سامر محمد إسماعيل
الأحد 21 يناير 2024م
جنون الحمائم" مسرحية عراقية تجرد ألبير كامو من العبثية
اقتباس حر يحول نص "سوء تفاهم" عرضا رثائيا تطغى عليه المناحة
من المسرحية العراقية المقتبسة من نص ألبير كامو "سوء تفاهم" (خدمة المهرجان)
يخبرنا الملصق الإعلاني لعرض "جنون الحمائم" بأنه "عن فكرة مسرحية "سوء تفاهم" للكاتب الفرنسي ألبير كامو"- (1913-1960)، ويردفها بعبارة: "التأليف والإخراج لعواطف نعيم". إذاً النص الذي كتبه صاحب مسرحية "كاليغولا" عام 1941 هو "فكرة" ليس إلا، كما يخبرنا الإعلان المذكور للعرض الذي شارك على هامش المسابقة الرسمية للدورة الرابعة عشرة لمهرجان المسرح العربي في بغداد. وعليه، يجب أن نفتش ملياً في الإحالة العراقية لنص الكاتب الفرنسي (نوبل آداب-1957)، ونتساءل مع الجمهور عن حقوق كاتبها الأصلي، وربما عن حقوق الملكية الفكرية في عالم عربي فهم نظرية "موت المؤلف" على هواه.
العرض الذي قُدم على خشبة مسرح المنصور وسط المنطقة الخضراء في بغداد يروي حكاية الشاب حسان (مصطفى حبيب) الذي غادر بيت عائلته منذ كان فتى يافعاً، ليعود إلى البيت بعد عشرين عاماً وقد تغيرت ملامحه، وأصاب من الثروة والمال ما أصاب خلال سنوات غربته الطويلة. لا تتعرف الأم (عواطف نعيم) على ابنها، فقد تقدمت في السن وضعف بصرها، ولا حتى أخته (شذى سالم) تعرفه، فهي الأُخرى لا تتذكر شقيقها إلا كطيف بعيد. المرأتان بالتعاون مع خادم أعرج (عزيز خيون) يقومون بوضع أقراص المنوّم في فناجين الشاي التي يقدمونها لنزلاء فندق يديرونه في منطقة تقع على الطريق بين بغداد والبصرة، ومن ثم يقومون بسلب النزلاء ما لديهم من مال، ليتخلصوا بعدها من جثث ضحاياهم برميها في نهر دجلة.
من جو المسرحية العراقية (خدمة المهرجان
إلى هنا نعرف أن القصة في النص الأصلي لم يطرأ عليها ذلك التغيير الجذري، لكن "مؤلفة" العرض آثرت أن تبني حبكتها بنفسها، فشطبت شخصية "ماريا" زوجة الإبن، كما أطلقت لسان الخادم الأبكم ليصبح أعرج في النسخة العراقية، في حين صار الابن المغترب عازفاً على العود. كل هذا متاح في صيغة الاقتباس الحر عن النص الذي -ومنذ كتابته- في أربعينيات القرن الفائت تم تقديمه عشرات المرات، في المسارح الأوروبية والعربية، وكان مؤلفه الأصلي قد ذكر قصته في روايته الشهيرة "الغريب". إذ يخبرنا كامو على لسان ميرسو شخصيته الرئيسية في الرواية أنه وجد على سريره قصاصات من جريدة قديمة تروي أحداث جريمة عائلية عن أم وابنتها تقومان بقتل نزلاء الفندق الذي تديرانه، ومن ثم سلب الضحايا أموالهم من أجل السفر عن البلدة النائية التي تقيمان فيها، إلى أن تقع السيدتان في شر أعمالهما، فتقتلان من طريق الخطأ، الشاب الذي أخفى هويته عنهما بغرض مفاجأتهما. الأم والأخت تكتشفان بعد حضور زوجته إلى المكان أنه الإبن الذي آب من سفره الطويل، فتقوم الأم حال معرفتها بما اقترفته بشنق نفسها، فيما تنتحر الأخت برمي نفسها في بئرٍ قديمة.
تعليق