حكايا / 85
و ما ادراك ما " المتة " ؟...
بالدارج هي " المتي " .
لا هي بالقهوة...و لا هي بالشاي...هي بين بين ..في منزلة بين المنزلتين . توقظ الأعصاب دون أن ترهقها .و تغالب النوم دون أن تمنعه .
أحدثكم عنها اليوم لأنني " عاقرتها " منذ طفولتي، ولو ان تناولها ما زال محصورا في بعض البيئات المحددة ...
تراث عائلي.....
موطنها الأصلي هو أميركا اللاتينية و على وجه الخصوص الأرجنتين..
كان والدي أحد المتيمين بها ، قبل أن يستهل تجارته بها ، و يصبح موزعها الرئيسي في لبنان، لا بل خصص لها الطابق السفلي من الفيلا الصغيرة التي كنا نسكنها في بيروت ( في منطقة فرن الشباك - شارع المدور ) ..
في المراحل الأولى لدخولها كان يتم استيرادها " بالبالات " من الأرجنتين ، ثم يتم توضيبها في رزم صغيرة من كيلو و نصف الكيلو .كان هناك آلة مركزية شديدة الوقار تتولى "التوضيب " و " التكبيس " ، فتخرج الرزمة من فوهتها بحلة أنيقة موشومة بالماركة التي كانت تحملها حينها " Hyerba Maté " - ماركة " كروز دي مالطا " أي بالعربي الفصيح " حشيشة المتة - صليب مالطا " .و هي بالأصل كما هو واضح نوع من انواع " الحشائش "
على شاكلة اوراق خضراء - شبيهة إلى حد كبير بأوراق الشاي- يجري قطافها في موسم معين، قبل أن يتم تجفيفها و هرسها و توضيبها و من ثم توزيعها...
كان والدي في بداية تجارته بها شغوفا بمعرفة رأي الناس في هذا القادم الجديد ، فيأخذ معه ما استطاع من الرزم لتوزيعها على تجار " ساحة الدباس " المتاخمة لما كان يعرف ب " ساحة البرج"، اي وسط المدينة ، قبل أن تمحو آثاره " الأحداث " و تطمره حجارة " الإعمار " ، حيث كانت تقوم بناية العازرية " الشهيرة ، و حيث كانت تزدحم الساحة بمئات المحلات الصغيرة المتلاصقة ، بعضها تحت بهو ذو اعمدة و قناطر تشتهر بها الاروقة المتوسطية....
أذكر أن معظم زبائن والدي - الذين أصبحوا أصدقاء - كانوا من التجار الدروز ، و قد علق في ذهني إسم واحد منهم من عائلة " ابو خزام " ، و هي عائلة درزية كريمة أعتقد أنها ما زالت تتعاطى هذه التجارة حتى اليوم...
من هدايا المهاجرين ...
دخول المتة إلى سورية و لبنان يعود على الأرجح إلى مطلع القرن العشرين ، مع موجات الهجرة الأولى التي سببتها المجاعة التي ضربت البلاد ، و ويلات الحرب
منقول
.
و ما ادراك ما " المتة " ؟...
بالدارج هي " المتي " .
لا هي بالقهوة...و لا هي بالشاي...هي بين بين ..في منزلة بين المنزلتين . توقظ الأعصاب دون أن ترهقها .و تغالب النوم دون أن تمنعه .
أحدثكم عنها اليوم لأنني " عاقرتها " منذ طفولتي، ولو ان تناولها ما زال محصورا في بعض البيئات المحددة ...
تراث عائلي.....
موطنها الأصلي هو أميركا اللاتينية و على وجه الخصوص الأرجنتين..
كان والدي أحد المتيمين بها ، قبل أن يستهل تجارته بها ، و يصبح موزعها الرئيسي في لبنان، لا بل خصص لها الطابق السفلي من الفيلا الصغيرة التي كنا نسكنها في بيروت ( في منطقة فرن الشباك - شارع المدور ) ..
في المراحل الأولى لدخولها كان يتم استيرادها " بالبالات " من الأرجنتين ، ثم يتم توضيبها في رزم صغيرة من كيلو و نصف الكيلو .كان هناك آلة مركزية شديدة الوقار تتولى "التوضيب " و " التكبيس " ، فتخرج الرزمة من فوهتها بحلة أنيقة موشومة بالماركة التي كانت تحملها حينها " Hyerba Maté " - ماركة " كروز دي مالطا " أي بالعربي الفصيح " حشيشة المتة - صليب مالطا " .و هي بالأصل كما هو واضح نوع من انواع " الحشائش "
على شاكلة اوراق خضراء - شبيهة إلى حد كبير بأوراق الشاي- يجري قطافها في موسم معين، قبل أن يتم تجفيفها و هرسها و توضيبها و من ثم توزيعها...
كان والدي في بداية تجارته بها شغوفا بمعرفة رأي الناس في هذا القادم الجديد ، فيأخذ معه ما استطاع من الرزم لتوزيعها على تجار " ساحة الدباس " المتاخمة لما كان يعرف ب " ساحة البرج"، اي وسط المدينة ، قبل أن تمحو آثاره " الأحداث " و تطمره حجارة " الإعمار " ، حيث كانت تقوم بناية العازرية " الشهيرة ، و حيث كانت تزدحم الساحة بمئات المحلات الصغيرة المتلاصقة ، بعضها تحت بهو ذو اعمدة و قناطر تشتهر بها الاروقة المتوسطية....
أذكر أن معظم زبائن والدي - الذين أصبحوا أصدقاء - كانوا من التجار الدروز ، و قد علق في ذهني إسم واحد منهم من عائلة " ابو خزام " ، و هي عائلة درزية كريمة أعتقد أنها ما زالت تتعاطى هذه التجارة حتى اليوم...
من هدايا المهاجرين ...
دخول المتة إلى سورية و لبنان يعود على الأرجح إلى مطلع القرن العشرين ، مع موجات الهجرة الأولى التي سببتها المجاعة التي ضربت البلاد ، و ويلات الحرب
منقول
.