"حمام منبج الكبير"؛ جماليات فن العمارة نتاج التنوع الثقافي
.................................................. .....................................
بني الحمام في عام (1904)م كما تشير اللوحة الموجودة على بابه وهي مكتوبة باللغة التركية، وترجمتها تقول: "السلطان يبارك لأهل المدينة بهذا الحمام".
.
تشتهر مدينة منبج بالعديد من الأبنية والآثار التاريخية والتراثية التي تميزت بها عن غيرها من مناطق سوريا الأخرى، ما جعلها قبلة ومقصداً للباحثين عن عبق التاريخ القديم، بما تحمله من ذكريات تؤشر على عظمة إنجازات أهلها، وإمكاناتهم الفريدة في طريقة البناء والتصميم، ومنها الحمامات.
كانت مدينة منبج وريفها قبل عام 1860م، من ضمن إقطاعات السلطان العثماني ولكن فيما بعد شملها الاستصلاح من خلال موافقة السلطان على نزوح الشركس والتركمان إليها عام 1876م، ومن ثم جاءها العرب والكرد، فضلاً عن بناء العديد من الأبنية الحديثة، ومنها؛ (حمام منبج الكبير).
.
الموقع والقدم
~~~~~~~~~
يقع الحمام في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد الحميدي “المسجد الكبير”، وهو أقرب إلى المبنى السرايا من المسجد الكبير، بالقرب من الساحة العامة وبجوار فندق المدينة.
.
وسمي ب(الحمام الكبير) باعتبار أن هنالك حماماً صغيراً يقع خلف جامع "العلائي" يعمل بالماء البارد.
.
ويعد الحمام الكبير من المواقع الأثرية الحديثة، بحيث يمكن القول إنه من المعالم الحضارية الهامة في المدينة التي تدل على اهتمام سكان المنطقة بالنظافة.
.
وبحسب الحفريات في الموقع، فإن أثره قديم يسبق وجود العثمانيين, وأعيد بناؤه وترميمه، إذ اظهرت الحفريات ان في أطراف الحمام وعلى عمق ستة أمتار جدراناً قائمة مدفونة يرجح أنها كانت بمثابة الأساس التي يشيد عليها بناء الحمام الحالي,..
ولم يتم اكتشاف دليل قاطع يبين قدم الحمام, لكن في المقابل هناك علامات تشير إلى أن هذا المكان تم استخدامه منذ فترات زمنية متعددة, تعطي للحمام وللمنطقة التي تحيط به أهميتها التاريخية المرتبطة بقدم مدينة منبج، التي دائماً ما يتم اكتشاف معالمها الأثرية أثناء الحفريات,..
.
وصف الحمام
~~~~~~~~~~~
يبدو الحمام من الناحية الأثرية يشبه الطابع المعهود الذي تواجدت عليه الحمامات الأثرية في الحقبة العثمانية من حيث التصميم العام, والأقسام المتعارف عليها في الحمامات الجماعية. فالحمام مؤلف من عدد من القبب، أما مدخله، فيقع ضمن إيوان قوسه حدوة الفرس المدبب، وشكله الداخلي، يتألف من ثلاثة أقسام:
▪︎ البراني؛ وتتوسطه بركة ماء كبيرة مستطيلة الشكل تحيط بها المصاطب المرتفعة وهي مخصصة للمشالح، بينما تعلوه قبة فيها فتحة مثمنة مخصصة للإنارة.
▪︎ثم الوسطاني؛ وفيه إيوانات وأجران حجرية مخصصة للاستحمام، في أوسطه مصطبة كبيرة كانت توقد تحتها النار لتسخين الماء في حين هنالك دولاب هوائي يرفع الماء إلى الأعلى لينساب إلى الأجران الحجرية من صنبورين، أحدهما للماء الساخن والآخر للماء البارد،
▪︎ ثم يليه الجواني، وتحيط به إيوانات وخلوات فيها أجران حجرية، وتتوسط سقفه قبة، فيها فتحات دائرية مسدودة بالزجاج ليدخل النور من خلالها إلى الحمام ويضاء بواسطة الزجاج،
.
وفي نهاية الحمام حجرة صغيرة لها درج ينزل إليها الموقد ليشعل النار من تحت المصطبة التي في الوسط.
.
وكما هو معلوم، فكانت الغاية من وجود الحمام أن يكون مكاناً للنظافة يستحم فيه الرجال والنساء والصغار والكبار على حد سواء، وقد تحقق ذلك وظل يؤدي هذه الوظيفة إلى سنة 1980م تقريباً،
.
وطبعاً حمام منبج ليس بالحمام الضخم مقارنة بالحمامات الأخرى ذات الأهمية الكبيرة، وإنما هو حمام بني شكلاً وحجماً بما يتناسب مع المدينة والتعداد السكاني إبان تشييده.
.
طقوس الحمام
~~~~~~~~~~
يعتبر الحمام حديث العهد بالنسبة لتاريخ مدينة منبج, ويعتمد نظام عمله على نظام معين، حيث أن هناك أبواب لقسم الرجال ولقسم النساء، هذه الأقسام لا يمكن أن تفتح في نفس المكان لكي لا تنزعج النساء من ذلك. إذ أنه كان مقصداً لرجال المدينة ونسائها للاستحمام في وقت لم تكن البيوت تحوي الحمامات الخاصة. فكان في الصباح للنساء ومساء للرجال,
.
الجدير ذكره، أن الحمام كان مهملاً إلى فترة قريبة، وتم ترميمه قبل الأزمة السورية من خلال برنامج التعاون الإقليمي.، وقد عمدت البلدية بعد تحرير المدينة من الارهاب على تجهيز هذا الحمام الأثري في ضوء دراسة لإعادة ترميمه من جديد، كما كانت هناك دراسة لجعله متحفاً أثرياً للمدينة.
=====================
- صحيفة روناهي الالكترونية
- صفحة هيرابوليس