الذّرَّة
تشق طريقها إلى الصناعة ، وسائر مرافق الحياة ، شقا حثيثا
ما الذي ساعد هذه المدنية الحاضرة أن تكون ؟
ثم ما الذي ساعدها بعد كينونة أن تتطور وتتقدم ؟
الجواب : أسباب كثيرة .
من أولها : مصادر القوة ، قوة في فحم ، قوة في زيت ، وحتى قوة في ماء اذ ينحدر من أعاليه .
كان كل شيء في أول الأمر يعتمد على عضل الانسان مصدر القوة الطبيعي الأول . أقول كل شيء : المشي ، الجري ، التنقل ، نظافة البيت ، طبخ الطعام ، الصناعة، النجارة ، الحدادة ، الفراشة . ومن أجل ذلك كانت ومن أجل ذلك كانت مطالب مطالب الحياة بسيطة المدينة على بساطتها أشبه بمطالب القرية .
- الفحم والزيت قلبا حياة الانسان رأسا على عقب :
وحلت قوة في الفحم ، محل قوة في العضل ، فتغير الحال . تغير في المدينة ، وتغير في القرية . وحل الزيت محل الفحم ، أو شاركه ، فازدادت الحال تغيرا في مدينة وفي قرية . المشي الذي كان بالقدم ، صار تنقلا بالبنزين .
والصناعة التي كانت باليد ، استودعها الانسان أيدي الآلات الضخمة . والحياة انقلبت رأسا على عقب .
أقول هذا ، وأود أن أصرخ به ، في آذان أقوام كلما ذكرنا لهم العلم ، وخطره في الحياة الحاضرة ، من منزلية ، ومدرسية ، ومكتبية ، واجتماعية ، وسياسية، وفي كل وجه من وجوه هذه الحياة ، قالوا لك استصغارا واحتقارا : يعني أيه . تقصد الصناعة .
وهم يقولونها هكذا ببساطة تكاد أن تكون بلاهة لا يدرون أن هذه الصناعة ، قلبت المجتمع قلبا ، وقلبت الناس ، وغيرت من عاداتهم ، في عمل وفي راحة ، وفي جد وفي هزل ، وفي سعيهم نهارا وفي سهرهم ليلا . وحتى في ايوائهم الى أفرشتهم ، الى يمينهم آلة تذيع السامع ، أو الى يسارهم مصباح ينير القارىء .
حياة المدنية الحاضرة ، التي يحلو لكثيرين من الرجعيين بأن يسموها مدنية مادية تصغيرا لها وتهوينا من شأنها ، وهي مصدر للروحانية قد يفوق المصادر جميعا ، هذه المدنية مرتبطة شأنا وحياة وعمرا بعمر مصادر القوى التي خلقها الفحم والزيت .
- الفحم والزيت الى فناء :
ونسميهما بالوقود الحفري ، لأن كليهما يحفر عنه .
وهكذا يسميهما العلماء .
فالى أي مدى يمتد الزمن بعمريهما ، واذن بعمر هذه المدنية الحاضرة ؟
سؤال لا بد للجواب عنه من الرجوع الى العلماء المختصين .
ولقد طلب الرئيس الأمريكي كندى ، الى لجنة الطاقة الذرية بالولايات المتحدة ، وهي تتألف من رجال اختصاص ، أن تقوم بدراسة جديدة تستطلع بها حاضر القوى المستمدة من الذرة ، وكذلك مستقبلها .
وقد جاء في تقريرها الذي تقدمت به اللجنة حديثا الى الرئيس الأمريكي ، فيما يختص بالوقود الحفري ، الفحم والزيت ، ما يلي :
( ان حاجة الأمم المتزايدة من القوى ، ستقتضي حتما زيادة مضطردة في استهلاك المصادر الجارية اليوم لهذه القوى ، أي الفحم ، والزيت وما يكون مع الزيت من غاز طبيعي . وهو استهلاك مضطرد متصاعد، سيؤدي بهذه المصادر الى الفراغ . والعمر المقدر لهذه المصادر ، فاذا بناء على ذلك الحساب ، لن يزيد على قرن واحد أدخلنا في الحساب مصادر هذا الوقود المؤكدة المعروفة ، والمصادر المحتملة المظنونة ، فسوف يمتد بها العمر قرنا آخر ) .
ولكن عندما يبلغ هذا الوقود الحفري ، من فحم وزيت وغاز طبيعي ، هذه الحدود من القلة ، فسوف تجمع الأمم على توفير نصيب منه ، يمتد زمانا ، لا للحريق وانتاج القوى ، ولكن لتحويله بالصناعة الى مواد أخرى اغلى ثمنا وأكثر نفعا ، وأعز قيمة .
ونزيد فنقول انه ليس يخفى أن استعمال هذا الفحم والزيت والغاز ، وقودا يحرق ، انما هو ، من الوجهة الاقتصادية ، بلاهة واسفاف .
ان الفحم مصدر للعقاقير والأصباغ وغير ذلك وان الزيت مصدر المركبات كيماوية كثيرة ، بها منافع كثيرة للناس ، وقد يكون منه ما يتحول بفعل البكتير الى طعام كاللحم .
وهي مواد أهدتها الطبيعة الى الناس ، عقودا من الذرات منظومة ، لا يفعل بها الحريق ، من أجل اصطناع القوى ، الا تمزيق نظامها واهدار كرامتها ، والعبث بتلك الروابط الكيماوية الغالية التي جمعت بين ذرة وذرة ، تمهيدا لزيادة في الربط ، لا لزيادة في التفكيك كما يفعل الحريق .
ان استخدام الفحم والزيت حريقا ، من أجل حرارة يعطيانها ، انما يقع بمنزلة احراق القطن والكتان ، من أجل حرارة يعطيانها ، بينا في الامكان صنع الأنسجة منهما ملابس للناس وأفرشة يفترشونها ، وقاء من عاديات الأجواء وطلبا لبعض طيبات الحياة .
( منظر لرأس الفرن الذري ( المفاعل ) بكلدرهول ، بانجلترا . وترى فيه الأنابيب المشحونة باليورنيوم ، ذلك العنصر الذي ينشق فينتج الحرارة التي تصنع البخار الذي يدير التربينات في حقولها المغناطيسية ، فتنتج من ذلك الكهرباء )
تشق طريقها إلى الصناعة ، وسائر مرافق الحياة ، شقا حثيثا
ما الذي ساعد هذه المدنية الحاضرة أن تكون ؟
ثم ما الذي ساعدها بعد كينونة أن تتطور وتتقدم ؟
الجواب : أسباب كثيرة .
من أولها : مصادر القوة ، قوة في فحم ، قوة في زيت ، وحتى قوة في ماء اذ ينحدر من أعاليه .
كان كل شيء في أول الأمر يعتمد على عضل الانسان مصدر القوة الطبيعي الأول . أقول كل شيء : المشي ، الجري ، التنقل ، نظافة البيت ، طبخ الطعام ، الصناعة، النجارة ، الحدادة ، الفراشة . ومن أجل ذلك كانت ومن أجل ذلك كانت مطالب مطالب الحياة بسيطة المدينة على بساطتها أشبه بمطالب القرية .
- الفحم والزيت قلبا حياة الانسان رأسا على عقب :
وحلت قوة في الفحم ، محل قوة في العضل ، فتغير الحال . تغير في المدينة ، وتغير في القرية . وحل الزيت محل الفحم ، أو شاركه ، فازدادت الحال تغيرا في مدينة وفي قرية . المشي الذي كان بالقدم ، صار تنقلا بالبنزين .
والصناعة التي كانت باليد ، استودعها الانسان أيدي الآلات الضخمة . والحياة انقلبت رأسا على عقب .
أقول هذا ، وأود أن أصرخ به ، في آذان أقوام كلما ذكرنا لهم العلم ، وخطره في الحياة الحاضرة ، من منزلية ، ومدرسية ، ومكتبية ، واجتماعية ، وسياسية، وفي كل وجه من وجوه هذه الحياة ، قالوا لك استصغارا واحتقارا : يعني أيه . تقصد الصناعة .
وهم يقولونها هكذا ببساطة تكاد أن تكون بلاهة لا يدرون أن هذه الصناعة ، قلبت المجتمع قلبا ، وقلبت الناس ، وغيرت من عاداتهم ، في عمل وفي راحة ، وفي جد وفي هزل ، وفي سعيهم نهارا وفي سهرهم ليلا . وحتى في ايوائهم الى أفرشتهم ، الى يمينهم آلة تذيع السامع ، أو الى يسارهم مصباح ينير القارىء .
حياة المدنية الحاضرة ، التي يحلو لكثيرين من الرجعيين بأن يسموها مدنية مادية تصغيرا لها وتهوينا من شأنها ، وهي مصدر للروحانية قد يفوق المصادر جميعا ، هذه المدنية مرتبطة شأنا وحياة وعمرا بعمر مصادر القوى التي خلقها الفحم والزيت .
- الفحم والزيت الى فناء :
ونسميهما بالوقود الحفري ، لأن كليهما يحفر عنه .
وهكذا يسميهما العلماء .
فالى أي مدى يمتد الزمن بعمريهما ، واذن بعمر هذه المدنية الحاضرة ؟
سؤال لا بد للجواب عنه من الرجوع الى العلماء المختصين .
ولقد طلب الرئيس الأمريكي كندى ، الى لجنة الطاقة الذرية بالولايات المتحدة ، وهي تتألف من رجال اختصاص ، أن تقوم بدراسة جديدة تستطلع بها حاضر القوى المستمدة من الذرة ، وكذلك مستقبلها .
وقد جاء في تقريرها الذي تقدمت به اللجنة حديثا الى الرئيس الأمريكي ، فيما يختص بالوقود الحفري ، الفحم والزيت ، ما يلي :
( ان حاجة الأمم المتزايدة من القوى ، ستقتضي حتما زيادة مضطردة في استهلاك المصادر الجارية اليوم لهذه القوى ، أي الفحم ، والزيت وما يكون مع الزيت من غاز طبيعي . وهو استهلاك مضطرد متصاعد، سيؤدي بهذه المصادر الى الفراغ . والعمر المقدر لهذه المصادر ، فاذا بناء على ذلك الحساب ، لن يزيد على قرن واحد أدخلنا في الحساب مصادر هذا الوقود المؤكدة المعروفة ، والمصادر المحتملة المظنونة ، فسوف يمتد بها العمر قرنا آخر ) .
ولكن عندما يبلغ هذا الوقود الحفري ، من فحم وزيت وغاز طبيعي ، هذه الحدود من القلة ، فسوف تجمع الأمم على توفير نصيب منه ، يمتد زمانا ، لا للحريق وانتاج القوى ، ولكن لتحويله بالصناعة الى مواد أخرى اغلى ثمنا وأكثر نفعا ، وأعز قيمة .
ونزيد فنقول انه ليس يخفى أن استعمال هذا الفحم والزيت والغاز ، وقودا يحرق ، انما هو ، من الوجهة الاقتصادية ، بلاهة واسفاف .
ان الفحم مصدر للعقاقير والأصباغ وغير ذلك وان الزيت مصدر المركبات كيماوية كثيرة ، بها منافع كثيرة للناس ، وقد يكون منه ما يتحول بفعل البكتير الى طعام كاللحم .
وهي مواد أهدتها الطبيعة الى الناس ، عقودا من الذرات منظومة ، لا يفعل بها الحريق ، من أجل اصطناع القوى ، الا تمزيق نظامها واهدار كرامتها ، والعبث بتلك الروابط الكيماوية الغالية التي جمعت بين ذرة وذرة ، تمهيدا لزيادة في الربط ، لا لزيادة في التفكيك كما يفعل الحريق .
ان استخدام الفحم والزيت حريقا ، من أجل حرارة يعطيانها ، انما يقع بمنزلة احراق القطن والكتان ، من أجل حرارة يعطيانها ، بينا في الامكان صنع الأنسجة منهما ملابس للناس وأفرشة يفترشونها ، وقاء من عاديات الأجواء وطلبا لبعض طيبات الحياة .
( منظر لرأس الفرن الذري ( المفاعل ) بكلدرهول ، بانجلترا . وترى فيه الأنابيب المشحونة باليورنيوم ، ذلك العنصر الذي ينشق فينتج الحرارة التي تصنع البخار الذي يدير التربينات في حقولها المغناطيسية ، فتنتج من ذلك الكهرباء )
تعليق