نجوم السماء
أنت الآن واقف على سطح الأرض في العراء والوقت ظهر وأنت تنظر الى السماء فتجد قبة زرقاء غبراء ملؤها الضياء . واغمض عينيك اثنتي عشرة ساعة ثم افتحهما ، فماذا تری حيث وقفت عند تلك النقطة من سطح الأرض في ... ذلك العراء ؟ انها قبة سوداء نثروها بقطع صغيرة من الماس اللامع عدد الحصى . ثم اغمض عينيك مرة أخرى اثنتي عشرة ساعة تعد اليك القبة ذات الضياء وعد الى اغماضهما ، وفتحهما تعد اليك القبة المرقطة السوداء . . . وهكذا دواليك .
بعد ما بين سماء النهار ، وسماء الليل ، في تلاحقهما يجعل منهما شيئين مختلفين ، ويحرم عقل الانسان من الغبطة الفكرية المباشرة ، التي يستمتع بها من هذه الظاهرة ، ظاهرة الوجود الكبرى ، تلك الظاهرة التي يحجب فيها عن بصره العالم الأكبر كله نهارا ، فيصبح أعمى لا يراه ، في حين أنه انما حجبه عن عينه رسول النور في السماء منذ اشراقه . ثم يغيب رسول النور ليلا ، ويأتي الظلام ، فيكون الانسان في الظلام أهدى ، ويكون للعالم الأكبر أبصر .
في نور الشمس هو يرى وديان هذه الأرض وجبالها، ويرى مسارب الحياة وطرق العيش فيها . وهو في ضوئها يزرع ، ومن ضوئها يدفأ .
وفي ظلام الليل ، عندما تغيب الشمس ، هو يرى الأكثر . واذا نحن استخدمنا التقريب الحسابي لما قلنا الأكثر ، واذن لقلنا الكل . فهذه الكرة الأرضية التي نعيش عليها نقطة من بحر محيط . واذا نحن اقتبسنا من البحر المحيط قطرة لم يزل كلا .
حياة النهار ، والشمس طالعة ، حياة لكسب الرزق ، وكسب الرزق أضعه بين أعلى درجات التعبد .
الرزق يكسبه الانسان حلالا لنفسه ، وأهله . ومع الرزق الشكر .
( للنجوم كما لِلنَّاسِ أعمار فهي تحيا ، وهي تموت )
وحياة الليل ، حياة الظلام ، للدارس الباحث في الظلام الذي يملأ الكون فوق رأسه ، هي حياة من علم ، والعلم نور . وهي عندي أعلى درجات التعبد . التعبد الفاهم . التعبد الدارس . التعبد الذي فيه الفبطة وهو أشد صنوف التعبد جهدا .
- انت وقفت على الأرض ، وما وقفت :
أنا بدأت حديثي بأن أوقفتك على سطح الأرض ، في العراء ، تنظر الى أعلى ، الى السماء . ولو أن في هذا العالم الواسع شعوبا غيرنا ، ولو أن فيه اناسي وأرضين أمثالنا ، واستطاعت أن تراك ، على الرغم من ضآلة الكرة التي أنت واقف عليها ، ثم ضالتك أنت المتناهية منسوبة الى ضآلة الكرة ، اذا لما استطاعت كل هذه الشعوب أن تقول انك وقفت ، وانك رفعت بصرك فنظرت . بعض يراك فوق هذه الكرة الأرضية ، وبعض يراك تحتها ، وبعض يراك بين بين . ان الذي يتراءى لهم أن رجليك ارتبطنا هنا بسطح الأرض حيثما وجدتا عليها ، وأن أهل الأرض قاموا على الكرة كالمسامير ، وهي من حديد ، رشقت عمودية على سطوح كرة تمغنطت . ولقد يبدأ ناظر بقدمي رجل واقف على نقطة بسطح هذه الكرة ، ويمضي في رسم خط مستقيم يمر بمركز الكرة ويخرج من ناحية سطحها الآخر، فيخرج به، لا عند رأس انسان ولكن عند قدمي انسان . انسان يقول انه واقف ، وما وقف . وينظر اليه الناظر من ذلك الموقع البعيد عن الأرض فيقول انه تدلى .
( نظر القدماء الى نجوم السماء ، وأرادوا أن يتعرفوا عليها ، فخالوا لكل كوكبة ( مجموعة نجوم ) منها شكلا يذكرونها به . فمن أشكالها ما ربطوه بشكل الدب ، وآخر بشكل الكلب ، وآخر بالثعبان . ومنها ما ربط القدماء من اليونان اسمه باسم آلهة لهم وأبطال . وفي الصورتين المرفقتين ، أولاهما : بها الكوكبة المعروفة باسم الدب الأكبر ، فهكذا هم خالوا نجومها . وفي الصورة الثانية الكوكبة التي اسمها الجبار Orion وسماها العرب كذلك الجوزاء )
انه العالم الواسع الذي تتعطل فيه حتى اللغات انما فلا فوق فيه ولا تحت . ولا يمين فيه ولا يسار هي لغتنا ، لغة بني الناس ، من أهل هذه الأرض ، اذا حاولنا أن نفرضها على الكون الأكبر ، تعثرت .
- سألت صبيا : ما ألمع نجم في السماء تراه عيناه ؟
غربت الشمس ، وأخذت تظلم السماء . فلما تم اظلامها سألت صبيا من أهلي ، أي نجوم السماء أكثر التماعا ؟ فما هي الا نظرة في السماء خاطفة ، حتى أشار باصبعه الى الغرب ، وقال : هذه الزهرة هي المع شيء في السماء .
صدق الغلام فيما زعم ، فقد كانت الزهرة حقا المع شيء في السماء .
ولكني سألته عن ألمع نجم . وما الزهرة بنجم . ان الزهرة كوكب ، ككوكب هذه الأرض ، ضياؤه ليس منه. انه من الشمس انعكس عليه .
وأوضحت ذلك للصبي فعاد ينظر في السماء. ووقع على نجم في نحو أوسطها . قال : هذا أكثرها التماعا .
قلت : نعم .
انه النجم المعروف بالشعرى اليمانية ، وهو بالافرنجية Sirius ، قريب من الجوزاء أو كوكبة الجبار ذلك الجبار الذي لبس حول وسطه منطقة من نجوم ثلاثة ، وحمل دونها خنجرا كان رمزا متواضعا للجبروت.
وانه حقا ألمع نجوم السماء لا يكاد يرتاب في هذا ناظر الى السماء .
- وسألت الصبي :
- ما اقرب نجوم السماء الينا ؟
وعدت أسأل الصبي : فما أقرب نجوم السماء الينا ؟ قال : هذا يعني الشعرى اليمانية وهنا أخطأ . فليس المع الأشياء دائما أقربها . ان الشمعة تقترب فتكون أضوا من مصباح كهربائي قوته مائة شمعة موضوع منا على بعد مائة متر أو مائتين . اللمعة تتوقف على قوة مصدر الضياء ، وعلى بعده عنا .
وهنا سألني الصبي : فما أقرب نجوم السماء الينا؟ قلت : انه نجم اسمه عند علماء الفلك الافرنج Alpha Centaurus وعربناه، فقلنا ألفا قنطورس. قال واين هو من السماء ؟ وأراد أن يراه قلت لو رأيته لما وجدته برغم اقترابه ، في التماع الشعرى اليمانية، فهو أقل ضياء في بصر العين ، وأقل كثيرا . قال : ولم لا أراه ؟ قلت : لأنه في الناحية الأخرى من قبة السماء ، يراه سكان الجنوب من كرتنا هذه الأرضية .
وعاد الصبي يسأل : وكم يبعد عنا هذا النجم ، أقرب نجوم السماء الينا ؟ قلت : يبعد نحو ٢٦ مليون مليون ميل . فففر الصبي فاه . قلت : هل فهمت ؟ :
قال نعم .
قلت : بل فهمتها أرقاما ولم تحسها مسافة.
لا أنت ولا أنا ، لأننا في حياتنا لا نحس من المسافات الا الميل والعشرة الأميال والمائة . أما المليون فقياس يخرج عن نطاق خبرتنا على هذه الأرض . قال : فكيف أحسه؟ قلت : ان الشمس تبعد عنا نحو ٩٣ مليون ميل . فهب أني كتبت نقطة بقلمي هذا ، على الورقة هذه ، وقلت لك هذه تمثل الشمس، فهل تدري اين يقع النجم قنطورس، أقرب نجوم السماء من هذه النقطة؟ قال: أين يقع ؟ قلت : انا عندئذ نمثله بنقطتين مثل هذه ، على بعد ٤ أميال من وأقول نقتطتين ، لأن هذا النجم يتألف من زوج من النجوم . فهذا المثل يريك كم تتباعد النجوم بعضها هذه عن بعض .
ثم كم بين النجوم من مسافات خيالية .
أنت الآن واقف على سطح الأرض في العراء والوقت ظهر وأنت تنظر الى السماء فتجد قبة زرقاء غبراء ملؤها الضياء . واغمض عينيك اثنتي عشرة ساعة ثم افتحهما ، فماذا تری حيث وقفت عند تلك النقطة من سطح الأرض في ... ذلك العراء ؟ انها قبة سوداء نثروها بقطع صغيرة من الماس اللامع عدد الحصى . ثم اغمض عينيك مرة أخرى اثنتي عشرة ساعة تعد اليك القبة ذات الضياء وعد الى اغماضهما ، وفتحهما تعد اليك القبة المرقطة السوداء . . . وهكذا دواليك .
بعد ما بين سماء النهار ، وسماء الليل ، في تلاحقهما يجعل منهما شيئين مختلفين ، ويحرم عقل الانسان من الغبطة الفكرية المباشرة ، التي يستمتع بها من هذه الظاهرة ، ظاهرة الوجود الكبرى ، تلك الظاهرة التي يحجب فيها عن بصره العالم الأكبر كله نهارا ، فيصبح أعمى لا يراه ، في حين أنه انما حجبه عن عينه رسول النور في السماء منذ اشراقه . ثم يغيب رسول النور ليلا ، ويأتي الظلام ، فيكون الانسان في الظلام أهدى ، ويكون للعالم الأكبر أبصر .
في نور الشمس هو يرى وديان هذه الأرض وجبالها، ويرى مسارب الحياة وطرق العيش فيها . وهو في ضوئها يزرع ، ومن ضوئها يدفأ .
وفي ظلام الليل ، عندما تغيب الشمس ، هو يرى الأكثر . واذا نحن استخدمنا التقريب الحسابي لما قلنا الأكثر ، واذن لقلنا الكل . فهذه الكرة الأرضية التي نعيش عليها نقطة من بحر محيط . واذا نحن اقتبسنا من البحر المحيط قطرة لم يزل كلا .
حياة النهار ، والشمس طالعة ، حياة لكسب الرزق ، وكسب الرزق أضعه بين أعلى درجات التعبد .
الرزق يكسبه الانسان حلالا لنفسه ، وأهله . ومع الرزق الشكر .
( للنجوم كما لِلنَّاسِ أعمار فهي تحيا ، وهي تموت )
وحياة الليل ، حياة الظلام ، للدارس الباحث في الظلام الذي يملأ الكون فوق رأسه ، هي حياة من علم ، والعلم نور . وهي عندي أعلى درجات التعبد . التعبد الفاهم . التعبد الدارس . التعبد الذي فيه الفبطة وهو أشد صنوف التعبد جهدا .
- انت وقفت على الأرض ، وما وقفت :
أنا بدأت حديثي بأن أوقفتك على سطح الأرض ، في العراء ، تنظر الى أعلى ، الى السماء . ولو أن في هذا العالم الواسع شعوبا غيرنا ، ولو أن فيه اناسي وأرضين أمثالنا ، واستطاعت أن تراك ، على الرغم من ضآلة الكرة التي أنت واقف عليها ، ثم ضالتك أنت المتناهية منسوبة الى ضآلة الكرة ، اذا لما استطاعت كل هذه الشعوب أن تقول انك وقفت ، وانك رفعت بصرك فنظرت . بعض يراك فوق هذه الكرة الأرضية ، وبعض يراك تحتها ، وبعض يراك بين بين . ان الذي يتراءى لهم أن رجليك ارتبطنا هنا بسطح الأرض حيثما وجدتا عليها ، وأن أهل الأرض قاموا على الكرة كالمسامير ، وهي من حديد ، رشقت عمودية على سطوح كرة تمغنطت . ولقد يبدأ ناظر بقدمي رجل واقف على نقطة بسطح هذه الكرة ، ويمضي في رسم خط مستقيم يمر بمركز الكرة ويخرج من ناحية سطحها الآخر، فيخرج به، لا عند رأس انسان ولكن عند قدمي انسان . انسان يقول انه واقف ، وما وقف . وينظر اليه الناظر من ذلك الموقع البعيد عن الأرض فيقول انه تدلى .
( نظر القدماء الى نجوم السماء ، وأرادوا أن يتعرفوا عليها ، فخالوا لكل كوكبة ( مجموعة نجوم ) منها شكلا يذكرونها به . فمن أشكالها ما ربطوه بشكل الدب ، وآخر بشكل الكلب ، وآخر بالثعبان . ومنها ما ربط القدماء من اليونان اسمه باسم آلهة لهم وأبطال . وفي الصورتين المرفقتين ، أولاهما : بها الكوكبة المعروفة باسم الدب الأكبر ، فهكذا هم خالوا نجومها . وفي الصورة الثانية الكوكبة التي اسمها الجبار Orion وسماها العرب كذلك الجوزاء )
انه العالم الواسع الذي تتعطل فيه حتى اللغات انما فلا فوق فيه ولا تحت . ولا يمين فيه ولا يسار هي لغتنا ، لغة بني الناس ، من أهل هذه الأرض ، اذا حاولنا أن نفرضها على الكون الأكبر ، تعثرت .
- سألت صبيا : ما ألمع نجم في السماء تراه عيناه ؟
غربت الشمس ، وأخذت تظلم السماء . فلما تم اظلامها سألت صبيا من أهلي ، أي نجوم السماء أكثر التماعا ؟ فما هي الا نظرة في السماء خاطفة ، حتى أشار باصبعه الى الغرب ، وقال : هذه الزهرة هي المع شيء في السماء .
صدق الغلام فيما زعم ، فقد كانت الزهرة حقا المع شيء في السماء .
ولكني سألته عن ألمع نجم . وما الزهرة بنجم . ان الزهرة كوكب ، ككوكب هذه الأرض ، ضياؤه ليس منه. انه من الشمس انعكس عليه .
وأوضحت ذلك للصبي فعاد ينظر في السماء. ووقع على نجم في نحو أوسطها . قال : هذا أكثرها التماعا .
قلت : نعم .
انه النجم المعروف بالشعرى اليمانية ، وهو بالافرنجية Sirius ، قريب من الجوزاء أو كوكبة الجبار ذلك الجبار الذي لبس حول وسطه منطقة من نجوم ثلاثة ، وحمل دونها خنجرا كان رمزا متواضعا للجبروت.
وانه حقا ألمع نجوم السماء لا يكاد يرتاب في هذا ناظر الى السماء .
- وسألت الصبي :
- ما اقرب نجوم السماء الينا ؟
وعدت أسأل الصبي : فما أقرب نجوم السماء الينا ؟ قال : هذا يعني الشعرى اليمانية وهنا أخطأ . فليس المع الأشياء دائما أقربها . ان الشمعة تقترب فتكون أضوا من مصباح كهربائي قوته مائة شمعة موضوع منا على بعد مائة متر أو مائتين . اللمعة تتوقف على قوة مصدر الضياء ، وعلى بعده عنا .
وهنا سألني الصبي : فما أقرب نجوم السماء الينا؟ قلت : انه نجم اسمه عند علماء الفلك الافرنج Alpha Centaurus وعربناه، فقلنا ألفا قنطورس. قال واين هو من السماء ؟ وأراد أن يراه قلت لو رأيته لما وجدته برغم اقترابه ، في التماع الشعرى اليمانية، فهو أقل ضياء في بصر العين ، وأقل كثيرا . قال : ولم لا أراه ؟ قلت : لأنه في الناحية الأخرى من قبة السماء ، يراه سكان الجنوب من كرتنا هذه الأرضية .
وعاد الصبي يسأل : وكم يبعد عنا هذا النجم ، أقرب نجوم السماء الينا ؟ قلت : يبعد نحو ٢٦ مليون مليون ميل . فففر الصبي فاه . قلت : هل فهمت ؟ :
قال نعم .
قلت : بل فهمتها أرقاما ولم تحسها مسافة.
لا أنت ولا أنا ، لأننا في حياتنا لا نحس من المسافات الا الميل والعشرة الأميال والمائة . أما المليون فقياس يخرج عن نطاق خبرتنا على هذه الأرض . قال : فكيف أحسه؟ قلت : ان الشمس تبعد عنا نحو ٩٣ مليون ميل . فهب أني كتبت نقطة بقلمي هذا ، على الورقة هذه ، وقلت لك هذه تمثل الشمس، فهل تدري اين يقع النجم قنطورس، أقرب نجوم السماء من هذه النقطة؟ قال: أين يقع ؟ قلت : انا عندئذ نمثله بنقطتين مثل هذه ، على بعد ٤ أميال من وأقول نقتطتين ، لأن هذا النجم يتألف من زوج من النجوم . فهذا المثل يريك كم تتباعد النجوم بعضها هذه عن بعض .
ثم كم بين النجوم من مسافات خيالية .
تعليق