مجد المريخ ، ومجد الانسان
ان النتائج التي جاء بها الملاح مارينر رقم ٤ ، مركبة الفضاء هذه ، نتائج يغلب عليها السلب لا الايجاب . فليس للمريخ .. وليس له .. وليس .. نتائج ان صح أنها تصعد بقدر المريخ ، أو تهبط ، فهي قد هبطت بهذا القدر كثيرا .
وبمقدار ما هبطت بقدر المريخ ، ارتفعت بقدر الانسان . فالتجربة هذه التي أجراها الانسان ، فأرسل بها رسوله الجماد الأبكم ، يشق الفضاء شقا ، الى موعد ضربه في هذا الفضاء البعيد ، وصدق وعدا ، هذه التجربة رفعت من قدر الانسان بمقدار ما هبطت بقدر الكوكب الأحمر .
- مجد المريخ خبا .
ومجد الانسان لمع .
وقصة التماع هذا المجد الانساني قصة رائعة طويلة ، نجتزىء منها بالقليل ، في الصفحات القليلة التالية ، تسجيلا لهذا الحدث العظيم .
??
- مدار الأرض ، والمريخ ، ومركبة الفضاء :
ونبدأ بوصف المدارات الثلاثة التي دارت فيها الأرض والمريخ ومركبة الفضاء معا .
وهذا رسم ايضاحي للشمس ، وحولها مداران ، مدار الأرض اذ تدور حول الشمس ، ومدار المريخ اذ يدور حول الشمس أيضا . ثم مدار ثالث هو مسار مركبة الهواء ، مارينر ٤ ( وترجمت بالعربية الملاح ) ، وقد أطلقت من الأرض في الثامن والعشرين من نوفمبر ١٩٦٤، وبلغت المريخ ، ومرت به ، في منتصف يوليه ١٩٦٥ ، ثم انطلقت المركبة الفضائية بعد ذلك في الفضاء الواسع لتدور حول الشمس ، كوكبا مصنوعا من كواكب الإنسان كما سبق أن ذكرنا .
ومركبة الفضاء التقت بالمريخ في الرابع عشر من يوليه عام ١٩٦٥ ، وهو على بعد ١٣٤ مليون ميل من الأرض .
وليس معنى هذا أن المركبة قطعت في الفضاء ١٣٤ مليون ميل فقط لتصل الى المريخ .
وذلك لأن المريخ ، في الأشهر الكثيرة التي استغرقتها الرحلة ، لم يكن ثابتا ، وانما كان متحركا . والمركبة سائرة أيضا تهدف في رحلتها الى المكان الذي سوف يكون فيه المريخ بعد هذه الأشهر الطويلة . فهي سارت أكثر من ١٣٤ مليون ميل ، وأكثر كثيرا .
والحق أن المركبة قطعت في رحلتها هذه ٣٥٠ مليون ميل .
- مركبة الفضاء وقد طوت أجنحتها الأربعة :
وهذه هي المركبة الفضائية وقد حملت على عجل ، وقد تهيأ المختصون بوضع درعها الأبيض عليها ، وذلك قبل وضعها في مكان فوق الصاروخ لاطلاقه . ويلاحظ أن المركبة قد طوت اجنحتها توفيرا للمكان ، ولكي يشملها الغطاء ، أي الدرع الواقي . والمركبة تنبذ هذا الغطاء عندما تصل الى الفضاء ، وتمد بأجنحتها الأربعة وتتزود بها من ضوء الشمس ، فتحوله الى كهرباء هي مصدر القوة التي تحتاجها المركبة كما سنذكر فيما بعد .
وبسبب أن هذه الأجنحة لم تنفتح في الفضاء في المركبة الفضائية الروسية ( زند ) Zond التي أطلقها الروس بعد مارينر بيومين ، مضت » زند » في رحلتها الى المريخ صامتة ، لا تسمع من علماء الأرض الروس ، ولا تسمع كذلك ولذلك السبب نفسه أخفق مارينر رقم ٣ وكان الأمريكان قد أطلقوه قبل أخيه رقم ٤ بأسابيع ثلاثة ، وبالدقة في ٥ نوفمبر ١٩٦٤ .
- الصاروخ الذي رفع مركبة الفضاء :
وهذا هو الصاروخ ( أطلس - أجينا ) Atlas Agena وفي رأسه الأبيض ، بعاليه استقرت مركبة الفضاء مارينر وقد انزاح عن الصاروخ التركيبة المتحركة التي أعانت في بناء الصاروخ ( الى اليسار ) ، وكذلك البرج «السري» ) الى اليمين ) الذي يصل الصاروخ بمصادر القوة ، وذلك الى حين اطلاق الصاروخ . وبينهما حبل كالحبل السري الذي بين الأم ووليدها .
وسموه الصاروخ أطلس - أجينا ، لأنه يتألف في الواقع من هذين الصاروخين . الأول الأسفل هو أطلس والثاني الذي فوقه أجينا . وأطلق الصاروخ فبدأ أطلس بالاشتعال ، فرفع الجرم كله ، ووزنه ١٢٥ طنا ، الى ارتفاع ۹۰ ميلا قبل أن يفرغ وقوده . وفي هذه اللحظة انفصل هذا الصاروخ عن مركبة الفضاء ، وانفصل عنها درعها الأبيض أيضا ، ذلك الذي كان يحميها من ضغوط الصعود . وما كان نسي العلماء ما كان حدث للمركبة مارینر ۳ تلك التي أفسد رحلتها أن درعها لم يسقط وايقنوا بسقوط الدرع عندما زادت قوة الاشارات اللاسلكية التي كانت تبعثها المركبة ، لأن الدرع ، وهو من معدن ، كان يضعفها .
وعلى الفور اشتعل الصاروخ الثاني أجينا ورفع سرعة المركبة ، في نحو دقيقتين ونصف ، الى نحو ۱۸۰۰۰ ميل في الساعة . ثم انطفأ الصاروخ ، ولم ينفصل بعد ، لأن له عملا آخر . عندئذ كانت المركبة تدور حول الأرض كما تدور الأقمار الاصطناعية. كانت فوق المحيط الأطلسي واتجهت ناحية افريقيا ثم الى المحيط الهندي. واذ مضى على دورانها ۳۲ دقيقة وثانية واحدة، أمر الصاروخ أجينا أن يشتعل مرة أخرى ليبلغ بالمركبة السرعة التي تستطيع بها أن تتغلب على جاذبية الأرض ، وتقطع علائقها بالأرض قطعا . وبلغت المركبة هذه السرعة ، ومقدارها ٢٥٠٠٠ میل ، بل زادت قليلا ، في نحو دقيقتين . بلغت السرعة فعلا ٢٥٥٩٨ ميلا في الساعة .
واذ فرغ الصاروخ اجينا من واجبه ، انفصل وبقيت المركبة القليلة الصغيرة وحدها سائرة في الفضاء ، وهي واقعة تحت جاذبية الشمس ، تماما كما تجذب الشمس الأرض والمريخ وسائر الكواكب . صارت المركبة كوكبا ، ولكنه كوكب مصنوع ، أطلق ، وحسبت كل حساباته ، وكل حركاته ، ليلتقي بكوكب المريخ في نقطة ما ، بعد زمن ما ، هو سبعة أشهر ونصف شهر .
ان النتائج التي جاء بها الملاح مارينر رقم ٤ ، مركبة الفضاء هذه ، نتائج يغلب عليها السلب لا الايجاب . فليس للمريخ .. وليس له .. وليس .. نتائج ان صح أنها تصعد بقدر المريخ ، أو تهبط ، فهي قد هبطت بهذا القدر كثيرا .
وبمقدار ما هبطت بقدر المريخ ، ارتفعت بقدر الانسان . فالتجربة هذه التي أجراها الانسان ، فأرسل بها رسوله الجماد الأبكم ، يشق الفضاء شقا ، الى موعد ضربه في هذا الفضاء البعيد ، وصدق وعدا ، هذه التجربة رفعت من قدر الانسان بمقدار ما هبطت بقدر الكوكب الأحمر .
- مجد المريخ خبا .
ومجد الانسان لمع .
وقصة التماع هذا المجد الانساني قصة رائعة طويلة ، نجتزىء منها بالقليل ، في الصفحات القليلة التالية ، تسجيلا لهذا الحدث العظيم .
??
- مدار الأرض ، والمريخ ، ومركبة الفضاء :
ونبدأ بوصف المدارات الثلاثة التي دارت فيها الأرض والمريخ ومركبة الفضاء معا .
وهذا رسم ايضاحي للشمس ، وحولها مداران ، مدار الأرض اذ تدور حول الشمس ، ومدار المريخ اذ يدور حول الشمس أيضا . ثم مدار ثالث هو مسار مركبة الهواء ، مارينر ٤ ( وترجمت بالعربية الملاح ) ، وقد أطلقت من الأرض في الثامن والعشرين من نوفمبر ١٩٦٤، وبلغت المريخ ، ومرت به ، في منتصف يوليه ١٩٦٥ ، ثم انطلقت المركبة الفضائية بعد ذلك في الفضاء الواسع لتدور حول الشمس ، كوكبا مصنوعا من كواكب الإنسان كما سبق أن ذكرنا .
ومركبة الفضاء التقت بالمريخ في الرابع عشر من يوليه عام ١٩٦٥ ، وهو على بعد ١٣٤ مليون ميل من الأرض .
وليس معنى هذا أن المركبة قطعت في الفضاء ١٣٤ مليون ميل فقط لتصل الى المريخ .
وذلك لأن المريخ ، في الأشهر الكثيرة التي استغرقتها الرحلة ، لم يكن ثابتا ، وانما كان متحركا . والمركبة سائرة أيضا تهدف في رحلتها الى المكان الذي سوف يكون فيه المريخ بعد هذه الأشهر الطويلة . فهي سارت أكثر من ١٣٤ مليون ميل ، وأكثر كثيرا .
والحق أن المركبة قطعت في رحلتها هذه ٣٥٠ مليون ميل .
- مركبة الفضاء وقد طوت أجنحتها الأربعة :
وهذه هي المركبة الفضائية وقد حملت على عجل ، وقد تهيأ المختصون بوضع درعها الأبيض عليها ، وذلك قبل وضعها في مكان فوق الصاروخ لاطلاقه . ويلاحظ أن المركبة قد طوت اجنحتها توفيرا للمكان ، ولكي يشملها الغطاء ، أي الدرع الواقي . والمركبة تنبذ هذا الغطاء عندما تصل الى الفضاء ، وتمد بأجنحتها الأربعة وتتزود بها من ضوء الشمس ، فتحوله الى كهرباء هي مصدر القوة التي تحتاجها المركبة كما سنذكر فيما بعد .
وبسبب أن هذه الأجنحة لم تنفتح في الفضاء في المركبة الفضائية الروسية ( زند ) Zond التي أطلقها الروس بعد مارينر بيومين ، مضت » زند » في رحلتها الى المريخ صامتة ، لا تسمع من علماء الأرض الروس ، ولا تسمع كذلك ولذلك السبب نفسه أخفق مارينر رقم ٣ وكان الأمريكان قد أطلقوه قبل أخيه رقم ٤ بأسابيع ثلاثة ، وبالدقة في ٥ نوفمبر ١٩٦٤ .
- الصاروخ الذي رفع مركبة الفضاء :
وهذا هو الصاروخ ( أطلس - أجينا ) Atlas Agena وفي رأسه الأبيض ، بعاليه استقرت مركبة الفضاء مارينر وقد انزاح عن الصاروخ التركيبة المتحركة التي أعانت في بناء الصاروخ ( الى اليسار ) ، وكذلك البرج «السري» ) الى اليمين ) الذي يصل الصاروخ بمصادر القوة ، وذلك الى حين اطلاق الصاروخ . وبينهما حبل كالحبل السري الذي بين الأم ووليدها .
وسموه الصاروخ أطلس - أجينا ، لأنه يتألف في الواقع من هذين الصاروخين . الأول الأسفل هو أطلس والثاني الذي فوقه أجينا . وأطلق الصاروخ فبدأ أطلس بالاشتعال ، فرفع الجرم كله ، ووزنه ١٢٥ طنا ، الى ارتفاع ۹۰ ميلا قبل أن يفرغ وقوده . وفي هذه اللحظة انفصل هذا الصاروخ عن مركبة الفضاء ، وانفصل عنها درعها الأبيض أيضا ، ذلك الذي كان يحميها من ضغوط الصعود . وما كان نسي العلماء ما كان حدث للمركبة مارینر ۳ تلك التي أفسد رحلتها أن درعها لم يسقط وايقنوا بسقوط الدرع عندما زادت قوة الاشارات اللاسلكية التي كانت تبعثها المركبة ، لأن الدرع ، وهو من معدن ، كان يضعفها .
وعلى الفور اشتعل الصاروخ الثاني أجينا ورفع سرعة المركبة ، في نحو دقيقتين ونصف ، الى نحو ۱۸۰۰۰ ميل في الساعة . ثم انطفأ الصاروخ ، ولم ينفصل بعد ، لأن له عملا آخر . عندئذ كانت المركبة تدور حول الأرض كما تدور الأقمار الاصطناعية. كانت فوق المحيط الأطلسي واتجهت ناحية افريقيا ثم الى المحيط الهندي. واذ مضى على دورانها ۳۲ دقيقة وثانية واحدة، أمر الصاروخ أجينا أن يشتعل مرة أخرى ليبلغ بالمركبة السرعة التي تستطيع بها أن تتغلب على جاذبية الأرض ، وتقطع علائقها بالأرض قطعا . وبلغت المركبة هذه السرعة ، ومقدارها ٢٥٠٠٠ میل ، بل زادت قليلا ، في نحو دقيقتين . بلغت السرعة فعلا ٢٥٥٩٨ ميلا في الساعة .
واذ فرغ الصاروخ اجينا من واجبه ، انفصل وبقيت المركبة القليلة الصغيرة وحدها سائرة في الفضاء ، وهي واقعة تحت جاذبية الشمس ، تماما كما تجذب الشمس الأرض والمريخ وسائر الكواكب . صارت المركبة كوكبا ، ولكنه كوكب مصنوع ، أطلق ، وحسبت كل حساباته ، وكل حركاته ، ليلتقي بكوكب المريخ في نقطة ما ، بعد زمن ما ، هو سبعة أشهر ونصف شهر .
تعليق