◆ مع اقتراب موعد مهرجان «كان»
أفلام الحوارات والقضايا الصعبة تفوز غالباً
في الدقيقة الخامسة من فيلم Gold Diggers of 1935 (لبزبي بيركلي، 1935) يُلقي صاحب فندق من خمسة نجوم كلمة مختصرة عن واجبات العاملين والموظّفين المختلفين حيال النزلاء تتضمن أن لا ينسى الموظف أن يكون صادق النبرة حين يقول «نعم، سير» أو «نعم، مدام» وأن لا يقول لزبون «لا» مطلقاً.
الجمهور الذي يستمع إليه من أعراق مختلفة (سود وبيض وسواهم) ويتطرّق في النهاية إلى موضوع «البخشيش» الذي هو أهم لهم من عدم حصول بعضهم على راتب، «لأنه أعلى من الراتب التي ستتقاضونه مني»، كما يقول ضاحكاً.
في الدقيقة الخامسة والعشرين (أو نحوها) في فيلم «مثلث الحزن» (Triangle of Sadness لروبن أوستلند، هناك المشهد ذاته إنما فوق يخت مرفّه (خمسة نجوم) حيث تلقي المسؤولة عن الخدمات على العاملين، من أعراق مختلفة أيضاً، حواراً مشابهاً يتضمن أن يقول الخدم وموظفي المطعم بنبرة صادقة «نعم سير» و«نعم مدام» وأن لا يقول أحدهم لا لزبون.
يختلف كل فيلم عن الآخر بناحيتين: «منقبو الذهب، 1935» فيلم ميوزيكال و«مثلث الحزن» دراما ساخرة. الأول لم يدخل مهرجاناً ولم يفز بجائزة. الثاني دخل مهرجان «كان» وخرج بجائزة السعفة الذهبية سنة 2022.
صورة وحوار
لم تكن هذه المقارنة مهمّة لدى لجنة التحكيم (ترأسها الممثل الفرنسي ڤنسنت ليندون الذي كان فاز بسعفة أفضل ممثل عن دوره في Titane في العام السابق، 2021 (على إفتراض بعيد بأنهم كانوا على علم بهذا التشابه) بل حقيقة أن الفيلم عاين بصورة ساخرة موضوعاً إجتماعياً بأسلوب يلتقط التفاصيل ليعرضها بضعف حجمها العادي.
فيلم قضية إجتماعية في إطار التعرّض لحياة الأثرياء المجتمعين فوق مركب (عوض فندق) والضرب الخفيف بمطرقة فوق الرؤوس لاستخراج مناسبات السخرية المنشودة حول أثرياء اليوم وسقطاتهم.
باستعادة التاريخ الحديث لجوائز المهرجان، مع اقتراب حثيث لموعد دورته هذا العام (من السادس عشر حتى السابع والعشرين) نجد أن الأفلام التي فازت بالسعف الذهبية من 2014 إلى 2023 كانت تحمل قضايا. أو يمكن القول بأنها «أفلام قضايا» وبعضها اتّكل بشدّة على الحوارات خلال ذلك.
هذا هو المعاكس تماماً للعقد الأخير من القرن الماضي وبعض العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين. لو أخذنا الأفلام التي فازت بالسعف الذهبية ما بين 1991 إلى العام 1999 سنجد أن فيلماً واحداً من أفلام القضايا الإجتماعية فاز بالسعفة وهو «روزيتا» للأخوين جان-بيير ولوك داردين سنة 1999. أما باقي الأفلام الفائزة فكانت من تلك التي تتضمن القضية التي تثيرها في انصهار كامل ضمن المعالجة الروائية ذات الأساليب الجمالية.
الحوار تفعيل ضروري إذا زاد عن حدّه بات على نقيض من الصورة ومن الضرورة الحتمية لتفعيل الأخيرة لأنها هي السينما والحوار، بالمقارنة، هو المسرح والراديو.
سينما الأمس والأمس القريب كانت ما زالت أكثر اهتماماً بتفضيل الصورة على الحوار، وكانت كذلك أكثر اعتماداً على بلورة الأسلوب الذي من أجله يستطيع الفيلم إيصال ما يريد إيصاله عوض أن يلقيه أمام المشاهدين على نحو مباشر.
نجد هذا ماثلاً في «متوحش في القلب» لديفيد لينش (1990) و«بارتون فينك» للأخوين كووَن (1991) و«أفضل النوايا» لبِل أوغست (1992) و«وداعاً عشيقتي» لغايكي تشن (1993) و«بالب فيكشن» لكونتن تارنتينو (1994) و«أندرغراوند» لأمير كوستارتزا (1995) و«أسرار وأكاذيب» لمايك لي (1996) و«طعم الكرز» لعباس كياروستمي (1997) و«الأبدية ويوم» لثيو أنجيلوبولوس (1998).
أفلام الحوارات والقضايا الصعبة تفوز غالباً
في الدقيقة الخامسة من فيلم Gold Diggers of 1935 (لبزبي بيركلي، 1935) يُلقي صاحب فندق من خمسة نجوم كلمة مختصرة عن واجبات العاملين والموظّفين المختلفين حيال النزلاء تتضمن أن لا ينسى الموظف أن يكون صادق النبرة حين يقول «نعم، سير» أو «نعم، مدام» وأن لا يقول لزبون «لا» مطلقاً.
الجمهور الذي يستمع إليه من أعراق مختلفة (سود وبيض وسواهم) ويتطرّق في النهاية إلى موضوع «البخشيش» الذي هو أهم لهم من عدم حصول بعضهم على راتب، «لأنه أعلى من الراتب التي ستتقاضونه مني»، كما يقول ضاحكاً.
في الدقيقة الخامسة والعشرين (أو نحوها) في فيلم «مثلث الحزن» (Triangle of Sadness لروبن أوستلند، هناك المشهد ذاته إنما فوق يخت مرفّه (خمسة نجوم) حيث تلقي المسؤولة عن الخدمات على العاملين، من أعراق مختلفة أيضاً، حواراً مشابهاً يتضمن أن يقول الخدم وموظفي المطعم بنبرة صادقة «نعم سير» و«نعم مدام» وأن لا يقول أحدهم لا لزبون.
يختلف كل فيلم عن الآخر بناحيتين: «منقبو الذهب، 1935» فيلم ميوزيكال و«مثلث الحزن» دراما ساخرة. الأول لم يدخل مهرجاناً ولم يفز بجائزة. الثاني دخل مهرجان «كان» وخرج بجائزة السعفة الذهبية سنة 2022.
صورة وحوار
لم تكن هذه المقارنة مهمّة لدى لجنة التحكيم (ترأسها الممثل الفرنسي ڤنسنت ليندون الذي كان فاز بسعفة أفضل ممثل عن دوره في Titane في العام السابق، 2021 (على إفتراض بعيد بأنهم كانوا على علم بهذا التشابه) بل حقيقة أن الفيلم عاين بصورة ساخرة موضوعاً إجتماعياً بأسلوب يلتقط التفاصيل ليعرضها بضعف حجمها العادي.
فيلم قضية إجتماعية في إطار التعرّض لحياة الأثرياء المجتمعين فوق مركب (عوض فندق) والضرب الخفيف بمطرقة فوق الرؤوس لاستخراج مناسبات السخرية المنشودة حول أثرياء اليوم وسقطاتهم.
باستعادة التاريخ الحديث لجوائز المهرجان، مع اقتراب حثيث لموعد دورته هذا العام (من السادس عشر حتى السابع والعشرين) نجد أن الأفلام التي فازت بالسعف الذهبية من 2014 إلى 2023 كانت تحمل قضايا. أو يمكن القول بأنها «أفلام قضايا» وبعضها اتّكل بشدّة على الحوارات خلال ذلك.
هذا هو المعاكس تماماً للعقد الأخير من القرن الماضي وبعض العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين. لو أخذنا الأفلام التي فازت بالسعف الذهبية ما بين 1991 إلى العام 1999 سنجد أن فيلماً واحداً من أفلام القضايا الإجتماعية فاز بالسعفة وهو «روزيتا» للأخوين جان-بيير ولوك داردين سنة 1999. أما باقي الأفلام الفائزة فكانت من تلك التي تتضمن القضية التي تثيرها في انصهار كامل ضمن المعالجة الروائية ذات الأساليب الجمالية.
الحوار تفعيل ضروري إذا زاد عن حدّه بات على نقيض من الصورة ومن الضرورة الحتمية لتفعيل الأخيرة لأنها هي السينما والحوار، بالمقارنة، هو المسرح والراديو.
سينما الأمس والأمس القريب كانت ما زالت أكثر اهتماماً بتفضيل الصورة على الحوار، وكانت كذلك أكثر اعتماداً على بلورة الأسلوب الذي من أجله يستطيع الفيلم إيصال ما يريد إيصاله عوض أن يلقيه أمام المشاهدين على نحو مباشر.
نجد هذا ماثلاً في «متوحش في القلب» لديفيد لينش (1990) و«بارتون فينك» للأخوين كووَن (1991) و«أفضل النوايا» لبِل أوغست (1992) و«وداعاً عشيقتي» لغايكي تشن (1993) و«بالب فيكشن» لكونتن تارنتينو (1994) و«أندرغراوند» لأمير كوستارتزا (1995) و«أسرار وأكاذيب» لمايك لي (1996) و«طعم الكرز» لعباس كياروستمي (1997) و«الأبدية ويوم» لثيو أنجيلوبولوس (1998).