عبداللطيف الوراري
ادعاء أم فرض شعر؟… شعراء ونقاد يسائلون نصوص الحساسية الجديدة وسبل تجديدها
15 - مارس - 2024م
منذ أواخر التسعينيات، برزت كوكبةٌ من الشعراء الشباب يستعصي أن نجمع أفرادها داخل جيلٍ أو نحجرهم على تصنيف عقدي، كما كان جارياً من قبل، وذلك بسبب ما خلقته نصوص تجربتهم من جمالياتٍ كتابية مغايرة، عكست فهماً جديداً لآليات تدبر الكيان الشعري، مما يمكن للمهتم أن يتتبعه في دواوين شعرائها، التي أخذت تتدفق طوال الألفية الجديدة. وهذه التجربة هي ما بات يُصطلح عليه بـ(الحساسية الشعرية الجديدة) التي لم تكن لتجّب ما سبقها، بل هي امتداد وتراكم لتجارب متتالية في سياق تطور القصيدة المغربية الحديثة، بقدر ما هي تجاوزٌ لها في الوقت نفسه. وتظهر لنا هذه التجربة ملأى بالانعطافات التي تحفز شعراءها على التحرك الدائم في جسدها وأخاديدها وأضلاعها البلورية، لا يرهنون ذواتهم لأيديولوجيا محددة، أو ينضوون تحت يافطة بارزة. إنها كنايةً عن اختلاف في تشكلات الرؤية الإبداعية التي يجترحونها، وممتدة بصمت، وأوسع من أن تتأطر داخل مفهوم مغلق ونهائي مثل مفهوم الجيل، وما فتئت تكشف عن أثر التغير الذي يحدث باستمرار، لذلك، يجب أن نلتقطها ونسائلها بصيغة الجمع لا المفرد، وبالتالي نعيد اكتشاف الشعر المغربي في زمننا الراهن.
من خلال اجتهاداتهم واقتراحاتهم النصية، أبان هؤلاء الشعراء عن وعيهم باشتراطات الحساسية الجديدة، فانحازوا إلى شعريتها المختلفة التي تقوم على تنوع الرؤى وتمايزها في طرائق تشخيصها لأقانيم اللغة والأسلوب والخيال، وتكشف عن تحول في الحس الجمالي، وفي مفهوم الذات والنظر إلى العالم، وفي تقنيات التعبير الفني حسب أشكال الكتابة ودوالها المهيمنة. وهكذا، فإن الارتباط بعامل الزمن لا يعني لنا من قيمة إلا بمدى قيمة الشعراء المتحركين داخله، ودرجة حضورهم فيه.
وفي هذه السياق، يمكن أن نسائل نصوص الحساسية الجديدة من منظورات متنوعة؛ أي من حيث تكوينها، ومصادرها، وعلاقتها بتطور القصيدة المغربية الحديثة، وبالأيديولوجيا، والتراث، وحجاب النقد، وغير ذلك.
عبد الكريم الطبال: الطـريق المُضاء
تعليق