عادات مشاهدة الدراما في شهر رمضان بين الماضي والحاضر
2024-03-12
دمشق-سانا
منذ انطلاق التلفزيون العربي السوري عام 1960 حجزت الدراما مساحة خاصة بها ضمن ساعات بثه القليلة في وقتها، واستطاعت أن تنتشر في المجتمع بسرعة لتكون لها قاعدة جماهيرية تنتظرها وتطالب بجديدها دائماً.
وظلت الدراما المحلية تتطور مع الزمن من خلال مراكمة خبرات صناعها من فنانين وكتاب ومخرجين، الذين جاؤوا من الإذاعة فتشكلت طقوس عمل تلفزيونية خاصة بنيت بأيدي الرواد ومازال أرشيف التلفزيون والاستديو رقم 1 فيه شاهدين عليها عبر عشرات المسلسلات والسهرات التي رسخت في بال الجمهور.
ويستذكر الفنان القدير مظهر الحكيم تلك المرحلة المبكرة من حياة الدراما التلفزيونية، ويلفت في تصريح لـ سانا إلى أن البث عندما كان بالأبيض والأسود امتاز بجماليته ووقعه على الناس الذين أصبحوا يشاهدون الصورة عبر الشاشة الصغيرة، بعد أن اعتادوا جمالية الإذاعة ورونقها بما تثبه من برامج ومسلسلات وهذا الأمر انتقل إلى التلفزيون الذي عمل فيه كبار الفنانين السوريين، مبيناً أن التلفزيون امتلك نهكة خاصة عند الجمهور ولا سيما في شهر رمضان المبارك بقصصه الاجتماعية الهادفة والمعبرة عن قيم المجتمع.
وأشار الحكيم إلى أن مشاهدة المسلسلات والبرامج كان لها طقوس حميمية خاصة عند الناس، ولا سيما مع انتشار التلفازات في المقاهي، إضافة إلى بيوت الحي الكبيرة التي كان أصحابها يمتلكون جهاز تلفاز فيستقبلون أقاربهم وجيرانهم ليشاهدوا المسلسلات سوية بعد الإفطار في شهر رمضان.
وزاد ألق التلفاز ودراماه مع انتقاله إلى مرحلة البث الملون بحسب قول الفنان الحكيم، ولا سيما عندما كبرت أحجام الشاشات موضحاً أن تطور الدراما المحلية جاء منذ أكثر من عشرين عاماً سواء في الأفكار أو الشكل الفني لتكون منافسة بقوة على مستوى الوطن العربي.
وأكد الفنان الحكيم أن طريقة مشاهدة الأعمال الدرامية اختلفت اليوم مع عصر التكنولوجيا فاختفت الحميمية والمشاهدة الجماعية وأصبح كل شخص يشاهد العمل الذي يرغب به لوحده، إضافة إلى اختلاف الدراما السورية وأفكارها ومواضيعها وأصبحت تميل لمواضيع غريبة عن مجتمعنا وابتعدت عن قيمنا وعاداتنا.
بدوره بين المخرج محمد نصر الله أن مشاهدة الدراما الآن عبر وسائل التواصل الاجتماعي واختلافها عن أيام زمان أفقدتها الحميمية وحالة التفاعل الإيجابي والتأثر والتأثير التي كانت تحصل بين أفراد العائلة وتأخذ الكثير من النقاشات الأسرية حولها.
ولفت نصر الله إلى أن طرح الدراما عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح أكثر جرأة، أما قديماً فلم نر هذه الجرأة في المشاهد واللباس والتي كانت تراعي العادات والقيم الاجتماعية، وخاصة مع شهر رمضان الذي بات موسماً للمشاهدة الدرامية، مبيناً أن هذه النقلة في مشاهدة الدراما بين الماضي والحاضر لها إيجابياتها التي تكمن في إمكانية مشاهدة أي عمل درامي في أي مكان وزمان حسب ظروف الشخص ومشاهدته.
من جهتها بينت المهندسة رانيا العلي أنه بالرغم من التقدم في عصر الإنترنت واستخداماته في حياتنا اليومية، ولا سيما مشاهدة كل ما تبحث عنه إلا أن متعة مشاهدة الأعمال الدرامية لا تكتمل إلا بمشاهدتها عبر الشاشة الصغيرة باعتبار أنها تجمع العائلة ولها نكهتها الخاصة في شهر رمضان.
وتجد الباحثة النفسية والاجتماعية الدكتورة سلوى شعبان أن الدراما كانت ومازالت انعكاساً لواقعنا المعاش، إذ تجسد حياتنا بمشكلاتها وصعابها بفرحها وحزنها وقضاياها المتنوعة.. والتي نتابعها بمتعة وتلتقي مع الإعلام برسالة فن توصيل المعلومة للناس، من خلال الاعتماد على التشويق وتوظيف العناصر الجمالية لتحريك العواطف ومعظم هذه الأعمال كان متاحاً أمام جميع أفراد العائلة بأعمارهم المختلفة لأنها تحمل رسالة أخلاقية وأدبية مميزة.
وأوضحت الدكتورة سلوى أن المشاهدين كانوا في شهر رمضان ينتظرون مواعيد عرض الأعمال الدرامية وينسقون فيما بينها وبين أعمالهم المنزلية والوظيفية لينعموا بكم من المتعة والراحة النفسية التي كانوا يشعرون بها أثناء جلوس الأسرة مجتمعة لمتابعة العمل الدرامي لتتعايش مع أحداثه وكأنها جزء منه لأنه يمس الذوق العام ويطرح الأفكار المشتركة مع الجميع.
وأشارت الباحثة النفسية والاجتماعية إلى الحرب التي مرت على بلادنا، وهذا التطور المتسارع والحداثة المتلاحقة والكثافة والوفرة في إنتاج الأعمال الدرامية وعرضها على قنوات عربية عدة كل ذلك أتاح إمكانية متابعتها عبر الهواتف الجوالة وتوفرها السهل بأي زمان ومكان، وساعد في تغير المواضيع والقضايا المطروحة ضمن هذه الأعمال.
وقالت: دخلت الجرأة إلى الأعمال الدرامية مؤخراً بشكل كبير سواء باللباس والألفاظ والمشاهد الدموية والعدوانية والانحرافية والتي لم نعتد عليها سابقاً وهذا ما كان له أثرٌ سلبي على ذوق وتفكير المشاهد وخصوصاً المراهقين والأطفال، ما خلق الجو المناسب للتقليد في البيئات التي تفتقد التوعية والمتابعة لأبنائها.
وأكدت الدكتورة سلوى أن طقوس مشاهدة الأعمال الدرامية تغيرت اليوم وخاصة في شهر رمضان وتباعدت المسافات بين الأحبة حتى ضمن المنزل الواحد وبات بإمكان كل فرد أن يشاهد العمل الدرامي الذي يريده ويهواه ويتماشى مع عمره وأفكاره بشكل منفرد، مبينة أن المتعة بمتابعة الأعمال الدرامية بوجود الأسرة المحببة للنفس والداعمة لتربية الأبناء صارت مفقودة، وأصبحنا بغربة شديدة عن الوظيفة المطلوبة من هذه الأعمال وتأثيرها الكبير.
لا شك أن ظاهرة تبدل مزاج وطقوس المشاهدة عند الجمهور تحتاج للكثير من الدراسة والتحليل للخروج بمقترحات لصناع الدراما للتقليل من سلبياتها، مع التأكيد على إيجابياتها ورسائلها الهادفة اجتماعياً وثقافياً ووطنياً ليكون لدينا صناعة درامية وطنية حقيقية بعيداً عن متطلبات السوق التجاري وإهواء القنوات العارضة.
محمد سمير طحان وشذى حمود
2024-03-12
دمشق-سانا
منذ انطلاق التلفزيون العربي السوري عام 1960 حجزت الدراما مساحة خاصة بها ضمن ساعات بثه القليلة في وقتها، واستطاعت أن تنتشر في المجتمع بسرعة لتكون لها قاعدة جماهيرية تنتظرها وتطالب بجديدها دائماً.
وظلت الدراما المحلية تتطور مع الزمن من خلال مراكمة خبرات صناعها من فنانين وكتاب ومخرجين، الذين جاؤوا من الإذاعة فتشكلت طقوس عمل تلفزيونية خاصة بنيت بأيدي الرواد ومازال أرشيف التلفزيون والاستديو رقم 1 فيه شاهدين عليها عبر عشرات المسلسلات والسهرات التي رسخت في بال الجمهور.
ويستذكر الفنان القدير مظهر الحكيم تلك المرحلة المبكرة من حياة الدراما التلفزيونية، ويلفت في تصريح لـ سانا إلى أن البث عندما كان بالأبيض والأسود امتاز بجماليته ووقعه على الناس الذين أصبحوا يشاهدون الصورة عبر الشاشة الصغيرة، بعد أن اعتادوا جمالية الإذاعة ورونقها بما تثبه من برامج ومسلسلات وهذا الأمر انتقل إلى التلفزيون الذي عمل فيه كبار الفنانين السوريين، مبيناً أن التلفزيون امتلك نهكة خاصة عند الجمهور ولا سيما في شهر رمضان المبارك بقصصه الاجتماعية الهادفة والمعبرة عن قيم المجتمع.
وأشار الحكيم إلى أن مشاهدة المسلسلات والبرامج كان لها طقوس حميمية خاصة عند الناس، ولا سيما مع انتشار التلفازات في المقاهي، إضافة إلى بيوت الحي الكبيرة التي كان أصحابها يمتلكون جهاز تلفاز فيستقبلون أقاربهم وجيرانهم ليشاهدوا المسلسلات سوية بعد الإفطار في شهر رمضان.
وزاد ألق التلفاز ودراماه مع انتقاله إلى مرحلة البث الملون بحسب قول الفنان الحكيم، ولا سيما عندما كبرت أحجام الشاشات موضحاً أن تطور الدراما المحلية جاء منذ أكثر من عشرين عاماً سواء في الأفكار أو الشكل الفني لتكون منافسة بقوة على مستوى الوطن العربي.
وأكد الفنان الحكيم أن طريقة مشاهدة الأعمال الدرامية اختلفت اليوم مع عصر التكنولوجيا فاختفت الحميمية والمشاهدة الجماعية وأصبح كل شخص يشاهد العمل الذي يرغب به لوحده، إضافة إلى اختلاف الدراما السورية وأفكارها ومواضيعها وأصبحت تميل لمواضيع غريبة عن مجتمعنا وابتعدت عن قيمنا وعاداتنا.
بدوره بين المخرج محمد نصر الله أن مشاهدة الدراما الآن عبر وسائل التواصل الاجتماعي واختلافها عن أيام زمان أفقدتها الحميمية وحالة التفاعل الإيجابي والتأثر والتأثير التي كانت تحصل بين أفراد العائلة وتأخذ الكثير من النقاشات الأسرية حولها.
ولفت نصر الله إلى أن طرح الدراما عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح أكثر جرأة، أما قديماً فلم نر هذه الجرأة في المشاهد واللباس والتي كانت تراعي العادات والقيم الاجتماعية، وخاصة مع شهر رمضان الذي بات موسماً للمشاهدة الدرامية، مبيناً أن هذه النقلة في مشاهدة الدراما بين الماضي والحاضر لها إيجابياتها التي تكمن في إمكانية مشاهدة أي عمل درامي في أي مكان وزمان حسب ظروف الشخص ومشاهدته.
من جهتها بينت المهندسة رانيا العلي أنه بالرغم من التقدم في عصر الإنترنت واستخداماته في حياتنا اليومية، ولا سيما مشاهدة كل ما تبحث عنه إلا أن متعة مشاهدة الأعمال الدرامية لا تكتمل إلا بمشاهدتها عبر الشاشة الصغيرة باعتبار أنها تجمع العائلة ولها نكهتها الخاصة في شهر رمضان.
وتجد الباحثة النفسية والاجتماعية الدكتورة سلوى شعبان أن الدراما كانت ومازالت انعكاساً لواقعنا المعاش، إذ تجسد حياتنا بمشكلاتها وصعابها بفرحها وحزنها وقضاياها المتنوعة.. والتي نتابعها بمتعة وتلتقي مع الإعلام برسالة فن توصيل المعلومة للناس، من خلال الاعتماد على التشويق وتوظيف العناصر الجمالية لتحريك العواطف ومعظم هذه الأعمال كان متاحاً أمام جميع أفراد العائلة بأعمارهم المختلفة لأنها تحمل رسالة أخلاقية وأدبية مميزة.
وأوضحت الدكتورة سلوى أن المشاهدين كانوا في شهر رمضان ينتظرون مواعيد عرض الأعمال الدرامية وينسقون فيما بينها وبين أعمالهم المنزلية والوظيفية لينعموا بكم من المتعة والراحة النفسية التي كانوا يشعرون بها أثناء جلوس الأسرة مجتمعة لمتابعة العمل الدرامي لتتعايش مع أحداثه وكأنها جزء منه لأنه يمس الذوق العام ويطرح الأفكار المشتركة مع الجميع.
وأشارت الباحثة النفسية والاجتماعية إلى الحرب التي مرت على بلادنا، وهذا التطور المتسارع والحداثة المتلاحقة والكثافة والوفرة في إنتاج الأعمال الدرامية وعرضها على قنوات عربية عدة كل ذلك أتاح إمكانية متابعتها عبر الهواتف الجوالة وتوفرها السهل بأي زمان ومكان، وساعد في تغير المواضيع والقضايا المطروحة ضمن هذه الأعمال.
وقالت: دخلت الجرأة إلى الأعمال الدرامية مؤخراً بشكل كبير سواء باللباس والألفاظ والمشاهد الدموية والعدوانية والانحرافية والتي لم نعتد عليها سابقاً وهذا ما كان له أثرٌ سلبي على ذوق وتفكير المشاهد وخصوصاً المراهقين والأطفال، ما خلق الجو المناسب للتقليد في البيئات التي تفتقد التوعية والمتابعة لأبنائها.
وأكدت الدكتورة سلوى أن طقوس مشاهدة الأعمال الدرامية تغيرت اليوم وخاصة في شهر رمضان وتباعدت المسافات بين الأحبة حتى ضمن المنزل الواحد وبات بإمكان كل فرد أن يشاهد العمل الدرامي الذي يريده ويهواه ويتماشى مع عمره وأفكاره بشكل منفرد، مبينة أن المتعة بمتابعة الأعمال الدرامية بوجود الأسرة المحببة للنفس والداعمة لتربية الأبناء صارت مفقودة، وأصبحنا بغربة شديدة عن الوظيفة المطلوبة من هذه الأعمال وتأثيرها الكبير.
لا شك أن ظاهرة تبدل مزاج وطقوس المشاهدة عند الجمهور تحتاج للكثير من الدراسة والتحليل للخروج بمقترحات لصناع الدراما للتقليل من سلبياتها، مع التأكيد على إيجابياتها ورسائلها الهادفة اجتماعياً وثقافياً ووطنياً ليكون لدينا صناعة درامية وطنية حقيقية بعيداً عن متطلبات السوق التجاري وإهواء القنوات العارضة.
محمد سمير طحان وشذى حمود