في ملحمة جلجامش ، يفرغ جلجامش و أنكيدو من قتال خمبابا الوحش في غابة الأرز ، بعد انتصارهما ، يضع جلجامش التاج على رأسه ، يرتدي ثياباً نظيفة ، تظهر له عشتار ، عشتار المعجبة بقوته ، بجمال هيبته ، الأنثى عشتار تصرخ أنوثتها لجلجامش : تعال يا جلجامش و كن عريسي ، هبني ثمارك هدية ، كن زوجاً و أنا زوجاً لك ، سآمر لك بعربة من لازورد وذهب... فإذا دخلت بيتنا ، قبّلتْ المنصة قدميك و العتبة .... ما استوقفني في الملحمة أن جلجامش المديني - الزراعي يتحالف مع الصياد الراعي أنكيدو في تحقيق انتصار على معيقات التطور و التقدم الاجتماعي . هذا في المنحى الاجتماعي ، بالمقابل ، فإن شخصة أنكيدو في الملحمة تشكل في البعد النفسي جانب ما تحت الشعور عند جلجامش ، و هذه باعتقادي لم تقربها و تقاربها الدراسات و أدبيات الملحمة تلك .
أنكيدو يمثل في شخصية جلجامش بقايا الطبقات السفلى مما تحت الشعور ، بتشكله الأول ، ببدئه ، بقسمه الزواحفي ، مركز العدوانية لدى الانسان ، و حين يواجهه ، فإنه يواجه نفسه ، ثمة صراع في داخله بين أفضليات التطور و التمدن و بين حياة البدء الموحشة و البرية .
الملاحظ كما في الشخصية و الذهنية ، أن جلجامش لم يقتل أنكيدو ، رغم أنه نقيضه ، بل جعله مكملاً له ، عبر تدخل القشرة الدماغية سيدة الادراك الانساني في تكييف القسم الزواحفي وتدجينه وتأنيسه .
جلجامش جعل من أنكيدو ، نقيضه ، مكملاً له في مسار بقاء الحياة و تطورها .
ما استوقفني أمر آخر ، هو أن الأنثى كانت مبادِرة ، صارخة ، لم يتحجب عقلها ، لم تمت روحها ، تقاتل من أجل الحب ، من أجل الحياة ، ليست منكفئة على نفسها مهيضة الجناح ، مَن من إناث هذه البلاد بعد آلاف السنين و رغم تطور الحياة و الذهن و الفكر ، إلى ما هنالك ، بقادرة أن تصرخ صرخة حبها ، أن تبادر ، أن تكون هي و ليست تلك المنكفئة ، المنكمشة ، الخائفة ، التائهة ، التي سوف تكون سيدة أولادها فيما بعد، سيدة المستقبل ، كما كانت عشتار ، مع ملاحظة أن عشتار إلهة الحب و الخصب ، كانت عند الآشوريين إلهة حرب أيضاً .
عشتار كانت أنثاها ، قبل أن يموت الرجال .
بشار خليف
أنكيدو يمثل في شخصية جلجامش بقايا الطبقات السفلى مما تحت الشعور ، بتشكله الأول ، ببدئه ، بقسمه الزواحفي ، مركز العدوانية لدى الانسان ، و حين يواجهه ، فإنه يواجه نفسه ، ثمة صراع في داخله بين أفضليات التطور و التمدن و بين حياة البدء الموحشة و البرية .
الملاحظ كما في الشخصية و الذهنية ، أن جلجامش لم يقتل أنكيدو ، رغم أنه نقيضه ، بل جعله مكملاً له ، عبر تدخل القشرة الدماغية سيدة الادراك الانساني في تكييف القسم الزواحفي وتدجينه وتأنيسه .
جلجامش جعل من أنكيدو ، نقيضه ، مكملاً له في مسار بقاء الحياة و تطورها .
ما استوقفني أمر آخر ، هو أن الأنثى كانت مبادِرة ، صارخة ، لم يتحجب عقلها ، لم تمت روحها ، تقاتل من أجل الحب ، من أجل الحياة ، ليست منكفئة على نفسها مهيضة الجناح ، مَن من إناث هذه البلاد بعد آلاف السنين و رغم تطور الحياة و الذهن و الفكر ، إلى ما هنالك ، بقادرة أن تصرخ صرخة حبها ، أن تبادر ، أن تكون هي و ليست تلك المنكفئة ، المنكمشة ، الخائفة ، التائهة ، التي سوف تكون سيدة أولادها فيما بعد، سيدة المستقبل ، كما كانت عشتار ، مع ملاحظة أن عشتار إلهة الحب و الخصب ، كانت عند الآشوريين إلهة حرب أيضاً .
عشتار كانت أنثاها ، قبل أن يموت الرجال .
بشار خليف