التقاء أبحاث بأبحاث .. الكيماويَّات البتروليَّة
التقاء أبحاث بأبحاث
ومتابعة لوصف كيف انفتح باب البترول وادى الى الكيماويات البترولية نقول ان بحوث الكيمياء العضوية كانت تجري عند ذلك في طرائق شتى .
ومن هذه البحوث بحوث تتصل ، لا بالمركبات العضوية المشبعة التي يتألف منها البترول ، تلك التي سبق ذكرها ، ولكن مركبات قريبة الشبه بها تعرف بالمركبات الألفينية Olefines .
ونعني بها المركبات التي تتألف من كربون وأدروجين ، مثل المركبات البرفينية التي ذكرناها ( میثان ، ایثان ، بروبان ، بوتان .. الخ ) ولكن بطرح ذرات أدروجين منها .
ان المركبات البرفينية تامة الاشباع مثال ذلك الايثان .
وقد مر ذكره .
ولكن اذا طرحنا منه ذرتي أدروجين صار هكذا :
ويعرف هذا المركب بالأثيلين Ethylene وهو مركب غير مشبع . اذن هو يطلب الاشباع . اذن هو يطلب الاتحاد بشيء . اذن هو مركب به نشاط كيماوي . وقد نضيف اليه الماء ، في ظروف كيماوية خاصة ( والماء ذرة اكسجين وذرتان من الأدروجين ) فينتج من ذلك المركب المشبع :
وهذا هو الكحول ، الذي يتهالك عليه شاربو الخمور .
هكذا هي الكيمياء : اعطني ذرات ، أو أعطني جزيئات مركبات ، أو أعطني حطاما من جزيئات بعد أن تكون حطمتها ، أصنع لك منها ، كيماويا ، ما يمكن أن يخرج منها من المواد . فقد أصنع لك العسل من الفحم، وقد أصنع لك السم من الترياق ، والترياق من السم .
ان مركبات الحياة ، المركبات العضوية ، كلها تتكون من ذرات كربون أساسا ، وذرات أدروجين، وذرات أكسجين ، وقد يدخلها كذلك ذرات آزوت . وذرات العسل ، كذرات القطن ، كذرات النشا ، ولكن اختلفت أعداد ذرات ، واختلفت أشكال ذرات ونظام ذرات ، فاختلفت أجساما .
كان الميثان أول المتوالية البرفينية .
وصار الأثيلين Ethylene أول المتوالية الألفينية Olefines . وثانيها البروبيلين ، وهو البروبان Propane بعد طرح ذرتي أدروجين منه .
وهلم جرا .
وقد نطرح زوجين من ذرات الأدروجين فيخرج الفين به أربع مشابك خالية ، فيكون أنشط في التفاعل الكيماوي . مثال ذلك :
وهو البوتاديين Butadiene . وهو من البوتان بعد طرح ذرات الأدروجين الأربع .
وباستخراج هذه المواد غير المشبعة ، الأكثر نشاطا كيماويا ، بدأت طلائع عصر الكيماويات البترولية .
ففي نحو عام ۱۹۳٥ امكن الكيمائيين اضافة الماء على كل هذه المركبات الألفينية ، أي اضافة ذرة اكسجين وذرتي أدروجين ، فحصلوا من كل على الكحول الذي يوافقه . كالمثل الذي ضربناه سابقا .
فكانت هذه أولى الخطوات الكبرى في استهلال العصر الجديد .
( ولا بأس أن نذكر هنا أن مركب البوتاديين ، هذا الذي ذكرنا ، منه ، خلق الكيماويون المطاط الصناعي ، ولكن بعد هذا الزمن ) .
- ملاحقة كان لا بد منها :
ان البحوث يلاحق بعضها بعضا ، ويدفع بعضها بعضا .
وهذه البحوث التي ذكرنا توا ، أعانها ، ومازجها ، وزاوجها ، بحوث تحطيم الخامة البترولية التي سبق ذكرها .
( هذه المظلة مصنوعة من النيلون المصنوع بدوره من الكيماويات البترولية ، ان النيلون قوي ، وخفيف ، ومرن ، وهي صفات أهلته لما يستخدم فيه من خدمات )
وكان من تحطيم الخامة البترولية أن خرج منها، فوق ما سبق ذكره ، مركبات الفينية غير مشبعة ، واذن نشيطة ، أعانت في سرعة تخليق المركبات الكيماوية العديدة منها .
هذه المركبات الألفينية غير المشبعة ندر أن يوجد منها شيء في خامات البترول . فخروجها من تحطيم قطارات البترول الثقيلة فتح بابا للكيماويين جديدا .
وزاد الكيماويون بذلك اتجاها وتحولا الى هذا المصدر الكبير ، البترول ، زيت الصخر ، اتجهوا اليه طلبا للكيماويات التي يبدأون منها صناعات جديدة ، كانت غير معروفة ، أو معروفة ولكن متعذرة ، بسبب تعذر الحصول على موادها الأولية : المركبات الكيماوية العضوية النشيطة التي منها يبدأون .
ان البترول يتألف من مركبات هي في ذاتها أولية وهي في ذاتها بسيطة لم يتعقد تركيبها كثيرا . سلاسل منبسطة ، أو هي متفرعة ومشبعة ، أو حلقات صغيرة مكتملة التشبع . ومنها القليل غير ذي اكتمال . ودخل الكيماويون هذا الحقل كما يدخل النجار مخزن الخشب. آن به الأخشاب الطويلة ، والأخشاب القصيرة، والأخشاب السميكة . النجار يريد أن يصنع منها الصناديق والقمطرات والمقاعد والموائد وما هو أعقد من ذلك . ألا ما أسهل أن يحول هذه الأطوال الى زوايا ، والی مربعات ، والى مكعبات ، والى ممسوك بمسمار ، أو ممسوك بغراء .
ان خامة البترول كثيرة المقدار جدا ، وهي بسيطة. والعلم الكيماوي وافر فيه خلع الذرات من مركباتها لتصبح غير مشبعة . وفيه اضافة الذرات الى المركبات التي لم تشبع . وفيه ضم أطراف السلاسل الطويلة لتصبح حلقات وفيه فك الحلقات لتصبح سلاسل من ذرات . وفيه تحطيم هذه السلاسل لتعطي الألفينيات.
دخل الكيماوي هذا المستودع الكبير ، بعلمه الوفير، وعلمه المتزايد على الزمن ، فاستنبط من زيت الصخر ، من قطاراته ، خفيفها والثقيل ، مركبات عضوية كيماوية أولية ، سميناها بالكيماويات البترولية يصنع منها بعد ذلك ما لم يكن خطر على بال بشر .
توجد لعبة للصبية تعرف بالميكانو . انه صندوق
به عشرات القطع المعدنية من شتى الأشكال والأطوال والأعراض ، يحاول منها الصبي أن يصنع سلما يرتفع به على حائط ، أو جسرا يمر به فوق قناة ، أو حظيرة يسكنها بقر . وكل هذه الأشياء هو يصنعها من تلك الأجزاء الأولية . وتختلف النتيجة باختلاف الأجزاء التي يختار ، وباختلاف تراكيبها .
وهكذا هو الكيماوي في المستودع البترولي .
التقاء أبحاث بأبحاث
ومتابعة لوصف كيف انفتح باب البترول وادى الى الكيماويات البترولية نقول ان بحوث الكيمياء العضوية كانت تجري عند ذلك في طرائق شتى .
ومن هذه البحوث بحوث تتصل ، لا بالمركبات العضوية المشبعة التي يتألف منها البترول ، تلك التي سبق ذكرها ، ولكن مركبات قريبة الشبه بها تعرف بالمركبات الألفينية Olefines .
ونعني بها المركبات التي تتألف من كربون وأدروجين ، مثل المركبات البرفينية التي ذكرناها ( میثان ، ایثان ، بروبان ، بوتان .. الخ ) ولكن بطرح ذرات أدروجين منها .
ان المركبات البرفينية تامة الاشباع مثال ذلك الايثان .
وقد مر ذكره .
ولكن اذا طرحنا منه ذرتي أدروجين صار هكذا :
ويعرف هذا المركب بالأثيلين Ethylene وهو مركب غير مشبع . اذن هو يطلب الاشباع . اذن هو يطلب الاتحاد بشيء . اذن هو مركب به نشاط كيماوي . وقد نضيف اليه الماء ، في ظروف كيماوية خاصة ( والماء ذرة اكسجين وذرتان من الأدروجين ) فينتج من ذلك المركب المشبع :
وهذا هو الكحول ، الذي يتهالك عليه شاربو الخمور .
هكذا هي الكيمياء : اعطني ذرات ، أو أعطني جزيئات مركبات ، أو أعطني حطاما من جزيئات بعد أن تكون حطمتها ، أصنع لك منها ، كيماويا ، ما يمكن أن يخرج منها من المواد . فقد أصنع لك العسل من الفحم، وقد أصنع لك السم من الترياق ، والترياق من السم .
ان مركبات الحياة ، المركبات العضوية ، كلها تتكون من ذرات كربون أساسا ، وذرات أدروجين، وذرات أكسجين ، وقد يدخلها كذلك ذرات آزوت . وذرات العسل ، كذرات القطن ، كذرات النشا ، ولكن اختلفت أعداد ذرات ، واختلفت أشكال ذرات ونظام ذرات ، فاختلفت أجساما .
كان الميثان أول المتوالية البرفينية .
وصار الأثيلين Ethylene أول المتوالية الألفينية Olefines . وثانيها البروبيلين ، وهو البروبان Propane بعد طرح ذرتي أدروجين منه .
وهلم جرا .
وقد نطرح زوجين من ذرات الأدروجين فيخرج الفين به أربع مشابك خالية ، فيكون أنشط في التفاعل الكيماوي . مثال ذلك :
وهو البوتاديين Butadiene . وهو من البوتان بعد طرح ذرات الأدروجين الأربع .
وباستخراج هذه المواد غير المشبعة ، الأكثر نشاطا كيماويا ، بدأت طلائع عصر الكيماويات البترولية .
ففي نحو عام ۱۹۳٥ امكن الكيمائيين اضافة الماء على كل هذه المركبات الألفينية ، أي اضافة ذرة اكسجين وذرتي أدروجين ، فحصلوا من كل على الكحول الذي يوافقه . كالمثل الذي ضربناه سابقا .
فكانت هذه أولى الخطوات الكبرى في استهلال العصر الجديد .
( ولا بأس أن نذكر هنا أن مركب البوتاديين ، هذا الذي ذكرنا ، منه ، خلق الكيماويون المطاط الصناعي ، ولكن بعد هذا الزمن ) .
- ملاحقة كان لا بد منها :
ان البحوث يلاحق بعضها بعضا ، ويدفع بعضها بعضا .
وهذه البحوث التي ذكرنا توا ، أعانها ، ومازجها ، وزاوجها ، بحوث تحطيم الخامة البترولية التي سبق ذكرها .
( هذه المظلة مصنوعة من النيلون المصنوع بدوره من الكيماويات البترولية ، ان النيلون قوي ، وخفيف ، ومرن ، وهي صفات أهلته لما يستخدم فيه من خدمات )
وكان من تحطيم الخامة البترولية أن خرج منها، فوق ما سبق ذكره ، مركبات الفينية غير مشبعة ، واذن نشيطة ، أعانت في سرعة تخليق المركبات الكيماوية العديدة منها .
هذه المركبات الألفينية غير المشبعة ندر أن يوجد منها شيء في خامات البترول . فخروجها من تحطيم قطارات البترول الثقيلة فتح بابا للكيماويين جديدا .
وزاد الكيماويون بذلك اتجاها وتحولا الى هذا المصدر الكبير ، البترول ، زيت الصخر ، اتجهوا اليه طلبا للكيماويات التي يبدأون منها صناعات جديدة ، كانت غير معروفة ، أو معروفة ولكن متعذرة ، بسبب تعذر الحصول على موادها الأولية : المركبات الكيماوية العضوية النشيطة التي منها يبدأون .
ان البترول يتألف من مركبات هي في ذاتها أولية وهي في ذاتها بسيطة لم يتعقد تركيبها كثيرا . سلاسل منبسطة ، أو هي متفرعة ومشبعة ، أو حلقات صغيرة مكتملة التشبع . ومنها القليل غير ذي اكتمال . ودخل الكيماويون هذا الحقل كما يدخل النجار مخزن الخشب. آن به الأخشاب الطويلة ، والأخشاب القصيرة، والأخشاب السميكة . النجار يريد أن يصنع منها الصناديق والقمطرات والمقاعد والموائد وما هو أعقد من ذلك . ألا ما أسهل أن يحول هذه الأطوال الى زوايا ، والی مربعات ، والى مكعبات ، والى ممسوك بمسمار ، أو ممسوك بغراء .
ان خامة البترول كثيرة المقدار جدا ، وهي بسيطة. والعلم الكيماوي وافر فيه خلع الذرات من مركباتها لتصبح غير مشبعة . وفيه اضافة الذرات الى المركبات التي لم تشبع . وفيه ضم أطراف السلاسل الطويلة لتصبح حلقات وفيه فك الحلقات لتصبح سلاسل من ذرات . وفيه تحطيم هذه السلاسل لتعطي الألفينيات.
دخل الكيماوي هذا المستودع الكبير ، بعلمه الوفير، وعلمه المتزايد على الزمن ، فاستنبط من زيت الصخر ، من قطاراته ، خفيفها والثقيل ، مركبات عضوية كيماوية أولية ، سميناها بالكيماويات البترولية يصنع منها بعد ذلك ما لم يكن خطر على بال بشر .
توجد لعبة للصبية تعرف بالميكانو . انه صندوق
به عشرات القطع المعدنية من شتى الأشكال والأطوال والأعراض ، يحاول منها الصبي أن يصنع سلما يرتفع به على حائط ، أو جسرا يمر به فوق قناة ، أو حظيرة يسكنها بقر . وكل هذه الأشياء هو يصنعها من تلك الأجزاء الأولية . وتختلف النتيجة باختلاف الأجزاء التي يختار ، وباختلاف تراكيبها .
وهكذا هو الكيماوي في المستودع البترولي .
تعليق