التكنية والمجتمع .. كتاب في سبيل موسوعة علمية .. الدكتور أحمد ذكي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التكنية والمجتمع .. كتاب في سبيل موسوعة علمية .. الدكتور أحمد ذكي

    التكنية والمجتمع

    يجب أن نذكر دائما أن التكنية التي نعني هي التكنية الحديثة ، تكنية العجلات الهائلة الدوارة ، تكنية المكنات، تكنية الفحم والزيت والكهرباء ، لا تلك التكنية القديمة التي حاول الانسان انشاءها منذ عهد آدم .

    تلك التكنية التي نعني بدأت من نحو ۳ قرون ، تزيد أو تنقص ، تبعا للقدر الذي ناله الانسان منها المجتمع الانساني قبل هذه القرون القليلة كان مفرقا في قرى . ومدن صغيرة واسأل ما كان تعداد القاهرة أو بغداد أو دمشق أو لندن أو باريس في تلك الأيام تدرك معنى ما أقول .

    جاءت التكنية الحديثة ، رويدا رويدا جعلت كل صغير كبيرا ، والقرية صارت مدينة ، والمدينة صارت عاصمة كبيرة . وبدأنا نسمع بالملايين تتكتل في المساحة القليلة .

    والسبب ؟

    انظر معي الى المجتمع . ما المجتمع ، أي مجتمع ، في أي عصر ؟ انه يتألف من فئة تزرع ، ومن فئة تصنع ، وفئة تقوم بتوزيع نتاج زراعة أو نتاج صناعة بين الناس، ونسميهم بالتجار .

    هذا هو المجتمع أصلا ، وما عداه من الفئات تبع . الموظفون عند التجار والزراع والصناع انما هم تبع . والقائمون بالمواصلات انما هم تبع . ورجال المحاكم والشرطة تبع . والطب والتعليم تبع . كل هذه خدمات استدعاها وجود الزارع والصانع والتاجر ، أولئك المتصلون بالانتاج عند مصادره الأولى .

    جاءت التكنية الحديثة فقلبت وسائل الانتاج راسا على عقب . صارت الآلات وما يديرها من قوى هائلة ، تنتج في الساعة ما كان عجز عنه الانسان أن ينتجه في أشهر حتى ولو انه درى كيف ينتج . وكثر الانتاج وزاد و فاض .

    ولكن هذا الانتاج العظيم يحتاج الى مال كثير . ومن هنا نشأت الشركات . مال زيد الى مال عمرو الى مال وتألف من الأموال رؤوس أموال كبيرة ، انشأت خالد المصانع العظيمة التي زادت الانتاج كثرة ووفرة .

    والمصنع اليدوي الصغير الذي كان يستخدم العشرة والعشرين من العمال ، صار يستخدم الألف والآلاف .

    وتكتلت العمال الوفا الوفا حول المصانع ، فنشأت المدن . ومع نشأة المدن زادت احجام كل الخدمات ، من شرطة ، من محاكم ، من طب ، من تعليم ، من مواصلات. وتفنن رجال التكنية فيما يصنعون فتنوعت المنتوجات ، وتعددت اصنافا ، وتعددت درجاتها .

    وحاجات لم يكن لانسان هذه الأرض علم بها ، خلقتها المدنية ، بل التكنية ، خلقا ، فصارت من الضروريات القطار والقاطرة . السيارة . الطيارة . السفينة الباخرة وغير الباخرة ، التلفون . التلغراف ذو السلك وغير ذي السلك . الرديو . التلفاز . وحتى الملابس وصنوفها . وحتى صنوف الطعام . انك لتدخل اليوم ما اسموه بالسوق المركزي ، فتجول بعينك في أرففه المائة ، وتنظر الى الطعام في اكياسه وعلبه وعاريا ، فتحار فيما تأخذ وماذا تدع .

    كل هذه الاشياء ، وقد ذكرنا منها بعضا قليلا، وتركنا منها الكثير الأكثر ، كلها تحتاج الى مصانع ، والمصانع تحتاج الى صناع ، والنتاج نفسه يحتاج الى تسويق ، والتسويق يحتاج الى رجال .

    من أجل كل هذا كان هذا التضخم في الأعمال، وهذا التنوع . واذن فالتكتل بين السكان .

    والعاملون ، في الانتاج المباشر أو ملحقاته ، في حاجة الى تعليم ، فالصناعة ترفض الجاهل . وفي حاجة الى تمريض وتصحيح ، فالصناعة ترفض المريض غير الصحيح. والذي جرى في الصناعة جرى مثله في الزراعة ، لا سيما في هذا القرن العشرين .

    وخلاصة كل ذلك ارتفاع مستوى المعيشة . ارتفع عند جمهور الناس وعند السواد من الرجال والنساء ولا أذكر أرباب القصور . وحتى القدماء من أرباب القصور لم يعرفوا فضل التكنية ، التي هي من فضل العقل الانساني ، الذي هو من فضل الله ، لم يعرفوا فضلها في عيشهم اليومي القديم ، كما عرفها الرجل من سواد الناس تختاره من هذا العصر الذي نحن فيه ، في أمم ننعتها بالمتقدمة ، ولو أنا نعتناها بالتكنية المتقدمة لكنا أدق قولا .

    - التكنية لم تكن كلها خيرا :

    التكنية جاءت الناس بنعم لا تنكر . أو الأصح أن نقول أن التكنية جاءت أصحابها بنعم لا تنكر . ثلث العالم نعم بها ، وبقي الثلثان يشقيان بغيبتها ، ويحاولان اللحاق .

    ومع هذا فلو أنك نظرت الى كثير من متاعب أهل الأرض الحالية ، لوجدتها ترد الى هذه التكنية .

    مثال ذلك مشكلة العمل والعمال .
    كان مما تنبه اليه العمال ، وازدادوا له تنبها في منتصف القرن الماضي ، زيادة الانتاج الذي هم أحدثوه ، ونصيبهم من الكسب الكائن مقارنا بالذي يكسبه أصحاب رؤوس الأموال . والناس أخذت مستويات حياتهم ترتفع فما بال مستويات العمال؟ ونشأت الخصومة التي لم تنته الى اليوم .

    ومن هذه الخصومة ، أو في ظلها ، نشأت المذاهب الاجتماعية الحديثة . وهي نشأت في منتصف القرن الماضي حيث كان العامل يكاد يعمل من مشرق الشمس الى مغربها ، ولا ينال من الأجر الا القليل . ولم يكن له من أمن الحياة شيء . ولا من رفهها ، بل من المعقول من مستوياتها شيء . وكان طبيعيا أن تنشأ في ظلال هذا الاجحاف البالغ
    ما تنشأ من مذاهب .

    وناصر الكثير من رجال الاقتصاد مطالب العمال ناصروها بناء على أسس انسانية ، وعلى أخرى اقتصادية قالوا ان هذا الانتاج المتكاثر لا بد له في الأسواق من قوة شراء تستوعبه . وزيادة نصيب العمال من الكسب زيادة في قوة الشراء .

    ومن أمثلة ما شقي به الناس من التكنية ، ما كان من الأمم التي نعمت بها من سلوكها مسالكها المعروفة الاستعمارية .

    التكنية أعطت أهلها كل وسائل القمع . أعطتها من وسائل الحرب والدمار ما لم يكن يخطر ببال انسان واجتمعت القدرة الكبيرة على الضعف الكثير ، فلم يكن لأكثر الأمم امام الهجوم الاستعماري التكني صمود . وكان من اخلاق الانسان في تلك الأيام أن يفخر بما أكسبه اياه الاستعمار . فدولة تفخر بأنها سيدة البحار ، وتفخر بأن الشمس لا تغيب أبدا عن حيث لها على ظهر الأرض ربوض ، وأخرى تفخر بأن علمها لا بد منشور في كل الأرجاء .

    ومن أمثلة ما شقي به الناس من التكنية . ومن العلم الذي يسندها ، وسائل الدمار التي ابتدعها الانسان لأعدائه ، فاذا به يستيقظ على الحقيقة الرهيبة . وقد ابدع الأعداء مثلها ، انها ليست لدمار أعدائه وحدهم وانما هي لدماره ودمارهم جميعا .

    ونعني بذلك بالطبع ، القنبلة الذرية ، والحاملات التي تحملها أو تقذف بها الى أي مكان في الأرض .

    - العلم والتكنية ، لا يوصفان بالخير أو بالشر :

    وتسأل العلماء عن هذا العلم ، وعن هذه التكنية ، ما خطبهما ؟ فيقولون لك ان العلم ، وان التكنية ، كلاهما ليس فيه الخير أصلا ، وليس فيه الشر . انهما كمشرط الجراح ، يستطيع أن يقتل به ، أو أن يجرح ليشفي أو هما كالماء ، تستطيع أن تبل به الظمأ وتستطيع ان تسد به الأنفاس وتفرق .

    أما الخير أو الشر ففي الانسان .
    ويحدثونك عن الحكمة ، فيقولون انها تخلفت في الانسان ، وتقدم عقله . ولا بد للحكمة أن تسبق حتى يتخلص الانسان من فواجع التكنية وينعم بالمكاسب وحدها .

    - وأسموا التكنية بالمادية عجزا وقصر ذيل :

    وقوم من أهل الشرق الفوا العيشة التي يسميها اهل الأرض بالدنيا ، أو الوضيعة ، عيشة التقشف ، ولو قد فرض عليهم غصبا . فهم لا يرون في هذه التكنية غير المادية . وقد يكونون في ذلك مثل الثعلب الذي نظر للعنب ، فوجده عاليا لا ينال ، فقال ، انه الحصرم المر، وذهب راغبا عنه ، وقد يكونون فيما يدعون زاهدين مخلصين ، يرون الانسان يخرج عند ولادته من فناء لينتهي عند موته الى فناء ، وأن العيش يقظة النائم التي لا بد أن تنتهي وأنها يقظة العمر ، والعمر قصير ، فما بال الانسان يهتم كل هذا الهم بحياة أول أوصافها القصر .

    أمثال هؤلاء يرون في العيش رأي المعري ، او رأي عمر الخيام . وأنا كثيرا ما تمر بي ساعات أرى الحق في هذا أبلج واضحا . ثم لا البث أن أقول : هذا الحق يحتاج الى صمود فوق ما تستطيعه قدرة انسان يعيش فوق هذه الأرض . وارتضاه المعري ، وقدر عليه ، لأنه ، أولا : كان صاحب المحبسين ، وليس الناس كذلك ولأنه ثانيا كان ذلك الرجل الذي قال : هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner ٢٣-٠٣-٢٠٢٤ ١٨.١٢_1(3).jpg 
مشاهدات:	16 
الحجم:	97.5 كيلوبايت 
الهوية:	198957 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner ٢٣-٠٣-٢٠٢٤ ١٨.١٢_1(4).jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	78.5 كيلوبايت 
الهوية:	198958 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner ٢٣-٠٣-٢٠٢٤ ١٨.١٦_1.jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	144.3 كيلوبايت 
الهوية:	198959 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner ٢٣-٠٣-٢٠٢٤ ١٨.١٦_1(2).jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	90.0 كيلوبايت 
الهوية:	198960 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner ٢٣-٠٣-٢٠٢٤ ١٨.١٦_1(3).jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	86.0 كيلوبايت 
الهوية:	198961

  • #2
    Technology and society

    We must always remember that the technology we mean is the modern technology, the technology of enormous rotating wheels, the technology of machines, the technology of coal, oil, and electricity, not the ancient technology that man has tried to create since the time of Adam.

    This technique, which we mean, began about 3 centuries ago, more or less, depending on the amount of it that a person acquired. Human society before these few centuries was dispersed into villages. And small cities, and ask what the population of Cairo, Baghdad, Damascus, London, or Paris was in those days, and you will understand the meaning of what I am saying.

    Modern technology came, little by little, making every small thing big, and the village became a city, and the city became a large capital. We began to hear of millions congregating in the small space.

    And the reason?

    Look with me at society. What society, what society, in what era? It consists of a group that cultivates, a group that manufactures, and a group that distributes the product of agriculture or industry among the people, and we call them merchants.

    This is society originally, and other groups follow. Employees of merchants, farmers, and manufacturers are only subordinates. Those responsible for transportation are only followers. Court officers and police officers followed. Medicine and education followed. All of these are services called for by the presence of the farmer, the manufacturer, and the merchant, those connected to production at its primary sources.

    Modern technology came and turned the means of production upside down. Machines and the forces they manage have become enormous, producing in an hour what man was unable to produce in months, even if he knew how to produce. Production increased and increased.

    But this great production requires a lot of money. From here companies were born. Zaid's money to Amr's money to money, and the money consisted of large capitals. Khalid established great factories that increased production in abundance and abundance.

    The small manual factory that used to employ twenty-ten workers now employs thousands and thousands.

    Workers gathered en masse around the factories, and cities arose. With the emergence of cities, the size of all services increased, including police, courts, medicine, education, and transportation. Technologists became creative in what they made, and the products varied, types, and degrees.

    Needs that the human being of this earth had no knowledge of were created by civilization, rather by technology, as a creation, and thus the train and locomotive became among the necessities. The Car . The plane. Steamship and non-shipship, telephone. Wired and non-wired telegraphy. The radio. the television . Even clothes and their types. And even types of food. Today, you enter what they call the central market, and you wander with your eyes through its hundred shelves, and look at the food in its bags and boxes and naked, and you are confused about what to take.
    And what do you leave?

    All of these things, and we have mentioned a few of them,
    We left out a lot of them, all of them need factories, factories need makers, the product itself needs marketing, and marketing needs men.

    For all this there was this inflation in business, and this diversity. So, there is agglomeration among the population.

    Workers in direct production or its ancillaries need education, as the industry rejects the ignorant. In need of nursing and correction, the industry rejects the incorrect patient. What happened in industry also happened in agriculture, especially in this twentieth century.

    The bottom line of all this is a higher standard of living. He rose among the majority of people and among the majority of men and women, and I do not mention the owners of palaces. Even the ancient masters of palaces did not know the virtue of the technique, which is the virtue of the human mind, which is the grace of God. They did not know its virtue in their ancient daily life, as the man knew it from among the majority of people who chose him from this era in which we live, in nations that we describe as advanced. If we called it advanced technology, we would be more precise.

    The technique was not all good:

    The technique brought people an undeniable yes. Or it is more correct to say that the taknyah brought an undeniable yes to its owners. A third of the world was blessed with her, and the remaining two-thirds were miserable by her absence and trying to catch up.

    However, if you looked at many of the current problems of the people of the earth, you would find that they were attributed to this nickname.

    An example of this is the problem of work and workers.
    What workers became aware of, and became more aware of in the middle of the last century, was the increase in production that they created, and their share of existing earnings compared to that earned by the owners of capital. People's standards of living are rising, so what about the standards of workers? A rivalry arose that has not ended to this day.

    From this rivalry, or under its shadow, modern social doctrines arose. It arose in the middle of the last century, when the worker almost worked from sunrise to sunset, and received only a small wage. He had no security in life. Not from its luxury, but from its reasonable levels. It was natural for it to arise in the shadow of this extreme injustice
    What doctrines arise?

    Many economists supported the demands of the workers and supported them on humanitarian grounds, and on economic grounds. They said that this multiplying production must have a purchasing power in the markets to absorb it. Increasing workers' share of earnings increases purchasing power.

    An example of the misfortune people experience with regard to the technique is that of the nations that were blessed with their well-known colonial behavior.

    The technique gave its people all the means of oppression. She gave it from
    Means of war and destruction do not occur to a human being and great ability is combined with great weakness
    Most nations were steadfast in the face of the technological colonial attack. It was among the morals of man in those days to be proud of what colonialism had gained him. One country is proud that it is the master of the seas, and is proud that the sun never sets where it rests on the surface of the earth, and another is proud that its flag must be spread everywhere.

    An example of what people are miserable about is the technique. And from the knowledge that supports it, the means of destruction that man has invented for his enemies, then he wakes up to the terrible truth. The enemies have created something like it. It is not for the destruction of his enemies alone, but rather for the destruction of him and all of them.

    By this we mean, of course, the atomic bomb and the carriers
    Which it carries or throws to any place on earth.

    Knowledge and technology are not described as good or evil:

    And you ask the scholars about this knowledge and this technique, what is wrong with them? They tell you that there is no good in either of them at all, and there is no evil in either of them. They are like a scalpel to a surgeon, with which he can kill, or wound in order to heal, or they are like water, with which you can quench thirst or with which you can block and disperse breaths.

    As for good or evil, it is in man.
    They talk to you about wisdom, and they say that it is left behind in man, but his mind precedes it. Wisdom must take precedence so that a person can be freed from the calamities of technology and enjoy the gains alone.

    They called the technique “materialism” due to its inability and shortness of tail:

    A people from the East adopted the life that the people of the earth call worldly, or lowly, a life of austerity, even if it was forced upon them. They do not see this as a non-material technique. In this they may be like the fox who looked at the grapes and found it high and unattainable, so he said, “It is bitter sour grapes,” and went away seeking it. They may be what they call sincere ascetics, who see a person emerging from annihilation at his birth to end in annihilation upon his death, and that living is the awakening of a sleeper that It must end and it is the awakening of a lifetime, and life is short, so why does a person care so much about a life whose first description is short?

    People like these see the opinion of Al-Ma'arri about living, or the opinion of Omar Khayyam. I often go through hours when I see the truth in this clear and clear. Then I do not dare to say: This right requires steadfastness beyond what the ability of a human being living on this earth is capable of. Al-Ma'arri was satisfied with him, and he was able to do so, because, firstly, he was the owner of the two prisoners, and the people are not like that, and because secondly, he was the man who said: This was committed by my father Ali, and I did not commit a crime against anyone.

    تعليق

    يعمل...
    X