في يومه العالمي أدباء يؤكدون دور الشعر في تحقيق السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في يومه العالمي أدباء يؤكدون دور الشعر في تحقيق السلام

    في يومه العالمي أدباء يؤكدون دور الشعر في تحقيق السلام


    الشعر العربي المعاصر يعلي من المعاني الإنسانية ومفاهيم الجمال والحوار والتعايش.
    الخميس 2024/03/21

    الشعر في خدمة اللغة (لوحة للفنان خالد الساعي)

    الشعر ديوان العرب، ومدونتهم التاريخية التي فيها نجد فيها قرونا من التاريخ بكل تقلباته، يصوّرها الشعراء انطلاقا من مشاعرهم ونظراتهم الذاتية التي تنفتح على الآخر. ولطالما كان الشّعر في أغلبه لغة سلام وتعايش، نابذا العنف والقتل والدمار، وهو ما يجعل من دوره اليوم ضروريا في عالم لم تتوقف فيه الحروب. وهذا ما يركز عليه المحتفون باليوم العالمي للشعر هذا العام.

    الدوحة - يحتفي العالم الخميس بالشعر، باعتباره أحد أشكال التعبير الإبداعي وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية، إذ أنه يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب، ويساهم في بناء جسور المحبة والحوار والسلام.

    وقد اعتمد المؤتمر العام لليونسكو، خلال دورته الثلاثين التي انعقدت في باريس عام 1999، يوم الحادي والعشرين من مارس اليوم العالمي للشعر، بهدف دعم التنوع اللغوي، ومنح اللغات المهددة بالاندثار فرص أكثر لاستخدامها في التعبير، وتكريم الشعراء وإبداعهم المتميز.
    ديوان العربية


    اليوم العالمي للشعر يسعى إلى دعم التنوع اللغوي ومنح اللغات المهددة بالاندثار فرصا أكثر لاستخدامها في التعبير

    حول عطاء الثقافة العربية في هذا المجال، ينوه عدد من الأدباء العرب بأهمية المناسبة في إلقاء الضوء على جهود الشعراء في صون اللغة العربية وتعزيز محتواها الحضاري، مشيدين بدور الشعر العربي المعاصر في إعلاء مفاهيم الجمال والحوار والتضامن والتعايش، ويؤكدون على رحابة عطاء الشعر العربي وتجدد أشكاله ومضامينه، وإسهام الحضارة العربية في تزيين الحياة بالحكمة والجمال والبلاغة.

    يوضح الشاعر والأديب القطري محمد إبراهيم السادة في تصريح له أن “الشعر مرآة تعكس ما يجيش بخاطر الأديب من أحاسيس تجاه الآخرين والمحيطين به أو تجاه أمكنته ووطنه أو آرائه ومعتقداته”، لافتا إلى قدرة الشعر على إعمار النفس بمشاعر الإكبار والاستحسان من خلال ألفاظ تحمل معاني مكثفة بإيقاع جميل، فقد نظم القدماء علومهم بالشعر حتى يسهل الحفظ على متلقي تلك العلوم لما للشعر من موسيقى وإيقاع.

    ويشير إلى أن الشعر حمل لنا الكثير من المعلومات عن حياة السابقين وطرق معيشتهم ورحلاتهم وأدواتهم والكثير من طباعهم وتجاربهم في الحياة، وكأن قصائدهم عبر مئات السنين رسائل تحمل لنا خبراتهم ونصائحهم.

    ويشدد السادة على أن الشعر العربي حمل لنا إبداعات في وصف الطبيعة وسحر جمالها من واحات وأنهار وكثبان، واحتفى بالإنسان من خلال أغراض شعرية كالغزل والإخوانيات والحماسة والفخر والرثاء وغيرها، وروى لنا وقائع ومعارك وأحداثا وهو بذلك وثق لنا جزءا من التاريخ.

    وحول تعدد وتنوع الأشكال الشعرية، يقول السادة إن “العبرة بجودة الشعر والإيقاعات ليست حكرا على أحد، فقد جدد الشعراء المحدثون أساليبهم وأدواتهم وصنعوا قوالب شعرية حظيت بإعجاب المتلقي وأرضت ذوقه وحسه الأدبي”.



    ومن جانبه يقول الشاعر والأديب السوداني الصديق عمر الصديق، “في اليوم العالمي للشعر، يذهب المشتغلون بالشعر إبداعا ودرسا مذاهب شتى في تقدير قيمة الشعر العربي، والتنويه بمآثر الشعراء الذين ضربوا بسهم كبير أو صغير في رفد حياضه، ولكنهم جميعهم يوقنون أن الشعر هو ديوان العربية الذي حفظ ألفاظها وتراكيبها، وطرائق بنائها، ورفدها بوابل غزير من تشعباته المجازية الساحرة، والأساليب البلاغية المبتكرة، وأصناف من النظم المبتدع من تنضيد الجمل الشعرية محكمة النسج؛ فكانت كلها مراكب للمعاني الحكمية الرفيعة”.

    ويرى أنه ليس عجيبا أن يعبأ الشعر العربي المعاصر بأمر ترقية الحس الجمالي، وإذكاء ذائقته، إذ نجد الشاعر العربي ممتزجا بالطبيعة هائما بعناصرها، سابحا في آفاق الجمال الكوني، شاهدا على تعانق المادة والروح في تأمل تجليات سفور الحسن الكوني حتى يصنع الشاعر وجودا مغايرا من الفن البديع.

    ويؤكد الصديق “إذا كان هذا شأن الشعر مع الجمال فليس عجيبا أن يعلي من شأن المعاني الإنسانية الرفيعة كالحوار، والتضامن البشري لإشاعة السلام والرغبة في التعايش بين البشر. ولأن الشعر عمل فني مركب، فإنه لا يتوسل في إعلاء هذه القيم توسل الخطابة والتقرير المباشر، وإنما يتخذ من الأساليب الفنية، من المجاز والانزياحات الأسلوبية، معبرا إلى الإبداع”.

    ويشدد على أن الشعر العربي فضاء شاسع مليء بالتعدد والتنوع في الأشكال والمضامين، وهو بستان كبير لك أن تقطف منه ما يروقك التماسا لشكل بعينه: عمودا مركوزا، أو تفعيلة مجنحة، أو نثرا شاردا متمردا. كلها أشكال بنائية من الكتابة الشعرية. أما المضامين فهي المحتوى الفكري الذي وسعه الشعر العربي من لدن الجاهليين، وغموض حنينهم الطللي، وروحانية المتنسكين، بأصناف من الفلسفات، والأفكار، والمذاهب العصرية، فالشعر حقا هو ديوان العرب بهذا المعنى وبغيره.
    شجرة الشعر ظليلة




    بدوره، يفيد الشاعر والأديب الموريتاني أدي ولد آدب في تصريح له أن تخصيص يوم عالمي للاحتفاء بالشعر، ما هو إلا رد جميل لهذا الإبداع الذي ظل يحتفي بكل الأيام المميزة، ويؤثث بالجمال، كل المناسبات والمواسم، والمحافل، مثلما كانت المواسم، والمناسبات تحتفي بالشعر، لاسيما بالنسبة إلى أمة العرب، التي كانت البلاغة عموما بصمة روحها، والشعر خصوصا أبو فنونها.

    ويوضح أن الإبداع الشعري أسهم منذ غابر الأزمان في تهذيب الأرواح، وبناء جسور الحب والسلام والجمال، ففي اللغة العربية علاقة وطيدة بين فن الشعر والمشاعر الإنسانية. فكانت بحوره مصب روافد الجمال والفن، حتى استطاع رقراقه، منذ غابر الأزمان، أن يطيب شظف الصحراء، وينضر جدبها، وأن يهذب الأرواح، ويشيع الحب والسلام والجمال، ففي اللغة العربية تجانس اشتقاقي بين فن الشعر والمشاعر الإنسانية.

    وحول أشكال الشعر وقوالبه، يقول الشاعر الموريتاني إن الشعر الحقيقي اليوم متمرد على أي قالب تقليدي، أو حداثي، لا يلائم روح الشعر الجموح، فالشعرية روح سارية في الأشكال، ويظلمها من يلتمسها في المعجم وحده، أو في التصوير، أو في العاطفة، أو في الفكرة، أو الوزن، أو القافية، أو البناء العام، كل على حدة، فهي طاقة سحرية تدب في كل أولئك معا.

    الشعر ديوان العربية والإبداع الشعري أسهم منذ غابر الأزمان في تهذيب الأرواح، وبناء جسور الحب والسلام والجمال

    ومن جانبه يعرف عيسى الشيخ حسن الشاعر الأديب السوري الشعر بأنه انهماك المجازات في تجميل الغامض، وتوتر اللغة في ترجمة الألم، والصعوبة بوصفها قنطرة إلى الوضوح، والغروب بوصفه برزخا بين لونين، والشعر منظور هندسي، وسدنته جديرون بأن نطلق أسماءهم على المكتبات وقاعات الجامعات وشوارع المدن. فهم حملة الفوانيس في ليل الأمة كي يضيئوا فكرة السعادة بالكلمة والصورة.

    وهنا يتذكر شعراء ماتوا مشردين، وغرباء، وجوعى جراء حيف السلطان، ومآلات الحروب السوداء، ووجع الحب. وعلى الرغم من ذلك ما زال القارئ العربي يرى الضوء المنبثق من قصائد أمل دنقل، ورياض الصالح حسين، وإدريس جماع، وعبدالوهاب الفيحاني.

    وحول دور الشعر العربي المعاصر في إعلاء مفاهيم الجمال والحوار والتضامن والتعايش، يشير إلى أن الشعر يدون الجمال والحرية والموت، ويزين الحياة، ونصوص الشعر الحقيقي عابرة للإثنيات والملل والنحل، والشعر أسس الحضارة، تلك التي تتناقلها الأمم مثل عصا التتابع. وربما كان لاتساع نشاط الترجمة في تعرفنا على طاغور الآسيوي وسنجور الأفريقي ونيرودا اللاتيني، وعرفتنا سونيتات شكسبير والدو بيت الفارسي، والهايكو الياباني.

    ويؤكد عيسى الشيخ حسن دور الشعر العربي في نشر رسالة السلام والحرية والأمل، وأنه ما زال رغم التحديات المعاصرة يفاجئ جمهوره بظواهر شعرية لافتة، فشجرة الشعر ظليلة تطعمت عبر العصور بأنواع جديدة، فحملت غصونها من كل الثمرات، وفي مرحلة تالية تشابكت هذه الأشكال وتبادلت مزاياها عبر تقنيات الحداثة كالتناص مثلا، واستعارت أشكالها كقصيدة النيو كلاسيك العمودية، وغير بعيد سرحت قصيدة النثر في مراع جديدة، مضيفة إلى الشعر العربي لونا جديدا. فالشعر في النهاية هو قوس احتمالات اللغة.
يعمل...
X