ماري ماكواتي
Article information
- Author,ماركو أوريونتو
- Role,بي بي سي
- 7 أبريل/ نيسان 2024
تأتي الباحثة الكاميرونية ماري ماكواتي في طليعة مستخدمي البيانات التي يتم الوصول إليها عبر الأقمار الاصطناعية من أجل المساعدة في إنقاذ حياة الناس على الأرض في أوقات الطوارئ.
لكن ماري، البالغة من العمر 32 عاما، ترى أن تكلفة الحصول على تلك البيانات ينبغي أن تدفع المزيد من الدول الأفريقية إلى تدشين أقمار اصطناعية خاصة بها.
وفي غضون ساعات من وقوع زلزال المغرب المدمر في سبتمبر/أيلول الماضي، كان هاتف ماري يضج بالرنين في محاولات للاتصال بصاحبته.
ورغم أنها كانت على مسافة آلاف الكيلومترات من مركز الزلزال، فإن براعتها في تحليل الصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية تعدّ أمراً "حيويا".
ومن مقرّها في العاصمة الكاميرونية ياوندي، تتذكر ماري في حديث لبي بي سي: "استيقظت من نومي على صوت إشعارات الرسائل من زملائي يخبرونني بوقوع كارثة في المغرب".
وتعمل ماري خبيرة في علوم الجغرافيا المكانية ضمن فريق منظمة "أوبن ستريت ماب"، ومن مهام عملها إعداد الخرائط لمساعدة منظمات الإغاثة الطارئة في الوصول إلى المنكوبين بأسرع ما يمكن.
وتقول ماري إن هذا العمل الذي تقوم به يمنحها هدفا ودافعية في الوقت نفسه.
وتحكي ماري لبي بي سي: "صُدمت لدى سماعي عن زلزال المغرب المدمر، لكنني أدركت أن قيامي بإعداد أكبر قدر ممكن من الخرائط عن البنية التحتية يمكن أن يساعد آخرين في إنقاذ حياة أشخاص منكوبين".
زلزال سبتمبر/أيلول في المغرب دمّر قرى وخلّف أكثر من 2,900 قتيلا
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، اعتمدت ماري على بيانات حصلت عليها من مصادر مفتوحة ومن صور متاحة مجاناً في إعداد خرائط كانت بمثابة حبل نجاة ودليل لهيئات إغاثية مثل منظمة أطباء بلا حدود للتحرك في مدن دمّرها الزلزال مثل مراكش.
وتختلف الخرائط التي تقوم ماري بإعدادها اختلافا نوعياً عن تلك الخرائط المعهودة لدى معظم الناس؛ فهي تنطوي على رؤية شديدة الوضوح والتحديث للمنطقة المنكوبة، كما تتضمن تلك الخرائط معلومات هامة لمساعدة المنظمات الإغاثية.
تقول ماري: "أهم ما تحتاج خدمات الطوارئ إلى معرفته وقت وقوع كارثة هو: "أين الطريق؟ أو أين الماء؟ أو أين النهر؟ أو أين مركز التسوّق؟"
ولكن نظراً لارتفاع تكاليف إطلاق قمر اصطناعي في مدار فضائي، فضلاً عن تكاليف صيانته والحفاظ عليه، يمكن أن تكون الصور التي يعتمد عليها الخبراء في علوم الجغرافيا المكانية مثل ماري باهظة التكلفة، خصوصا إذا كانت تلك الصور مطلوبة في وقت قصير، كما هي الحال وقت وقوع كوارث طبيعية.
تقول ماري: "عندما تبدأ حالة طوارئ، يتعين عليّ أن أبحث عن شركائنا في شركات الأقمار الاصطناعية (السواتل)، ومعرفة مَن لديه صوَر ذات جودة أعلى ويمكن أن يتيحها مجانا".
وتقدّم بعض شركات الأقمار الاصطناعية بالفعل صورا بالمجّان لأغراض إنسانية إغاثية، لكن ذلك عادة ما يكون محدودا سواء على صعيد المساحة المكانية أو الزمنية.
وفي ذلك تقول ماري: "على سبيل المثال، في حالة المغرب، تم تزويدنا بصور لمنطقة محددة، وحتى هذه الصور ظلّ الوصول إليها متاحاً لوقت محدد".
ولدى المغرب أقمار اصطناعية خاصة، لكن ماري تتطلع إلى أن يكون لدى المزيد من الدول الأفريقية أقمار اصطناعية خاصة بها ترسلها إلى الفضاء وتتيح ما تلتقطه من صور بالمجان.
ولا يقتصر الأمر فقط على حالات الطوارئ؛ فيمكن للصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية أن تساعد على أصعدة عديدة منها المجال الزراعي على سبيل المثال، وكذلك رصْد التغيرات السكانية تمهيدا لتحليلها، وأيضا الوقوف على ما يحدث للموارد الطبيعية مثل المياه.
تقول ماري: "لو أن دولة ما لديها قمر اصطناعي خاص بها، فلن تضطر إلى الدفع مقابل الحصول على صور".
ويمكن أن تصل تكلفة الصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية إلى 25 دولار لكل كيلومتر مربع. فيما يمكن أن تصل تكلفة الحصول على صور عالية الجودة لمنطقة في مساحة مدينة لاغوس، على سبيل المثال، إلى أكثر من 80 ألف دولار.
وقد عرضت ماري ماكواتي مقترحها على ممثلين من دول أفريقية اجتمعوا مؤخرا في العاصمة الأنغولية لواندا من أجل مؤتمر الفضاء الأفريقي "نيوسبيس أفريكا".
وحضر المؤتمر مستثمرون وخبراء في كيفية استفادة القارة السمراء من تكنولوجيا الفضاء.
وينطوي قطاع الفضاء الأفريقي على إمكانات هائلة – من المتوقع أن تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار بحلول عام 2026، بحسب شركة "سبيس إن أفريكا" للاستشارات.
لكن الغالبية العظمى في هذه الأموال تأتي من خارج القارة السمراء – عبر شركات تبيع الخدمات إلى الأفارقة.
في ذلك يقول زولانا جواو، المدير العام لبرنامج الفضاء الوطني الأنغولي: "تخيّلوا لو أمكننا الحصول على 10 في المئة فقط من هذا الرقم، ولو أتيح لنا أن نستثمره في شركات أفريقية".
ويشترك زولانا مع ماري في الاعتقاد بأن تعزيز الاستثمار داخل القارة الأفريقية من شأنه أن يخدم الحكومات الأفريقية بشكل أفضل، والتي عادة ما تعاني بسبب نقص البيانات والمعلومات الموثوقة.
يقول زولانا: "إذا تمكنتُ من وضع خرائط أكثر دقة لقطاعات هامة في البلاد، سيكون بإمكاني تقديم هذه البيانات إلى الحكومة لتعتمد عليها بدورها في التوصل إلى قرارات أفضل".
وتأتي مصر وجنوب أفريقيا في صدارة الدول الأفريقية التي لديها أقمار اصطناعية في مدارات فضائية – حيث تمتلك كل منهما 13 قمرا، بحسب شركة "سبيس هابز أفريكا" الاستشارية.
فيما تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 3,400 قمر اصطناعي، بحسب تقرير نشرته مجلة فوربس عام 2022.
وتستخدم جنوب أفريقيا أقمارها الاصطناعية في مراقبة آثار أنشطة التعدين، فضلا عن توفير تغطية للهواتف والإنترنت، بحسب ماري ماكواتي.
أما في مصر، فإن الاستثمار في سواتل الاتصالات يعكس وضع الدولة كقوة إعلامية في المنطقة العربية.
وبعيدا عن الاستثمار، فإن أكبر عقبة أمام الطموح الفضائي في أفريقيا هو إتاحة العلوم الفضائية للدارسين.
يقول زولانا: "هذه هي الحلقة الأضعف لدينا، عندما يتطرق الأمر إلى تطبيق برامج الفضاء في أفريقيا".
وهذه مهمة يمكن القول إن ماري ماكواتي على استعداد للتصدي لها.
وفي عام 2019، حصلت ماري على درجة الماجستير في علوم الجيوماتكس (المعلومات الأرضية) من المركز الإقليمي الأفريقي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، ومقره في ولاية أوشون جنوب غربي نيجيريا.
تقول ماري: "في الكاميرون، لم يكن هناك مثل هذا البرنامج، لذلك عندما عُدتُ من نيجيريا أردتُ أن يعرف الجميع عن هذا البرنامج".
لكن حتى في نيجيريا، لاحظت ماري ضعف إقبال النساء الأفريقيات على هذا المجال العلمي، قائلة: "من إجمالي 35 دارسا، كانت هناك ثلاث نساء فقط، وقد علمت في السنة اللاحقة أن هذا العدد تراجع إلى اثنتين أو امرأة واحدة فقط".
صدر الصورة،MARIE MAKUATE
التعليق على الصورة،
ماري ماكواتي تشرح للدارسين كيفية استخدام إحدى معدات المسح
وكان في ذلك دافع لـ ماري للبحث عن مركز "جيوسبيشال جيرلز آند كيدز" الذي يقدم تدريبا احترافيا مجانيا في علوم الجغرافيا المكانية للنساء صغيرات السن في كل من الكاميرون وساحل العاج.
تقول ماري: "من الأسهل بالنسبة لنا أن تلهمنا نساء أكثر من الرجال؛ فعندما نشاهد امرأة بين أعضاء لجنة أو هيئة، فإن ذلك يلهمنا بأن نفعل نحن الشيء نفسه في المرة القادمة".
وبالفعل استطاعت ماري ماكواتي تعليم ثلاثة نساء شابات هنّ الآن يعملن كمحللات في مجال الجغرافيا المكانية وجمع البيانات.
وترغب ماري في إعداد جيل جديد من الخبراء القادرين على تحليل صور تلتقطها الأقمار الاصطناعية، على أمل أن يأتي يوم تكون فيه تلك الأقمار مملوكة لدول أفريقية.