نزار الصياد جمع الدراسات من  11 باحثا وضعوا تاريخا شاملا للقاهرة مدينة وعمرانا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نزار الصياد جمع الدراسات من  11 باحثا وضعوا تاريخا شاملا للقاهرة مدينة وعمرانا



    علي عطا
    الخميس 14 مارس 2024م

    11 باحثا وضعوا تاريخا شاملا للقاهرة مدينة وعمرانا
    نزار الصياد جمع الدراسات المتنوعة المصادر والتخصصات في كتاب مرجعي.


    القاهرة مدينة التاريخ (غيتي)
    ملخص


    كتاب مرجعي صدر حديثاً يضم دراسات لأحد عشر باحثاً عن القاهرة التاريخية بحقبها المختلفة، والقاهرة الحديثة، إضافة إلى حركة العمران الهندسية التي شهدتها المدينة على مر العصور، والتحولات الثقافية والإجتماعية التي طرأت عليها.

    ينطلق كتاب "القاهرة مؤرخة: فقرات من تاريخ وعمران المدينة عبر الزمن" (دار العين) من السؤال عن الجديد الذي يمكن أن يقدمه عن القاهرة. وبحسب مقدمة نزار الصياد، أستاذ العمارة والتخطيط وتاريخ العمران في جامعة كاليفورنيا بيركلي الأميركية الذي أعدّ هذا الكتاب من دراسات لمتخصصين أكاديميين ومهنيين في مجالات مختلفة، "ليست هناك قاهرة واحدة"، مشيراً إلى أن هذا العمل يطمح لأن يعطي تصورات عميقة حول المدينة من وجهات نظر متنوعة". ركزت هذه الدراسات على حال القاهرة من منظورين، الأول تاريخي والثاني تمثيلي، انطلاقاً من تسليط الضوء على عواصم عدة لمصر، سبقت القاهرة إلى الوجود منذ أن فتحها عمرو بن العاص، وأهمها الفسطاط التي يرى الصياد أن لولاها "لم تكُن للقاهرة حياة". يستعرض الجزء الأول من الكتاب حقباً تاريخية عدة قد لا تتساوى من حيث طول الفترة الزمنية، لكنها تتساوى في الأهمية لجهة أثرها على المدينة. ويقول الصياد إنه حاول من خلال ترتيب الكتاب أن يتم سرد تاريخ كل حقبة عن طريق ربطها بالحقبة السابقة والحقبة التالية لها. وهو اختار كما يقول أن يعطي حرية كاملة لكل المسهمين في الكتاب، "لكن ضمن إطار محدد من البداية، لذلك فإن الفصول المختلفة في هذا الجزء ما هي إلا صفحات من كتاب المدينة".

    وفي هذا السياق ذهب الصياد إلى أن هدف التأريخ للمدن ليس فقط توثيق لحظة آنية أو فترة زمنية، لكن إعادة كتابتها في عصر لاحق وربما يكون هذا في خدمة هذا العصر. وعلى هذا النحو، فليس هناك، كما يقول، تاريخ يخلو من ادعاءات أو أهداف معاصرة، ومن هذا المنطلق فإن تاريخ المدن كمحتوى ومنهج، ليس فقط محاولة معرفة الأحداث التي وقعت في الماضي، كما أنه ليس فقط سرد هذه الأحداث باستخدام وثائق العصر المؤرَّخ له، لكنه عوضاً عن ذلك، تحليل تفاعل شخصيات أو جماعات معينة مع هذه الأحداث في أماكن محددة، كما قد يناقشها ويفسرها مؤرخون لم يعايشوا العصر والمكان اللذين جرت فيهما هذه الأحداث، ويشدد الصياد في هذا الصدد على أهمية التوازن بين الشق التفسيري والشق السردي.

    من الفتح إلى بداية القرن الـ 20

    الجزء الاول من الكتاب الموسوعي (دارالعين)

    يتناول هذا الجزء من الكتاب تاريخ المدينة من بداية دخول الإسلام مصر وحتى بداية القرن الـ20، ولم يفُت الصياد أن يلاحظ أن القاهرة بتمددها المطّرد استوعبت العواصم التي سبقتها بما فيها منف في مصر القديمة وقد أنشئت قبل 5 آلاف عام، وقامت على أطلالها الفسطاط التي أسّسها عمرو بن العاص، ثم العسكر التي أسسها الأمويون عام 750م، شمال شرقي الفسطاط، ولم يبقَ منها شيء، وتأسست القطائع على يد أحمد بن طولون عام 870م، وأنشأ الفاطميون القاهرة عام 969م وجعلوها مقر حكم مصر وعاصمة الخلافة الإسلامية. وتضم قائمة المشاركين في دراساتهم في هذا الجزء من الكتاب كلاً من المهتم بخطط القاهرة الكاتب عبدالرحمن الطويل والأستاذ المشارك في تاريخ العمارة والفن الإسلامي في كلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة في قطر طارق سويلم وباحث الدكتوراه في التاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة حسن حافظ والمعمارية المتخصصة في تاريخ المماليك أمنية عبدالبر وأستاذ تاريخ العمارة ومدير برنامج الأغا خان للعمارة الإسلامية في معهد ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأميركية ناصر الرباط. وتضم القائمة كذلك الكاتب في مجالات الأنثروبولوجيا والتاريخ حامد محمد حامد والباحث في تاريخ العمارة الإسلامية معاذ لافي وأستاذ الآثار الإسلامية في جامعة عين شمس محمد حسام الدين إسماعيل وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط والدراسات العربية في جامعة تافت الأميركية خالد فهمي والمخطط العمراني عمرو عصام وأستاذ الجغرافيا في جامعة القاهرة عاطف معتمد.

    ويشتمل هذا الجزء على 12 فصلاً، تبدأ بصفحات من تاريخ وعمران المدينة، ثم الفسطاط: عن حتمية الموقع وتطور المدينة، زيارة للمدينة المفقودة قبل القاهرة، مدينة الظاهر والباطن: قراءة جديدة لتاريخ القاهرة الفاطمية، قاهرة المماليك: بناء عاصمة السلْطنة، الانحياز العمراني للعمارة المملوكية في القاهرة، قاهرة النصارى (الأقباط) في عصر المماليك، القاهرة العثمانية بين منزلين، تأمين القاهرة في القرن الـ 19، مدينة شكَّلتْها القضبان، من النهر إلى البحر. والفصل الأخير الذي كتبه عاطف معتمد، يشذ عن الفترة الزمنية المحددة لدراسات هذا الجزء من الكتاب، بما أنه يتناول صورة القاهرة في القرن الـ21.



  • #2
    المجمع الفخم:

    من العمارة المملوكية في القاهرة (من الكتاب)

    وبعد الفصل الأول الذي يعد بمثابة تقديم للعمل ككل وكتبه نزار الصياد، يتناول عبدالرحمن الطويل وطارق سويلم في الفصلين التاليين عواصم مصر الإسلامية قبل تأسيس القاهرة. ويناقش حسن حافظ في الفصل الرابع بناء وإدارة "المجمع الفخم" الذي سميَّ "القاهرة المعزّية"، نسبة إلى الخليفة الفاطمي الأول المعز لدين الله والذي يعده "قصراً أكثر منه مدينة حقيقية". وبعد وصول صلاح الدين وقعت القاهرة تحت سيطرة الأيوبيين لنحو سبعة عقود. في هذه الفترة تمت إعادة تشكيل عمران المدينة وتغيرت معالمها "بهدف طمس باطنها الإسماعيلي وتحويل ظاهرها إلى الفكر السني، تحديداً الفقه الشافعي". ويبين حافظ أن هذا التحول لم يقتصر على مستوى الفكر، بل تجلى أيضاً في التشكيل السكاني، لذا في مران المدينة "التي فتحت أبوابها أمام المصريين من مختلف أنحاء البلاد، بشكل كامل ودائم". بلغت القاهرة أوج تألقها المعماري في العصر المملوكي الذي دام 250 عاماً، فبحلول عام 1340م أصبحت المدينة واحدة من أكبر المدن في العالم المعروف آنذاك. ازدهرت ثقافياً ومعمارياً وأصبحت المقر الرئيس للتعليم في العالم الإسلامي، ووصل عدد سكانها في منتصف القرن الـ15 إلى قرابة نصف مليون نسمة يعيشون في منطقة أكبر بخمسة أضعاف من المدينة الفاطمية الأصلية المسوَّرة.

    أوبرا القاهرة الخديوية (من الكتاب).

    وتوضح أمنية عبدالبر في الفصل الخامس كيف شكّل المماليك قلب المدينة التاريخي، إذ انطلقوا في عملية بناء كبرى، وأقاموا عدداً من المشاريع الطموحة التي نفذها بناة مهرة ليتركوا أثراً يحيي ذكراهم ولكي تثير منشآتهم إعجاب الناس. فقد كانوا ينشئون مدارس ودوراً للعبادة لنشر صورة للتقوى والفضيلة. وكان هذا الحراك المعماري يحدث لغرض شخصي أو مثل وفاء بنذر قام أحدهم به، إذ نجا من خطر هدد حياته. لكن عبدالبر تقترح أن ذلك لا يجب أن يمنعنا من إدراك أن المماليك كانوا يبنون من أجل تجميل المدينة وتطويرها والحفاظ على مكانتها الشهيرة كعاصمة لسلطنة قوية. في الفصل السادس، يحلل ناصر رباط المكونات المعمارية التي شكلت العمارة المملوكية، ويبين كيف قام الإقطاع وتوظيف الأوقاف والحد من توريث الأبناء بدور كبير في تحفيز المماليك على البنيان كوسيلة لنقل الثروة إلى ذريتهم. يستخدم الرباط الدرب الأحمر (أحد الأحياء المتاخمة لوسط القاهرة الآن) كمَثل يعد إبداعاً مملوكياً خالصاً بدأ برغبة سلطانية في وصل القاهرة الفاطمية بالقلعة (مقر الحكم) عمرانياً وبصرياً ومراسمياً.

    تعليق


    • #3
      أقباط القاهرة:
      وفي الفصل السابع يتناول حامد محمد حامد موضوعاً لا يلقى اهتمام كثير من الكتّاب على الرغم أهميته، على حد تعبير نزار الصياد، وهو موضوع أقباط القاهرة أو مَن يسميهم حامد النصارى. بيَّن حامد معاناة أقباط المدينة أيام الحكم الفاطمي، وكيف استمرت مشاعر العداء تجاههم خلال الحملات الصليبية وحتى حكم المماليك البحرية. وطاولت آلة الإحلال والتطوير أحياء الأقباط في فترة حكم الناصر محمد بن قلاوون أثناء حال التوسع العمراني الكبير، مما أجبرهم على ترك المدينة والإقامة في ضواحيها وضواحي الفسطاط، تاركين وراءهم كثيراً من كنائسهم. وفي بعض الحالات كان الأقباط يضطرون إلى قطع مسافات طويلة ليصلوا إلى أقرب كنيسة متاحة، مما قد يفسر حوادث الحرق التي تلت تلك الفترة والتي يعدها حامد وسيلة لمقاومة التغيير الديموغرافي في المدينة. وفي الفصل الثامن يستعير معاذ لافي فكرة "القاهرتان"، وهي التسمية التي أطلقت على المدينة في القرن الـ19، تحديداً في فترة حكم الخديوي إسماعيل، عندما أنشأ الإسماعيلية (وسط المدينة ومركزه حالياً ميدان التحرير) بعيداً من القاهرة المعزّية.
      إلا أنه لاحظ أن معظم الأحياء ظلت متجانسة سكانياً، لكن تركز الاختلاف في نمط البيوت وطبيعة الخدمات المتاحة. فلم يأخذ الاختلاف شكل الفصل المكاني الكامل بين الفقراء والأغنياء، إذ إن بيوت البكوات والطبقة الأرستقراطية كانت ضمن النطاق الجغرافي للمدينة بصفة عامة وإن كانت في أحياء أكثر اتساعاً وأقل كثافة. لافي انشغال البكوات بجني الأموال والجري وراء المناصب السياسية والامتيازات الاجتماعية وانعزالهم داخل أروقة منازل فارهة لفترات طويلة، على رغم مشاركتهم في أحياء يعيش فيها أيضاً بعض الفقراء. وفي الفصل التاسع يتناول محمد حسام الدين إسماعيل، دور إبراهيم باشا، الابن الأكبر لمحمد علي، وأولاده في توسيع القاهرة في ذلك الوقت. ويحدد الفصل نفسه الأراضي والأملاك التي أوقفَها إبراهيم باشا على أولاده وأولاد إخوته وذرياتهم. ويقر هذا الفصل بأن الإنجازات التنظيمية، لا سيما في تخصيص الأراضي في عصر إبراهيم باشا لا تقل عن الإنجازات المعمارية والعمرانية مثل دار الأوبرا وحديقة الأزبكية وقصر عابدين التي حدثت في عهد الخديوي إسماعيل.

      تعليق

      يعمل...
      X