El-Sayed Abo El-Naga
تاريخ مصر من الجبرتي،كما ورد في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار "كانت مصر في عام 1167 ميلاديا هادية من الفتن والشرور، والإقليم القبلي والبحري أمن وأمان، الأسعار رخيصة والأحوال مرضية للجميع، واللحم الضاني المجروم من عظمه رطله بنصفين، والجاموسي بنصف، والسمن البقري عشرته بأربعين نصف فضة، أما اللبن فكان قنطاره بألف نصف، والعسل القطر قنطاره بمائة وعشرين نصفا وأقل" هكذا وصف المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي، الحياة في مصر في هذا العام (آخر سنوات الدولة الفاطمية)، في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، الذي وصف خلاله مصر.
ويروي الجبرتي، أن التمر كان يُجلب من الصعيد في المراكب الكبار، ويصب على ساحل بولاق ويباع بالكيل والأردب، وهو مكيال إسلامي مستخدم في مصر منذ زمن طويل.
كانت مصر في تلك الفترة يعيش بها الفقير رغدا، وكان لأهل مصر سنن وطرائق في مكارم الأخلاق، لا توجد في غيرهم، ففي كل بيت من بيوت جميع الأعيان مطبخين أحدهما أسفل رجالي، والثاني فيه الحريم، ويتابع وصفه: "يوضع في بيوت الأعيان في وقتي العشاء والغداء مستطيلا في الخارج للناس ويجلس في صدارته أمير المجلس، وحوله الضيوف ومماليكه وأتباعه، ويقف الفراشون في وسطه يفرقون على الجالسين ويقربون إليهم ما بعد عنهم من الطعام، حتى أن بعض ذوي الحاجات عند الأمراء لا يمنعهم الخدم من الدخول وقت الطعام، فيدخل صاحب الحاجة ويأكل، وينال غرضه من مخاطبة الأمير".
كان للمصريين في ذلك الوقت عادات في أيام المواسم، مثل أيام أول رجب والمعراج ونصف شعبان وليالي رمضان، والأعياد وعاشوراء والمولد النبوي الشريف، يطبخون فيها الأرز باللبن والزردة، وهي أكلة شهيرة في المطبخ الشامي قديما، ويملأون من ذلك قصاعا كثيرة، ويفرقون منها على من يعرفونه من المحتاجين، ويجتمع في كل بيت الكثير من الفقراء فيفرقون عليهم الخبز ويأكلون، حتى يشبعون من ذلك اللبن والزردة.
وخلاف ذلك من المصريين من كان يعمل ويفرق الكعك المحشو بالسكر، والعجمية والشوريك على المدافن وأهل القرى والأرياف، وقال عنهم الجبرتي في كتابه: "فيهم من مكارم الأخلاق ما لا يوجد في غيرهم، فإن أقل ما فيهم إذا نزل به ضيف ولو لم يعرفه، اجتهد وبذل وسعه في إكرامه وذبح له ذبيحة في العشاء".