ألهمت شير هايت النساء لمشاركة آرائهن حول كل ما يتعلق بالإثارة الجنسية (شاتر ستوك)
المرأة التي أحدثت ثورة في تناول موضوع متعة الأنثى
صعدت شير هايت الجميلة بفضل كتابها الشهير "تقرير هايت"، إلى سلم الشهرة كإحدى أبرز الشخصيات في مجال الجنس والمشاهير. وثائقي جديد يعرض الآن قام باستكشاف ما حدث معها بعد ذلك، وتتبع مسارها بدءاً من الفضيحة التي طاردتها، حتى اختفائها
شارلوت أوسوليفان
الاثنين 22 يناير 2024م
ملخص
في فيلم "اختفاء شير هايت" تتتبع المخرجة نيكول نيونام الصعود المثير نحو الشهرة لمثقفة تنتمي إلى الطبقة العاملة
بات مألوفاً هذه الأيام أن نشاهد المشاهير من النساء أو ما تقدمه بطلاتٍ خياليات، وهن يناقشن علناً متعة تحفيز أحد أمكنة الإثارة لدى المرأة، كما رأينا مع كارا ديليفين في فيلمها الوثائقي على شبكة "بي بي سي"، بعنوان "كوكب الجنس" Planet Sex، وفيبي والر بريدج في فيلم "فليباغ" Fleabag، وكذلك إيما ستون في فيلم "أشياء مسكينة" Poor Things الحائز على جائزة "غولدن غلوب" وترشيحاً لنيل جائزة "أوسكار". وفيما يبدو أن الجميع باتوا يتقبلون هذا النوع من الأحاديث، إلا أنه في مطلع سبعينيات القرن الماضي، كانت هذه المناقشات تواجَه بالرفض. فقد أحدث كتابٌ صدر في عام 1976 من تأليف عالمة الجنس شير هايت، بعنوان "تقرير هايت" Hite Report، ثورةً في طريقة فهمنا لمتعة الأنثى. ويطرح فيلمٌ وثائقيٌ جديد التساؤل الآتي: لماذا لم يُعرف اسم هايت، ولماذا لم تكوّن شهرةً واسعة؟
في فيلم "اختفاء شير هايت" The Disappearance of Shere Hite، تتتبع المخرجة نيكول نيونام الصعود المثير نحو الشهرة لمثقفة تنتمي إلى الطبقة العاملة. فقد وُلدت هايت في ولاية ميسوري الأميركية، لكنها أعادت اكتشاف نفسها في مدينة نيويورك على طريقة هولي غوليتلي (الشخصية الرئيسية في رواية ترومان كابوتي "الإفطار عند تيفاني" Breakfast at Tiffany's التي تمثل العفوية والإهمال في مرحلة البلوغ المبكر للنساء). فقد كانت هايت تضع أحمر الشفاه النابض بالحياة، وترتدي ستراتٍ ذات خصر مشدود، وتعتمد تسريحة شعرٍ مستوحاة من تامارا دي ليمبيكا (رسامة بولندية اشتُهرت في مطلع القرن العشرين برسومها التي تجسد نساء أرستقراطيات عاريات). وعرضت هايت جسدها للتصوير في منشورات مثل مجلة "بلاي بوي" Playboy بهدف تمويل سعيها إلى نيل درجة الدكتوراه في التاريخ الاجتماعي من "جامعة كولومبيا". إلا أنها توقفت عن سعيها الأكاديمي وكذلك عن التقاط الصور، لدى اعتناقها الحركة النسوية (وتكوينها صداقاتٍ في هذا الإطار مع شخصيات مثل غلوريا ستاينم الصحافية والناشطة الاجتماعية، وكايت ميليت الكاتبة والمدافعة عن حقوق المرأة، وفلورينس كينيدي المحامية والناشطة النسائية).
أدركت شير هايت - التي دفعتها حماسة النقاشات ضمن الحركة النسوية - ضرورة إجراء مزيدٍ من الأبحاث في ما يتعلق بالنشوة الجنسية لدى الإناث. قامت بصياغة استبيان فريدٍ من نوعه مؤلف من 58 سؤالاً ووزعته على أكثر من 3 آلاف امرأة أميركية لم يُكشف عن هويتهن. وقد أكدت المشاركات في البحث في نسبة كبيرة منهن، أن تحقيق النشوة الجنسية عبر الاستمناء كان أكثر سهولةً من الجماع التقليدي. الاستطلاع تعمق في معرفة وجهات نظرهن حول ممارسات جنسية معينة واستخدام أدواتٍ للمتعة ومسألة النشوة المزيفة، وكشف عن نسيج واسع من التجارب والمخاوف والأوهام التي - حتى في الأزمنة المعاصرة - تظل استفزازية ومثار جدل كبير.
النتائج التي توصلت إليها هايت اكتشفتها عن طريق المصادفة إحدى دور النشر الكبرى. فاستناداً إلى المخرجة نيونام، واجه المدراء التنفيذيون في دار "ماكميلان لكتب البالغين" Macmillan Adult Books انتقاداتٍ من ناشطاتٍ في مجال الحركة النسوية وحقوق المرأة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وفي محاولة لتحسين سمعتها والظهور بشكل أكثر شمولاً للجنسين، قامت الدار بتعيين ريجينا رايان كأول رئيسة تحرير لها لتكون أول امرأةٍ تتولى هذا المنصب في الشركة. وكانت رايان وهايت عملياً جارتين، وخلال أحد اللقاءات بينهما، أطلعتها هايت على تفاصيل مشروعها، والذي كان بالضبط نوع الكتب الذي كانت رايان حريصةً على دعمها، وكانت مراجعاتها التحريرية عليه ضئيلة (جاء اقتراح العنوان من زوجها) والبقية، كما يقال، هو تاريخ.
على رغم استياء "دار ماكميلان للنشر" من الكتاب (يبدو أن محاولاتٍ واضحة أجريت لعرقلة نجاحه)، إلا أنه صعد ليصبح من أكثر الكتب مبيعاً. ولا يزال من بين الكتب الـ 30 الأكثر إقبالاً على الإطلاق، وكان له تأثير عميق بحيث غير حياة الملايين. ويكشف الوثائقي عن قصة لافتة، فإحدى المشاركات التي كتبت صراحة عن ميلها إلى المتعة الذاتية، ذكرت أنها أطلعت صديقها على ما كتبته، فقال لها غير مدرك أنها من كتب ذلك: "إنه مقزز!" (أعزائي القراء، فلنأمل في أن تكون قد اتخذت القرار الصائب في شأن علاقتهما).
الكتابان اللاحقان لشير هايت: ("تقرير هايت عن الرجال والجنس الذكوري" The Hite Report on Men and Male Sexuality، و"النساء والحب: ثورة ثقافية في التقدم" Women and Love: A Cultural Revolution in Progress)، لم يحققا المستوى نفسه من النجاح. ومع ذلك، فقد حافظا على حضورها العام، وأمّنا لها إمكانية شراء شقة في "الجادة الخامسة" الراقية في نيويورك، التي قامت بتزيينها على نحوٍ فخم (وبدا واضحاً أنه كان لديها شغفٌ قوي بجماليات فنون الباروك التي طبعت القرن السابع عشر).
تعليق