دارقيتا صمت حجارتها يتكلم عن تاريخها المزدهر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دارقيتا صمت حجارتها يتكلم عن تاريخها المزدهر


    دارقيتا صمت حجارتها يتكلم عن تاريخها المزدهر
    ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
    "دار قيتا" Dar Qita قرية أثرية مهجورة، تقوم على الطرف الشمالي الغربي لجبل باريشا ، شمال غرب مدينة "إدلب" بنحو 35كم، وإلى الغرب من موقع "بابسقا"على بعد نحو ١كم،
    حيث تمتاز بموقعها المطل على سهل إنطاكية بمناظره وجماله الذي يحكي قصصا من جمال الطبيعة الساحر كما أن إطلالتها على معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا وعلى جبال طوروس تعطيها لمسة إضافية من الجمال والأهمية في هذا الموقع البديع الذي اختير بعناية على ما يبدو وليس مجرد صدفة..
    .
    وقد منح هذا الموقع الجغرافي والاستراتيجي لهذه القرية الأهمية الكبرى وساهم في نموها وازدهارها، حيث شكل هذا الجبل نقطة وصل قصيرة ومهمة جداً بين المناطق الواقعة إلى الشرق من جبال الكتلة الكلسية عبر سهل "سرمدا" وبين منطقة "سهل أنطاكية"، فهي تعد أقصر الطرق التجارية الواصلة بين الشرق والغرب في هذه المنطقة..
    .
    شهدت "دار قيتا" ازدهاراً ونمواً كبيرين خلال الفترة البيزنطية فعلى الرغم من أنها سكنت منذ النصف الثاني من القرن الأول الميلادي حسب المكتشفات الأثرية التي عثر عليها هناك إلا أن ازدهارها وتوسعها وازدياد أهميتها لم يتم إلا في العهد البيزنطي بدءاً من القرن (الرابع الميلادي) ولتصل ذروة الازدهار في القرن (الخامس الميلادي) وفي كافة المجالات ويدل على ذلك:
    ▪︎ آثار السوق التجاري الكبير الذي يتوسط المدينة
    ▪︎والكثير من المعاصر التي وجدت فيها وهو دون شك دليل على النمو الاقتصادي الذي عاشته المدينة والذي جعلها مركزاً تجارياً مرموقاً بالنسبة للقرى والمدن المحيطة بها
    ▪︎وكذلك وجود عدد كبير من الفيلات الضخمة والبيوت الكثيرة المتصلة ببعضها البعض
    ▪︎والكنائس الجميلة
    ▪︎والشوارع الواسعة المستقيمة المنفذة بأسلوب رائع لتخترق أرجاء المدينة بمنظر بديع ولتكون سوراً وخطاً دفاعياً عن المدينة حيث يعتقد الكثير من الباحثين الذين زاروها على أن هذه المشاهد دليل واضح على الحياة الاقتصادية المزدهرة التي عاشتها "دار قيتا" خلال تلك الفترة والتي كان لموقعها الهام والاستراتيجي دور أساسي في تلك الحياة التي وصلت إليها سكانها.
    .
    وتضم تلك المدينة البائدة معالم أثرية عديدة فقد أحصي فيها:
    • (50) فيلا بمساحات ومشاهد مختلفة
    • و(14) معصرة متشابهة في شكلها وتصميمها
    • والعديد من الإسطبلات لتربية المواشي ضمن البيوت كنوع أساسي من أنشطة سكان المدينة,
    • وثلاث كنائس بنيت على النمط البازيليكي الروماني..
    • وفيها برج يعود تاريخ بنائه إلى عام (551) م
    • وكذلك آثار فندق يعود إلى العام (436) م وهو تأكيد على التطور الذي شهدته والذي تطلب وجود فندق يأوي إليه من يقصدها من التجار وذلك بحسب ما ذهب إليه الباحثون.
    .
    وما وجود الكثير من المنازل والمعاصر والكنائس الثلاث إلى جانب الفندق إلا دليل كبير على مدى الأهمية الدينية والاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها مدينة "دار قيتا" في تلك الفترة ، إلى جانب الاستفادة ما أمكن من إنشاء العديد من الكنائس للقديسين الذين اتبعوا تلك الطرق القصيرة في وصولهم إلى تلك المناطق لنشر الدين المسيحي من "أنطاكية" باتجاه الشرق.
    وتُبيِّن كتابات عربية على شواهد بعض القبور أن "دار قيتا" سُكنت في فترة القرون الوسطى (القرنين ١٢-١٣م)..
    .
    يمكن تقسيم المعالم الأثرية في أي قرية من قرى الكتلة الكلسية إلى مجموعات منفصلة بحسب الوظيفة التي كانت تؤديها؛ فهناك المباني الدينية - والمباني الخدمية - والاقتصادية - والمباني السكنية.
    .
    أ- المباني الدينية:
    - الكنيسة الشمالية:
    تقوم هذه الكنيسة في الجزء الشمالي الشرقي من القرية، وهي ذات تصميم بازيليكي، أبعادها (٢٦.٣٥×١٦.٢٠م)، ولها أعمدة وحنية مخفية غير ظاهرة.
    يقع في بهوها الأوسط "البيما Bema"، وقد قام المعمار "مرقيانوس قيروس" سنة (٤١٨ م) بتوسيعها من الجهة الشرقية، وهي مخصصة للقديسين "بولس" و"موسى"، ولا يزال جزء من واجهتها الشرقية والجنوبية قائماً مع الباب الجنوبي الشرقي الذي تحمل نجفته الكتابة مع تاريخ البناء.
    وقد أُلحق بالكنيسة سنة (٥١٥م) كنيسة معمودية صغيرة محفوظة جيداً مع حنيتها البارزة، وهناك قبر للمحسن باني كنيسة المعمودية خلف مبنى المعمودية.
    .
    - البرج:
    يقع إلى الجنوب من كنيسة المعمودية، واجهته الغربية محفوظة جيداً، في طبقته الأخيرة شرفة كان الناسك يخاطب منها الحجاج القادمين لزيارته.
    وقد بني البرج سنة (٥٥١م) لاسم الثالوث الأقدس كما تبين ذلك الكتابة المحفورة على بابه.
    وقد أوضح "باتلر H. Butler" أن أبراج "جرادة" و"دار قيتا" كانت مزودة بحمامات علوية مما يوحي باستمرارية الإشغال الدائم لتلك الأبراج.
    - الكنيسة الجنوبية:
    بُنيت وفق المخطط البازيليكي، وتُبين كتابة نجفة الباب الغربي للكنيسة أنها بُنيت سنة (٥٣٧م)، ومُخصصة للقديس "سرجيوس".
    وكان يعلو غرفة الخدمة الشمالية برج ربما استُخدم لإقامة أحد النساك كما توحي الرسوم المحفورة على الجدران الخارجية لغرفة الخدمة، أو ربما لإقامة حارس الكنيسة أو لإقامة الحجاج القادمين.
    وفي غرفة الشهادة الجنوبية جرن ذخائر ذو تجويفين. وقد أضيفت إلى الكنيسة عند جدارها الجنوبي الخارجي معمودية صغيرة في سنة (٥٦٧م)؛ لم يبقَ منها سوى جزء من واجهاتها الشرقية والغربية والجنوبية.
    - الكنيسة الغربية:
    بازيليكا ذات أعمدة تقع في الجزء الجنوبي الغربي للقرية، وكانت مخصصة للثالوث الأقدس Très Sainte Trinité كما تبين كتابة على جدارها الشمالي.
    بقي من الكنيسة جزء من واجهتيها الجنوبية والشرقية وعليهما رسوم تركها الحجاج؛ وكذلك ركيزة القوس الشمالية الغربية. وعلى الأرض تيجان أعمدة ونجفة الكتابة للباب الجنوبي. ويعيد "باتلر" تاريخ بناء هذه الكنيسة إلى القرن السادس للميلاد.
    .
    والكنائس الثلاثة لم يتبق منها سوى بقايا حجارة متناثرة هنا وهناك, كما أنه لا تزال هناك الكتابات التي تدل على تاريخ بناء عدد من تلك المعالم الأثرية في دار قيتا
    .
    - المباني الخدمية:
    منها الفندق والمعاصر وأندرون Andron (مقر الاجتماع لأهل القرية) والإسطبلات والغرف تحت الأرضية.
    - الفندق Pandocheion:
    يقع إلى الغرب من الكنيسة الشمالية مع ملحقاته، ويعود تاريخه إلى سنة (٤٣٦م)، كما يُبين أحد النقوش الكتابية.
    - المعاصر:
    بلغ عددها نحو ١٤ معصرة في القرية، وهذا يدل على أنها قد أسهمت في تطور عجلة الاقتصاد في القرية؛ مما حقق حالة من الرفاهية بالنسبة إلى السكان.
    - الغرف تحت الأرضية: وهي كثيرة في عموم الكتلة الكلسية، وتوجد تحت المباني أو في فناء الباحات حيث يتم النزول إليها عبر أدراج بانحدار بسيط، وكانت المداخل في بعض الأحيان مزينة بوساطة زخارف وميداليات كما في دار قيتا.
    - المباني السكنية:
    تعد المعالم السكنية في كل قرية من أساسيات تشكيل القرى، وقد حظيت بدراسات مستفيضة من قبل الباحثين، لما كان له الأثر في معرفة التركيبة السكانية وتعدادها؛ ومن ثم انعكاس ذلك في العلاقات الاجتماعية من خلال توزع الغرف والروابط فيما بين المنازل وقربها أو بعدها عن بعضها، إلى جانب المعرفة عن كثب للبنية المعمارية والزخرفية المطبقة عليها، وإمكانات تأريخ هذه المباني بالاعتماد على تقنيات بناء مداميك الجدران، إلى جانب التأريخ الدقيق بما حملته تلك المنازل من نقوش على سواكف البوابات.
    ÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
    فـادي سـليمان - الموسوعة العربية
    مالك موقع - مدونة وطن





يعمل...
X