سي الكالة" كوميديا تشخص مرضا من أمراض المؤسسة المغربية
سلسلة لاقت استحسانا كبير ا من قبل الجمهور المغربي، وأثارت نقاشا قل ما يطرح حول هذا الفن.
السبت 2024/03/23
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الزبونية والمحسوبية في المؤسسات
الرباط - تعاني المؤسسات المغربية، منذ نشأتها إلى يومنا هذا، مما يمكن أن نصفه بـ“أمراض المؤسسة”، وتستغلها شبكات معقدة من السياسيين والمؤسساتيين لقضاء أغراضهم الخاصة، مما يجعلهم يسهرن على رعايتها، مستغلين مكانتهم الاجتماعية، دون حسيب ولا رقيب.
إن هذه الأمراض تتغلغل في بنية المؤسسة المغربية بتغلغل رعاتها، مما جعل العديد من النشطاء، والإعلاميين، والأكاديميين، وبعض السياسيين الشرفاء، منذ الاستقلال يشخصون هذه الأمراض وينتقدون الساهرين على استمراريتها والمستفيدين من انتشارها، ومن جهتهم يحاول بعض المشتغلين في الفن أن يقوموا بدورهم التاريخي في تقديم هذه الأمراض في قالب ساخر، ولعل ما يقدمه الفنان الكوميدي محمد باسو الذي ينتمي إلى المغرب العميق، والحاصل على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي، يعد مساهمة فعالة تستدعي التنويه قبل المناقشة.
أصدر محمد باسو سلسلة كوميدية خلال شهر رمضان بعنوان “سي الكالة”، حيث يقدم جملة من الباثولوجيات التي تعاني منها المؤسسات المغربية، كما يشخص هذه الأمراض بطريقة كوميدية.
تشخيص الأمراض الاجتماعية هو إحدى المهام الرئيسة للمثقف مهما كان فنانًا، أو صحافيًا، أو سياسيًا، أو فيلسوفًا، أو فقيهًا
تتناول هذه السلسلة واقع الزبونية والمحسوبية الناتجة عن انتشار الفساد في المؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حيث يظهر “سي الكالة” كشخصية تتدخل لحل مشاكل الآخرين بطرقها الخاصة، حتى لو كان ذلك بطرق غير قانونية.
يظهر “سي الكالة” بشكل رجل فاسد أخلاقيا، في مكتبه بين ملفات مختلفة الألوان فوقها بعض عملات نقدية مختلفة وهواتف كثيرة ترن كل ثانية دون ترك مهاتف دون جواب ودون إنهاء أي منها، ذلك لأن من يهاتفونه هم شخصيات مختلفة، لكل منها نفوذ في مؤسسة من المؤسسات أو مجال من المجالات، ودوره هو مساعدتهم على حل مشاكل عديدة بطرقه الخاصة.
وهذا نسميه في المغرب “الكالة” أي الوساطة القوية، عبر الرشاوى أو عبر تبادل المصالح. وهذا ما جعلنا نتحدث عن أمراض المؤسسات المغربية بشكل بنيوي، أي أنه مرض أصاب البنية بأكملها، حيث تؤثر في مختلف المجالات من التعليم والرياضة والوظيفة العمومية والسياسة والاقتصاد، وحتى المجال الديني.
وتأتي السلسلة في سياق يتسم بتسامح غير مفهوم من قبل الجمهور مع مختلف أشكال السلوك الفاسد الشيء الذي يمكن أن نفسّره بانتقال هذه الأمراض من المؤسسة إلى المجتمع، فصرنا نتحدث عن وضع مرضي، الناجي الوحيد فيه هو المثقف الذي يمتلك آليات تشخص وتنتقد. فالصراع ضد الفساد الإداري والسياسي وتشخيص الأمراض ومحاولة علاجها بالطرق والوسائل المتاحة هي مهمة تاريخية ملقاة على عاتقنا جميعا، ولا يكفي أن يكون المثقف ملتزمًا بنقد المؤسسات فقط، بل عليه أن يلتزم بنقد المجتمع أيضًا.
سلسلة "سي الكالة" قد لاقت استحسانا كبير ا من قبل الجمهور المغربي، وأثارت نقاشا قلّ ما يطرح حول هذا النوع من الفن
هذا يستدعي التسلح بآليات النقد الاجتماعي؛ فالمثقف بهذا المعنى هو ذلك العضو الذي يهتم بالإشكالات التي يفرزها الوضع الاجتماعي. ومن هنا، فإن المثقف ليس ضمير عصره فقط، بل هو طبيب حضارته أيضًا، ومهمته هي تشخيص الواقع. لذا، فإن الفاعلية المميزة للمثقف تكمن في التشخيص قبل النقد.
ومن الملاحظ أن تشخيص الأمراض الاجتماعية هو إحدى المهام الرئيسة للمثقف مهما كان فنانًا، أو صحافيًا، أو سياسيًا، أو فيلسوفًا، أو فقيهًا. إن المثقف له دور لا يقل أهمية عن دور الطبيب في علاج المجتمع من الأمراض الاجتماعية.
لذلك، يجب أن يعود الفكر إلى واقعه ويرتبط بقضاياه ويشخص أمراضه. يجب على المثقف أن يعي مسؤوليته تجاه المجتمع وأن يسعى جاهدًا للكشف عن الأمراض الاجتماعية ومحاولة علاجها بالطرق المتاحة والمناسبة. إنه ليس مجرد دور للمثقف، بل هو واجب تاريخي على عاتق كل فرد منا، حيث يتحمل الجميع مسؤولية تطوير وتقدم المجتمع والعمل نحو بناء مستقبل أفضل.
يشار إلى أن سلسلة “سي الكالة” قد لاقت استحسانا كبير ا من قبل الجمهور المغربي، وأثارت نقاشا قلّ ما يطرح حول هذا النوع من الفن، ويتم عرضها خلال شهر رمضان كل يومي ثلاثاء وجمعة عبر يوتيوب، وهي من إخراج عبدالإله بحيحي، وإنتاج شركة “أستوديو 3”. وقد حققت الحلقة الأولى من السلسلة ما يزيد على مليونين و500 ألف مشاهدة في ظرف وجيز والحلقة الثانية على مليونين و200 ألف مشاهدة والثالثة على مليون و500 ألف مشاهدة خلال يومين فقط، كما يتفاعل باسو في التعليقات مع جمهوره.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالكريم نوار
سلسلة لاقت استحسانا كبير ا من قبل الجمهور المغربي، وأثارت نقاشا قل ما يطرح حول هذا الفن.
السبت 2024/03/23
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الزبونية والمحسوبية في المؤسسات
الرباط - تعاني المؤسسات المغربية، منذ نشأتها إلى يومنا هذا، مما يمكن أن نصفه بـ“أمراض المؤسسة”، وتستغلها شبكات معقدة من السياسيين والمؤسساتيين لقضاء أغراضهم الخاصة، مما يجعلهم يسهرن على رعايتها، مستغلين مكانتهم الاجتماعية، دون حسيب ولا رقيب.
إن هذه الأمراض تتغلغل في بنية المؤسسة المغربية بتغلغل رعاتها، مما جعل العديد من النشطاء، والإعلاميين، والأكاديميين، وبعض السياسيين الشرفاء، منذ الاستقلال يشخصون هذه الأمراض وينتقدون الساهرين على استمراريتها والمستفيدين من انتشارها، ومن جهتهم يحاول بعض المشتغلين في الفن أن يقوموا بدورهم التاريخي في تقديم هذه الأمراض في قالب ساخر، ولعل ما يقدمه الفنان الكوميدي محمد باسو الذي ينتمي إلى المغرب العميق، والحاصل على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي، يعد مساهمة فعالة تستدعي التنويه قبل المناقشة.
أصدر محمد باسو سلسلة كوميدية خلال شهر رمضان بعنوان “سي الكالة”، حيث يقدم جملة من الباثولوجيات التي تعاني منها المؤسسات المغربية، كما يشخص هذه الأمراض بطريقة كوميدية.
تشخيص الأمراض الاجتماعية هو إحدى المهام الرئيسة للمثقف مهما كان فنانًا، أو صحافيًا، أو سياسيًا، أو فيلسوفًا، أو فقيهًا
تتناول هذه السلسلة واقع الزبونية والمحسوبية الناتجة عن انتشار الفساد في المؤسسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حيث يظهر “سي الكالة” كشخصية تتدخل لحل مشاكل الآخرين بطرقها الخاصة، حتى لو كان ذلك بطرق غير قانونية.
يظهر “سي الكالة” بشكل رجل فاسد أخلاقيا، في مكتبه بين ملفات مختلفة الألوان فوقها بعض عملات نقدية مختلفة وهواتف كثيرة ترن كل ثانية دون ترك مهاتف دون جواب ودون إنهاء أي منها، ذلك لأن من يهاتفونه هم شخصيات مختلفة، لكل منها نفوذ في مؤسسة من المؤسسات أو مجال من المجالات، ودوره هو مساعدتهم على حل مشاكل عديدة بطرقه الخاصة.
وهذا نسميه في المغرب “الكالة” أي الوساطة القوية، عبر الرشاوى أو عبر تبادل المصالح. وهذا ما جعلنا نتحدث عن أمراض المؤسسات المغربية بشكل بنيوي، أي أنه مرض أصاب البنية بأكملها، حيث تؤثر في مختلف المجالات من التعليم والرياضة والوظيفة العمومية والسياسة والاقتصاد، وحتى المجال الديني.
وتأتي السلسلة في سياق يتسم بتسامح غير مفهوم من قبل الجمهور مع مختلف أشكال السلوك الفاسد الشيء الذي يمكن أن نفسّره بانتقال هذه الأمراض من المؤسسة إلى المجتمع، فصرنا نتحدث عن وضع مرضي، الناجي الوحيد فيه هو المثقف الذي يمتلك آليات تشخص وتنتقد. فالصراع ضد الفساد الإداري والسياسي وتشخيص الأمراض ومحاولة علاجها بالطرق والوسائل المتاحة هي مهمة تاريخية ملقاة على عاتقنا جميعا، ولا يكفي أن يكون المثقف ملتزمًا بنقد المؤسسات فقط، بل عليه أن يلتزم بنقد المجتمع أيضًا.
سلسلة "سي الكالة" قد لاقت استحسانا كبير ا من قبل الجمهور المغربي، وأثارت نقاشا قلّ ما يطرح حول هذا النوع من الفن
هذا يستدعي التسلح بآليات النقد الاجتماعي؛ فالمثقف بهذا المعنى هو ذلك العضو الذي يهتم بالإشكالات التي يفرزها الوضع الاجتماعي. ومن هنا، فإن المثقف ليس ضمير عصره فقط، بل هو طبيب حضارته أيضًا، ومهمته هي تشخيص الواقع. لذا، فإن الفاعلية المميزة للمثقف تكمن في التشخيص قبل النقد.
ومن الملاحظ أن تشخيص الأمراض الاجتماعية هو إحدى المهام الرئيسة للمثقف مهما كان فنانًا، أو صحافيًا، أو سياسيًا، أو فيلسوفًا، أو فقيهًا. إن المثقف له دور لا يقل أهمية عن دور الطبيب في علاج المجتمع من الأمراض الاجتماعية.
لذلك، يجب أن يعود الفكر إلى واقعه ويرتبط بقضاياه ويشخص أمراضه. يجب على المثقف أن يعي مسؤوليته تجاه المجتمع وأن يسعى جاهدًا للكشف عن الأمراض الاجتماعية ومحاولة علاجها بالطرق المتاحة والمناسبة. إنه ليس مجرد دور للمثقف، بل هو واجب تاريخي على عاتق كل فرد منا، حيث يتحمل الجميع مسؤولية تطوير وتقدم المجتمع والعمل نحو بناء مستقبل أفضل.
يشار إلى أن سلسلة “سي الكالة” قد لاقت استحسانا كبير ا من قبل الجمهور المغربي، وأثارت نقاشا قلّ ما يطرح حول هذا النوع من الفن، ويتم عرضها خلال شهر رمضان كل يومي ثلاثاء وجمعة عبر يوتيوب، وهي من إخراج عبدالإله بحيحي، وإنتاج شركة “أستوديو 3”. وقد حققت الحلقة الأولى من السلسلة ما يزيد على مليونين و500 ألف مشاهدة في ظرف وجيز والحلقة الثانية على مليونين و200 ألف مشاهدة والثالثة على مليون و500 ألف مشاهدة خلال يومين فقط، كما يتفاعل باسو في التعليقات مع جمهوره.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالكريم نوار