوا بنـِـيّة الإعتقال ، بذريعةٍ أو بغير ذريعة ، فتم اعتقاله ، و أُخِذَ ــ مباشرةً ــ الى سجن ( ايفين ) . كان ذلك في 21 يونيو/ حزيران 2009 . و كان والد ” مازيار ” هو أحد نزلاء هذا السجن الرهيب ( مثل دوره في الفيلم الممثلُ التركي " هالوك بيلجينير " ) .
    يستند فيلم ( ماء الورد ـ Rosewater ) الى القصة الحقيقية التي رواها " مازيار بهاري " في كتابه ( ثم جاءوا اليّ ) ، الذي اعتبرته مجلة ( تايمز ) الكتابَ الأعلى مبيعاً ذلك الوقت و زاد من شهرة " بهاري " فوق شهرته التي اكتسبها أثناء اعتقاله الذي أثار الرأي العام العالمي في حينه .
    في البداية ، يتحدث " بهاري " ، عن شقيقته " مريم " التي أخذته الى مرقد السيدة " معصومة " و هو في التاسعة من عمره ( مثلت دور الشقيقة الممثلة الإيرانية المقيمة في فرنسا " گلشفتي فرحاني " ) . و في حديثه ، يشير الى عطر ( ماء الورد ) الذي كان يُرش على زوار المرقد . كذلك فإن رجل الأمن الذي توجّه لاعتقاله كان يرش على نفسه ماء الورد ، كصيغة تبارُك و تفاؤل ، و من هنا جاء عنوان الفيلم .
    معظم لقطات الفيلم تُظهر " بهاري " في زنزانة إنفرادية أو في المكتب الفارغ للمسؤول الأمني " جوادي " ، و يظهر في معظم اللقطات معصوبَ العينين ، يتلقى الضربات من " جوادي " . و في لحظة من لحظات الضَعف يقول لنفسه ( لقد أصبحتُ منسياً ) ، لكن طيفَ " مريم " يبعث فيه القوة حين تقول له ( هم الضعفاء و ليس أنت ، استخدم حريتك و استغل ضَعفهم ) ، و فعلاً راح يلعب لعبةً خبيثة مع " جوادي " الذي أراد أن يتذاكى بإخباره أنهم يعرفون كل شيء ، وأن عيونهم و اذرعهم في كل مكان ، فيسأله عن " شيرين عبادي " التي يحتفظ بأربعة أرقام هواتف لها و عن عدد المرات التي ضاجعها فيها ، هنا التقط " بهاري " الخيط ، إذ تذكر أن " جوادي " يربط كل شيء بالجنس و هو يربط الأفلام الفنية و الصور و المجلات العادية بالإباحية ، ما يعني أن الجنس يشكل نقطة ضعف لديه ، فراح يلعب لعبته حين سأله " جوادي " عن سبب تنقلاته الكثيرة ، فيكذب عليه معترفاً ـ بتردد ـ بأنه يذهب الى هذه الأماكن لأنه يستمتع بالجنس اليدوي بواسطة فتيات يافعات جميلات ، فيسيل لعاب " جوادي " ، و كلما تردد "بهاري " و أوحى بأنه خجـِلٌ من التحدث في هذا الموضوع ، راح يحثه على الحديث ، و " بهاري " يمعن في الإختلاق ، حتى يخبره بأن هناك مركزاً يُسمى ( المركز الفارسي ) متخصص بهذا النوع من الجنس ، و يعود الى حقبة " سايروس الأعظم " ( و هو " كورش " ، أحد أعظم ملوك الإمبراطورية الفارسية الإخمينية ، حكم للفترة 550 ــ 529 قبل الميلاد ) .
    في الفيلم ، كما في الواقع ، لعب كلٌ من المحقق و الضحية لعبة القط و الفار . المحقق يستخدم الضغط النفسي و القوة اليدوية و الترهيب ، سانداً ظهره الى قوة النظام ، فيما الضحية الأعزل استخدم قوته العقلية و صبره و اقتداءه بتجربة والده و شقيقته ، و بعد أن ظهر على شاشة التلفزيون ، استمد قوةً جديدةً من الأمل بأنّ ثمة من بات يتحرك في الخارج لصالحه ، و فعلاً فإن التحركات التي قامت بها زوجته " باولا " و منظمة ( مراسلون بلا حدود ) و منظمات إنسانية أخرى و جهات رسمية حكومية و دولية ، كلها حاصرت النظام في ايران في زاوية ضيقة ، فاضطر الى إطلاق سراح " مارياز بهاري " في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2009 .
    الفيلم تم تصويره في الأردن ، أما المشاهد التي ظهرت في داخل ايران ، خلال الإنتخابات و الإحتجاجات التي أعقبتها ، فمأخوذة من نشرات الأخبار المحلية و الدولية و قد وُظّفت بطريقة متناسقة مع مشاهد الفيلم الأساسية .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
    رابط الفيلم في التعليق الأول

يعمل...
X