فوانيس رمضان.. تقليد سنوي للبهجة في مصر
منطقتا "السيدة زينب" و"تحت الربع" تعرفان ببيع الفوانيس التي بدأ ظهورها بنسختها المصرية خلال العهد الفاطمي.
الثلاثاء 2024/03/12
استعراض للجمال
“فانوس وزينة رمضان” من العادات المصرية القديمة التي يتم القيام بها منذ زمن بعيد، والتي تشعر الكثير من الكبار والصغار بالبهجة والسرور.
القاهرة - متأملا، يقف أب مصري في حيرة بين أعداد كبيرة من فوانيس متنوعة تزين إحدى واجهات مناطق بيع الفوانيس في القاهرة، التي تشهد إقبالا سنويا على الشراء احتفاءً بحلول شهر رمضان المعظم الذي بدأ الاثنين.
وعلى وجه الأب الذي يقف على أعتاب الأربعين من عمره ترتسم ملامح سعادة البحث عن فانوس مميز يضفي بهجة على أجواء شهر رمضان، بحسب مشاهدات الأناضول.
ومثل هذا الأب كثيرون من أعمار مختلفة يتسابقون لاقتناء فانوس رمضان من محالٍ بمنطقتي “السيدة زينب” و”تحت الربع”، التي تتنافس هي الأخرى في استعراض فوانيس متباينة الخامات والأشكال والألوان والأحجام والأسعار.
وتنساب في هذه الأجواء الكرنفالية أغانٍ رمضانية تراثية، مثل “وحوي يا وحوي.. إياحه (كلمة فرعونية تعني الترحاب أو أهلا بالقمر).. روحت (ذهبت) يا شعبان.. جيت (جئت) يا رمضان”.
وتعرف منطقتا “السيدة زينب” و”تحت الربع” في القاهرة ببيع زينة رمضان، ولاسيما الفوانيس التي بدأ ظهورها لأول مرة بنسختها المصرية خلال العهد الفاطمي في مصر عام 969 ميلادي.
وأثناء جولة في المنطقتين، رصدت كاميرا الأناضول شوادر (محال مؤقتة) زينتها فوانيس متباينة، أكثرها مصنوع من الصاج، وبعضها من البلاستيك والقماش وورق الكرتون.
ويقف الباعة كل منهم ينادي ليجذب راغبي اقتناء الفوانيس بعبارات ترويجية منها: “تعالى يا باشا (قرب اشتر)”، و”أسعار هتعجبك”.
ويستعرض باعة قدراتهم في تسويق كافة أنواع الفوانيس، فأحدهم يشير إلى فانوس ويقول إنه يضيء ويطلق أغاني رمضانية، فيما يحاول تسويق فانوس آخر زاهي الألوان لأطفال مع أسرهم.
وحسب النوع والحجم، تبدأ أسعار الفوانيس من متوسط 25 جنيها (أقل من نصف دولار) وتتجاوز 400 جنيه (نحو 8 دولارات)، وأحيانا تتخطى هذا السعر وفقا للجودة.
في هذه الأيام، يجد الباعة فرحة في بيع أعداد كبيرة من الفوانيس، فهو رزق يأتيهم من العام إلى العام كما يقولون.
لكن الفرحة لا تقتصر عليهم، فمَن يشترون أيضا يبحثون عن الفرحة بين أكوام كبيرة من الفوانيس.
ومن بين هؤلاء، طفل لم يتجاوز العشر سنوات يتشبث في سعادة بفانوس صغير، وهو يقف مع والده الأربعيني أمام أنواع عديدة من الفوانيس في منطقة “السيدة زينب”.
ويعد الفانوس أحد أشهر الهدايا بين المقدمين على الزواج، لذا يمثل الشباب شريحة لافتة بين الباحثين عن هذه البهجة الرمضانية، وقد اصطحب أحدهم خطيبته أمام أحد المحال محاولا أن يختار معها فانوسا يسعدها.
وعلى طول طريق شراء الفوانيس، لا تمل المحال من تشغيل أغاني رمضان القديمة والحديثة، ومنها “رمضان جانا”، و”حوي يا وحوي”، و”أهو جه يا ولاد (رمضان جاء يا أولاد)”.
وكعادة كل عام، تتزين شوارع مصر بفوانيس معلقة على واجهات المنازل والمحال، وكثيرا ما يتشارك أبناء الحي الواحد لتزيينه في تنافس رمضاني محمود بين أبناء المناطق المختلفة.
ويتسم الشهر الكريم في مصر بصفة خاصة بأن له طابعا مميزا من حيث الروحانيات والعبادات وطبيعة الطعام، كذلك يسعى الجميع لشراء كل ما يعبّر عن مظاهر الاحتفال.
وتتنوع أشكال الفوانيس اعتماداً على المادة المصنوع منها الفانوس وكذلك الحجم والألوان، حيث هناك الفوانيس البلاستيكية وهي أقل الخامات جودة وتليها الفوانيس الخشبية، وكذلك الفوانيس المعدنية وهي أعلاها جودة وهناك الفوانيس المصنوعة من الكريستال وهي أغلاها سعراً وأقلها انتشاراً.
وتختلف زينة رمضان في مصر من حيث شكلها وسعرها، كما يقوم البعض بصنعها في المنزل أيضا، من الورق أو الكرتون.