روايات «يوسف السباعي» بين الواقع وشاشة السينما
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
ارتبط تطور الأدب بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للدول، تلك التغيرات التي تصنع التاريخ، وفي الوقت نفسه تحدد معالم الأدب في كل عصر، وكانت الرواية هي الجنس الأدبي السائد في النصف الثاني من القرن العشرين، ورغم بدايتها التي كانت تحصرها في التسلية والترفيه، فقد تعددت أدوارها بعد ذلك، واكتسبت هذه الأدوار أهمية مع ظهور السينما، فالفيلم حكاية تروى بالصور، والرواية حكاية تروى بالكلمة المكتوبة، ورغم الاختلاف بين التعبير بالقلم، والتعبير بآلة التصوير، يظل هناك تقارب بينهما.
تعتبر السينما أكثر فن تأثر وأثر في الرواية، واستلهمت السينما في بدايتها الصامتة في مصر، رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل، التي تعتبر أول رواية عربية بالمعنى الحديث، فالرواية والفيلم يعتبران شكلين لنوع واحد من أنواع الفنون وهو السرد، كل بطريقته، سواء عن طريق اللغة المكتوبة أو عن طريق الصور المرئية، إلا أن كليهما سرد لمجموعة من الأحداث والمشاعر والانفعالات، فالفيلم ليس إلا استمراراً لفن السرد.
يرى د. إسلام جعفر في كتابه «روايات يوسف السباعي بين الواقع والشاشة» أن السباعي أثّر بصورة كبيرة في الأدب المصري، سواء برواياته أو بمجهوده من خلال ما تقلده من مناصب حكومية مختلفة، كذلك أثر في السينمات التي أنتجت له 15 فيلماً مأخوذة عن رواياته، ومنها روايات تحولت إلى فيلم مرتين (أرض النفاق - بين الأطلال)، ويمكن القول إن يوسف السباعي كتب اسمه 34 مرة على شاشة السينما، وجاءت ستة أفلام من أعماله ضمن أهم مئة فيلم في تاريخ السينما.
هناك العديد من المؤثرات في حياة السباعي، شكلت الخط العام لرواياته، منها: النشأة، في طبقة اجتماعية متوسطة، واشتغال والده بالأدب، وتأثير الحياة العسكرية بقيمها، والمناخ السياسي السائد، والمنافسة مع جيله من الأدباء، وتأثرهم ببعضهم، غير أن أهمية السباعي تكمن في أن رواياته تعبّر بقوة عن أن الكاتب بمنزلة بوتقة، تنصهر فيها الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والأيديولوجية.
يستشهد الكاتب بما قاله الكتاب والنقاد عن السباعي، فطه حسين مثلاً قال: «إن أسلوب القصة عند السباعي فيه الفكاهة الحلوة، التي تصور خفة روح الكاتب، حين يصف الدعابة والعربدة، وفيه الدعابة المرحة، التي تصور وداعة الأطفال»، وتعتبر روايات السباعي مرحلة الانتقال بين الرواية الاجتماعية والرواية الواقعية.
وقال ثروت أباظة: «إن السباعي استطاع أن يجمع بين القدرة الخلاقة على إنشاء فكرة، والقدرة الجبارة على تنفيذها»، في حين أن غالي شكري قال إن «اللغة في أدب السباعي لها أكثر من شأن؛ إذ إنها من عناصر الجذب، التي تفسر لنا وجهاً من وجوه الرواج، الذي تناله مؤلفاته بين الشباب، بخاصة، فهي لغة تهمس ولا تصرخ، تأسر ولا تأخذ بالخناق، تمنحك إحساساً مغرياً بأنك قارئ ممتاز، بالتهامك للصفحات».
كان هناك نقاد رافضون للسباعي، فقد أثارت أعماله العراك النقدي، مثل المعركة بين محمد مندور كرافض، وعبد الرحمن الشرقاوي كمؤيد، كما تجاهله عدد آخر من النقاد خوفاً من منصبه، مثل رجاء النقاش الذي اهتم بأعمال نجيب محفوظ، ما أثار غيرة السباعي.
واعتبر فتحي غانم في مقال كتبه في روز اليوسف عام 1958 أن «ما يكتبه السباعي تهريج»، وأنه يستغل منصبه في فرض إنتاجه الأدبي على الجمهور، وظهر جيل الستينيات الذي كان ينظر إلى الماضي بغضب، ولا يثق بالحاضر، ولا يبدو له أفق في المستقبل، وبالتالي كان عليه أن يكتب أدباً، يعبّر عن هذا كله، وحين أغلق الرئيس السادات مجلتي «الطليعة» و«الكاتب»، وعمل على خلق واجهة بديلة، لعب السباعي دوراً كبيراً في هذا الاتجاه.
كان السباعي– كما يرى المؤلف– من أوائل الأدباء، الذين تنبّهت السينما إلى أن رواياتهم تصلح كأفلام، ومن خلال المناصب التي تولاها اعتُبِر أحد المسؤولين عن السينما في مصر، وقد امتنع السينمائيون في تلك الفترة عن تناول الأوضاع الراهنة، تجنباً للصدام مع السلطة، ولعبت الرقابة دوراً كبيراً، إلى الحد الذي استلزم تدخل رئيس الدولة، لمشاهدة بعض الأفلام وإجازة عدد منها.
احتل السباعي المركز الثالث، بعد إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ، بين الكتاب الذين تحولت رواياتهم إلى أفلام، واستثمرت السينما نجاح رواياته لدى الجمهور، واكتسبت من خلال أفلامه شعبية أيضاً لدى النخبة القارئة، ودراسة مؤلف هذا الكتاب لمضامين روايات السباعي وانعكاساتها السينمائية، هي محاولة لتشريح المجتمع في تلك الفترة، من خلال الأدب والسينما أو العكس، فالأدب والسينما مرآة المجتمع.
http://cinematographwebsite.com/
#فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
ارتبط تطور الأدب بالتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للدول، تلك التغيرات التي تصنع التاريخ، وفي الوقت نفسه تحدد معالم الأدب في كل عصر، وكانت الرواية هي الجنس الأدبي السائد في النصف الثاني من القرن العشرين، ورغم بدايتها التي كانت تحصرها في التسلية والترفيه، فقد تعددت أدوارها بعد ذلك، واكتسبت هذه الأدوار أهمية مع ظهور السينما، فالفيلم حكاية تروى بالصور، والرواية حكاية تروى بالكلمة المكتوبة، ورغم الاختلاف بين التعبير بالقلم، والتعبير بآلة التصوير، يظل هناك تقارب بينهما.
تعتبر السينما أكثر فن تأثر وأثر في الرواية، واستلهمت السينما في بدايتها الصامتة في مصر، رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل، التي تعتبر أول رواية عربية بالمعنى الحديث، فالرواية والفيلم يعتبران شكلين لنوع واحد من أنواع الفنون وهو السرد، كل بطريقته، سواء عن طريق اللغة المكتوبة أو عن طريق الصور المرئية، إلا أن كليهما سرد لمجموعة من الأحداث والمشاعر والانفعالات، فالفيلم ليس إلا استمراراً لفن السرد.
يرى د. إسلام جعفر في كتابه «روايات يوسف السباعي بين الواقع والشاشة» أن السباعي أثّر بصورة كبيرة في الأدب المصري، سواء برواياته أو بمجهوده من خلال ما تقلده من مناصب حكومية مختلفة، كذلك أثر في السينمات التي أنتجت له 15 فيلماً مأخوذة عن رواياته، ومنها روايات تحولت إلى فيلم مرتين (أرض النفاق - بين الأطلال)، ويمكن القول إن يوسف السباعي كتب اسمه 34 مرة على شاشة السينما، وجاءت ستة أفلام من أعماله ضمن أهم مئة فيلم في تاريخ السينما.
هناك العديد من المؤثرات في حياة السباعي، شكلت الخط العام لرواياته، منها: النشأة، في طبقة اجتماعية متوسطة، واشتغال والده بالأدب، وتأثير الحياة العسكرية بقيمها، والمناخ السياسي السائد، والمنافسة مع جيله من الأدباء، وتأثرهم ببعضهم، غير أن أهمية السباعي تكمن في أن رواياته تعبّر بقوة عن أن الكاتب بمنزلة بوتقة، تنصهر فيها الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والأيديولوجية.
يستشهد الكاتب بما قاله الكتاب والنقاد عن السباعي، فطه حسين مثلاً قال: «إن أسلوب القصة عند السباعي فيه الفكاهة الحلوة، التي تصور خفة روح الكاتب، حين يصف الدعابة والعربدة، وفيه الدعابة المرحة، التي تصور وداعة الأطفال»، وتعتبر روايات السباعي مرحلة الانتقال بين الرواية الاجتماعية والرواية الواقعية.
وقال ثروت أباظة: «إن السباعي استطاع أن يجمع بين القدرة الخلاقة على إنشاء فكرة، والقدرة الجبارة على تنفيذها»، في حين أن غالي شكري قال إن «اللغة في أدب السباعي لها أكثر من شأن؛ إذ إنها من عناصر الجذب، التي تفسر لنا وجهاً من وجوه الرواج، الذي تناله مؤلفاته بين الشباب، بخاصة، فهي لغة تهمس ولا تصرخ، تأسر ولا تأخذ بالخناق، تمنحك إحساساً مغرياً بأنك قارئ ممتاز، بالتهامك للصفحات».
كان هناك نقاد رافضون للسباعي، فقد أثارت أعماله العراك النقدي، مثل المعركة بين محمد مندور كرافض، وعبد الرحمن الشرقاوي كمؤيد، كما تجاهله عدد آخر من النقاد خوفاً من منصبه، مثل رجاء النقاش الذي اهتم بأعمال نجيب محفوظ، ما أثار غيرة السباعي.
واعتبر فتحي غانم في مقال كتبه في روز اليوسف عام 1958 أن «ما يكتبه السباعي تهريج»، وأنه يستغل منصبه في فرض إنتاجه الأدبي على الجمهور، وظهر جيل الستينيات الذي كان ينظر إلى الماضي بغضب، ولا يثق بالحاضر، ولا يبدو له أفق في المستقبل، وبالتالي كان عليه أن يكتب أدباً، يعبّر عن هذا كله، وحين أغلق الرئيس السادات مجلتي «الطليعة» و«الكاتب»، وعمل على خلق واجهة بديلة، لعب السباعي دوراً كبيراً في هذا الاتجاه.
كان السباعي– كما يرى المؤلف– من أوائل الأدباء، الذين تنبّهت السينما إلى أن رواياتهم تصلح كأفلام، ومن خلال المناصب التي تولاها اعتُبِر أحد المسؤولين عن السينما في مصر، وقد امتنع السينمائيون في تلك الفترة عن تناول الأوضاع الراهنة، تجنباً للصدام مع السلطة، ولعبت الرقابة دوراً كبيراً، إلى الحد الذي استلزم تدخل رئيس الدولة، لمشاهدة بعض الأفلام وإجازة عدد منها.
احتل السباعي المركز الثالث، بعد إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ، بين الكتاب الذين تحولت رواياتهم إلى أفلام، واستثمرت السينما نجاح رواياته لدى الجمهور، واكتسبت من خلال أفلامه شعبية أيضاً لدى النخبة القارئة، ودراسة مؤلف هذا الكتاب لمضامين روايات السباعي وانعكاساتها السينمائية، هي محاولة لتشريح المجتمع في تلك الفترة، من خلال الأدب والسينما أو العكس، فالأدب والسينما مرآة المجتمع.
http://cinematographwebsite.com/
#فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك