زياد دلول.. رسام اللامرئي الذي احتفى بالطبيعة
رسام تجريدي غير أن إخلاصه لقيم الرسم الجمالية دفعه إلى أن يقيم مختبره الجمالي قريبا من حافات الطبيعة.
هناك الكثير من الشعر في رسومه
كما لو أنه قادم من عصر الباروك. تذكرت الفرنسي بوسان ما أن رأيت منذ سنوات إحدى لوحاته التي تضمها مجموعة رمزي دلول ببيروت.
شيء عظيم من الترف والرقة والرفعة يحيط بالأشياء والوقائع التي يرسمها. يؤثث الفنان السوري زياد دلول لوحاته برؤاه القادمة من عالم علوي.
تضفي فرشاته على الواقع نوعا من سحر وخيال الأساطير. إنه يرسم الطبيعة ولا يرسمها في الوقت نفسه. ليست علاقته بالطبيعة حسية، بل هي نوع من الشغف الداخلي الذي يقفز على ما يُرى ليمسك بقوته الخفية. والمقصود هنا قوة خياله. وهي عينها قوة الرسم.
عالم اللامرئي
نزعته التجريدية دفعته إلى مواجهة الغموض الذي تنطوي عليه سعادة أن نكتشف اللذائذ الصغيرة التي تنطوي عليها العلاقة بالجمال باعتباره مفهوما مطلقا. يحتفي دلول بالجمال من جهة كونه سيرة وليس صفة.
تهبنا لوحاته فرصة لإعادة اكتشاف الطبيعة بل لرؤيتها كما لو أننا لم نرها من قبل. بمعنى أن الرسام لا يستعيد بل يخلق. يغمض عينيه على مشهد ليحلمه. وهنا بالضبط تكمن قوة الشعر التي تُعين دلول على استخراج لغته الصافية من معجم مستعمل.
هذا فنان يأسر مفرداته من الطبيعة ليهبها نوعا من الرفعة والنبل من خلال الارتقاء بها فوق معانيها المتاحة. إنه يتيح لتلك المفردات الانفتاح على فضاء خيالها، وهو فضاء مغمور بالنعومة ومسحور بتدفق هذياناته.
رسام يعلمنا كيف تنفتح الحرفة على خيالها فيبدو كل ما تصنعه كما لو أنه من صنع الملائكة. فرشاته لا تصف بقدر ما توحي. لقد أملى الرسم على الطبيعة شيئا من طبائعها من خلال لوحاته.
“اللامرئي هو العالم الحقيقي للفن” تلك مقولته التي يمكننا من خلالها تفسير تلك الخفة والشفافية وانعدام الوزن الذي تكتسبه الأشياء الصلبة ما أن يلتقطها لتكون جزءا من عالمه. إنه رسام المرئيات التي يُحتفى بها، لكن من وراء حُجب.
عاطفة الغريب
ولد زياد دلول في مدينة السويداء، جنوب سوريا عام 1953. درس الحفر الطباعي في كلية الفنون الجميلة بدمشق وتخرج منها عام 1976 وهو العام نفسه الذي أقام فيه معرضه الشخصي الأول. سافر بعدها إلى الجزائر. عام 1984 انتقل إلى باريس ليكمل دراساته العليا في المدرسة الوطنية للفنون. ومن يومها وهو يقيم ويعمل هناك.
سلوك الحفار أملى عليه عاطفة شدته إلى جوانب حرفية غالبا ما لا يقترب منها رسامو اللوحات ومنها صناعة الدفاتر. ولكن دفاتر دلول لم تكن محاولات مصغرة بل كانت بمثابة انفتاح على عالم، شده منذ بداياته إلى غموضه وهو عالم الشعر. لقد تعاون دلول والشاعر أدونيس من أجل إنتاج العديد من الكتب الشعرية التي وهبها الرسم الكثير من قدرته على اختراق المرئيات. من تلك الكتب “مسيرة الرغبة في جغرافيا المدن” عام 1989 و”كتاب المدن” عام 1999.
عام 1994 حصل على الميدالية الذهبية في ترينالي الحفر الطباعي بالقاهرة. يقيم دلول معارضه الشخصية في مدن عالمية مختلفة وفي عام 2004 كان واحدا من مئة فنان عالمي عرضوا أعمالهم بمتحف سول، عاصمة كوريا الجنوبية في معرض من أجل السلام.
ما يختفي من العالم
“التجريد ليس رسما هندسيا، بل هو مفهوم يحوّل المرئي إلى لامرئي. واللوحة بهذا المعنى هي عالم مواز لعالمنا المعيش” مقولته التي بإمكانها أن تختزل الأسئلة التي حاول أن يفكك عناصرها ليكون على تماس مع ما يعتبره لغزا. الوجود باعتباره صلة وصل بين ما يُرى وما لا يُرى.
لقد خاض دلول تجربة الانتقال بين حياتين، عبر عنها من خلال مقارنته بين الضوء الباريسي والضوء الدمشقي وهو ما وهبه القدرة على أن يتماهى مع المكان لا من جهة كونه مأوى بل باعتباره مصدر إلهام.
علاقة هذا الرسام بالمكان تدخل في إطار كيمياء اللغة. فهو لا يستعيد بالرغم من أنه يتذكر. لا يخطفه الحنين إلى أماكن عاش فيها في أوقات سابقة من صلته العميقة بالمكان الذي هو فيه. فهو يقيم مختبره اللغوي بناء على تجربته المعيشة، وهي تجربة لا يغلب عليها شعور بالخذلان بسبب ما يخالطها من رغبة في استعادة فردوس مفقود. فردوس دلول الحقيقي يكمن في ما تنفتح عليه لغته من عوالم تجريدية، تجمع ما هو متذكر وما هو متخيل. وهو من خلال المثيرات الحسية إنما يبحث عمّا يجعله مقيما عند حافات المادة.
هناك علاقة مختبرية يعرفها الحفار أكثر من سواه من الرسامين هي التي تجعل العالم ممكنا بالنسبة إلى دلول لكن في حدود ما يختفي منه. تلك هي حصته الشخصية من إرثه الجمالي.
الكثير من الشعر
لا يستغني زياد دلول عن الطبيعة الصامتة. إنه يعود إليها بين حين وآخر. وهو ما فعله الرسامون الكبار ممن قبله. محاولة تنطوي على الاعتراف بأن ما لم يُكتشف من أسرار الطبيعة الجمالية لا يزال كثيرا.
◙ في رسومه ما يثير البصر
يسعى الرسام إلى إغناء حياته الداخلية من خلال النظر بطريقة شخصية إلى الطبيعة. ربما تكمن تلك المحاولة على شيء من استفزاز الأدوات. الرسام هنا يستفز أدواته المعاصرة في محاولة منه لقياس المسافة التي تفصله عن الرسام التقليدي. ولأن دلول ينظر باحترام كبير إلى الحرفة فإنه لا يرى في محاولته تلك خروجا عمّا يمكن أن ينفعه رساما تجريديا.
لقد صنع هذا الرسام عالما احتفاليا قوامه المادة بصورها المتعددة. وهو عالم لم تتسلل إليه المرويات السردية لا لشيء إلا لأن الشعر كان هدفه. الشيء الكثير من الشعر يمكن العثور عليه في رسوم دلول. فهي رسوم صافية لا ترنو إلى الوصف ولا ترغب في أن تعيد متلقّيها إلى أصولها. إنها تنفرد بما تقوله وبما تحدثه من تأثير عاصف.
عاش متأملا
يوما ما ستعتبر رسوم زياد دلول من كلاسيكيات التأمل في عصرنا. لقد رسم هذا الرسام من أجل أن يحيي خصلة التأمل في كيانه الذي امتزج بما لم يكن متاحا مما يُرى من الطبيعة. وهو ما جعله مقيما وإلى الأبد في مواقع حساسة تشير إلى إنسانيته. ذلك المفهوم الذي لا يمكن عزله عن ينابيعه الفلسفية التي تقيم في الطبيعة.
زياد دلول هو اليوم رسام تجريدي. هو كان دائما كذلك. غير أن إخلاصه لقيم الرسم الجمالية دفعه إلى أن يقيم مختبره الجمالي قريبا من حافات الطبيعة. إنه يقتات على خلاصاتها. فهو يحوّل عناصرها الجاهزة إلى مواد قابلة للتأمل في أيّ لحظة رسم. بالنسبة إليه ليست هناك طبيعة جاهزة لتُرسم. إنه يهبنا صورة للطبيعة، هي في حقيقتها مزيج مما رآه ومما انتهى إليه عبر عملية معقدة من التأمل. دلول رسام تأملي.
في رسومه ما يثير البصر. شهوة تفسير المادة باعتبارها علامة تؤكد الطبيعة من خلالها حضورها ولكن الأمر ليس كذلك دائما. عليك وأنت ترى تلك الرسوم أن تكون مستعدا لمغامرة التعرف على حياة داخلية. سؤال مزدوج من نوع “ما الذي تفعله الطبيعة بنا وما الذي نفعله بالطبيعة؟” يظل حاضرا باستمرار.
تحتاج رسوم زياد دلول إلى قدر لافت من التأمل لكي يشعر المرء من خلاله بتلك العلاقة الخفية التي تجمع الرسم بالطبيعة باعتبارهما حقيقتا وجود.
◙ مغامرة التعرف على حياة داخلية◙ لوحاته تهبنا فرصة لإعادة اكتشاف الطبيعة◙ فنان قادم من عالم علوي
انشرWhatsAppTwitterFacebook
فاروق يوسف
كاتب عراقي
رسام تجريدي غير أن إخلاصه لقيم الرسم الجمالية دفعه إلى أن يقيم مختبره الجمالي قريبا من حافات الطبيعة.
هناك الكثير من الشعر في رسومه
كما لو أنه قادم من عصر الباروك. تذكرت الفرنسي بوسان ما أن رأيت منذ سنوات إحدى لوحاته التي تضمها مجموعة رمزي دلول ببيروت.
شيء عظيم من الترف والرقة والرفعة يحيط بالأشياء والوقائع التي يرسمها. يؤثث الفنان السوري زياد دلول لوحاته برؤاه القادمة من عالم علوي.
تضفي فرشاته على الواقع نوعا من سحر وخيال الأساطير. إنه يرسم الطبيعة ولا يرسمها في الوقت نفسه. ليست علاقته بالطبيعة حسية، بل هي نوع من الشغف الداخلي الذي يقفز على ما يُرى ليمسك بقوته الخفية. والمقصود هنا قوة خياله. وهي عينها قوة الرسم.
عالم اللامرئي
نزعته التجريدية دفعته إلى مواجهة الغموض الذي تنطوي عليه سعادة أن نكتشف اللذائذ الصغيرة التي تنطوي عليها العلاقة بالجمال باعتباره مفهوما مطلقا. يحتفي دلول بالجمال من جهة كونه سيرة وليس صفة.
تهبنا لوحاته فرصة لإعادة اكتشاف الطبيعة بل لرؤيتها كما لو أننا لم نرها من قبل. بمعنى أن الرسام لا يستعيد بل يخلق. يغمض عينيه على مشهد ليحلمه. وهنا بالضبط تكمن قوة الشعر التي تُعين دلول على استخراج لغته الصافية من معجم مستعمل.
هذا فنان يأسر مفرداته من الطبيعة ليهبها نوعا من الرفعة والنبل من خلال الارتقاء بها فوق معانيها المتاحة. إنه يتيح لتلك المفردات الانفتاح على فضاء خيالها، وهو فضاء مغمور بالنعومة ومسحور بتدفق هذياناته.
رسام يعلمنا كيف تنفتح الحرفة على خيالها فيبدو كل ما تصنعه كما لو أنه من صنع الملائكة. فرشاته لا تصف بقدر ما توحي. لقد أملى الرسم على الطبيعة شيئا من طبائعها من خلال لوحاته.
“اللامرئي هو العالم الحقيقي للفن” تلك مقولته التي يمكننا من خلالها تفسير تلك الخفة والشفافية وانعدام الوزن الذي تكتسبه الأشياء الصلبة ما أن يلتقطها لتكون جزءا من عالمه. إنه رسام المرئيات التي يُحتفى بها، لكن من وراء حُجب.
عاطفة الغريب
ولد زياد دلول في مدينة السويداء، جنوب سوريا عام 1953. درس الحفر الطباعي في كلية الفنون الجميلة بدمشق وتخرج منها عام 1976 وهو العام نفسه الذي أقام فيه معرضه الشخصي الأول. سافر بعدها إلى الجزائر. عام 1984 انتقل إلى باريس ليكمل دراساته العليا في المدرسة الوطنية للفنون. ومن يومها وهو يقيم ويعمل هناك.
سلوك الحفار أملى عليه عاطفة شدته إلى جوانب حرفية غالبا ما لا يقترب منها رسامو اللوحات ومنها صناعة الدفاتر. ولكن دفاتر دلول لم تكن محاولات مصغرة بل كانت بمثابة انفتاح على عالم، شده منذ بداياته إلى غموضه وهو عالم الشعر. لقد تعاون دلول والشاعر أدونيس من أجل إنتاج العديد من الكتب الشعرية التي وهبها الرسم الكثير من قدرته على اختراق المرئيات. من تلك الكتب “مسيرة الرغبة في جغرافيا المدن” عام 1989 و”كتاب المدن” عام 1999.
عام 1994 حصل على الميدالية الذهبية في ترينالي الحفر الطباعي بالقاهرة. يقيم دلول معارضه الشخصية في مدن عالمية مختلفة وفي عام 2004 كان واحدا من مئة فنان عالمي عرضوا أعمالهم بمتحف سول، عاصمة كوريا الجنوبية في معرض من أجل السلام.
ما يختفي من العالم
“التجريد ليس رسما هندسيا، بل هو مفهوم يحوّل المرئي إلى لامرئي. واللوحة بهذا المعنى هي عالم مواز لعالمنا المعيش” مقولته التي بإمكانها أن تختزل الأسئلة التي حاول أن يفكك عناصرها ليكون على تماس مع ما يعتبره لغزا. الوجود باعتباره صلة وصل بين ما يُرى وما لا يُرى.
لقد خاض دلول تجربة الانتقال بين حياتين، عبر عنها من خلال مقارنته بين الضوء الباريسي والضوء الدمشقي وهو ما وهبه القدرة على أن يتماهى مع المكان لا من جهة كونه مأوى بل باعتباره مصدر إلهام.
علاقة هذا الرسام بالمكان تدخل في إطار كيمياء اللغة. فهو لا يستعيد بالرغم من أنه يتذكر. لا يخطفه الحنين إلى أماكن عاش فيها في أوقات سابقة من صلته العميقة بالمكان الذي هو فيه. فهو يقيم مختبره اللغوي بناء على تجربته المعيشة، وهي تجربة لا يغلب عليها شعور بالخذلان بسبب ما يخالطها من رغبة في استعادة فردوس مفقود. فردوس دلول الحقيقي يكمن في ما تنفتح عليه لغته من عوالم تجريدية، تجمع ما هو متذكر وما هو متخيل. وهو من خلال المثيرات الحسية إنما يبحث عمّا يجعله مقيما عند حافات المادة.
هناك علاقة مختبرية يعرفها الحفار أكثر من سواه من الرسامين هي التي تجعل العالم ممكنا بالنسبة إلى دلول لكن في حدود ما يختفي منه. تلك هي حصته الشخصية من إرثه الجمالي.
الكثير من الشعر
لا يستغني زياد دلول عن الطبيعة الصامتة. إنه يعود إليها بين حين وآخر. وهو ما فعله الرسامون الكبار ممن قبله. محاولة تنطوي على الاعتراف بأن ما لم يُكتشف من أسرار الطبيعة الجمالية لا يزال كثيرا.
◙ في رسومه ما يثير البصر
يسعى الرسام إلى إغناء حياته الداخلية من خلال النظر بطريقة شخصية إلى الطبيعة. ربما تكمن تلك المحاولة على شيء من استفزاز الأدوات. الرسام هنا يستفز أدواته المعاصرة في محاولة منه لقياس المسافة التي تفصله عن الرسام التقليدي. ولأن دلول ينظر باحترام كبير إلى الحرفة فإنه لا يرى في محاولته تلك خروجا عمّا يمكن أن ينفعه رساما تجريديا.
لقد صنع هذا الرسام عالما احتفاليا قوامه المادة بصورها المتعددة. وهو عالم لم تتسلل إليه المرويات السردية لا لشيء إلا لأن الشعر كان هدفه. الشيء الكثير من الشعر يمكن العثور عليه في رسوم دلول. فهي رسوم صافية لا ترنو إلى الوصف ولا ترغب في أن تعيد متلقّيها إلى أصولها. إنها تنفرد بما تقوله وبما تحدثه من تأثير عاصف.
عاش متأملا
يوما ما ستعتبر رسوم زياد دلول من كلاسيكيات التأمل في عصرنا. لقد رسم هذا الرسام من أجل أن يحيي خصلة التأمل في كيانه الذي امتزج بما لم يكن متاحا مما يُرى من الطبيعة. وهو ما جعله مقيما وإلى الأبد في مواقع حساسة تشير إلى إنسانيته. ذلك المفهوم الذي لا يمكن عزله عن ينابيعه الفلسفية التي تقيم في الطبيعة.
زياد دلول هو اليوم رسام تجريدي. هو كان دائما كذلك. غير أن إخلاصه لقيم الرسم الجمالية دفعه إلى أن يقيم مختبره الجمالي قريبا من حافات الطبيعة. إنه يقتات على خلاصاتها. فهو يحوّل عناصرها الجاهزة إلى مواد قابلة للتأمل في أيّ لحظة رسم. بالنسبة إليه ليست هناك طبيعة جاهزة لتُرسم. إنه يهبنا صورة للطبيعة، هي في حقيقتها مزيج مما رآه ومما انتهى إليه عبر عملية معقدة من التأمل. دلول رسام تأملي.
في رسومه ما يثير البصر. شهوة تفسير المادة باعتبارها علامة تؤكد الطبيعة من خلالها حضورها ولكن الأمر ليس كذلك دائما. عليك وأنت ترى تلك الرسوم أن تكون مستعدا لمغامرة التعرف على حياة داخلية. سؤال مزدوج من نوع “ما الذي تفعله الطبيعة بنا وما الذي نفعله بالطبيعة؟” يظل حاضرا باستمرار.
تحتاج رسوم زياد دلول إلى قدر لافت من التأمل لكي يشعر المرء من خلاله بتلك العلاقة الخفية التي تجمع الرسم بالطبيعة باعتبارهما حقيقتا وجود.
◙ مغامرة التعرف على حياة داخلية◙ لوحاته تهبنا فرصة لإعادة اكتشاف الطبيعة◙ فنان قادم من عالم علوي
انشرWhatsAppTwitterFacebook
فاروق يوسف
كاتب عراقي