التكنية
اذا أنت سألت ما الذي جعل بعض أمم الأرض متقدما وبعضها متخلفا ، قيل لك انها ، التكنية .
واذا انت سألت ما الذي فرق العزة والذلة بين الأمم ، فبعض عزيز ، وبعض ذليل ، قيل لك انها التكنية.
واذا أنت سألت ما الذي خالف بين أنصبة الناس من ثروة وفقر ، وصحة ومرض ، وسعادة وتعاسة ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي جعل محصول هذه الأرض ، في الشرق سبعة ، ومحصول تلك التي هي مثلها في الغرب سبعة عشر ، والحب واحد مقدارا ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي جر العربة والعربات ، مقطورة وغير مقطورة ، بغير حصان يجر ولا حمار ، قيل انها التكنية .
واذا أنت سألت وكيف ركب الانسان الجو بغير بساط سليمان ، قيل لك انها التكنية .
واذا انت سألت كيف أمكن انسانا أن يحدث انسانا في الجانب الآخر من الأرض ، في ثوان من بعد طلبه ، وأن يحدثه كأنما جمعتهما الحجرة الواحدة ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي رفع الدور أطباقا عشرا وعشرين وثلاثين ، وأضاءها بأسلاك تحمل اليها النور في أكواب ألوف وملايين ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي صنع هذه المدائن الكبيرة، وزودها بكل هذه المرافق الحديثة الغريبة الكثيرة ، فاعلم أنها التكنية .
ثم ضع يدك بعد ذلك في جيبك ، أو تحسس بأصابعك . وسوف تجد هناك لا شك شيئا صغيرا دقاقا. انه يدق وحده وقد يدق وأنت تحمله السنين في معصمك ولا يتوقف أبدا . سل نفسك ، هذه البدعة الصغيرة القليلة اليسيرة التي قلما يفطن حاملها اليها وهي تصاحبه العمر كله سل نفسك ما الذي جعلها تساير الزمن حتى كأنها بعض نجوم هذه السماء في دورانها .
ثم سل نفسك ، كم قطعة توجد داخل هذه العلبة التي يتراءى لك وجهها من وراء زجاجة مائة هي ؟ مائتان ؟ مئات ؟ وكيف تركبت ، وكيف تألفت ، وكيف سعى بعضها وراء بعض يحث خطاه ، بحيث لا تسرع فتسبق الشمس ، ولا تبطىء فتتخلف عنها .
وسيأتيك الجواب من بعد ذلك . انها التكنية .
ثم سل نفسك السؤال الأخير الحاسم : من صنع لك أنت هذه الساعة الصغيرة القليلة ، التي حملها معصمك ، تلك التي تتحكم في كل شأنك ، وتنظم صحوك ونومك، والحركة لك والسكون سل نفسك من صنعها. صنعها قومك أم غير قومك .
فعندئذ تعلم أين أنت ، وأين قومك مما أسموه بالتقدم ، والتخلف في هذه الحياة الحاضرة .
⏺جعلت منَ الْأُممِ أغنياء وجعلت فقراء .
⏺جعلت منَ الْأُمَم أَعِزَّةَ وجعلت أَزِلَّهُ .
⏺أنبتت فِي النَّاسِ عِلْماً وأنبتت جَهْلاً .
⏺القرى جَعَلَتها مدنا ، والمَدْنَ جَعَلَتْ مِنها عَوَاصم .
⏺أدخلت من الرفهِ في بيوت أواسط الرجال مِنْ أَهْلِ هذا العصر مالم يدركه الأمراء في سالف العصور.
- التكنية قديمة حديثة :
ان التكنية ولدت ، على حال ما ، منذ ألف وألف من السنين . انها ولدت منذ حاول انسان تلك الأزمان أن يصنع من الحجر شيئا يقطع به أو يحفر ، أو يصنع عجلة يحمل عليها الأثقال فتدرج على الأرض ، وهي مع الدرج والدوران تسير .
التكنية بهذا وأمثال هذا قديمة قدم الدهر .
ولكن التكنية الحديثة بدأت منذ قرنين أو ثلاثة بدات قليلة ، ثم كثرت ، ثم ازدادت كثرة ، ثم ازدحمت بها الدنيا ذلك الازدحام الذي نراه في القرن العشرين .
والذي حفز انسان هذه العصور الحديثة الى التكنية ، وفتح أبوابها ، وسعها أمامه شيئان :
۱ - ظهور العلم الحديث ، وهو لم يكد يظهر الا في القرن السادس عشر بل السابع عشر .
۲ - تغيير مصدر القوة في صنع الأشياء ، وانجاز الأعمال . فقد كان العضل الانساني ، أو العضل الحيواني ، هو مصدر القوة الأساسي الواحد . ثم جاء البخار من الفحم ، وجاءت الكهرباء ، ولحق بهما زيت الأرض ، مصادر للقوة ، فكأنما أطلق الانسان بها من قماقم ثلاثة ، ماردا فماردا فماردا ، حملوا له على ظهورهم الألف طن في ساعة ، وكان لا يقدر ظهر الانسان على غير حمل طن واحد في الساعتين والثلاث . ثم لا يلبث أن يتعب ويكل ، والمارد لا يتعب ولا يكل ، لأنه ، فحما كان أو بترولا ، انما هو خزين السنين ، خزنته الشمس طاقة في الأرض ، كما يخزن الكنز الثمين ، ثم كشفه الانسان ، وأكثر من كشفه أنه استطاع أن يستخدمه ، بالعقل ، وبالفكر ، وبالحيلة ، وبالعلم . فان كان للشمس الفضل في خزن هذه القوة الهائلة التي اعتمدت عليها تكنية هذا العصر ، فللانسان الفضل أكبر الفضل ، لأنه هو صنع ، وهو ابتدع ، وهو أنجب كل هذا المكن الدوار .
ان الشمس أعطت المارد ذا القوة الهائلة ، والساعد ذا العضل المفتول ، ولكن الانسان هو الذي علم هذا المارد كيف يصنع بيديه ، وماذا يصنع . انه مارد أطلقته الشمس بلا ارادة ، فوضع الانسان في رأسه الارادة .
والانسان وضعها على الأكثر للخير . ولكن للأسف وضعها كذلك ، وأحيانا ، للشر والدمار .
أذكر أن أحد العلماء قال : لقد هززنا شجرة المعرفة هزا متواصلا عنيفا ، حتى سقطت منها آخر ثمرة عرفناها ، فكانت هي القنبلة الذرية والعالم الذي قال ذلك ، كان عالما ذريا ، نسیت من هو .
اذا أنت سألت ما الذي جعل بعض أمم الأرض متقدما وبعضها متخلفا ، قيل لك انها ، التكنية .
واذا انت سألت ما الذي فرق العزة والذلة بين الأمم ، فبعض عزيز ، وبعض ذليل ، قيل لك انها التكنية.
واذا أنت سألت ما الذي خالف بين أنصبة الناس من ثروة وفقر ، وصحة ومرض ، وسعادة وتعاسة ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي جعل محصول هذه الأرض ، في الشرق سبعة ، ومحصول تلك التي هي مثلها في الغرب سبعة عشر ، والحب واحد مقدارا ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي جر العربة والعربات ، مقطورة وغير مقطورة ، بغير حصان يجر ولا حمار ، قيل انها التكنية .
واذا أنت سألت وكيف ركب الانسان الجو بغير بساط سليمان ، قيل لك انها التكنية .
واذا انت سألت كيف أمكن انسانا أن يحدث انسانا في الجانب الآخر من الأرض ، في ثوان من بعد طلبه ، وأن يحدثه كأنما جمعتهما الحجرة الواحدة ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي رفع الدور أطباقا عشرا وعشرين وثلاثين ، وأضاءها بأسلاك تحمل اليها النور في أكواب ألوف وملايين ، قيل لك انها التكنية .
واذا أنت سألت ما الذي صنع هذه المدائن الكبيرة، وزودها بكل هذه المرافق الحديثة الغريبة الكثيرة ، فاعلم أنها التكنية .
ثم ضع يدك بعد ذلك في جيبك ، أو تحسس بأصابعك . وسوف تجد هناك لا شك شيئا صغيرا دقاقا. انه يدق وحده وقد يدق وأنت تحمله السنين في معصمك ولا يتوقف أبدا . سل نفسك ، هذه البدعة الصغيرة القليلة اليسيرة التي قلما يفطن حاملها اليها وهي تصاحبه العمر كله سل نفسك ما الذي جعلها تساير الزمن حتى كأنها بعض نجوم هذه السماء في دورانها .
ثم سل نفسك ، كم قطعة توجد داخل هذه العلبة التي يتراءى لك وجهها من وراء زجاجة مائة هي ؟ مائتان ؟ مئات ؟ وكيف تركبت ، وكيف تألفت ، وكيف سعى بعضها وراء بعض يحث خطاه ، بحيث لا تسرع فتسبق الشمس ، ولا تبطىء فتتخلف عنها .
وسيأتيك الجواب من بعد ذلك . انها التكنية .
ثم سل نفسك السؤال الأخير الحاسم : من صنع لك أنت هذه الساعة الصغيرة القليلة ، التي حملها معصمك ، تلك التي تتحكم في كل شأنك ، وتنظم صحوك ونومك، والحركة لك والسكون سل نفسك من صنعها. صنعها قومك أم غير قومك .
فعندئذ تعلم أين أنت ، وأين قومك مما أسموه بالتقدم ، والتخلف في هذه الحياة الحاضرة .
⏺جعلت منَ الْأُممِ أغنياء وجعلت فقراء .
⏺جعلت منَ الْأُمَم أَعِزَّةَ وجعلت أَزِلَّهُ .
⏺أنبتت فِي النَّاسِ عِلْماً وأنبتت جَهْلاً .
⏺القرى جَعَلَتها مدنا ، والمَدْنَ جَعَلَتْ مِنها عَوَاصم .
⏺أدخلت من الرفهِ في بيوت أواسط الرجال مِنْ أَهْلِ هذا العصر مالم يدركه الأمراء في سالف العصور.
- التكنية قديمة حديثة :
ان التكنية ولدت ، على حال ما ، منذ ألف وألف من السنين . انها ولدت منذ حاول انسان تلك الأزمان أن يصنع من الحجر شيئا يقطع به أو يحفر ، أو يصنع عجلة يحمل عليها الأثقال فتدرج على الأرض ، وهي مع الدرج والدوران تسير .
التكنية بهذا وأمثال هذا قديمة قدم الدهر .
ولكن التكنية الحديثة بدأت منذ قرنين أو ثلاثة بدات قليلة ، ثم كثرت ، ثم ازدادت كثرة ، ثم ازدحمت بها الدنيا ذلك الازدحام الذي نراه في القرن العشرين .
والذي حفز انسان هذه العصور الحديثة الى التكنية ، وفتح أبوابها ، وسعها أمامه شيئان :
۱ - ظهور العلم الحديث ، وهو لم يكد يظهر الا في القرن السادس عشر بل السابع عشر .
۲ - تغيير مصدر القوة في صنع الأشياء ، وانجاز الأعمال . فقد كان العضل الانساني ، أو العضل الحيواني ، هو مصدر القوة الأساسي الواحد . ثم جاء البخار من الفحم ، وجاءت الكهرباء ، ولحق بهما زيت الأرض ، مصادر للقوة ، فكأنما أطلق الانسان بها من قماقم ثلاثة ، ماردا فماردا فماردا ، حملوا له على ظهورهم الألف طن في ساعة ، وكان لا يقدر ظهر الانسان على غير حمل طن واحد في الساعتين والثلاث . ثم لا يلبث أن يتعب ويكل ، والمارد لا يتعب ولا يكل ، لأنه ، فحما كان أو بترولا ، انما هو خزين السنين ، خزنته الشمس طاقة في الأرض ، كما يخزن الكنز الثمين ، ثم كشفه الانسان ، وأكثر من كشفه أنه استطاع أن يستخدمه ، بالعقل ، وبالفكر ، وبالحيلة ، وبالعلم . فان كان للشمس الفضل في خزن هذه القوة الهائلة التي اعتمدت عليها تكنية هذا العصر ، فللانسان الفضل أكبر الفضل ، لأنه هو صنع ، وهو ابتدع ، وهو أنجب كل هذا المكن الدوار .
ان الشمس أعطت المارد ذا القوة الهائلة ، والساعد ذا العضل المفتول ، ولكن الانسان هو الذي علم هذا المارد كيف يصنع بيديه ، وماذا يصنع . انه مارد أطلقته الشمس بلا ارادة ، فوضع الانسان في رأسه الارادة .
والانسان وضعها على الأكثر للخير . ولكن للأسف وضعها كذلك ، وأحيانا ، للشر والدمار .
أذكر أن أحد العلماء قال : لقد هززنا شجرة المعرفة هزا متواصلا عنيفا ، حتى سقطت منها آخر ثمرة عرفناها ، فكانت هي القنبلة الذرية والعالم الذي قال ذلك ، كان عالما ذريا ، نسیت من هو .
تعليق