يحفر الشاعر المغربي: محمد بنيس. في طبقات الصمت الوجودي.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يحفر الشاعر المغربي: محمد بنيس. في طبقات الصمت الوجودي.



    أشرف الحساني
    الأربعاء 29 أبريل 2020م
    الشاعر محمد بنيس يحفر في طبقات الصمت الوجودي
    ديوان جديد يرسخ مسارا حداثيا في حركة الشعر العربي المعاصر


    الشاعر المغربي محمد بنيس (اندبندنت عربية)

    ينتمي الشاعر المغربي محمد بنيس إلى جيل السبعينيات، وهو الجيل الثاني في المشهد الشعري المغربي المعاصر، هذا الجيل المصاب بحمى السياسة والأيديولوجيا. ولعل النص لديه، لم يكن إلاَّ امتداداً صارخاً عن جراح المرحلة وأسئلتها المُؤرقة، تجاه السياسة والاجتماع والبلد، بالشغف نفسه الذي تولد لدى الجيل الأول من الستينيات، على الرغم من تقليدية بعض نَماذج هذا الجيل، لكنّ نماذج أخرى أكثر أصالة ووعياً بتحولات الشعرية العربية المعاصرة، نحيل هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى تجربتي كل من عبد الكريم الطبال ومحمد السرغيني في بعض دواوينهم الشعرية وما حققاه من حداثة في وقت ظل الشعر المغربي تابعاً للحزب وأيديولوجيته. وهذا الأمر، لم يكن إلاَّ مُؤشراً أولياً لتبعية، ظلت تحتكم إليها الثقافة المغربية في ذلك الحين، وهي تبعية الثقافي للسياسي وما عكست من دور سلبي على الشعر المغربي، الذي بدا وكأنه شعر قبيلة وشعارات سياسية. هذا الأمر، هو ما جعل من الشاعر محمد بنيس في دراسته الأكاديمية حول "ظاهرة الشعر المغربي المعاصر" التي أثارت جدلاً واسعاً في صفوف الشعراء، و ثم، جاء سؤاله الإشكالي إلى حدود الآن، لماذا تُهاجر القصيدة المشرقية إلى المغرب، ولا تُهاجر القصيدة المغربية إلى المشرق؟ ويخلص في النهاية إلى أن القصيدة المغربية، هي "قصيدة الصدى وليس الأثر".


  • #2
    جيل السبعينات:
    لكن الجيل الثاني، الذي ينتمي إليه محمد بنيس، كان الأكثر جرأة في طرح الأسئلة والتجريب والمساءلة في قضايا ظلت في حكم الممنوع. هكذا جاء جيل السبعينيات مع كل من محمد بنيس وعبدالله راجع وعبدالله زريقة ومحمد بنطلحة وعبد اللطيف اللعبي وسواهم على تكسير شوكة التقليد والإنشاء، الذي طبع "القصيدة" الستينية وعلى اختراق بنية الممنوع والمسكوت عنه داخل هذه القصيدة. دواوين شعرية جاءت صارخة بجرح المرحلة، بعدما حملها أصحابها إلى المطابع من جيوبهم، في وقت كانت المطابع نادرة داخل المغرب السبعيني.

    ومع ذلك استطاع هؤلاء الشعراء الشباب في تلك المرحلة نقل اللغة الشعرية إلى مرتبة التفكير والتجريب في قضايا لم تكن تشغل هواجس الجيل الأول، أولاً، لأن الجيل السبعيني استفاد من حركة الترجمة التي بدأ زخمها ينتقل من المشرق إلى المغرب، ثم الدراسة والتكوين العلميين داخل الجامعة والتعرف إلى المناهج الجديدة والدراسات النقدية والفكرية، التي تناولت الشعر العالمي بالدرس والتحليل. لكن الممارسة الشعرية لدى هذا الجيل، لم تتبلور داخل الجامعة، لأن هذه الأخيرة، ظلت مشغولة بأمور تخرج عن الشعر وعوالمه، وبالتالي فإن الجرائد والمجلات التي ذاع صيتها في تلك الفترة وبعدها مثل مجلة "أنفاس" لعبد اللطيف اللعبي و"الثقافة الجديدة" لمحمد بنيس و"المقدمة" وغيرها، كلها شكلت مختبراً حقيقياً لهؤلاء الشعراء للكتابة والتجريب ونقل اللغة الشعرية من أسلوبها المباشر في الصراخ والنحيب للحزب وعقيدته وصلابته الأيديولوجية إلى أبعاد أخرى، يُصبح معها النص أداة للتفكير والحلم معاً. ولا ننسى هنا أن أسماء من هذا الجيل نفسه، ظلت بعض قصائدها الأولى، بخاصة المنشورة في جريدة "الاتحاد الاشتراكي"، تحبل ببعض من هذه الأيديولوجيا المتبطنة في طوبوغرافية شعريتها، لكن بوهج أقل مقارنة مع الجيل الأول. وهذا الأمر تبلور تدريجاً مع الجيل الثالث في المشهد الشعري المغربي المعاصر مع كل من محمد بوجبيري وصلاح بوسريف ووفاء العمراني وحسن نجمي ومحمد الصابر وغيرهم من الشعراء، الذين وضعوا الشعر المغربي على حافة الجرح، من خلال الرهان هذه المرة على البعد الجمالي والمعرفي، الذي سيميّز بعضاً من تجارب هذا الجيل الثالث.

    تعليق

    يعمل...
    X