** مع الذكرى المئوية لميلاد مارلون براندو (1924 – 2024)
قراءة في كتاب | «العراب .. التراجيديا الملهمة»
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
المدهش في تأثير «العراب» على رجال المافيا الحقيقيين، بعد مشاهدتهم الفيلم للمرة الأولى، أنهم صاروا يقلدون مافيا الفيلم: أصواتهم، وملابسهم، وحركاتهم، وأخذوا يستعيرون تقاليدهم من الفيلم بتقبيل أيدي زعمائهم، التي صارت طقساً شبه ملزم، في عملية تكشف التفاعل ما بين الواقع والسينما.
«العراب.. التراجيديا الملهمة» (ترجمة جلال نعيم)، كتاب غير موجه لقارئ محدد، فهو عن الرواية، عن السينما والمافيا وأمريكا وإيطاليا والأساطير والتاريخ والمجتمعات والعنف والحب، هو عن تلك الأشياء والمشاعر الصغيرة والغامضة، التي نعثر عليها في أنفسنا أحيانا، دون أن نجد لها تفسيراً منطقياً مقنعاً.
يقول مترجم الكتاب جلال نعيم: «شاهدت فيلم»العراب«(الأب الروحي) في مراهقتي أواخر الثمانينيات، وأدهشني تميزه في كل شيء، الموسيقى والأداء والشخصيات والحكاية كلها»، وكانت الرواية قد صدرت عن دار الآداب بترجمة جورج طرابيشي: «ما أذهلني حقاً كان التكافؤ النادر بين ما عبرت عنه الرواية بالحرف والكلمة والجملة، وما شاهدته بالفيلم، والمعبر عنه بالصورة واللقطة والمشهد».
*شهادات
الكتاب يضم مقالات أو شهادات عن تجارب كتابها مع الفيلم، في الفصل الأول يكتب هارلان ليبو، «الفيلم الذي لم يرغب في إنتاجه أحد» متناولاً تجربة مؤلفه الروائي ماريو بوزو، الذي ولد لأبوين إيطاليين، ونشأ في واحد من أحياء المهاجرين في ضواحي نيويورك، وكانت أمه تطمح في أن يصبح موظفاً في السكك الحديدية، بينما يحلم هو بأن يصبح كاتباً عظيماً، فظنته أمه قد فقد صوابه.
بدأ بوزو كتابة روايته الجديدة عن المافيا، وقبل أن ينتهي من كتابتها تنافست الشركات لشراء حقوقها، حتى إن إحدى الشركات المهمة، تدخلت لتشتري حقوق أول 120 صفحة من الرواية، التي لم ينته صاحبها من كتابتها بعد، وبعد ثلاث سنوات من الكتابة، والبحث المتواصل أنجز بوزو روايته الموعودة، وسلم مسوداتها إلى وكيله الأدبي، بعد أن غير عنوانها من «مافيا» إلى «العراب».
عرض وكيله الأدبي حقوق الطبعة الورقية من الرواية في مزاد الناشرين، ولم يوافق على كل العروض التي قدمت له، حتى وصل المبلغ إلى مستوى لم تصل إليه رواية من قبل، فوافق أخيراً، لتباع الرواية بمبلغ 410 آلاف دولار، لتصبح الرواية الأغلى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا بدا كل شيء على ما يرام، فالرواية في طريقها إلى الطباعة، ونزلت إلى الأسواق، لتحقق أعلى المبيعات، وهي أيضاً في طريقها إلى الشاشة السحرية، لتتحول إلى فيلم سينمائي، وما كان لفيلم «العراب» أن يصور ويعرض من دون موافقة المافيا الحقيقية على الأرض، أرض الواقع، وليس على شاشة السينما، وبدأت حملة إرعاب وتخويف منظمة، استهدفت أولاً المنتج، الذي بدأ يتلقى تهديدات عبر الهاتف بأن طلقات الرصاص ستثقب صدره وجمجمته إن عاجلاً أو آجلاً.
جرى ترتيب موعد للقاء قادة المافيا في فندق بنيويورك، وجلس المنتج وحده بين 600 رجل من المافيا، احتلوا الفندق، وأخبرهم بأنه لن يكرر الكليشيهات المعهودة عن الإيطاليين والمافيا، كما درجت هوليوود على إظهارهم، وضمن لهم بأن الفيلم لن يسيء للإيطاليين بشيء، وطلب قائد المافيا أن يقرأ السيناريو أولاً، فوضع أمامه 155 صفحة منه قائلاً: أنت الوحيد من خارج طاقم الفيلم، الذي سيسمح له بالاطلاع عليه، فالسيناريو هو أكثر الوثائق سرية بالنسبة لأي فيلم، قبل أن ينزل إلى دور العرض.
ينتقل الكتاب عبر مقال كتبه ماريو بوزو بعنوان «حكايتي مع العراب: الرواية والفيلم وهوليوود» ويعلن فيه اتخاذه قراراً بعدم الاشتراك في فيلم، دون أن تكون له الكلمة الفصل فيه، لأن الاستوديو لم يسمح له بمشاهدة النسخة النهائية من «العراب»، ولم يستشيروه في شيء، وكما قال: «حتى الآن (عام 1972)، لم تتوصل هوليوود لأن ترتقي بمكانة الكاتب، ودوره في صناعة الفيلم، وإعطائه دوراً قريباً من المخرج والمنتج ومدير الاستوديو».
*أزمة فنية
يكتب فرانسيس فورد كوبولا، تحت عنوان، «دفتر ملاحظاتي عن العراب» بادئاً من اللحظة التي رأى فيها غلاف الكتاب أو الرواية، كان ذلك في ظهيرة يوم ما من سنة 1969، وحين اتصلوا به لإخراج الفيلم ذهب إلى إحدى المكتبات لينتقي 3 كتب عن المافيا الأمريكية، ومنها تشكل تصوره عن الحروب والصراعات التي خاضتها عائلات المافيا في ما بينها، كذلك عرف الكثير عن العرابين الحقيقيين، الذين لم يكن يعرف مدى صلتهم بزعيم المافيا، الذي صوره ماريو بوزو في روايته.
يكتب الكاتب أنغوس فليتشر، أنه كان مخططاً لفيلم «العراب» أن يوضع في خانة أفلام العصابات الرخيصة، لكن انتهى به الأمر أن يقود ثورة سينمائية، لم تشهدها هوليوود من قبل، فقد كانت السيناريوهات الأولية التي وضعت للفيلم ذات أسس باهتة ومليئة بالكليشيهات التي جعلت 12 من المخرجين الكبار يأنفون عن إخراجه، فقد وصل نظام هوليوود القديم إلى طريق مسدود، ما أدخل صناعة السينما هناك في أزمة فنية حادة.
http://cinematographwebsite.com/
#فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك
قراءة في كتاب | «العراب .. التراجيديا الملهمة»
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
المدهش في تأثير «العراب» على رجال المافيا الحقيقيين، بعد مشاهدتهم الفيلم للمرة الأولى، أنهم صاروا يقلدون مافيا الفيلم: أصواتهم، وملابسهم، وحركاتهم، وأخذوا يستعيرون تقاليدهم من الفيلم بتقبيل أيدي زعمائهم، التي صارت طقساً شبه ملزم، في عملية تكشف التفاعل ما بين الواقع والسينما.
«العراب.. التراجيديا الملهمة» (ترجمة جلال نعيم)، كتاب غير موجه لقارئ محدد، فهو عن الرواية، عن السينما والمافيا وأمريكا وإيطاليا والأساطير والتاريخ والمجتمعات والعنف والحب، هو عن تلك الأشياء والمشاعر الصغيرة والغامضة، التي نعثر عليها في أنفسنا أحيانا، دون أن نجد لها تفسيراً منطقياً مقنعاً.
يقول مترجم الكتاب جلال نعيم: «شاهدت فيلم»العراب«(الأب الروحي) في مراهقتي أواخر الثمانينيات، وأدهشني تميزه في كل شيء، الموسيقى والأداء والشخصيات والحكاية كلها»، وكانت الرواية قد صدرت عن دار الآداب بترجمة جورج طرابيشي: «ما أذهلني حقاً كان التكافؤ النادر بين ما عبرت عنه الرواية بالحرف والكلمة والجملة، وما شاهدته بالفيلم، والمعبر عنه بالصورة واللقطة والمشهد».
*شهادات
الكتاب يضم مقالات أو شهادات عن تجارب كتابها مع الفيلم، في الفصل الأول يكتب هارلان ليبو، «الفيلم الذي لم يرغب في إنتاجه أحد» متناولاً تجربة مؤلفه الروائي ماريو بوزو، الذي ولد لأبوين إيطاليين، ونشأ في واحد من أحياء المهاجرين في ضواحي نيويورك، وكانت أمه تطمح في أن يصبح موظفاً في السكك الحديدية، بينما يحلم هو بأن يصبح كاتباً عظيماً، فظنته أمه قد فقد صوابه.
بدأ بوزو كتابة روايته الجديدة عن المافيا، وقبل أن ينتهي من كتابتها تنافست الشركات لشراء حقوقها، حتى إن إحدى الشركات المهمة، تدخلت لتشتري حقوق أول 120 صفحة من الرواية، التي لم ينته صاحبها من كتابتها بعد، وبعد ثلاث سنوات من الكتابة، والبحث المتواصل أنجز بوزو روايته الموعودة، وسلم مسوداتها إلى وكيله الأدبي، بعد أن غير عنوانها من «مافيا» إلى «العراب».
عرض وكيله الأدبي حقوق الطبعة الورقية من الرواية في مزاد الناشرين، ولم يوافق على كل العروض التي قدمت له، حتى وصل المبلغ إلى مستوى لم تصل إليه رواية من قبل، فوافق أخيراً، لتباع الرواية بمبلغ 410 آلاف دولار، لتصبح الرواية الأغلى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا بدا كل شيء على ما يرام، فالرواية في طريقها إلى الطباعة، ونزلت إلى الأسواق، لتحقق أعلى المبيعات، وهي أيضاً في طريقها إلى الشاشة السحرية، لتتحول إلى فيلم سينمائي، وما كان لفيلم «العراب» أن يصور ويعرض من دون موافقة المافيا الحقيقية على الأرض، أرض الواقع، وليس على شاشة السينما، وبدأت حملة إرعاب وتخويف منظمة، استهدفت أولاً المنتج، الذي بدأ يتلقى تهديدات عبر الهاتف بأن طلقات الرصاص ستثقب صدره وجمجمته إن عاجلاً أو آجلاً.
جرى ترتيب موعد للقاء قادة المافيا في فندق بنيويورك، وجلس المنتج وحده بين 600 رجل من المافيا، احتلوا الفندق، وأخبرهم بأنه لن يكرر الكليشيهات المعهودة عن الإيطاليين والمافيا، كما درجت هوليوود على إظهارهم، وضمن لهم بأن الفيلم لن يسيء للإيطاليين بشيء، وطلب قائد المافيا أن يقرأ السيناريو أولاً، فوضع أمامه 155 صفحة منه قائلاً: أنت الوحيد من خارج طاقم الفيلم، الذي سيسمح له بالاطلاع عليه، فالسيناريو هو أكثر الوثائق سرية بالنسبة لأي فيلم، قبل أن ينزل إلى دور العرض.
ينتقل الكتاب عبر مقال كتبه ماريو بوزو بعنوان «حكايتي مع العراب: الرواية والفيلم وهوليوود» ويعلن فيه اتخاذه قراراً بعدم الاشتراك في فيلم، دون أن تكون له الكلمة الفصل فيه، لأن الاستوديو لم يسمح له بمشاهدة النسخة النهائية من «العراب»، ولم يستشيروه في شيء، وكما قال: «حتى الآن (عام 1972)، لم تتوصل هوليوود لأن ترتقي بمكانة الكاتب، ودوره في صناعة الفيلم، وإعطائه دوراً قريباً من المخرج والمنتج ومدير الاستوديو».
*أزمة فنية
يكتب فرانسيس فورد كوبولا، تحت عنوان، «دفتر ملاحظاتي عن العراب» بادئاً من اللحظة التي رأى فيها غلاف الكتاب أو الرواية، كان ذلك في ظهيرة يوم ما من سنة 1969، وحين اتصلوا به لإخراج الفيلم ذهب إلى إحدى المكتبات لينتقي 3 كتب عن المافيا الأمريكية، ومنها تشكل تصوره عن الحروب والصراعات التي خاضتها عائلات المافيا في ما بينها، كذلك عرف الكثير عن العرابين الحقيقيين، الذين لم يكن يعرف مدى صلتهم بزعيم المافيا، الذي صوره ماريو بوزو في روايته.
يكتب الكاتب أنغوس فليتشر، أنه كان مخططاً لفيلم «العراب» أن يوضع في خانة أفلام العصابات الرخيصة، لكن انتهى به الأمر أن يقود ثورة سينمائية، لم تشهدها هوليوود من قبل، فقد كانت السيناريوهات الأولية التي وضعت للفيلم ذات أسس باهتة ومليئة بالكليشيهات التي جعلت 12 من المخرجين الكبار يأنفون عن إخراجه، فقد وصل نظام هوليوود القديم إلى طريق مسدود، ما أدخل صناعة السينما هناك في أزمة فنية حادة.
http://cinematographwebsite.com/
#فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك