المغربية نادية العشيري: الأدب السري يكتب للأجيال المقبلة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المغربية نادية العشيري: الأدب السري يكتب للأجيال المقبلة

    المغربية نادية العشيري: الأدب السري يكتب للأجيال المقبلة


    الفائزة بجائزة الشيخ حمد للترجمة ترى أن "الأدب السري" هو أدبٌ مكتوب في ظروف صعبة جدا، يتعرض الإنسان خلالها لخطر الموت ويسعى أن يبقي هذا الأثر بعده.
    الخميس 2024/03/28
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أبحث عن حقيقة النساء في المجتمع الأندلسي

    الرباط - تذكر المترجمة المغربية الدكتورة نادية العشيري أن علاقتها بالترجمة ترجع إلى فترة إنجازها لبحث الدكتوراه الذي تناولت فيه صورة المرأة في مصادر الأدب الأندلسي.

    وتضيف الفائزة بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة (المركز الأول في فئة الترجمة من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية) أنها ترجمت سير النساء اللائي وجدتهن في عدد كبير من كتب التراجم والسير، كما ترجمت الأمثال الشعبية الأندلسية التي حققها الأكاديمي محمد بنشريفة، وترجمت الكثير من المقامات وأجزاء من شعر الرجال وشعر النساء، إضافة إلى رسائل معروفة، لأنها كانت تبحث عن “حقيقة النساء في المجتمع الأندلسي”، أي كيف استطاع هؤلاء النسوة تحقيق المكانة المعروفة عنهن، وكيف كن يتحركن داخل المجتمع.

    وتوضح العشيري أن علاقتها بالترجمة بدأت في ثمانينات القرن الماضي، وقد استمرت وتكرست من خلال عملها في التدريس، إذ وجدت الفرصة للتعامل مع النظريات ومع الجانب التطبيقي، وهناك نصوص درستها، مثل مسرحية عن الموريسكيات كتبت بالإسبانية وترجمت إلى الفرنسية؛ فاشتغلت على ترجمتها إلى العربية، وهي تدور حول “بطلات ثورة البشرات”، لأن الحديث عن هذه الثورة غالبا ما كان يتطرق لدور الرجال ويغفل دور النساء.



    وتلفت إلى أنها ترجمت بعض القصائد في زمن جائحة كورونا، في إطار التواصل والتبادل الثقافي مع الشعراء من مختلف القارات، كما شاركت في ترجمة كتاب بعنوان “الخيار النقض – كولونيالي” صدر عام 2021.

    أما تجربتها “الحقيقية” في الترجمة كما تصفها العشيري، فكانت مع الكاتب والأكاديمي المغربي محمد برادة في ترجمة كتاب “الأدب السري لمسلمي إسبانيا الأواخر.. الأدب السري للموريسكيين” للكاتبة لوثي لوبيث بارالت، وهي الترجمة التي حظيت بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة.

    تقول العشيري إن سعادتها كبيرة لأن هذه الترجمة نالت إعجاب لجنة التحكيم، ولأن هذا الكتاب لقي ترحيبا وتقديرا من طرف المتخصصين وغير المتخصصين، مضيفة أن موضوع الكتاب مغر للبحث ولإعادة التفكير في ما نعيشه اليوم، لأن هناك ارتباطا كبيرا بين ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة اليوم وما تعرض له الموريسكيون على أرض الأندلس في زمن مضى، إذ هجّروا قسرا وعذبوا وقتلوا، ولم ينج منهم إلا من استطاع أن يعبر الحدود إلى خارج البلاد.

    ووفقا للعشيري، فإن صاحبة الكتاب (وهي من بورتوريكو)، شعرت بمأساة الموريسكيين وما تعرضوا له، فربطت مباشرة ما حدث لهم بما يحدث في فلسطين، فهناك تشابه كبير بين الظرفين، و”إذا لم تسْتق العبرة من دراسة التاريخ، فما الحاجة إلى دراسة التاريخ” بحسب تعبيرها.

    وحول أطروحة هذا الكتاب، توضح العشيري أن “الأدب السري” هو أدبٌ مكتوب في ظروف صعبة جدا، يتعرض الإنسان خلالها لخطر الموت ويسعى أن يبقي هذا الأثر بعده، فيكتب للأجيال المقبلة. وتقول في هذا السياق “هذا الصوت الذي طال عهده بالصمت وصل، لأننا استطعنا أن نعرف من نحن، لأننا نعتبر أنفسنا أيضا حفدة الموريسكيين، وهناك الكثير من الأشياء نمارسها في حياتنا اليومية ولم نكن نعرف أصلها من قبل، وعندما وصل التراث إلى أيدينا عرفنا لمَ كنا نقوم بما نقوم به. لماذا نفعل هذا؟ ولماذا نردد هذا المثل؟ وغيرها من التفاصيل الدقيقة جدا”.

    من الضروري استغلال الترجمة لإعادة الوشائج بين العالم العربي وإسبانيا باعتبارها امتدادا في التاريخ وتمثل تراثا مشتركا

    ووفقا للعشيري، فإن كلمة “الأدب” في مصطلح “الأدب السري” لا تشمل الأدب الكلاسيكي المعروف، رغم أن هناك فصلا في الكتاب يشير إلى هذا الأدب المرتبط والمؤثر والمتأثر بالأدب الإسباني في العصر الذهبي له، لكن الكاتبة لوثي في عنوانها، كانت واعية بالأدب الشعبي، الذي يشتمل على أشياء مرتبطة بالعقيدة والجغرافيا أيضا، فهناك وصف للرحلات وتتبع لمسارها منذ وقت مغادرة البيت إلى وصول البلد المستهدف، وحديثٌ عمّا يحدث للمهاجرين خلال طريق الهجرة وعما دفعوه لصاحب المركب الذي سيحملهم إلى الضفة الأخرى.

    وتقول العشيري إن هذا الكتاب “مشوق ومفيد جدا”، ويجد فيه القارئ أشياء لا يتوقعها، وهو يشتمل على “عنصر المفاجأة، وعنصر التماهي والتعرف على الذات”. وتكشف عن شعورها منذ البداية بأن الكتاب سيكون له شأن، وهو الشعور نفسه الذي كان لدى الباحث والمؤرخ والأكاديمي التونسي عبدالجليل التميمي، صاحب فكرة ترجمة الكتاب، الذي أسند هذه المهمة لها ولبرادة.

    وتؤكد العشيري أهمية إعادة الوشائج بين العالم العربي وإسبانيا، باعتبارها امتدادا في التاريخ، وأيضا أهمية إحياء هذا التراث المشترك عن طريق الترجمة، لأنها “تسمح بالتعرف على الآخر ومدّ جسور التعارف وبناء علاقات سليمة وسلمية تنشأ عنها أشياء إيجابية لتحقيق السلم والأمن والتواصل بين الشعوب، وهذا ما تنشأ عنه المحبة والخير، تجاوزا لما يحدث الآن أيضا، فهذا ناتج عن صور نمطية وتصورات غير صحيحة، والترجمة هي التي تصحح كل ذلك”.

    يذكر أن العشيري تعمل أستاذة باحثة في مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، وهي مؤسسة تابعة لجامعة عبدالمالك السعدي، وكانت قد عملت قبل ذلك لمدة ثلاثين سنة في جامعة مولاي إسماعيل في مكناس، وحصلت على شهادة الدكتوراه من الجامعة المركزية في مدريد (Universidad Complutense de Madrid)، وقبل الدكتوراه درست سنتين تحضيريتين بجامعة غرناطة.
يعمل...
X