Toufik Bouguerra
عبد الحق دينار- محبي الدكتور عميمور محيي الدين.
في ذكرى وفاته الـ19 .."الشروق" تنشر رسالته إلى عميمور بعد زيارة وهران
نزار قباني.. دخل الجزائر تحت راية عبد الحليم وألهم الشاذلي وكاد ينهي مهام والي وهران
"رحلتي إلى الجزائر كانت من أهم رحلاتي، فقد عدت وأنا اشد إيمانا بشعري .. وأشد إيمانا بالجزائر.. فعندكم اكتشفت أبعاد صوتي الحقيقية، واكتشفت أبعاد هذه الأرض، التي لابد من التغلغل تحت أعصابها، للوصول إلى ينابيع العشق المطمورة في داخلها.." أجمل ما قاله شاعر المرأة نزار قباني في الجزائر من خلال رسالة بعثها يوم 19 افريل 1979 إلى الدكتور محيي الدين عميمور المستشار الإعلامي للرئيس الراحل هواري بومدين وبعدها الرئيس شاذلي بن جديد.
وبمناسبة الذكرى 19 سنة لوفاة الشاعر، الذي رحل يوم 30افريل 1998، تاركا أجمل الكلمات في المرأة والوطن، تنشر الشروق لأول مرة، فحوى رسالته بعد أن زار مدينة وهران بدعوة من الرئيس الراحل هواري بومدين.
"أضع حقائبي على الأرض في بيروت.. وأجلس للكتابة إليك.. ولا تظن أن الكتابة إليك سهلة، فكلما كبرت العاطفة ضاقت مساحة الكلمة، المهم، أن إقامتي القصيرة في الجزائر، كشفت لي كم يستطيع رجل ما، أن يغير مدينة.. أو بلادا بأكملها .. بحرا.. وجبالا .. سماء.. ونجوما.. وأشرعة.. واشهد انك كنت هذا الرجل، الذي رأيت الجزائر من خلال عينيه، وابتسامته، ورجولته، ومروءته" قالها في رسالته للدكتور عميمور قبل أن يكشف سحر الجزائر".
وكان نزار قباني من عشاق الثورة الجزائرية، وكان يرمز لها بملحمة جميلة بوحيرد التي كتب عنها قصيدته الشهيرة التي تحمل اسمها، ومزج فيها بين الحقيقة والدراما، حيث يقول الدكتور عميمور، إني رغم اعتقادي بأن الرئيس هواري بومدين كان من المعجبين بشعر نزار وفصاحة أسلوبه فقد كنت أحس بأنه يتفادى الحديث عنه، ربما لأن نزار عُرف، ظلما، بأنه شاعر المرأة.
ففي نهاية السبعينيات وحسب عميمور، بناء على دعوة خاصة من وزارة التعليم العالي، استقبله في المطار الدكتور عبد العالي رزاقي، الذي واجه صعوبة مع أحد رجال الجمارك في إفهامه شخصية الشاعر الكبير لتفادي تفتيش حقيبته، وهنا سأل الجمركي: ألم تسمع أغنية "إني أتنفس تحت الماء" وأجابه الجمركي: طبعا، وأحبها جدا، وهنا قال له رزاقي: هذا هو مؤلفها، وهناك اندفع الجمركي للترحيب بنزار، الذي قال لي فيما بعد: لقد دخلت إلى الجزائر تحت راية عبد الحليم حافظ، وقلت له: ستعرف أننا جميعا تحت راية نزار قباني.
وكشف الدكتور عميمور للشروق، أنه أقام لنزار حفلا كبير في إحدى الإقامات الرئاسية ودعا له عددا هاما من الوزراء والشعراء ممن أمكن الاتصال بهم، ثم سجلت معظم لقاءاته الشعرية تلفزيونيا.
وقال عميمور إن هذا التسجيل تابعه الرئيس الشاذلي بن جديد حيث طلب منه إعادة البث أكثر من مرة، ولعل هذا أكبر إنجاز حسبه، أعتز به مع الرئيس الشاذلي بن جديد.
ولأن نزار قباني استعمل اسم مدينة وهران في قصيدته عن جميلة، فقد رتبت له زيارة خاصة لعاصمة الغرب الجزائري، وأصدرت تعليمات لوالي الولاية بحسن استقبال الشاعر الكبير، وحينها تذمر نزار من الوالي الذي انفرد به في اليوم الأول، وقال له: أنت رجل كبير في السن فعيب أن تتغزل بالنساء، حيث أخبر عميمور بذلك.
أكد الدكتور محيي الدين عميمور للشروق، أنه طيب خاطر نزار قباني، وبعد أعوام التقى الوالي في مقبرة العالية، فقال له عميمور "كنت قادرا على إنهاء مهامك في اليوم التالي مباشرة، بعد إهانتك لنزار".