نوار سليمان: الرواية تجتاز حاليا نفقا ضيقا نتيجة تغير الظروف
الأديبة والباحثة السورية ترى أن الإنتاج الإنساني الأدبي بكل أنواعه، في هذه الأيام، يعاني مرحلة تحول صعبة جدا.
الأربعاء 2024/04/03
الكتب أمامها واقع صعبمحمد خالد الخضر
دمشق - الأكاديمية السورية نوار سليمان أديبة وباحثة تكتب القصة والرواية، وتعتمد على موهبة ومعرفة في تصوير الواقع المؤثر بأسلوب فني وأدبي استجابة للعاطفة الصادقة والحالات الإنسانية.
وفي حوار معها تقول سليمان “في تلك الجدلية الساحرة بين الأدب والثقافة، حيث تتأرجح الروح البشرية بين أدب الثقافة وثقافة الأدب، بين المثقف الأديب والأديب المثقف، تماهيا معها في أوجاعها وآلامها وأحلامها، لذلك فالأدب يعاني كما الروح الإنسانية ويعيش حياتها”.
وتضيف سليمان “إن المعاناة التي يعيشها الأدب وتعانيها الثقافة ليست وصما وليست ميزة، إنها إحدى صفاتهما يعيشان ما يعيشه البشر من أفراح وأحزان، من آلام وأحلام، من صحة وسقم، من نكبات ونجاحات، من ثورات وانقلابات”.
وحسب سليمان، يعاني الإنتاج الإنساني الأدبي بكل أنواعه، في هذه الأيام، مرحلة تحول صعبة جدا من حيث طريقة الكتابة والنشر، المواضيع التي تهم الشرائح المختلفة، معايير التقييم، إضافة إلى العولمة والأكثر أهمية هو دخول الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة الإنسانية، وهو ما سيتسبب في تغيير لكل جوانب الحياة الإنسانية في المستقبل، وللأدب والثقافة على حد سواء.
وتقول الكاتبة السورية “لطالما كانت روحي أوتارا تتلاعب بها الكلمات والجمل لتعزف أنغاما مختلفة الجمال تستطيع القصة دائما حملي للعيش في عوالمها، وإطلاق العنان لخيالاتي والانسجام مع تياراتها العنيفة منها والهادئة، فعلاقتي مع الرواية ليست خيارا على الإطلاق، ففي داخلي يعيش راو لا تسمح له الظروف بتسجيل كل ما يرغب به في كل الأوقات، لدي أفكار كثيرة وشخصيات وحوادث تضج في عقلي يحررها قلمي على أوراقه كما يحررني من صخبها”.
نوار سليمان: القصص بأنواعها تحتل مكانا مهما في التاريخ الإنساني، لأن الحياة بمنظورها الأوسع قصة ولكل منا قصته
وتبين الأديبة سليمان أن الموهبة هي فطرتنا الخاصة التي نمتاز بها عن الآخرين، وهي تفرض نفسها بالضرورة لكن الظروف المحيطة تساعدها أو تمنعها من التشكل الصحيح، لا بل قد تشكل كيانا مؤذيا في داخلنا فيما لو أجبرتها الظروف على النمو في بيئة ضارة.
وتتابع “أذهب إلى الكتابة في أي وقت تسمح لي الظروف، بالقليل من الهدوء تنساب أفكاري وترتسم شخصياتي على الورق بانسيابية تغلفها سعادة غامرة لم أشعر بمثيل لها إلا مشاعر الأمومة الغامرة في أولى اللحظات التي ضممت فيها أطفالي للمرة الأولى”.
وعن الرواية تقول سليمان “تحتل القصص بأنواعها مكانا مهما في التاريخ الإنساني، لأن الحياة بمنظورها الأوسع هي قصة، كما أن لكل منا قصته، منذ نعومة أظفاري أعشق القصص أعشق ذلك العالم الذي ينسج فيه القاص الواقع بالخيال والأحلام بالأمنيات والأحزان بالمخاوف والأفراح بالآلام ليقدم للقارئ نسيجا مختلفا في كل مرة”.
وتوضح أن ديمومة الدور الذي تلعبه الرواية اجتماعيا وثقافيا لا تعني على الإطلاق ديمومة شكل هذا الدور وحجمه الذي يختلف بطبيعة الحال حسب عوامل كثيرة.
وترى سليمان أن الرواية حاليا تجتاز نفقا ضيقا نتيجة تغير ظروف الطباعة والقراءة وزيادة المساحة التي تحتلها الشاشات، قد تغير من شكلها في المستقبل لكن دورها سيحافظ على مكانة مرموقة مهما كانت الظروف، لأنها بكل بساطة تحتل مكانها في المورثات البشرية.
وتشير إلى أن التربية والتعليم هما صناعة الفكر الإنساني وتشذبانه خلال مراحل نموه، وبالتالي فإن علاقتهما مع إنتاجه علاقة وثيقة تساعد من جانب في فهم طبيعة وشروط الرسائل الموجهة له وتلك التي يستقبلها، كما تساعد في فهم العوامل المؤثرة في نموه والطرق المناسبة للتعامل معه.
وترى الأديبة سليمان أن النقد يلعب دورا مهما في التطوير في كل المجالات العملية والعلمية، لكن اقتصاره على المديح (وهو إحدى مشاكله) يعود إلى عدم وجود تنظيم في آلية النقد.
وتشدد على أن وجود منهجية في نقد النصوص تساعد النقد على التطور، وتحقق مصداقية عالية لمحتواه ذلك أن النقد يتطلب ثقافة خاصة من المرسل والمستقبل على حد سواء، فضعف ثقافة المتلقي تفرز أحيانا ضعفا في الرسالة النقدية، موضحة أن انطلاقا من هذه الفكرة يمكن ترتيب الإنتاج الفكري في مستويات مختلفة يساعد النقد في هدفه الأسمى في رفع كل منتج إلى المستوى الأعلى، وهو ما يفرض منهجية دقيقة مترافقة بطبيعة الحال مع خطة للتطوير.
وتختم سليمان بدعوة جميع المثقفين إلى المحافظة على توظيف الثقافة بكل الأشكال الأدبية مهما كانت الظروف، ومهما كانت الصعوبات، وعدم الانسياق وراء موجات الإحباطات التي باتت تصل إلينا من كل أنحاء العالم بسهولة وهي أحد عيوب سهولة التواصل الإنساني العالمي.
يذكر أن الأكاديمية نوار سليمان مترجمة عن الفرنسية وتحمل إجازة فيها، وهي دكتورة في التربية وتحمل إجازة في العلوم الطبيعية ومدرسة في جامعة الأندلس ومشاركة ومستشارة تربوية في برامج إذاعية (إذاعة أمواج) والبث المحلي في طرطوس،
وبرامج مسجلة من 2012 حتى الآن، من مؤلفاتها رواية لليافعين “أيام
مهاجرة” عن اتحاد الكتاب العرب، و”أوراق قصصية” (البريق)، ولها مشاركات في بحوث مختلفة مع عدد من الباحثين.