مفرخات البيض القديمة في مصر
من روان شحرور
يتم تفريخ صيصان الدجاج الذي يربى في المزارع بعيداً عن الدجاجات الأم باستخدام الحرارة الاصطناعية دخل أفران كهربائية كبيرة تسمى الحاضنات، حيث يتم تفريخ المئات، بل الآلاف من البيوض في الوقت ذاته، ولكن هل هذه الحاضنات هي ابتكار حديث أم أنها ممارسة قديمة تطورت مع الوقت؟ سنجيب عن هذا السؤال في هذا المقال، نتمنى لك قراءة ممتعة.
مفرخات الدواجن القديمة في مصر
أول من استخدم مفرخات الدواجن هم المصريون القدامى، الأمر الذي سبب دهشة المسافرين الأجانب الذين كانوا يزورونها قديماً، فلم يروا مثيلاً لهذا الاختراع من قبل، لذلك بدأوا بمحاولة بناء مثل هذه المفرخات في بلدانهم ومعرفة آلية عملها، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل، حيث ادعى أحد الزائرين أن البيوض قد فقست بمساعدة العاملين هناك الذين كانوا يجلسون عليها، كما كتب الراهب (سيمون فيتزسيمونز)، الذي كان قد سافر إلى مصر خلال القرن الرابع عشر، أنه لا يمكنه تصديق إمكانية إنتاج صيصان عبر تسخين البيوض بالنار بدون وجود دجاجات أو ديوك بالقرب من بيوضها!
لم يكن (فيتزسيمونز) مدركاً حقيقة أن البيض يتم تخصيبه بالطريقة التقليدية من قبل الديكة قبل وضعه في هذه الحاضنات، حتى أن أرسطو قد شارك العالم برأيه عن هذه المفرخات مشيراً إلى أن البيوض تفقس عن طريق دفنها في أكوام الروث.
أول من وصف هذه المفرخات المصرية كان الكاتب الإنكليزي (جون ماندفيل) في كتابه «رحلات السير جون ماندفيل» الذي تم نشره في عام 1356، فقال فيه:
كما قدم عالم الطبيعة الفرنسي (رينيه أنطوان فيرشو دي ريومور) أول وصف دقيق لهذه المفرخات عام 1750 حينما سافر إلى مصر وزار العديد من هذه المفرخات وراقب آلية عملها عن قرب، فقال أن هذه المفرخات المصرية النموذجية هي عبارة عن بناء من الطوب يبلغ ارتفاعه حوالي ثلاثة أمتار، يوجد بداخلها ممر طويل ويتوزع على جانبيه طابقان من الحجيرات متساوية الحجم مع وجود فتحة كبيرة بما يكفي ليزحف أحدهم بداخلها.
تصميم إحدى المفرخات المصرية التقليدية.
توضع البيوض على أسرّة من الكتان والقش في الحجيرات الموجودة في الطابق الأرضي، أما في الحجيرات العلوية يتم إشعال النار، يستخدم المصريون روث البقر أو روث الإبل الممزوج بالقش للتقليل من شدة حرارة النار والتحكم بكمية الحرارة التي تتعرض لها هذه البيوض. يتم إطفاء النار مرتين في اليوم بحسب الطقس، كما يقوم العمال بتقليب البيض وذلك لكي تتعرض جميع جوانبه للحرارة بشكل متساوي، تستمر هذه العملية لمدة أسبوعين تقريباً ثم بعد ذلك يتم إخماد النار، عند هذه النقطة تكون أعضاء الأجنة قد اكتمل نموها، بعد ذلك تترك هذه البيوض في أماكنها لمدة أسبوع وذلك لكي يكتمل نمو الأعضاء الداخلية لهذه الأجنة، وبعد أن يكتمل نموها تفقس هذه البيوض في اليوم الحادي والعشرين.
حاول (ريومور) بناء مثل هذه المفرخات المصرية في فرنسا ولكنه فشل، وذلك لأن المناخ الأوروبي أكثر برودة من المناخ المصري، وبعد أن توفي (ريومور) استمر (آبي جان أنطونيو نوليت) بالمحاولة، حيث أجرى بعض التعديلات على الحاضنة التي قام ببنائها (ريومور)، ثم لاحقاً أكمل (آبي كوبينو) ما بدأه كل من (ريومور) و(نوليت) وقام بتحسين تصميم (ريومور) مستخدماً مصابيح الكحول لتدفئة البيض، وتم افتتاح أول حاضنة تجارية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
عامل مصري في إحدى المفرخات المصرية القديمة وهو يستخدم مصابيح البنزين لتدفئة البيض.
لا تزال مئات من المفرخات المصرية في يومنا هذا تستخدم الأساليب القديمة على الرغم من استبدال روث البقر بمصابيح البنزين والسخانات الكهربائية، كما أنهم لا يستخدمون فيها أياً من المعدات الحديثة كالمنظمات الحرارية لتنظيم درجة حرارة المفرخات أو الميزان الحراري لقياس درجة حرارة البيوض، بدلاً منها يقوم العامل بوضع البيضة على جفنه لقياس درجة حرارة البيضة، فإن شعر أن درجة حرارة البيضة مرتفعة فيقوم برشها بالماء، أما إن كان يريد معرفة ما إذا كانت الأجنة قد اكتمل نموها داخل البيضة فما عليه سوى وضع البيضة بالقرب من مصدر للضوء، كمصباح مثلاً، ورؤية ما بداخلها.
للأسف، وفقاً لإحصائية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عام 2009، فإن هذه المفرخات التقليدية المصرية قد تختفي بشكل كامل، فقد عبر العديد من أصحاب هذه المفرخات عن رغبتهم باستخدام أساليب الحضانة الحديثة وذلك بسبب ضعف الإنتاجية لديهم.
المصدر: موقع Amusing Planet
من روان شحرور
يتم تفريخ صيصان الدجاج الذي يربى في المزارع بعيداً عن الدجاجات الأم باستخدام الحرارة الاصطناعية دخل أفران كهربائية كبيرة تسمى الحاضنات، حيث يتم تفريخ المئات، بل الآلاف من البيوض في الوقت ذاته، ولكن هل هذه الحاضنات هي ابتكار حديث أم أنها ممارسة قديمة تطورت مع الوقت؟ سنجيب عن هذا السؤال في هذا المقال، نتمنى لك قراءة ممتعة.
مفرخات الدواجن القديمة في مصر
أول من استخدم مفرخات الدواجن هم المصريون القدامى، الأمر الذي سبب دهشة المسافرين الأجانب الذين كانوا يزورونها قديماً، فلم يروا مثيلاً لهذا الاختراع من قبل، لذلك بدأوا بمحاولة بناء مثل هذه المفرخات في بلدانهم ومعرفة آلية عملها، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل، حيث ادعى أحد الزائرين أن البيوض قد فقست بمساعدة العاملين هناك الذين كانوا يجلسون عليها، كما كتب الراهب (سيمون فيتزسيمونز)، الذي كان قد سافر إلى مصر خلال القرن الرابع عشر، أنه لا يمكنه تصديق إمكانية إنتاج صيصان عبر تسخين البيوض بالنار بدون وجود دجاجات أو ديوك بالقرب من بيوضها!
لم يكن (فيتزسيمونز) مدركاً حقيقة أن البيض يتم تخصيبه بالطريقة التقليدية من قبل الديكة قبل وضعه في هذه الحاضنات، حتى أن أرسطو قد شارك العالم برأيه عن هذه المفرخات مشيراً إلى أن البيوض تفقس عن طريق دفنها في أكوام الروث.
أول من وصف هذه المفرخات المصرية كان الكاتب الإنكليزي (جون ماندفيل) في كتابه «رحلات السير جون ماندفيل» الذي تم نشره في عام 1356، فقال فيه:
يوجد منزل مشترك في هذه المدينة ممتلئ بهذه الأفران الصغيرة، حيث تتوافد نساء هذه المدينة حاملات معهن بيوض الدجاج والإوز والبط لوضعها داخل هذه الأفران. داخل هذه الأفران يتم طمر هذه البيوض بروث الخيل دون وجود أي دجاجة أو إوزة أو بطة بالقرب منها، وبعد ثلاثة أسابيع أو شهر تعود النساء إلى هذه الأفران لاستلام دجاجاتهن التي يضعنها في حقولهن لتمتلئ البلاد بها.
كما قدم عالم الطبيعة الفرنسي (رينيه أنطوان فيرشو دي ريومور) أول وصف دقيق لهذه المفرخات عام 1750 حينما سافر إلى مصر وزار العديد من هذه المفرخات وراقب آلية عملها عن قرب، فقال أن هذه المفرخات المصرية النموذجية هي عبارة عن بناء من الطوب يبلغ ارتفاعه حوالي ثلاثة أمتار، يوجد بداخلها ممر طويل ويتوزع على جانبيه طابقان من الحجيرات متساوية الحجم مع وجود فتحة كبيرة بما يكفي ليزحف أحدهم بداخلها.
تصميم إحدى المفرخات المصرية التقليدية.
توضع البيوض على أسرّة من الكتان والقش في الحجيرات الموجودة في الطابق الأرضي، أما في الحجيرات العلوية يتم إشعال النار، يستخدم المصريون روث البقر أو روث الإبل الممزوج بالقش للتقليل من شدة حرارة النار والتحكم بكمية الحرارة التي تتعرض لها هذه البيوض. يتم إطفاء النار مرتين في اليوم بحسب الطقس، كما يقوم العمال بتقليب البيض وذلك لكي تتعرض جميع جوانبه للحرارة بشكل متساوي، تستمر هذه العملية لمدة أسبوعين تقريباً ثم بعد ذلك يتم إخماد النار، عند هذه النقطة تكون أعضاء الأجنة قد اكتمل نموها، بعد ذلك تترك هذه البيوض في أماكنها لمدة أسبوع وذلك لكي يكتمل نمو الأعضاء الداخلية لهذه الأجنة، وبعد أن يكتمل نموها تفقس هذه البيوض في اليوم الحادي والعشرين.
حاول (ريومور) بناء مثل هذه المفرخات المصرية في فرنسا ولكنه فشل، وذلك لأن المناخ الأوروبي أكثر برودة من المناخ المصري، وبعد أن توفي (ريومور) استمر (آبي جان أنطونيو نوليت) بالمحاولة، حيث أجرى بعض التعديلات على الحاضنة التي قام ببنائها (ريومور)، ثم لاحقاً أكمل (آبي كوبينو) ما بدأه كل من (ريومور) و(نوليت) وقام بتحسين تصميم (ريومور) مستخدماً مصابيح الكحول لتدفئة البيض، وتم افتتاح أول حاضنة تجارية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
عامل مصري في إحدى المفرخات المصرية القديمة وهو يستخدم مصابيح البنزين لتدفئة البيض.
لا تزال مئات من المفرخات المصرية في يومنا هذا تستخدم الأساليب القديمة على الرغم من استبدال روث البقر بمصابيح البنزين والسخانات الكهربائية، كما أنهم لا يستخدمون فيها أياً من المعدات الحديثة كالمنظمات الحرارية لتنظيم درجة حرارة المفرخات أو الميزان الحراري لقياس درجة حرارة البيوض، بدلاً منها يقوم العامل بوضع البيضة على جفنه لقياس درجة حرارة البيضة، فإن شعر أن درجة حرارة البيضة مرتفعة فيقوم برشها بالماء، أما إن كان يريد معرفة ما إذا كانت الأجنة قد اكتمل نموها داخل البيضة فما عليه سوى وضع البيضة بالقرب من مصدر للضوء، كمصباح مثلاً، ورؤية ما بداخلها.
للأسف، وفقاً لإحصائية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عام 2009، فإن هذه المفرخات التقليدية المصرية قد تختفي بشكل كامل، فقد عبر العديد من أصحاب هذه المفرخات عن رغبتهم باستخدام أساليب الحضانة الحديثة وذلك بسبب ضعف الإنتاجية لديهم.
المصدر: موقع Amusing Planet