تاريخ الحروب الصليبية. . (127).صلاح الدين في مصر في دولة نورالدين محمود زنكي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تاريخ الحروب الصليبية. . (127).صلاح الدين في مصر في دولة نورالدين محمود زنكي



    التاريخ
    تاريخ الحروب الصليبية ... (127)
    The History Of The Crusades
    ------------------------------------------------------------------
    مازلنا نتابع البطل صلاح الدين في مصر في دولة نور الدين محمود زنكي .
    ------------------------------------------------------------------
    صلاح الدين محصارا في الإسكندرية (الحصار الأول)
    (عودة مرة أخرى إلى استيفن رنسيمان ليحدثنا أيضا عن تلك المرحلة من وجهة نظر الإمارات الصليبية .. و نفس المعلومات من مصادرنا العربية هي في الفقرتين 123, 124 رابطهما في التعليقات) يقول :
    أمضى نور الديـن عـامى ١١٦٥م و١١٦٦م في القيام بهجمات مفاجئة على القلاع الواقعة شرقى منحدرات لبنان ، بينما راح شيركوه يغير على منطقة الأردن ، ودمر حصنا كان فرسان المعبد قد بنوه في مغارة جنوب عمان* .
    ......
    *استولی نورالدين على مونيترا ، على الطريق من جبيل الى بعلبك ، بينما استولى شيرکوه على شقيف تيتون ، أو كهف تيرون ، الذي يحدده (513.Rey(Colonies Franques,p بأنه قلعة نينها، الواقعة على مسافة 15 ميلا تقريبا شرق صيدا . ومكان قلعة فرسان المعبد القريبة من عمان غير
    معروف . ويطلق عليها بهاء الدين(* يقصد ابن الأثير) أكاف ، وربما تكـون مغارة كـاف الواقعة جنوب شرق عمان والتي تضم أطلالا رومانية ، ولكن ليس هناك ما يدل على وجود أطلال من العصور الوسطى.. هامش المؤلف
    .......
    وفي نهايـة عـام ١١٦٦م حصل شيركوه أخيرا على اذن سيده في غزو مصر مرة أخرى ؛ وحث الخليفة في بغداد على المناداة بهذا المشروع كحرب مقدسـة ضـد هرطقـة الخلافة الشيعية الفاطمية ؛
    زود نور الدين شيركوه وجيشه بتعزيزات من حلب . وانطلق شيركوه مـن دمشق في يناير ١١٦٧م ، واصطحب معه صلاح الدين مرة أخرى . ولم يخف نوايـاه ، مما أتاح الوقت لشاور كي يستنجد بالملك أمالريك (عموري الأول) .
    واستدعى الملك باروناته لمقابلتـه هنـاك ؛وبعد تأكيده للخطر المحدق بفلسطين في حالة غزو السوريون السنيون لمصر ، وافقت المحكمة العليا على إرسال حملة كاملة لإنقاذ شـاور .
    وكان على قوة المملكة المقاتلة كلها أن تشترك في الحملة أو أن تبقى على الحدود للحراسة في غيبة الملك ؛ ولذا كـان
    على كل شخص لا يستطيع الحضـور أن يدفع عشـر دخلـه السـنوى .
    وقبل أن يتهيأ الجيش جاءت الأنباء بأن شيركوه يعبر صحراء سيناء ؛ فسارع أمالريك بإرسال ما كان جاهزا من الجنود لإعتراض طريقه ، لكن السيف كان قد سبق العذل .
    هبت عاصفة رملية مرعبة كادت أن تسحق جيش شــر كوه ؛ لكنـه وصـل بـرزخ السويس في الأيام الأولى من فبراير تقريبا ، وهناك سمع بأن الجيش الفرنجى انطلـق يـوم 30 يناير ؛ ولذا سار باتجاه الجنوب الغربي ، خلال الصحراء ، ليصل إلى النيـل عنـد أطفيح ، على بعد أربعين ميلا جنوب القاهرة .
    وعبر النيل وهبط على الضفة الغربية وضرب معسكره في الجيزة أمام العاصمة . وفي تلك الأثناء اقترب الجيش الفرنجـى مـن القاهرة من الشمال الشرقي ؛ وقابله شاور في مكان ما خارج المدينـة وقـاده إلى حيـث يعسكر على الضفة الشرقية للنيل ، على مسافة ميل من أسـوار المدينة .
    ورفـض شـاور اقتراحا من شيركوه بالاتحاد ضد المسيحيين ، وعقـد حلفـا مـع أمـالريك يدفع بموجبـه أربعمائة ألف بيزانت نصفها في الحال والنصف الآخر بعد وقت قصير ، شريطة
    أن يقسم أمالريك بعدم مغادرة مصر إلا بعد طرد شيركوه منها .
    وبعث الملـك إثنـان.هما هيو (لورد قيسارية) وفارس من فرسان المعبد يدعى جیوفری - ربما كان يتحـدث العربية - إلى داخل القاهرة للحصول على تصديق رسمي مـن الخليفة على الحلف .
    واستقبلا في القصر استقبالا فخما ؛ إذ اقتيدا عبر صفوف أشجار وينابيع وحدائـق ، حيث ما كان يحتفظ به البلاط من وحـوش وأقفـاص ضخمة للطيـور ، ومـن قـاعـة إلى اخـرى تتدلى فـي كـل منهـا الستائر الكثيفـة المحلاة بخيوط الحرير والذهـب وأزرار المجوهرات ، إلى أن رفعت ستارة ذهبية ضخمة ، لتكشف عن الخليفة الصبـي مـن وراء ستر على عرشه الذهبي .
    وأقسم المقسمون بالحفاظ على المعاهدة . ثـم إن هيـو -
    كنائب عن الملك – رغب في اتباع الطريقة الغربية للتصديق على التحالف بـأن يشـد على يد الخليفة العارية . وارتاع رجال الحاشية الملكية ، وأخيرا تم اقناع سيدهم ، وهـو يبتسم ابتسامة فيها الإزدراء ، بأن يخلع قفازه . وانسحب السفيران وقد تأثرا تأثراً عميقا - كما كان مقصودا – بما كان للامبراطورية الفاطمية من ثروة هائلة.
    ........
    * في الواقع ينقل استيفن رنسيمان هنا عن وليم الصوري و كلاهما مغالط كما هو معلوم فالخليفة الفاطمي كان على خلاف مع شاور و هو الذي استنجد بنور الدين محمود ليخلصه منه كما وضحنا سابقا .. و هو هنا يحاول تصوير أن الخليفة أراد اغراء الوفد الصليبي بإبراز مظاهر الثراء ؛ ولا يعدو أن يكون ذلك كله من تأليف الكاتب لتأكيد مزاعمه ، فالدولة كانت في أسوأ أحوالها حينذاك .
    ..........
    ومضى شهر والجيشان يحملق كل منهما في الآخر ، لا يقدر أي منهما على عبـور النهر في وجود الآخر قبالته . ثم تمكن أمالريك من تنفيـذ عبـور إلى جزيرة على رأس الدلتا - إلى الشمال قليلا – ومنها إلى الضفة اليسرى ، حيث باغت إحـدى فـرق شيركوه .
    ووجد شيركوه أن جيشه ضئيل العـدد أمام الفرنج والمصريين ، فانسحب باتجاه الجنوب أعلى النيل ، وتبعه أمالريك وشاور ، متوخين جانب الحذر بترك حامية قوية في القاهرة تحت قيادة ابن شاور، الكامل ، وهيو (اوف إبلين).
    وتسبب دخـول كتيبة هيو إلى القاهرة والسماح للضباط بحرية دخول القصـر ، في إثارة الذعـر لـدى دوائر المسلمين الأكثر تشددا في المدينة .
    .......
    *ولسنا ندري مادور كلمة الأكثر تشددا هنا غير أن الكاتب يريد أن يقول ليس كل شعب مصر كان يكره الصليبيين بل قلة من المتشددين ! على عكس ما قاله الواقع !!!
    .......
    وفي مكان ما لا يبعد كثيرا عن مدينة المنيا في وسط مصر ، تهيـا شيركوه لعبـور النيل مرة اخرى وفى ذهنه العـودة لغـزو الحدود السورية .
    فعسكر في أشمونين بين أطلال هرموبوليس القديمة ؛ حيث لحق به الجيش الفرنجي المصري - الـذي كـان أكبر من جيشه حتى بدون الحامية التي تخلفت في القاهرة .
    غير أن جيـش شيركوه كـان مؤلفا أساسا من فرسان الأتراك خفيفي الحركة ، بينما كان الجيش المصري يتألف من المشاة ومع الجيش الفرنجي مجرد بضع مئات من الفرسان !!
    .......
    *هنا بعد أن حاول التقليل من شجاعة شيركوه وحسن تصرفه يحاول تبرير هزيمة الصليبيين !!!
    وبخلاف ما أشار عليه أمـراء الجيش ، قرر شيركوه الاشتباك في معركة . وتردد أمـالريك مـن ناحيتـه ، وعندئذ حدثت إحدى تدخلات القديس برنارد التعسة في التاريخ الصليبي فقد ظهـر للملك في حلم وراح يوبخه تربيخا مهينا بأنه غير جدير بهذه القطعة الخشبية مـن الصليـب الحقيقي التي يعلقها حول رقبته ، وأنه لن يبارك هذا الأثر إلا عندما يقسـم الملـك بـأن.يكون مسيحيا أكثر اخلاصا .
    وبهذا التشجيع ، شن أمالريك في الصباح التـالي ، ۱۸مارس ١١٦٧م ، هجوما على السوريين . واتبع شيركوه التكتيكات التركية المعتـادة ؛ فقد تهاوى القلب من جيشه بقيادة صلاح الدين ، وعندما انطلق الملك وفرسانه في.عدوهم يطاردون القلب ، دفع شيركوه ميمنته إلى ميسرة الفرنج والمصريين فانهارت .
    ووجد أمالريك نفسه وقد أحيط به وإنما يعزي تمكنه من الهرب على قيد الحياة - كما يظن - إلى الأثر المبارك المعلق في رقبته ؛ على أن الكثيرين من أفضل فرسانه قتلوا وأسر
    آخرون ، من بينهم هيو كونت قيسارية . واندفع أمـالريك وشاور وبقايـا جيشهما منسحبين إلى القاهرة للانضمام إلى قوات الحامية .
    ........
    *ههههه انظر كيف يكتبون التاريخ و يعتمدون الخرافات كأنها حقائق ثم يقولون عنا أننا متخلفون !!!
    ........
    لقد انتصر شيركوه ؛ لكن هناك جيشا متحالفا لا يزال في ساحة القتال . وبدلا من محاولة الهجوم على القاهرة ، عبر النهر مرة اخرى واتجه بسرعة إلى الشمال الغربي من خلال الفيوم ؛ وفي غضون أيام قليلة ظهر امام الإسكندرية . وفتحت له هذه المدينة العظيمة بواباتها لما كان يعرف عن كراهيتها لشاور .
    ........
    *تذكروا هذه الجملة لأنه سيقول ما يناقضها عند خروج صلاح الدين من الإسكندرية !!!
    ........
    وفي تلك الأثنـاء أعـاد أمـالريك وشاور تشكيل جيشهما خارج القاهرة . وبرغم الخسائر كان لا يزال أكـبـر مـن جيـش شيركوه ؛ ولذا تبعاه إلى الاسكندرية وضربا حصارا حول المدينـة ؛ ووصلت تعزيزات قليلة من فلسطين(*يقصد صليبية) ، وأبحرت سفن فرنجية لتحكم الحصار .
    وبعد انقضاء شهر تقريبا وجد شيركوه المجاعة تتهدده ، فترك صلاح الدين مـع حـوالى ألـف مـن رجاله للدفـاع عـن المدينة ، وتسلل خارجا في إحدى ليالى شهر مايو مع القسم الأكـبـر مـن جيشـه ، مـارا بمعسكر أمالريك ويمم وجهه شطر مصر العليا .
    وشعر أمـالريك بـالحنق ورغـب في مطاردته ؛ غير أن شاور أخبره بأن الأهم استرجاع الإسكندرية ، ولا مانع لديه مـن ان
    ينهب شيركوه مدن مصر العليا إذا شاء . هههههه
    وبنهاية شهر يونية أصبح وضع صـلاح الديـن داخل المدينة باعثا على اليأس بحيث توسل إلى عمه أن يعود .وتحقق شيركوه مـن انه ليس هناك ما يمكنه أن يفعله ، فاقترب من الإسكندرية وأرسل أحد أسراه الفرنج ، وهو أرنولف امير تل بشير (*يقصد تل باشر)- بعد أن رفض هيو أمير قيسارية المهمة - إلى معسكر أمـالريك ..
    عقد السلام على أساس أن يجلو هو والفرنـج عـن مـصـر ، وعلى أن يعـد شـاور (يعطي تعهدا)بعدم معاقبة رعاياه في الاسكندرية وغيرهـا مـن الذيـن أيـدوا الغزاة .
    وقبـل أمـالريك بالشروط ، إذ كان في حالة عصبية لانشغاله بشـؤون فلسطين وطرابلس .
    ........
    (* يا سيد استيفن روايتك تعجز عن الإجابة عن التساؤل : إذا كان وضع شيركوه و صلاح الدين بهذا السوء و الضعف،فلماذا لم يجهز عليهما أمالريك و شاور و ترفقا بهما ؟ بل إنهم وافقوا على الخروج من مصر مقابل خروج شيركوه و صلاح .. لا شك أن القارئ لو كان طفلا سيكتشف زيف ما تكتب !)
    ........
    وفى 4 أغسطس ، دخل الجيش الفرنجي الاسكندرية وعلى رأسه الملك . وخرج صـلاح الديـن وجيشه بأسمى آيات الشرف العسكرى تحت الحراسة ، رغم أن السكان تمنوا لـو يمزقـوه إربا بعدما ألقوا عليه باللائمة لما هم فيه من بؤس .
    على أن متاعبهم لم تكن قد انتهت بعد ؛ فما أن دخل مسؤولو شاور المدينة حتى اعتقلوا كل من حامت حوله الشكوك في التعاون مع السوريين(يقصد جنود شيركوه وصلاح) ، مما دفع صلاح الدين إلى الشكاية لأمالريك الذي أمـر شـاور بإطلاق، سراح السجناء .
    وقدم هو نفسه قوارب لنقل الجرحى بحـرا من جيش شيركوه
    إلى عكا ، ولسوء الحظ أرسل من شفى من جراحاته للعمـل فـي مـزارع السكر إلى أن جاء الملك بنفسه للإفراج عنهم .
    وأثناء المفاوضات ، صادق(* يقصد أصبح صديقا لهم) صلاح الدين الكثيرين من الفرنج ، وساد الاعتقاد فيما بعد بأنه نال درجة الفروسية على يد الكونستابل همفری (اوف تورون) .
    *ههههه !!!!
    وغادر شیرکوه وصلاح الدين مصر يوم 18 أغسطس تقريبا
    ووصلا دمشق في سبتمبر ؛ واتجه أمالريك وجيشه إلى القاهرة لإعفاء هيو (اوف إبلين) من مهمته في الحامية ، غير أنه انتهى مع شاور إلى أن وقع الأخير على معاهدة يعد فيها
    بدفع إتاوة سنوية قدرها مائة ألف قطعة ذهبية ، والاحتفاظ بمندوب سام فرنجي وحامية فرنجية صغيرة في القاهرة تسيطر على بوابات المدينة .
    وبعد ذلك عاد الملك أمالريك إلى فلسطين ووصل عسقلان يوم ٢٠ أغسطس وظن بعض لوردات الفرنج ان كان من الممكن الحصول على صفقة أفضل ، لكـن أمالريك لم يشأ المجازفة بقواته أكثر من ذلك في مصر وترك فرنج سوريا بلا حمايـة مـن هجمات نور الدين ...
    وحدث عندما كان في مصر أن أغـار نـور الدين على أراضي
    طرابلس ، ولكن دون أن يستولى على أية حصون هامة ؛ فكـان مـن الضروري إعـادة تنظيم الدفاع عن البلاد .
    على أن مشكلة المشاكل هي دائمـا الرجـال ؛ وكـانـت أعـداد
    الأسر المقيمة تتناقص بسبب الموت أو الوقوع في الأسر ، وأما الصليبيون الزائرون -.مثل ثييري (اوف فلاندرز) – فليس في الإمكان الاستعانة بهم إلا في حملات محـددة ؛ ومن ثم كان جـل اعتمـاد أمـالريك على النظامين العسكريين اللذين منحـا فـي عـام.١١٦٧م والأعوام التالية أعدادا كبيرة من القلاع والأراضي المحيطة .
    وكانت الهبـات على جانب من الأهمية بالنسبة لطرابلس خاصة ، إذ كان أميرها ما يزال أسيرا و لم يكن فيها من الأسر النبيلة الكبيرة سوى القليل .
    وكانت طرطوس وشمال البلاد كله تقريبا تحت سيطرة فرسان المعبد ، أما فرسان المشفى – الذين ربما كانوا قد استولوا فعلا على الكرك التي يسمونها "حصن الفرسان "des Chevaliers" - فقد عهد اليهم بالبقاع.
    وفي المملكة ، كان فرسان المعبد - الذين وطدوا دعائمهم بالفعل في غزة – قد منحـوا.صفد في الشمال ، بينما حصل فرسان المستشفى على قلعـة كـوكـب التي تتحكم في مخاضات نهر الاردن الواقعة إلى الجنوب من بحر الجليل .
    وفي أنطاكيـة حـذا بوهمند الثالث حذو أمالريك ؛ فزادت حيازات فرسان المعبد من المناطق المحيطة ببجراس ، على
    البوابات السورية ، وخصص لفرسان المستشفى مساحة ضخمة من الأراضي جنـوب الامارة ، كان اغلبها في الواقع في أيدى المسلمين . ولو أن الغيرة المتفشية بين النظامين كانت أقل والشعور بالمسؤولية كان أكبر ، لاستطاعا الحفاظ على دفاعـات المملكة بما لهما من قوة .
    في الطريق ️ للتحالف مع بيزنطة؛ مغامرات أندرونيكوس كوهنينوس ١١٦٦-١١٦٧م
    بينما تقرر أن يقود النظامان الدفاع عن المملكة ، سعى أمـالريك كذلك إلى عقـد تحالف اوثق مع بيزنطة .
    وفي أغسطس ١١٦٧م ، وكـان قـد عـاد لـتـوه مـن مـصـر ،
    وصلته أنباء بأن سفيريه في القسطنطينية، رئيس أساقفة قيسارية والنادل أودو، قد هبطا في ميناء صور مع إبنـة أخـي الامبراطور الجميلة الشابة ماريا كومنينـا ؛ فسارع إلى
    مقابلتها ؛ وشهدت كتدرائية صور حفل زواجهما الفاخر الذي عقده البطريق أمـالريك يوم ٢٩ أغسطس .
    ومنحـت الملكـة نابلس والأراضي المحيطة بهـا مهـرا لها . وكان.بصحبتهـا اثنـان مـن كـبـار المسؤولين في بلاط عمها، وهما ابنـا عمومتـه جـورج.بالايولوحوس ومانويل كومنينوس، وكانا مزودين بسلطة مناقشة التحالف مع امالريك.
    وكانت العلاقات الحسنة بين أمراء الفرنج والإمبراطور قد تعرضت مؤخرا للخطر.بسبب ماكان عليه ابن عم آخر لمانويل ، هو أندرونيكوس كومنينوس من رعونة، وكان أكثر امراء عائلته ذكاء ووسامة ؛ وكان هذا الامير في أحط درجـات الخـزى لمغازلتـه.إحدى قريباته ، وهي إيوديشيا ابنـة اخت االامبراطور ، التي تحدثت الشائعات بأن الامبراطور نفسه كان بالغ الشغف بها .
    وفضلا عن ذلك ، أتى من التصرفات مـا يـدل على افتقاره إلى الحكمة عندما كان محافظا في كيليكيا عام ١١٥٢م ؛ غير أنه عين مـرة.أخرى في هذا المنصب عام ١١٦٦م .
    وكان سلفه الكسيوس اكسـوخ - الـذي أوفد مكان كولومان أثناء أسـره - قد فشل في تنفيذ أوامـر الامبراطور في التوفيـق بـين.الأرمن، وقـت أن كانت الآمـال معلقا على نجاحـه مـع ثـوروس لمـا كـان يتمتع به اندرونيكـوس مـن جاذبيـة شـخصية ، إلى جـانب الكثـير مـن المعـونـات.
    بيـد أن اندرونيكوس، الذي بلغ من العمر السادسة والأربعين ، كان أكثر اهتماما بالمغامرة منـه بالادارة ؛ وسرعان ما اتيحت له الفرصة لزيارة انطاكية حيث أصابتـه الاميرة الشابة فيليبا - اخت بوهمند - بسهم جمالها .
    ونسى أو تناسى واجباته الحكومية ومكـث في انطاكية يتودد لفيليبا بسلسلة من الأناشيد العاطفية الليلية حتى ملت ولم تملك أن ترفض له طلبا . واغتاظ بوهمند ولجأ في شكواه إلى زوج أختـه مـانويل، الذي تملكه الغضب فاستدعى أندرونيكوس وأرسـل مكـانـه قنسطنطين كولومـان .
    كمـا صـدرت الأوامر لكولومان بالتوجه إلى أنطاكية ومحاولة الفوز بقلب فيليبا ؛ لكـن الأميرة وجدتهبسيطا قصيرا في منتصـف عمره بالمقارنة بحبيبها الرائع . ومع هذا ، كـانت دوافع أندرونيكوس بدرجة كبيرة مضايقة القيصرة التي كان يبغضها ، والآن اتخذ سبيلالحصافة فهجر انطاكية ومحظيته ؛ وأخذ معه نصيبا ضخما مـن الايرادات الامبراطورية من كيليكيا وقبرص ويمم وجهه شطر الجنوب عارضـا خدماته على الملـك أمـالريك .
    وسرعان ما عثر على زوج للأميرة المهجورة ، الكونستابل همفري الثاني (اوف تورون) الأرمل المسن.
    وافتتن أمالريك بأندرونيكوس ، وأثرت فيه شجاعته الشخصية ، فوهبه اقطاعيـة بيروت التي كانت شاغرة آنذاك . وبعد ذلك مباشرة ذهـب أندرونيكوس إلى عكا ، وهي مهر ابنة عمه الأرملة الملكة ثيودورا التي كانت وقتئذ في ربيعها الحادي والعشرين وفي رائع جمالها .
    وكانت قصة حب من كلا الجانبين؛ والتصـق كـل منهمـا بـالآخر بحيث لم يكن للزواج بينهمـا ضـرورة ، وانتقلت الملكـة بـلا خجـل إلى بيروت حيث مكثت خليلة له .
    وعندما سمع مانويل بهـذه الصلة الجديدة ، ربمـا مـن سـفرائه الذين رافقوا الملكة ماريا إلى فلسطين ، تفجرت لديه سورة الغضـب .
    ولذا ، وعندمـا ذهـب سفراؤه بعد ذلك إلى فلسطين طلبوا سرا تسـليـم الجـاني . ووقعت التعليمات المعطاةللسفراء في يد ثيودورا .
    ولما كان معروفا أن امالريك يسعى إلى الفوز بنوايا الامبراطور الحسنة ، ارتأى اندرونيكوس أن الحكمة تدعوه إلى الرحيل وأعلن عن نيتـه فـي العـودةإلى وطنه ، وجاءت ثيودورا إلى عكا مرة اخرى لتوديعه . وما أن التقيا حتى تركا كـل.ممتلكاتهما ولاذا بالفرار دون مرافق عابرين الحدود إلى دمشق .
    واستقبلهما نـور الديـن استقبالا طيبا؛ وأمضيا السنوات التالية يتجولان في أرجاء الشرق الإسلامي ، وزاراحتى بغداد ، إلى أن منحهمـا أحـد الأمراء المسلمين حصنـا بـالقرب مـن حـدود
    الامبراطورية عند بافلاجونيا ، حيث استقر أندرونيكوس بعدما حكم عليـه بـالطـرد مـن الكنيسة ، سعيدا بحياة قطاع الطرق . و لم يـأس (*لم يندم) أمـالريك لرحيلهما ، إذ استعاد مهر اخت زوجته النفيس ـ عكا .
    التحالف مع بيزنطة ١١٦٨م
    ومن الواضح أن امالريك أرسل مع جورج بالايولوحوس إلى مانويل يقترح غـزو مصر .
    وحملت السفارة التاليـة لمـانويل – التي رأسها إيطاليان هما الكسندر (اوف كونفرسانو) کونت حرافينا، وميخائيل (اوف اوترانتو) - شروط الامبراطور التي يبـدو أنها كانت تتألف من حصة في أسلاب مصر وإطلاق يـده تماما في انطاكية ، وربما
    التنازل عن أراض فرنجية أخرى .
    كانت الشروط قاسية ؛ ولـذا بعـث امـالريك رئيس شمامسـة صـور ، وليم - مـؤرخ المستقبل - إلى القسطنطينية لإستئناف المناقشـات.وعندما وصل وليم هناك علم أن الامبراطور في حملة في الصرب فتبعه إلى هناك وقابلـه في موناستير حيث استقبله مانويل بمـا اعـتـاد عـلـيـه مـن سخاء الكـرم وعـاد معه إلى عاصمته.(* القسطنطينية)
    وأبرمت المعاهدة التي تقضى بأن يقتسم الامبراطور والملـك غزوتهما لمصر وعاد وليم إلى فلسطين في أواخر خريف ١١٦٨م.
    وللحظ التعس ، لم ينتظر البارونات عودته . إذ وردت الأنباء بأن شاور يفتقر إلى.الأمان، وأنه متبرم من الحامية الفرنجية في القاهرة ، وقد تأخر في دفع الإتاوة ، إلى جانب انتشار الشائعات بأن ابنه الكامل يتفاوض مع شيركوه ، وطلب يد أخت صلاح الدين .
    *ههههه أي
    وكان لوصول الكونت وليم الرابع كونت نفرس إلى فلسطين في أواخر الصيف ومعه صحبة رائعة من الفرسان ، أن شجع أولائك المتعجلين للعمل .
    وعقد الملك مجلسا في القدس راح فيه السيد الأعظـم لفرسان المستشفى ، جيلبرت (اوف أسيلى) يحـث.بعنف على الانطلاق إلى مصر إذ لم يعد هناك مجال لأي تأخير ؛ وأيده أغلب البارونات العلمانيين ؛ وزاد التأييد بما أضافه كونت نفرس ورجاله ، الذين جاءوا للحرب من اجل الصليب .
    وعارض فرسان المعبد صراحة إرسال اية حملة وأعلنوا انهم لن يشتركوا فيها..وربما ترجع معارضتهم إلى غيرتهم من فرسان المستشفى ، الذين قرروا بالفعل الحصـول على الفرما (بيلوزيوم * هي شرق مدينة بورسعيد الحالية) باعتبارها نصيبهم في الحملة ، كمقابل لحصـن غـزة الـذي يحتلـه
    فرسان المعبد .
    على أن لفرسان المعبـد أيضـا علاقات مالية مع المسلمين ومع المدن التجارية الايطالية التي اصبحت تجارتهـا الآن مع مصـر أكـبر مـن تجارتهـا مـع سـوريا المسيحية .
    ووافق الملك أمالريك على أنه من الضروري القيام بعمل عاجل نظرا لضعف شاور وعدم امكان الاعتماد عليه ، لكنه اعـرب عـن رغبته في الانتظار إلى أن تصل مساعدة الامبراطور البيزنطي ، لكنهم تغلبوا عليه .
    وأمام هذا الإصرار المتعنت من فرسـان المشفى ومن أتباعه هو نفسه ، الذين لم يجـدوا مـا يبرر حصـول اليونانيين (*البيزنط) على حصـة مـن اسلابهم، رضخ أمالريك . وتقرر التخطيط لحملة على مصر في أكتوبر ١١٦٨م
    أمالريك يتقدم نحو القاهرة
    عاد وليم الصوري بمعاهدته من القسطنطينية ليجد الملـك قـد رحـل فعـلا . وكان أمالريك قد أذاع أنه سيهاجم حمص ردعا لنور الدين عن الإقدام على أي عمل ؛ وفعلا كان نور الدين راغبا في تجنب أي حرب مع الفرنج نظرا لمتاعبـه الخاصة به في شمال شرق سوريا .
    كما أن شاور لم يتحقق مما كان جاريا إلى أن خرج الجيش الفرنجى مـن عسقلان يوم ٢٠ اكتوبر ليصل ۲۰ اکتوبر ليصل بعد ذلك بعشرة ايام أمام بلبيس ، الأمر الذي أصابـه بالهلع فما كان يظن قط أن يخرق أمالريك معاهدته معه على هذا النحو المستهتر .
    وقابل سفيره الأول - الأمير بدران - الملك في الداروم على الحدود ، لكنه ارتشى . وأما سفيره الثاني - شمس الخلافة – فقابل الملك في الصحراء بعد مروره على بلبيس بمسيرة
    أيام قليلة فراح يؤنبه تأنيبا مريرا على غدره ؛ فكان رد الملك على ذلك أن المبرر لتصرفه ما قام به الکامل - ابن شاور - من مفاوضات مع شيركوه .
    وعلى أية حال ، فإن الصليبيين الوافدين مؤخرا من الغرب عقدوا العزم على مهاجمة مصـر ، وان وجـوده انما ليكبح جماحهم . وأضاف أنه قد ينسحب لو تسلم مليونين آخرين من الدنانير .
    غير أن شاور ارتاب الآن في نوايا الملك . ولدهشة الملك ، قرر شاور المقاومة ورفض ابنه طىء - وكان أمير الحامية في بلبيس - فتح بواباته للفرنج . لكن قواته كانت ضئيلة العـدد ،
    فبعد ثلاثة أيام من القتال اليائس ، الذي لم يكـن أمـالريك يظن أن المصريين قـادرين عليه، دخل الجيش الفرنجي القلعة يوم 4 نوفمبر ، أعقبه مذبحة مروعة للسكان .
    .......
    وهكذا بعد أن ضلل القارئ و أوهمه أن المصريين كانوا يفضلون الفرنج و يتمنون مجيئهم لتخليصهم من شاور ينسى ما قال آنفا و يكتب ما يثبت كذبه !!!
    .......
    وربما كان أبطال المذبحة هم رجال نفرس ، الذين كانوا متقدين حماسا وفوضى كشأن أغلـب الوافدين الجدد من الغرب ، وكان زعيمهم الكونت قد مات في فلسطين من الحمى قبل بداية الحملة ، ولم يكن هناك من يقدر على السيطرة عليهم .
    وحاول أمـالريك المحافظة على النظام ، وعندما أفلح أخيرا اضطر هو نفسه إلى أن يشترى من الجنود من بقى على
    قيد الحياة ممن أخذهم الجنود رهائن . على أن المحظور كان قد وقع. وكـان الكثير مـن المصريين الكارهين لشاور على استعداد للترحيب بالفرنج كمخلصين ، وكـانت الطوائف القبطية وهي بأعداد كبيرة في مدن الدلتا خاصة ، على استعداد للتعاون مع الرفاق المسيحيين ؛ غير أن الأقباط والمسلمين على السواء قد هلكوا في المذبحة ، فاتحد الشعب المصري كله في بغضه للفرنج .
    (*ههههه يا سلام عليك مهندس تلفيق !!! )
    وبعد أيام قليلـة وصـل اسـطول فرنجى صغير محمل في أغلبه بالغربيين ، وكان مقررا أن يبحـر أعلى مصب النيـل فـي تـانيس ، إلى بحيرة المنزلة وهبط فجأة على مدينة تانيس ؛ وتكررت نفـس مشاهد الرعـب ، وكـان الأقباط هم الذين عانوا أكثر من غيرهم .
    وتمهل أمالريك لأيام قليلة في بلبيس ، لإعادة محاولة السيطرة على جيشه بلا شك ؛ وفاتته فرصة مباغتة القاهرة ، وانما ظهر يوم 13 نوفمبر امـام اسـوار الفسطاط ، وهي
    الضاحية القديمة الواقعة جنوب المدينة العظيمة .
    وتشكك شاور في قدرة الفسطاط على الصمود فأشعل فيها النيران ، وأرسل سفيره شمس مرة أخرى إلى الملك ليقول له إنه قبل أن تسقط القاهرة في أيدي الفرنج سيحرقها هي ايضا إلى أن يسويها بالارض بكـل مـا فيها من ثروة .
    وكان الاسطول محجوزا في أعلى الدلتا بحواجز وضعت في مجرى النهر، فتحقق امالريك من أن الحملة سلكت مسلكا خاطئا . وأخذا بنصيحة قهرمانه – مـايلز اوف بلانس – جعل شاور يفهم أن في الامكان رشوة الملك . فراح شـاور يتلاعـب
    كسبا للوقت ؛ فبدأ يساوم على المبلغ الذي يستطيع دفعه ؛ فدفع مائة ألف دينـار فـديـة ابنه طئ ، وراح يتحدث عن مدفوعات اخرى .
    وفي تلك الأثناء انتقل الجيش الفرنجى بضعة اميال شمالا وعسكر في المطرية ، حيث شجر الجميز الذي أوقف ظله السيدة العذراء اثناء هروبها في مصر . وانتظروا هناك ثمانية أيام إلى أن جاءت الأنباء فجأة بأن شيركوه يزحف داخل مصر التي جاءها بدعوة من الخليفة الفاطمي .
    نكمل الأحداث مع استيفن رنسيمان هذا المضحك و المسلي لاحقا ان شاء الله و بالطبع سيبرر هزيمة أمالريك بأي شىء فهم لا يخجلون وسبق له تبرير الهزيمة أمام نور الدين بأنها نتيجة هبة رياح أثارت الغبار في أعين الجنود الصليبيين !!
    --------------------------------------------------------------------
    تاريخ الحملات الصليبية ستيفن رنسيمان ج٢ ص ٤٣٠- ٤٣٧
    تابعوا #الحروب_الصليبية_جواهر

يعمل...
X