"العقيبة".. حي أثري خارج السور
...............................................
حي "العقيبة" أحد أحياء مدينة "دمشق" القديمة، ويقع الى الشرق من سوق ساروجة..وتعود أصل تسمية "العقيبة" إلى أربعة قرون مضت، لأن الحي بني على ما يشبه العقبة- تلة صغيرة- تصل مساحتها إلى خمسة كيلومترات مربعة، هذه العقبة أو "التلة" تشكل حدود "حي العقيبة"
.
يعود تاريخه إلى أكثر من سبعمئة عام، ويحتوي الكثير من البيوت الأثرية والجوامع والجادات التي تعود لمئات السنين؛ كانت السبب في إدراجه ضمن مدينة "دمشق" القديمة رغم وقوعه خارج السور.
.
يعد الحي من أقدم أحياء "دمشق"، حيث يصنف في المرتبة الثانية بعد حي "العمارة"، وقد أطلق عليه اسم "اسطنبول الصغرى"؛ لكثرة البيوت الأثرية ذات البحرات الكبيرة المتواجدة في الحي..
.
يقع هذا الحي خارج سور "دمشق القديمة"، شمال "شارع الملك فيصل"، ويبدأ من "سوق الهال القديم" حتى "مدخل السيدة رقية"، عند هذا المدخل تبدأ الحدود الشرقية للحي التي تعرف "بجادة الأموي"، وهي من "سوق الحدادين" إلى "مقبرة الدحداح"، ويشكل "شارع بغداد" الواصل بين "مقبرة الدحداح" ومفرق "شارع الثورة" الحدود الشمالية للحي، حيث يمتد "شارع الثورة" الواصل بين "شارع بغداد" و"شارع الملك فيصل" غرب الحي
.
أول من سكن الحي كان من خارج المنطقة شخص يدعى "الإمام الازاعي"، وقد بنيت مكتبة في الحي سميت مكتبة "الإمام الإزاعي"، وهي ما زالت موجودة حتى يومنا هذا..
.
كما يضم الحي العديد من الأماكن التي أعيد ترميمها، ك:
▪︎فندق "صح النوم"،
▪︎و"القصر الشامي" الذي يعود تاريخهما إلى مئات السنين،
▪︎ كما يحوي الحي جامع "تحت المئذنة" وهو الجامع الوحيد الذي يحوي مئذنة دون جامع.
▪︎كما يوجد في "العقيبة" ستة عشر مسجداً، أكبرها "جامع التوبة"، الذي يعتبر من المساجد المعروفة على مستوى العالم
.
لا تملك "العقيبة" صروح أثرية قديمة مقارنة بآثار "دمشق القديمة"، لأنها لم تكن مأهولة قبل خمسة قرون، ولكنها تعبر عن الاتجاه العمراني الذي ساد "دمشق" بداية الحكم العثماني،
ولعل أقدم الابنية الموجودة هو "جامع الخرزمي" أو ما يعرف "بجرن الأسود" الذي يصل تاريخه إلى /650/ عاماً ماضية،
ومن المباني التاريخية الأخرى "بيت خالد بيك العظم" وهو اليوم "متحف دمشق التاريخي"، الذي يعود بناؤه إلى أربعة قرون.
.
كما تشكل الحمامات أو الخانات العنوان العمراني الأبرز في المرحلة العثمانية، فكان أي والي أو أمير عثماني يحكم "دمشق" أو يسكن فيها، يبني فيها "خان" أو حمام ويسميه باسمه تخليداً له، ويوجد في "العقيبة" ثلاث حمامات هي "حمام الخانجي"، "حمام الأمونة" و"حمام العمري"، الذي يعود بتسميته إلى "الشيخ عبد الله العمري" العثماني.
.
يحوي الحي العديد من الجادات والحارات، أهمها:
▪︎حارة "السمان"، ويعود سبب التسمية لكون معظم قاطني الحي يعملون بتجارة السمن العربي
▪︎ حارة "الدقر"، وهو الحجر الذي كان يوضع لقطع الماء عن الحارة من أجل تنظيف القنوات.
.
حي العقيبة هو حي غارق في القدم يتوسط مدينة "دمشق"، سكنه الناس منذ مئات السنين، وتوالت عليه الكثير من العائلات، أهمها: "الحلبي، البرهاني، السمان، القحف، الحافظ، دبس وزيت"،
ويعد الحي منطقة سكنية بمعظمه، حيث تبلغ نسبة السكن 80%.
.
المحبة والتعاون هما الصفات السائدة لدى أهل "العقيبة"، فهم يتشاركون الأفراح والأحزان، وبيوت الحارة تفتح لكل محتاج من الأهالي، فمثلاً إن كان لدى أحد من الأهالي أي مناسبة ومنزله صغير لا يستوعب الزوار؛ يقوم أحد أهالي الحي الذين يمتلكون منزلاً كبيراً بالتبرع بمنزله لمساعدة جاره في إتمام مناسبته،
.
وتعد التجارة هي المهنة الأساسية لسكان الحي الذي يعد مقصداً للحصول على أغلب الحاجيات الأساسية، حيث يحتوي العديد من الأسواق، منها:
* سوق الحدادين * والنحاسين * والسمانة،
ويعود تاريخها إلى أكثر من مئة وخمسين عاماً..
.
ومن يقصد الحي يلفت نظره كثرة البيوت العربية القديمة، أهمها منزل "خالد بيك العضم"، و"دار بسمة"، ومنزل "النقشبندي"، ومنزل "عبد الرحمن الباشا"، كما يضم جامع "التوبة".
.
يضم الحي ثلاث مدارس للمرحلة الابتدائية، أما الإعدادية فهي عبارة عن بيوت قديمة؛ لعدم وجود مدارس للمرحلة الإعدادية والثانوية،
وقد دخل التنظيم إلى الحي مؤخراً، حيث تم تقسيم الحي إلى قسمين؛ نصفه يمكن القول انتهى تنظيمه، والقسم الثاني الممتد من شارع "الملك فيصل" حتى آخر سوق الحدادين قيد الدراسة، إذ لم يتم تصنيفه بعد.
.
يتميز الحي بشبكة طرق تغلب عليها الأزقة والجادات نظراً لطبيعته ولكونه يحوي العديد من المناطق الأثرية، ومن أهم الجادات:
"الداقور، الأعاجم، النوفرة».
.
عُمرت المنطقة في عصر السلاجقة وصارت تعرف بالعقبة الصغرى أو “العقبة العتيقة،” والعقبة بالعربية” : الطريق في أعلى الجبل او الهضبة العالية ثم خفف الاسم على ألسنة الناس إلى “العُقيبة” بصيغة التصغير
.
وذكر ابن عساكر : “سمّيت بذلك لوقوعها على المنحدر الذي يحدّ وادي النهر من ناحية الشمال.”
.
أما في العصر العثماني فقد سكن المنطقة بعض الأعيان وشيدوا بها قصوراً فخمة، بعضها لا يزال قائماً إلى اليوم.
.
العقيبة حي دمشقي أصيل تبلغ مساحته 10000م2، وعدد سكانه نحو عشرين ألف نسمة، يحده:
▪︎ من الشرق جادة "الأموي" وتربة "الدحداح"،
▪︎ومن الغرب شارع "الثورة"،
▪︎ومن الجنوب شارع "الملك فيصل"،
▪︎ومن الشمال شارع "بغداد"..
.
يمر به أحد فروع نهر "بردى" الذي يطلق عليه اسم "الزرابية"، والذي يفصل "العقيبة" عن حي "العمارة الجوانية"، كما يعد الحي مقصداً للسياح الذين يزورون "دمشق"، ومعلماً من معالم الأثرية فيها.