المؤرخ
Fareed Zaffour
٢٨ أبريل، الساعة ١١:٥١ م ·
"واصل الركض بحصانك حتى تتقطع قدماه إن لزم الأمر، و لكن أخبر الإمبراطور اننا نواجه الجيش الروسي بأكمله!"
بهذه الكلمات التي ألقاها علي مساعده استهل المارشال (لان) معركة فريدلاند...
لكن قبل ان نبدأ بالتحدث عن تفاصيلها، لنستطلع المجريات التي حدثت قُبيل المعركة.
قبل أعياد الميلاد(الكريسماس) بأسبوع في عام 1806، دخل نابليون (وارسو) البولندية -التي كانت تابعة آنذاك لبروسيا- مر عام الآن منذ أن لقّى نابليون النمساويين و الروسيين درساً قاسياً في (اوسترليتز)، و شهران فقط منذ أن الحق الهزيمة بالبروسيين في "يينا"، و لكن روسيا مازالت قادرة على مواجهة نابليون.
أدرك نابليون انه لن يستطيع فرض سطوته على اوروبا إلا بعد ان ينتصر علي روسيا، و ترُغَم روسيا و بروسيا علي عقد معاهدات الصلح و السلام معه.
حاول نابليون ان يستدرج الروس و البروسيين لمعركة حاسمة، و لكنه لم ينجح في ذلك نظراً لدخول الشتاء و ضعف الفرنسيين في التعامل في هذه الأراضي الباردة و الوعرة، فلجأ نابليون الي إقامة معسكر في وارسو و تمضية الشتاء هنالك، و دخل في علاقة مع سيدة بولندية تُدعى (ماري فاليفسكا) و التي كانت سيدة نبيلة من أعالي القوم في بولندا - كان الكومنولث البولندي الليتواني الذي كان يحكم ثُلُث اوروبا في وقت ما، وصل الى درجات شديدة من الضعف، لدرجة أن جيرانه روسيا و بروسيا و النمسا ابتلعت اراضيه و لم يعد هناك وجود لبولندا على الخريطة و لم تنس بولندا ذلك ووجدوا في نابليون مخلّصاً لهم - و قررت ماري فاليفسكا ان تجعل من نفسها عشيقةً لنابليون من اجل ان يتحقق الاستقلال و تصبح بولندا دولة حرة مرة اخرى .
أرسل المارشال نيه الدوريات للبحث عن مكان لإقامة معسكر آخر، فما وجدوا إلا الجيش الروسي و البروسي بأكملهم يتجهون صوب المعسكر الفرنسي!
حيث قرر الجنرال الروسي بيننجسن توجيه هجوم في الشتاء لمفاجأة نابليون و جيشه و استغلال عامل قوة الروس في حروب الشتاء، و لكن قوات الاستطلاع الفرنسية استطاعت ان تكتشف نية الهجوم المباغت المتجه صوب فرقتي المارشالين "نيه" و "برنادوت"، أمرهما نابليون بالتراجع و التظاهر بالانسحاب امام هذا الهجوم، ليُطبق نابليون من جهة الجنوب على"بيننجسن"، و لكن لسوء حظ الفرنسيين، قُبِضَ على أحد الرسل المتجهين للمارشلات "نيه" و "برنادوت"، فعلم الروس بمخطط التطويق، فبادروا بالانسحاب، و لكنهم لم ينجحوا في تجنب الاشتباك بالقوات الفرنسية، فكانت المفاجأة من نصيب الروس و ليس الفرنسيين، و استمر الروس في الانسحاب جهة الشمال حتى مدينة إيلاو، فحدثت هناك معركة إيلاو، و نحن لسنا بصدد الحديث عنها لأنها ببساطة و حسب قول المارشال "نيه" (What a massacre! And without any result!"
يا لها من مذبحة و بدون اي نتيجة!
و يكفي القول انها كبّدت الطرفين حوالي عشرين الف لكل منهما من قتيل و جريح و أسير.
و بعد ثلاثة أشهر من معركة إيلاو الدموية، فاجأ الجنرال بيننجسن الروسي بهجوم مباغت علي فرقة المارشال "نيه"، و لكن الفرنسيين تراجعوا ببراعة بدون ان يُستدرجوا في معركة غير مستعدين لها،بدأ الروس بالتقهقر للخلف بعد فشل الهجوم المباغت، و بدأ الرنسيين بالزحف الى الأمام، اعتقد نابليون ان الروس سيتجهون الي مقر اقامتهم السابق "كونيجسبيرج"، و لكن بدلاً من ذلك انسحبوا صوب الشرق تجاه روسيا نفسها.
إتجه نابليون بقواته صوب كونيجسبرج ما عدا قوات ميمنة نابليون المتمثلة في المارشال لان الذي اتجه وراء الروس و هوا غير مُدرك لانه سوف يصطدم بالروس.و حين فعل ذلك، كان يفصل المارشال لان عن القوات الروسية "نهر آل"
أبلغت قوات الاستطلاع الروسية عن تواجد فرقة فرنسية وحيدة و معزولة بجانبهم، فما كان من "بيننجسن" إلا ان يتجه صوبها و يسحقها مباشرة قبل قدوم الدعم الفرنسي، أرسل المارشال لان رسالة عاجلة لنابليون-التي كان محتواها في بداية هذا البوست-، و قاتل المارشال لان ببراعة و هوا يتراجع للخلف، و نجح في الإفلات من التطويق حتي خيّم الليل، أخذ المهندسين الروس بصنع الكباري حتى تعبر القوات الروسية وبالليل و تسحق الفرنسيين، و لكنه بذلك كان يجازف مجازفة كبيرة جداً، فاذا اضطر بيننجسن لظرف ما الي الانسحاب الفوري، فسيجد النهر وراءه و لن تسعفه تلك الكباري في الانسحاب السريع، كما أساء ايضاً تقدير سرعة وصول الإمدادات الفرنسية، حيث وصلت اول امدادات في نفس الليلة، و كان نابليون نفسه ليس ببعيداً عن الوصول، و عند فجر ذلك اليوم كان جبش نابليون بأكمله في مواجهة الجيش الروسي، و حين رأى بيننجسن ذلك، قرر الانسحاب فورا وهو ما كان يخشى منه.
و حين بدأ الهجوم من الشمال، صوبت المدفعية الفرنسية تجاه الجسور و الكباري، فما كان من الروس الا ان القوا بأنفسهم في النهر، و و اطلق الجنرال بيننجسن الحرس الروسي الأمبراطوري "أفضل القوات تدريباً" ليوقف الفرنسيين عن الزحف، و لكنهم لم يصمدوا كثيراً في مواجهة الجيش الفرنسي بأكمله.
غَرِقَ من غَرِق، و نجا من نجا، و لكن قدرت الخسائر الروسية بحوالي 40% من الجنود قتلى او جرحى او أسرى.
فور هذه الهزيمة الساحقة، تراجع الجيش الروسي حتى عبر نهر "نيمين" و هي حدود روسيا، و اضطر القيصر الروسي "ألكسندر الاول" الى قبول الصلح و انتهت بمعاهدة"تيلست"، و بهذا الانتصار أصبح الطريق ممهداً للحرب ضد بريطانيا او غزوها مباشرة إن استطاع.
[#الحروب_النابليونية]
[#ضي_العيون_في_شرح_حروب_نابليون]
#yahia_Shihab