التاريخ
عبد الحميد الثانى وأتاتورك 6
------------------------------------------
قبل الحديث عن الإنقلاب على السلطان عبد العزيز و الذي كان أول انقلاب على سلطان عثماني توالت من بعده الإنقلابات حتى سقوط وانقضاء الدولة .. نكمل أولا حديثنا عن الإصلاحات الفاشلة منذ عهد السلطان محمود .
▪︎في عهد السلطان محمود الثاني، وجدت الدولة العثمانية
نفسها مجبرة على الاستمرار في حركة إصلاحية للمحافظة على وجودها وكيانها، بعد أن دخلت فترة حرجة من فترات الانهيار ؛..
لكن عصر محمود الثاني اتسم بالفظائع الاجتماعية والرشوة في مؤسسات الدولة ؛ وسرت حركات التمرد ضد الدولة في جانبها الأوربي، مما أدى إلى استعانة السلطان محمود الثاني بوالي مصر العثماني محمد علي باشا.
▪︎ كان مصطفی رشید باشا يؤمن إيمانا جارفا بتغريب
الدولة العثمانية وانطلاقا من هذا الإيمان أعد فيما بعد فرمانا بتنظيمات الدولة على النمط الغربي وافق السلطان عليه واعتمده نبراسا للدولة .
وصدر قرار بتعيين رشید باشا وزيرا للخارجية العثمانية، وتولى الصدارة العظمى في العام ١٨٤٨م . وقد تولى ذلك المنصب خمس مرات .
كان أهم ما في مشروعه الإصلاحي المساواة بين العثمانيين، بمعنی : تساوي المسلمين والنصارى واليهود من مواطني الدولة، في.الإدارة والحقوق العامة والواجبات العامة، ومنها الجيش، بعد أن كان الجيش مقصورا على المسلمين فقط.
وكان له من النفوذ الشيء الكثير، وله شهرة في أوربا، وقد تأثر بالفكر الماسوني الحر حتى إنه يعد في كثير من المصادر
التاريخية أول ماسوني عثماني في بلاد العثمانيين، قد كون حوله مدرسة أو زمرة من المثقفين العثمانيين الذين آمنوا - مثله - بأن الحل الوحيد لدوام الدولة العثمانية هو تغريبها.
وقد سعى رشید باشا، في تولي أفراد هذه الزمرة أو النخبة الوظائف الهامة في الدولة، من إشرافية وتنفيذية، مثل ولاة الولايات والوزراء وكتاب القصر السلطاني ووزارة الخارجية ووزارة الحربية ومديري المدارس العالية ومديري المدارس العسكرية وغيرها .
و أطلق على مدرسة رشید باشا هذه، أو بمعنى آخر، النخبة
المثقفة اسم العثمانيين الجدد». وكان لهؤلاء نشاطهم الواضح
في عهد السلطان التالي لعبد المجيد ووزيره رشید باشا، ألا وهو السلطان عبد العزيز - عم عبد الحميد الثاني - والذي وجد نفسه محاطا بالعثمانيين الجدد من كل جانب.
وقد حاول هؤلاء الحد من سلطانه، وبخاصة أن فرمان التنظيمات، قد نقل السلطة من السلطان إلى الصدر الأعظم والوزراء .
تضايق عبد العزيز من هؤلاء وعارضهم فقتلوه، وولوا بدلا منه السلطان مراد الخامس الأخ الأكبر لعبد الحميد - والذي كان من الذين تأثروا بالفكر الماسوني الدولي ومقتنعا بالفكر الغربي. لكنه أصيب بمرض أدى به إلى الجنون ؛ فتولى مكانه عبد الحميد باسم السلطان الخليفة عبد الحميد الثاني .
( ..*محمد حرب "السلطان عبد الحميد" ص٢٤-٢٧ دار القلم دمشق .)
ومما ساعد في استمرار حالة التدهور الاقتصادي والمالي هو نشوب حرب القرم (۱۸٥٣ - ۱۸٥٩م) بين روسيا والدولة العثمانية وحليفتها بريطانيا وفرنسا ؛ إذ سببت هذه الحرب کارئة للاقتصاد العثماني، وفتحت الطريق لعقد أول قرض
أجنبي، عندما أصدر السلطان عبد المجيد الأول في 4 أغسطس - آب - 1854م فرمانا خول فيه عقد قرض أجنبي لإنقاذ الخزينة العثمانية من الإفلاس،..
وفعلا جرى في الرابع والعشرين من الشهر نفسه التوقيع على القرض المذكور مع (دنت بالمر) وشركائه في لندن وعملائهم في باريس غولد سمیت وشركائه Gold Smidt بقيمة اسمية بلغت (۳،۸۱٥،۸۰۰) جنيه إسترليني، أو ما يعادل (۳،۳۰۰،۰۰۰) ليرة عثمانية، وبفائدة سنوية قدرها (٦٪) واستهلاك دين قدره (۱٪)،
وأما المبلغ الفعلي الذي تسلمته الدولة العثمانية فكان (٢،٦٤۰،۰۰۰) ليرة عثمانية؛ وذلك لأن قيمة إصدار سندات القرض امتصت (۲۰٪) من قيمته الإسمية.
وهذا يعني أن المؤسسات المالية الأوروبية كانت تقوم بإصدار سندات القرض بأقل من قيمته الإسمية رغبة منها في تشجيع المستثمرين على شرائها ، ففي هذا القرض مثلا كان المستثمر يدفع أربعة جنيهات إسترلينية مقابل خمسة جنيهات، وبحسب هذه النسبة تحصل الدولة العثمانية على (۸۰ ٪) فقط من قيمة
القرض الاسمية؛ بينما يحتسب عليها القرض على أساس قيمته (۱۰۰%)،
وهكذا تتغير النسبة من قرض لآخر بحسب قيمة إصدار السندات، كما تتحمل الحكومة العثمانية النفقات المتعلقة بتعويم سندات القرض السابق وعمولة بنك الإصدار،
وخصصت لسداد هذا القرض وفوائده الإيرادات السنوية لولاية مصر البالغة (۲۸۲ ألف جنيه إسترليني).
بلغ عدد القروض المالية التي عقدتها الدولة العثمانية مع المؤسسات والمصارف المالية الأوروبية منذ عام 1854م وحتى عام ۱۸۷٤م، ستة عشر قرضا بقيمة اسمية قدرها (٢٤۱،۹۱۳،۰۰۰) ليرة عثمانية، أو ما يعادل (٣.٠١٢٩) ملیار
فرنك .
وقد أنفقت جميع هذه الأموال على العمليات العسكرية أو في بناء القصور وتغطية عجز الميزانية، وتمويل الدين العائم، ودفع نفقات رحلة السلطان عبد العزيز إلى أوروبا، أو لسحب القوائم المالية من التداول ودفع فوائد القروض السابقة .
كانت الإيرادات المالية العثمانية تتزايد غير أن نفقات الدين العام قد ارتفعت ارتفاعا كبيرا؛ ففي عام ۱۸۷٤م كانت تقديرات الحكومة العثمانية لإيراداتها قد بلغت (۲۲) مليون جنيه إسترليني؛ ولكن بعد تعويم البنك الإمبراطوري العثماني،
الذي تأسس في ۲٤ مايو - أيار - 1856م لقرض عام ۱۸۷٤م، بلغت فائدة الدين العام (۱۲) مليون جنيه إسترليني؛
أي أن الدين العام امتص نظرا (٥٠ ٪) من الإيرادات الكلية للدولة العثمانية؛ وذلك مع تزايد الإفراط في الإنفاق العام دون المحافظة على موارد الخزينة بأساليب اقتصادية مدروسة.
وبدلا من استحداث الأساليب الاقتصادية الحديثة بهدف زيادة الإيرادات وتنظيم عملية جباية الضرائب والسيطرة عليها؛ وذلك لدفع نفقات الدين، كانت الحكومة العثمانية في سعيها الحثيث للحصول على مزيد من القروض، تجد من السهل عليها تقديم الضمان بإحدى مصادر الدخل العثماني، أو تقديم العهود السابقة بضرائب أو جزء من ضرائب العام التالي من أجل عقد قرض جديد؛ إذ لم يعد للحكومة ما هو حر
من مصادر الإيرادات لوضعه ضمانا لقروض جديدة؛
لذلك تجد من السهل عليها تمويل دين عائم بقرض أجنبي؛ فقد كانت ديون القصر المتزايدة تستوفی بقروض داخلية، وعندما تتضځم النفقات تتحول إلى قرض أجنبي جديد .
وذلك في ظل غياب الخطط الاقتصادية المدروسة، ونجاح الشركات المالية الأوروبية بفرض ضغوطها على الحكومة العثمانية من أجل المزيد من الاقتراض بعد الأرباح المالية
والفوائد الكبيرة التي حصلت عليها تلك الشركات؛ مما خلق عبئا ثقيلا على الميزانية العثمانية وتدهور الوضع الاقتصادي للدولة العثمانية .
*(محمد إلهامي .. ومجموعة من المؤلفين "السلطان عبد الحميد في الذاكرة العربية" ص ١٤٣_١٤٦)
--------------------------------------------------------------------
كان أول إنقلاب على سلطان عثمانى دبر بأياد أجنبيه هو اﻹنقلاب على السلطان عبد العزيز ؛ وقد دبرته إنجلترا وفرنسا ونفذه مجموعة من الخونة وهم :
1- وزير الحربية حسين عوني باشا .
2- رئيس الوزراء رشدي باشا .
3- مدحت باشا .
4- وزير البحرية أحمد باشا.
5- وزير المدارس العسكرية سليمان باشا.
6- قائد حامية إسطنبول مصطفى سيفي باشا.
----------------------
لا شك أن حسين عوني باشا كان الرأس المدبر و القائد في هذه الحركة.
* إذن لنلق بعض الضوء على هذا الباشا الذي أنزل سلطانا عن عرشه *
كان هذا الباشا قد اشترك في معارك عديدة و أبدى بطولات فيها، و ترقى في المناصب حتى وصل إلى رتبة سر عسكر أي وزير الشؤون الحربية ؛
و لكن بمكيدة من الصدر اﻷعظم( نديم باشا)تعرض لغضب السلطان سنة 1871م حيث عزل من منصبه و أخذت منه جميع أوسمته التي نالها بجدارة في ساحات القتال، ثم نفي إلى بلدة إسبارطة .
يقول الضابط الفرنسي شارل مسمير (كان هذا الضابط من أصدقاء حسين عوني باشا و اشترك في حرب القرم ) .
يقول في مذكراته :
"عندما أصبح نديم باشا صدرا أعظم، كان أول عمل قام به هو عزل حسين عوني باشا،
أما عمله الثاني فهو إصدار أمر بحرمانه من رتبه و نياشينه، ثم مصادرة قصره الذي كان في قوزقونجك ،
هذا القصر الذي كان هدية من السلطان و الذي صرف عليه حسين عوني باشا كل أمواله تقريبا لتعميره و جعله صالحا للسكن.
و تم إبلاغه بأمر النفي في منتصف ليلة عاصفة مرعبة، و كان اﻷمر يقضي أن يخرج للسفر حالا !!
وقد كان الـسر عسكر(حسين عوني باشا ) مريضا جدا، فقد كان حلقه مسدودا لتضخم و التهاب اللوزتين،
و كانت اﻷطعمة السائلة تعطى له بوساطة أنبوب مطاطي .
و بسبب إصرار أطبائه و أخذهم جميع اﻹحتمالات الخطرة في الحساب فإنه استطاع أن يبقى تلك الليلة في بيته .
في الصباح التالي جاء أحد رجاله إلى بيتي، و أخذني إلى قوزقونجك
كان جو المأتم سائدا في القصر، إذ كانت النساء و اﻷطفال يبكون، و عندما وصلت كان أو ل ما قاله:
إن هذه الحادثة علمتني مدى أهمية النقود، فإذا تيسر لي أن أصل إلى السلطة مرة أخرى، فإنني أعرف ما يجب عمله (* ولنتخيل كم نهب بعد عودته للسلطة )
أما عندما كان يتكلم عن السلطان فإنني لا أزال أتذكر رنة القسوة في صوته.
--------------------------------------------------------------------
* بقي الباشا في منفاه في إسبارطة أحد عشر شهرا ثم عفا عنه السلطان و جعله واليا على ولاية آيدن ثم وزيرا للبحرية .
عفا السلطان عن الباشا، و لكن الباشا لم يعف عن السلطان !!
كان حسين عونى قد اتخذ قراره النهائي باﻹنتقام من عبد العزيز وفي سنة 1875م طلب ( عونى باشا ) إذنا للذهاب إلى الخارج للعلاج فأذن له السلطان عبد العزيز !!
-------------------------------------------------------------------
و اﻵن لنتابع أيضا بعض مذكرات ذلك الضابط الفرنسي:
في سنة 1875 كنت في باريس فإذا بي أستلم برقية من صديقي القديم حسين عوني باشا يدعوني فيها إلى (فيشي) و هناك وجدته مع طبيبه و حاشيته، و قد استقر في قصر فخم.. في القصر نفسه الذي كان يسكن فيه نابليون الثالث عندما كان يقضي استراحته في(فيشي) .
و عندما بقينا وحدنا قال لي:
أريد أن أتحدث معك حول مسائل جدية، و لكن نحتاج إلى مكان لا يلفت انتباه أحد ؛ و حالما أنتهي من علاجي أريد أن أقابلك في باريس ..
لذلك أريد أن تهيئ لي مكانا أستطيع أن أراك فيه بصورة سرية حينما أعود ..
كنت في باريس أسكن حينذاك في بساي في شقة في بناية متواضعة، و بعد رجوع الباشا من فيشي إلى باريس و استقراره في فندق(ألبا) وبعد يوم واحد جاء لزيارتي في شقتي ؛ و قد استمر حديثنا أربع ساعات
بدأ حديثه عن الوضع المالي لتركيا، قائلا بأن عدوه اللدود هو محمود نديم باشا الذي جيء به إلى الصدارة مرة أخرى،
و قد قرر عدم دفع الكوبونات و أنه سيحاول منع الصدر اﻷعظم من تطبيق هذا القرار الذي سيضر بسمعة اﻹمبراطورية، و أنه قد تفاهم بهذا الخصوص مع بعض الشخصيات المهمة، و همس قائلا بأن مدحت باشا من ضمنهم؛ و إذا إستوجب اﻷمر فسنعزل السلطان.
و مع ذلك فإن ثقته بمدحت باشا لم تكن كبيرة، لأن مدحت باشا كان يسكر كل ليلة، و عندما يسكر لا يستطيع أن يسيطر على نفسه و لايستطيع ضبط لسانه،
و عندما عرفت أن عدد أعضاء جماعته السرية يبلغ 12 عضوا، قلت له بأن مثل هذا العدد الكبير لا يستطيع حفظ مثل هذا السر الخطير !
فقال لي : لا تقلق إنني أعرف رجالي، ثم إنني عندما أتحرك سأتحرك وحدي، أما اﻵخرون فإنهم سيستفيدون من الأمر الواقع فقط ؛
فليس هناك أحد راض عن الوضع و أنا أثق بالجيش، و إذا أخذت وزارة الحربية مرة أخرى ف....
قلت له:
عندما يلج المرء في مثل هذا اﻷمر فإنه يستحيل عليه التراجع.
أجاب: علم ذلك عند الله.
و سكت قليلا ثم قال كلمة واحدة : القدر.
قلت:
هل أنت مدرك ما مدى الخطورة التي تقحم نفسك فيها؟
قال: ما قيمة الحياة ؟ ما قيمة الحياة بالنسبة لشخص عسكري؟
لقد عرضت نفسي للخطر طوال ثلاثين سنة في جميع ميادين القتال من أجل تركيا، و إذا انفجرت حرب أخرى فإن حياتي ستكون معلقة برصاصة من أي جندي قوزاقي.
أما هذا الهدف فإنه يستحق الخطر الذي أتعرض له : إن غايتي هي أن أقلب نظاما فاسدا يدير البلد تحت حكم خدام القصر و اﻷجانب.
كان يتحدث دون فخر أو كبرياء أو انفعال، و لكنه عندما كان يتحدث عن السلطان كان وجهه يكتسي بنفور بارد مخيف كالنفور الذي كان يكسو وجهه عند نفيه من قصره في قوزقونجك .
لم يؤثر فيه أي كلام قلته له، فقد كان من الواضح استحالة زحزحته عن قراره !
و أخيرا اقترح علي قائلا :
أرى أن تأتي إلى إسطنبول قبل اﻷسبوع اﻷخير من شهر أيلول المقبل، ﻷنني أريد أن تحرر البيانات و التعليمات الضرورية إلى الحكومات اﻷوروبية قبل تنفيذ اﻹنقلاب .
ثم حول الحديث إلى وضعي :
إنني أعلم أن خدماتك في أثناء عصيان جزيرة كريت قد بقيت من دون مكافأة، و إنني سوف أقوم بتصحيح هذا الخطأ .
ثم أضاف قائلا و هو يشير إلى اﻷثاث المتواضع الموجود في الصالون: ما هذه الحال؟ لم أكن أتصور بأنني سألقاك في مثل هذا الوضع.
من الغريب أن يسكن الذين خانونا و استغلونا في القصور و أن تسكن أنت في مثل هذا المكان، إنني أشعر بالخجل .
و في اليوم التالي تناولت طعام الغداء على مائدة الباشا في فندق ألبا، و في أثناء الطعام ابتسم لي قائلا:
أريد أن أشتري زهريتين من الخزف الصيني، فهل لديك متسع من الوقت لكي ترافقني في التجول بين المخازن؟.
- طبعا.
بعد الغداء تجولنا في كثير من مخازن باريس.. كانت الزهريات المعروضة علينا جميلة جدا، و لكن الباشا لم يعجب بأي منها، قلت له:
يظهر أنك صعب اﻹرضاء.
أجابني قائلا : أنا؟
أنت مخطئ، إنه هو الذي يصعب إرضاؤه.
- قلت : فمن هو؟
-قال: السلطان عزيز.. ﻷننى سأهدي الزهريتين إليه...
قلت : إذن اسمح لي بأن أضحك.. كيف تهدي زهرية إلى السلطان الذي تريد الإطاحة به؟
أجاب :
لا تستغرب.. إنني أقلده فقط، ذلك ﻷن هذه هي عادتهم، فهم عندما يرغبون في قتل أحد، يقومون أولا بإغراقه بالهدايا.
و لكن الباشا لم يجد ما يفتش عنه، و أخيرا استقر رأيه على شراء زوج من الشمعدانات الذهبية و دفع مقابلهما خمسين ألفا من الفرنكات .
*و في باريس عقد اتصالات سرية مع كبار المسؤولين الفرنسين.
يقول المؤرخ التركي نظام الدين نظيف :
و في باريس عقد حسين عوني بعض اﻹتصالات السرية، إذ ذهب مع الضابط مسميرإلى فرساي و اجتمع مع رئيس الجمهورية المارشال ماك ماهون على انفراد.
و هذه الزيارة كانت خارج البروتوكول، و كانت زيارته سرية، إذ كيف يمكن لمارشال في اﻹمبراطورية العثمانية قد شغل منصب الصدر اﻷعظم أن يزور رئيس الجمهورية الفرنسية دون أن يأخذ موعدا للزيارة عن طريق السفير العثماني في باريس و دون أن يحضر السفير ذلك اﻹجتماع إلا أن يكون ذلك اﻹجتماع سريا.
كان حسين عوني باشا يحاول أن يؤمن اعتراف فرنسا بالحكومة الجديدة بعد اﻹنقلاب،
لذلك فقد كان يلوح بمسألة الكوبونات على الدوام لمعرفته مدى اهتمام فرنسا و حساسيتها حول تأمين دفع أقساط الفائدة على قروضها.
بينما كان حسين عوني باشا يتصل في باريس سرا بالحكومة الفرنسية كان مدحت باشا يتصل في إسطنبول سر مع السفير اﻹنجليزي السير هنري أليو للتباحث معه حول خلع السلطان !!!
-----------------------
قلنا : إن فرنسا و إنكلترة شجعتا و دبرتا اﻹنقلاب. فلماذا؟
أما بالنسبة إلى فرنسا، فقد ذكرنا مسألة الكوبونات و حرصها على تسليم الفوائد و خوفها من ضياعها و عدم تسديدها،
ثم كان هناك التحول في سياسة السلطان عبد العزيز عن فرنسا و ذلك بعد هزيمة فرنسا في معركة سيدان سنة ١٨٧٠م و وقوع نابليون الثالث في اﻷسر، إذ أحس السلطان أن فرنسا لم تعد الدولة القوية – لا ماليا و لا عسكريا – التي يمكن اﻹعتماد عليها.
و أما إنكلترة فقد كانت لديها أسباب أقوى و أكثر وجاهة ........ ؟!
---------------------------------------------------------------------
*¹ محمد حرب السلطان عبد الحميد آخر السلاطين الكبار
*² م. إلهامي السلطان عبد الحميد في الذاكرة العربية
*³ أورخان محمد علي السلطان عبد الحميد حياته وأحداث عصره
---------------------------------------------------------------------
قادة الإنقلاب يقتلون عبد العزيز بعد أربعة أيام من عزله خوفا من عودته .السر وراء الإنقلاب : الأمير مراد الخامس كان ماسونيا !
تابعونا #عبدالحميد_وأتاتورك_جواهر [6]