ابو الهول ليس مصريا فحسب بل وجد في سوريا   ومصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابو الهول ليس مصريا فحسب بل وجد في سوريا   ومصر

    محاضرة للدكتور علي أبو عساف عن موقع عين دارا
    موقع عين دارا \ابو الهول ليس مصريا فحسب بل وجد في سوريا ومصر والفروق تظهر الاختلاف في معتقدات الشعبينالشعبي

    في قاعة المركز الثقافي العربي بدمشق استمع جمهور كبير الى محاضرة حول التنقيبات الاثرية في موقع عين دارا للمحاضر الدكتور علي أبو عساف المدير العام لمديرية الآثار والمتاحف السورية. واعتمد المحاضر على الشرائح الضوئية لتغطية مجمل المناحي الجغرافية والاثرية والتاريخية.
    يقع موقع تل عين دارا الى الشمال الغربي من مدينة حلب وتقع قلعة سمعان المشهورة الى جنوبه.
    وللتنقيب في هذا الموقع حكاية طريفة تتحدث عن طفل لاحق ثعلبا العام 1955 وعندما دخل الى وكره لاحقه الطفل فوجد رأس اسد من البازلت وعندما أرسلت السلطات بعثة تفقدية عثرت على رأس الأسد البازلتي ومنحوتات أخرى لأسود (ثلاثة أسود أحدها كامل).
    وفي العام 1976 بوشر التنقيب المنهجي برئاسة الدكتور أبو عساف على رأس بعثة سورية ومازال التنقيب مستمر.
    تبين ان اول استيطان في التل يعود الى الالف السادس قبل الميلاد (العصر الحجري الحديث) وذلك في موقع على الطرف الجنوني من التل. ومع بداية الالف الرابع قبل الميلاد هجر الموقع الى أماكن أخرى في التل نفسه ولم تعرف أسباب الهجرة تلك.
    ولعل ما يميز هذا الموقع وجود قناة ماء تفصل بين موقع العصر الحجري الحديث وتل عين دارا. وهذا ما جعل الوصول الى سوية العصر الحجري مأمونا من دون اختراق طبقات التل من أعلى الى أسفل.
    تعود سوية التل الأولى الى العصر السلجوقي وتنتهي عند بداية العهد العثماني ولم تظهر التنقيبات الكثير من اللقى بسبب استخدام الفلاحين للأرض واستعمال الأحجار الاثرية في بناء البيوت ومع ذلك عثر على بعض الاساسات الحجرية البسيطة.
    اما السوية الثابتة فتعاصر الفترة البيزنطية وتعود الى الاسرة المقدونية التي حكمت في القسطنطينية خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين. واهم ما عثر عليه بعض اساسات لبيوت ونقود كثيرة عليها صور القياصرة.
    اما السوية الثالثة تعاصر العهدين الاموي والعباسي (640م-933م). وهنا أيضا عثر على اساسات بيوت فقط بالإضافة الى صندوق عظمي جميل لكن مهشم.
    السوية الرابعة تعاصر العصر الهلنستي (330-75م) ولم يعثر فيها على بقايا من العصر الروماني مما يدل على ان الموقع هجر بعد العام 75ق.م وبقي كذلك حتى نشوء الدولة الاموية ولكن عثر على سراج يعود الى القرنين الثاني والثالث ق.م ولوحظ في المعطيات المعمارية للعصر الهلنستي انها تختلف عن معطيات العصرين الاموي والعباسي. كما ان مدينة هذه العصر كانت محصنة بسور تزينه الأبراج طوله يزيد عن المترين واساساته من الحجارة الحقلية ومداميكه من الحجارة الكلسية.
    ويبدو ان السوية الخامسة تعرضت لحريق هائل. ومع هذا فثمة جدران مبنية باللبن وبعض الأساسيات الحجرية.
    اما السوية السادسة فتعاصر العصر الآرامي المتأخر او البابلي الحديث في القرن السادس قبل الميلاد. وبينت التنقيبات وجود مساكن بسيطة لكن ما يميزها هو العثور على المدافن الجرار اذ كان السكان يدفنون موتاهم في جرار بحيث يأخذون جرتين كبيرتين ويغلفون الفوهتين المتقابلتين. كما عثر على مدفن لامرأة معها حلي وقبر لطفل صغير (لا يتجاوز عمره السنتين) هو عبارة عن أربعة أحجار مسقوفة ببلاطة وعثر أيضا على جرة كبيرة (خابية) مع قناة لتصريف المياه وعلى أرصفة حجرية تتألف من حجارة نهرية بيضاء زرقاء ويبدو ان هذا النوع من الرصف كان يشكل بداية شارع يقود إلى القصر وإلى المعبد.
    ولعل أهمية هذه السوية تتجلى في الكشف عن معبد يحتل الطرف الشمالي من التل وقبالة زاويته الشرقية عثر على بئر ماء عميقة والى جانبها حوض كلسي بطول 3م وعرض 1.60م. وهذه البئر ارتوازية تستمد مياهها من نبع عين داره وتبين ان عمقها يزيد على 40 مترا ويبدو ان وجود هذه الحض قبالة المعبد كان لغاية التطهير والاغتسال قبل الدخول الى الصلاة.
    ويذكر ان نصاً يتحدث عن هذا الامر ورد في الآداب الكنعانية التي تشدد على واجب المتعبدين الاغتسال قبل ان يدخلوا المعبد. وهذ اول دليل مادي في بلاد الشام يؤكد هذه الحالة الموصوفة في الآداب الكنعانية.
    بقايا المعبد
    يعود زمن تهدم المعبد إلى 740 ق.م حين هاجم القائد الآشوري تغلات فلاصر الثالث مملكة بيت اغوشي التي تقع ضمن محافظة حلب.
    تتقدم المعبد باحة كبيرة بعرض 32 مترا وثمة بلاطات بيضاء ثم سوداء ثم بيضاء. وغايتها التحريك الجمالي البصري للواجهة. وبعد الباحة يوجد مدخل عميق ثم قاعة أمامية ومصلى يتألف من قسم خلفي فيه مصطبة مرتفعة. ويحيط بالمعبد رواق من جهاته الثلاث وله مدخلان جنوبي وشرقي وغاية وجود الرواق هي تمكن المتعبدين من الطواف حول المعبد. اما الجدران فارتفاعها لا يقل عن 7 أمتار.
    واجهة المعبد مزينة بمنحوتات من جميع الجهات وهي عبارة عن أزواج من الأسود المتقابلة. وفي رواق المعبد عثر على عشرة أزواج من الأسود الجاثية على كل طرف وقد نقشت على المنحوتات مواضيع متعددة. ويذكر ان المنحوتات أبو الهول عبارة عن أسد مجنح رأسه رأس امرأة وجسمه جسم أسد.
    ويوضح الدكتور أبو عساف هوية ابو الهول فيقول بعضهم يعتقد ان أبو الهول مصري ولكن الواقع اثبت انه وجد في بلاد الشام ومصر في آن واحد. وأقول أن هناك فرقا كبيرا بين أبو الهول المصري وابو الهول الشامي فالمصري هو صورة فرعون مذكرا كان أو مؤنثا بينما أبو الهول الشامي لا هوية له ولا يخص شخصا محددا. ودائما ابول الهول الشامي له رأس امرأة.
    ويعود المحاضر للتحدث عن واجهة المعبد التي يصل ارتفاعها الى مترين وقاعدتها متر واحد ثم الجدران من اللبن بارتفاعها 4 أمتار.
    وللدخول الى المعبد هناك معبر عميق يشمل ثلاث عتبات الأولى مزينة بصورة قدمين والثانية مزينة بصورة القدم اليسرى بينما الثالثة التي تقع في مذبح فمنقوشة بصورة القدم اليمنى. ويبدو لهذه الأقدام دلالة على طقس يدل على مكانة اليمين في الدخول الى الأماكن المقدسة آنذاك.
    وأهم ما عثر في المعبد: صورة رجل جالس على كرسي لم يبقى منه سوى قوائم الكرسي وقدمي الجالس ونصب مرسوم عليه شجرة نخيل وصورة لمحارب ولوحة لعشتار من الحجر البازلتي بيدها اليسرى سارية وفي اليمنى سلاح وعلى كتفها الايسر جعبة فيها مجموعة من السهام.
    وتعود هذه اللوحة الى القرن السادس قبل الميلاد.
    ويقول المحاضر حين اكتشف هذا الموقع تحدث بعضهم عن (موقع حثي ،فن حثي حضارة حثية). ولكننا بعد إتمام العمل الاثري ونشر دراستنا تبين ان هوية الموقع والمعبد هي هوية محلية (سورية أو شامية) وليست حثية.
    مخطط المعبد
    لا يخرج مخطط المعبد عين دارا عن إطاره المجتمعي-التاريخي فهو مخطط كنعاني ظهر للمرة الأولى في موقع تل الخويرة في الجزيرة السورية كما ظهر في ايبلا-تل مرديخ وموقع الممباقة على الفرات وكذلك في ايمار-مسكنة وتل طعينات في سهل العمق وحاصور في سهل الحولة.
    ومع هذا التماثل في المخطط بين كل المعابد السورية يبدو ان معبد عين دارا يتميز عنها بوجود رواق حوله. وهنا يسلط المحاضر الأضواء على مخططات المعابد المذكورة ويقارنها مع مخططات معبد عين داره ليؤكد التماثل المعماري ووحدته في بلاد الشام في تلك الفترة.
    اما لجهة الاختام الاسطوانية فقد عثر على مجموعة متنوعة تتراوح بين اختام من الالف الرابع قبل الميلاد وأخرى من القرن السابع قبل الميلاد والعصر الآشوري والعصر الآرامي المتأخر (القرن السادس قبل الميلاد) وحتى تاريخه لم يعثر على رقم طينية.

    اعداد: بشار خليف- صحيفة الحياة اللندنية 16\4\1992

    \ملاحظة خارج المادة الصحفية: تم تدمير الموقع سنة 2017 من قبل تركيا\
يعمل...
X