أكبر كنيسة في الشرق الأوسط وقصة بنائها
من سفيان عشي
تقع كنيسة القديس سمعان الخراز، والذي يعرف كذلك باسم ”كنيسة الكهف“ في جبل المقطم في الجنوب الشرقي للعاصمة المصرية القاهرة، في منطقة تعرف بـ”مدينة القمامة“ نسبة إلى العدد الكبير من قاطنيها الذين يعملون في مجال تجميع وبيع النفايات أو القمامة، أو ”الزبالين“ كما يشتهرون به.
يعتبر ”الزبالون“ أحفادا للمزارعين الذين بدؤوا يهاجرون وينزحون من صعيد مصر نحو القاهرة في سنوات الأربعينيات الماضية، وقد كان هؤلاء الأجداد ينزحون من مواطنهم هروبا من الفقر وشح المنتوجات الزراعية التي كانوا يمضون مواسم كاملة دون أن يحصدوا منها ما يسد رمقهم، فأتوا بذلك إلى العاصمة القاهرة بحثا عن العمل، وأقاموا بيوتا قصديرية حول المدينة.
في بادئ الأمر أخذوا يمارسون حرفتهم التقليدية وهي تربية الخنازير والماعز والدجاج وبعض الحيوانات الأخرى، إلا أنهم استخلصوا مع مرور الوقت بأن جمع النفايات والقمامة التي تنتج عن سكان المدينة كانت مربحة أكثر.
كان الزبالون يبحثون في مختلف القمامات المنزلية عن الأمور القيمة ويقومون ببيعها، بينما كانت النفايات العضوية تمثل مصدر غذاء ممتاز لحيواناتهم.
في الواقع كان نمط الحياة والعمل هذا ناجحا ومربحا لدرجة أن أمواج كاملة من المهاجرين والنازحين أخذت تجتاح القاهرة، فبدأ هؤلاء يصلون إلى القاهرة من صعيد مصر من أجل العيش والعمل في قرى ”المزابل“ الحديثة التي تأسست في القاهرة على يد الزبالين.
مدينة الزبالين في القاهرة بمصر.صورة: vagabondblogger/Flickrالزبالون أو جامعو القمامة في القاهرة بمصر.صورة: vagabondblogger/Flickr
شاحنة جمع القمامة في القاهرة في مدينة الزبالين.صورة: stitchling/Flickrأحد أحياء مدينة ”الزبالين“ المزدحمة في القاهرة.صورة: مدونة scrapsofshirleeكانت تجارة جمع النفايات والقمامة التي تنتج عن سكان المدينة مربحة بالنسبة مدينة ”الزبالين“.صورة: مدونة scrapsofshirlee
على مدى سنوات عديدة؛ كانت إقامات الزبالين المتنقلة تتغير باستمرار حول المدينة من أجل تفادي السلطات التي كانت تتعرض لهم، انتهى الأمر بعدد كبير من الزبالين بالاستقرار تحت جروف محاجر جبل المقطم على الحدود الشرقية للمدينة.
نمت تلك التجمعات السكانية الفوضوية للزبالين الذين ازدادت أعدادهم لترتفع من ثمانية آلاف نسمة في ثمانينيات القرن الماضي لتصبح أكبر تجمع لجامعي القمامة والنفايات في القاهرة، بتعداد يصل إلى ستين ألف نسمة.
تعتبر مصر دولة بأغلبية مسلمة، إلا أن الزبالين هم مسيحيون قبطيون، على الأقل 90 بالمائة منهم كذلك. تعتبر التجمعات السكانية المسيحية نادرة العثور عليها في مصر، لذا يفضل الزبالون البقاء ضمن تجمعات طائفتهم الدينية، وهذا على الرغم من أن الكثير منهم بإمكانه تحمل تكاليف المنازل والإقامة في أية مناطق أخرى من المدينة.
تأسست الكنيسة القبطية في قرية مقطم في سنة 1975، وبعد تأسيسها؛ بدأ ”الزبالون“ يشعرون أكثر بالأمان في منطقتهم، وأخذوا يستقرون في منازل أكثر ديمومة واستقرارا، مبنية بمواد مثل الحجارة والطوب والآجر.
صورة كنيسة القديس سمعان الخراز.صورة: Gianluigi Guercia/Getty Images
في الماضي كان هؤلاء الزبالون يعانون من المطاردات المتواصلة للسلطات والشرطة في القاهرة، التي كانت تدفع بهم من مكان إلى آخر، الأمر الذي جعل منهم دائمي الترحال والتنقل بين مختلف أرجاء وضواحي القاهرة. أدت أحداث الطرد والتهجير الجماعي التي تعرض لها الزبالون من منطقة الجيزة في سنة 1970 على يد السلطات المصرية إلى تحولهم إلى السكن في الخيم المؤقتة، التي كانت تتكون من القش، إلى أن تأسست كنيستهم.
أدى حريق مهول نشب سنة 1976 في (منشية ناصر) كذلك إلى بداية بناء أول كنيسة تحت جبل المقطم في موقع بلغت مساحته 1000 متر مربع. بنيت العديد من الكنائس الأخرى لاحقا في الكهوف التي عثر عليها في المقطم، والتي يعتبر دير (القديس سمعان) أكبرها مع قدرة استيعاب تصل إلى 20000 شخص، بل أن هذا الدير في المقطم يعتبر أكبر كنيسة مسيحية في الشرق الأوسط كله.
كنيسة القديس سمعان الخراز.صورة: vagabondblogger/Flickrكنيسة القديس سمعان الخراز.صورة: مدونة scrapsofshirlee
كنيسة القديس سمعان الخراز من الداخل.صورة: مدونة scrapsofshirleeكنيسة القديس سمعان الخراز، أو كنيسة ”الزبالين“ في مصر.مسرح ومدرج كنيسة ”الزبالين“.صورة: vagabondblogger/Flickrكنيسة القديس سمعان الخراز من الداخل.صورة: adibgoubran/Flickrمنحوتات جدارية على جدار المدرج داخل كنيسة الزبالين.صورة: vagabondblogger/Flickrلا يسمح للنساء بدخول منطقة ”المذبح“ البارزة في الصورة، تماما مثل الكنائس اليونانية.صورة: vagabondblogger/Flickrكنيسة القديس سمعان في القاهرة من الخارج.صورة: adibgoubran/Flickrصورة: مدونة scrapsofshirleeالمصدر: موقع Amusing Planet