فيلم "المحادثة - The Conversation" **

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيلم "المحادثة - The Conversation" **

    أفلام مختارة
    فيلم "المحادثة - The Conversation"
    **
    يُعتبر هذا الفيلم إحدى تحف فرانسيس فورد كوبولا وهو من إنتاج عام 1974. يمكن وصفه بأنه عبارة عن نظرة قلقة إلى الداخل، فهو ليس مجرد قصة مثيرة ومشوقة بل هو أيضا دراسة تتعمق في نفسية البطل الغارق في بحر من المخاوف والرهاب الإجتماعي مرفقا بصراع التفوق المتمثل بالتحكم بتكنولوجيا حديثة في طريقها إلى الإزدهار بشكل لم يخطر يوما على بال أحد.
    كان هذا الفيلم أول إشارة تحذيرية وأول تنبيه إلى ما ينتظر الإنسان في عصر حديث تسود فيه ممارسات المراقبة والمتابعة وتتبع الخطى واللهاث وراء ما يفعله هذا الفرد أو ذاك وجمع المعلومات عن أشخاص لا يدركون ماذا يحدث وراء ظهورهم.
    أدى دور البطولة في الفيلم جين هاكمان الذي يظهر في دور خبير مراقبة لامع ولكنه مصاب بنوع من الرهاب الإجتماعي ويخاف من كل من حوله ولا يثق بأحد ويعيش في عزلة عاطفية تقريبا. وهو في الوقت نفسه يعتز بمهنته وبأدائه الاحترافي ويعتبر أن من الطبيعي أن يثق الآخرون بمستوى العمل الذي يؤديه لأنه أفضل من يسجل محادثات تدور بين شخصين أو أكثر دون أن يثير أي شكوك.
    نفهم منذ بداية الفيلم الذي يستمر لمدة ساعة وثلاث وخمسين دقيقة أن هناك محادثة تدور بين شخصين، رجل وامرأة، لا بد من متابعتها وتسجيلها لمعرفة ما يفكران به وما ينويان فعله. وينفذ هاكمان واسمه في الفيلم هاري كول، هذه المهمة لصالح رجل ثري ذي مركز مرموق. بعدها تتطور الأحداث التي تكشف لنا في النهاية عن سبب متابعة هذين الشخصين وأهمية ما يتحدثان عنه، ولكن الفيلم يتابع بالدرجة الأساس تطور الحالة النفسية لهاري كول وإدراكه الأبعاد الحقيقية للأفعال التي ينفذها من أجل المال.
    نجح هذا الفيلم في إثارة موضوعة المراقبة والمتابعة باستخدام التكنولوجيا الحديثة على بساطتها في تلك الفترة، سبعينات القرن الماضي. ونجح أيضا في التميز في جوانب فنية عدة منها استخدام الصوت بتقنية عالية ويشمل ذلك الحوارات الطبيعية والطنين والضجة المرتبطة بالمكان.
    الفيلم مشوق دون ابتذال ويمكن للمشاهد متابعة تطور الأفكار فيه بدقة بفضل مقدرة مخرج أنجز هذا الفيلم بعد انتهائه من الجزء الأول من فيلم "العراب" وعرضه قبل عرضه الجزء الثاني من العراب ونجح في جعله ينتزع ثلاثة ترشيحات أوسكار له أحدها للصوت والثاني لأفضل قصة أصلية وثالث للفيلم نفسه علما أن كوبولا هو من كتب الفيلم الذي لم ينجح في الحصول على أوسكار أفضل فيلم لسبب بسيط وهو أن الجائزة مُنحت للجزء الثاني من العراب لكوبولا نفسه بالطبع. وكانت الفكرة قد وُلدت في ذهن كوبولا في عام 1967 ولم ينفذها إلا في عام 1974 ولكنه لم يشأ التركيز على التكنولوجيا قدر تركيزه على هشاشة الإنسان وضعفه ومخاطر فقدان الخصوصية وهو ما ينطبق على عصرنا الرقمي الحديث.
    رغم أن الفيلم قد يبدو قديما بعض الشئ ولكنه من الأفلام التي تبقى في الذاكرة لأنه يتناول تجربة غير مألوفة ومعقدة ومثيرة في الوقت نفسه وهي تجربة مقلقة في نهاية الأمر تكشف عن الثمن الذي يدفعه المرء مقابل التقدم والتكنولوجيا.
    استقبل النقاد "المحادثة" بالثناء والإشادة وقد حصل على 97% على موقع روتن توميتوز ووصفه البعض بأنه عبارة عن رسالة تحذير من عواقب تطور قد يقضي على كل أنواع الخصوصية ويحول العلاقات بين الناس إلى مصدر للخوف والشك والقلق.
    تجدر الإشارة هنا إلى مشهد في الفيلم يبحث فيه كول عن لاقطة صوت ثم لا يعثر عليها ويرى كوبولا أن هذا المشهد يحتمل أمرين. الأول أن اللاقطة غير موجودة في الأساس لأنها مجرد وهم في رأس كول والثانية أنها موجودة في المكان الوحيد الذي لم يبحث عنها فيه.
    أتمنى للجميع مشاهدة ممتعة.


يعمل...
X