الموزاييك.. سفير الأصالة الدمشقية إلى العالم
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
تعتبر صناعة الموزاييك الدمشقي من أقدم المهن العريقة التي اشتهرت بها ولا تزال مدينة دمشق، وتركت آثارها في أثاث سكانها ومقتنياتهم والكثير غيره.
.
ويعود الفضل في ابتكار فن الموزاييك وهو (فن التطعيم على الخشب) في سوريا، إلى الحرفي "جرجي جبرائيل بيطار" المولود في سنة 1840م والمتوفى في 1935م.
.
وكان يستخدم عظم الجمل أو العاج (ناب الفيل) كما في باكستان والهند في تطعيم الخشب إلا انهُ مُنع استخدامه خوفاً من الانقراض، واستبدل بنوع من البلاستك لونه مشابه للون العاج ويؤدي نفس الغرض مع فارق الكلفة لكنه مطواع لخدمة المصلحة.
.
فما هو الموزاييك الدمشقي؟
هو فن تطعيم الخشب بالصدف، ويعود تاريخ هذه الصناعة اليدوية إلى أكثر من 300 عام، وتعتمد صناعة الموزاييك على إدخال مادة الصدف إلى جزيئات من أنواع خشبية مختلفة مثل الجوز والورد والزان ونواع اخرى.
.
والصدف هو عبارةٌ عن قشور حيواناتٍ أو قواقع بحرية تستخرج من البحار, ومنها بيت اللؤلؤ و الذي يتميز بألوانه المتعددة التي تمثل ألوان الطيف وهو أغلى أنواع الصدف .
.
وتتبع المهنة بشكل أساسي على خيال الحرفي في تطعيم الخشب وتحويله إلى أشكال فنية من خلال رسوم وأشكال هندسية مثل المثمّن والمربّع والمسدّس والمثلّث.
.
حيث ينشر الخشب إلى أعواد صغيرة تشكل في ربطها حزمة من أنواع وألوان مختلفة يتم تقطيعها بشكل شرائح تجمع إلى بعضها ليصاغ منها الشكل المطلوب.
.
وطريقة العمل تحتاج إلى مهارة وتعتمد على الرسمة الأولى، ويتم العمل وفق الميول والأشكال الهندسية في الرسم،
.
ومن أهم أنواع الخشب المستخدمة خشب الجوز ، فهو الأنسب والأصلح، قوته بسبب أليافه المتماسكة وألوانه الجميلة والساحرة
ويستخدم في الهيكل وفي التطعيم أيضاً.
كما يستخدم خشب الليمون والزيتون والكينا والمشمش البلدي من أجل القشر.. وخشب الورد المستورد والزان الذي يستخدم في الهيكل وليس في التطعيم.
.
والتطعيم هو إلباس القطعة بالمقامات البصرية والزخارف الهندسية، فبعد تصميم الهيكل يلصق التطعيم على الخشب، ومن ثم يفرغ الصدف الأبيض وتنزل كل صدفة بهيئتها التي اتخذتها بعد البرد في المكان الذي فرغ.
وذلك بعد أن يغمس أسفلها بالغراء، وبعد ذلك تأتي عملية التنعيم وتجهيز القطعة خصوصاً إذا كانت بحاجة إلى مفصلات وإكسسوارات فتذهب إلى ورشة جديدة وتخضع إلى البولشة فتلمع وتصقل وتصبح جاهزة بالتأسيس والتلميع.
.
لهذه القطع الخشبية المطعَّمة بالصدف أنواع يعرفها الخبير من نظرة وتستهوينا بحسب ميولنا منها:
▪︎"التخريق" مثل التاج والذي يعتمد على تفريغ الخشب على حساب الصدف،
▪︎و"الطلس" والذي يتميَّز بكثافة الصدف حتى يكاد يغيب الخشب مثل "البيرو"،
▪︎و"المشجَّر" يعتمد على الزخارف النباتية،
▪︎و"الاسطنبولي" الذي يتميَّز بتعقيد ودقة الرسمة.
.
كما ان للصدف أنواع حيث يؤثر نوع الصدف على سعر القطعة فهناك: • صدف "الأسنان" أي "البحري" وهو غالي الثمن..
• والصدف "الديري" "النهري" وسمي كذلك لأن مصدره نهر الفرات، وهو أرخص ..
.
إن مهنة التصديف وتطعيم العلب بالصدف الطبيعي ,غير موجودةٍ بكثرة إلا في العاصمة السورية دمشق ، حيث تكمن المشكلة الأكبر في أن شيوخ المهنة لا يورثون هذه الحرفة لأبنائهم , حيث عادةً ما ينشغل الأبناء بالصناعات الأحدث ويتجهون إلى الكسب السريع من دون مجهودٍ كبيرٍ وهو ما تحتاجه مهنة التصديف.
.
ويعد "قصر العظم" و"مكتب عنبر" و"بيت نظام" من أشهر البيوت الدمشقية المزينة بهذه الصناعة، كما أصبح الموزاييك الدمشقي كالسفير السوري إلى معظم دول العالم
.
وما يعد بارقة أمل بالنسبة لهذه الحرفة المهددة بالانقراض ,هو إقبال السياح (الذين بدأوا بالعودة الى دمشق) المتزايد عليها وإدراكهم لقيمتها الحقيقية وقيمة العمل اليدوي والجهد المبذول فيها ..