شاه دو شامشيرا، كابول، أفغانستان (شترستوك)
أفغانستان على وشْك تحقيق نهضة تنموية شاملة9/3/2024
في أعقاب زيارتي أفغانستانَ الشهر الماضي، واجهت ردود أفعال مفاجئة لسلسلة المقالات التي كتبتها. في الحقيقة سعيت في هذه المقالات إلى نقل التطورات والمواقف التي يمكن متابعتها بسهولة من خلال المصادر المفتوحة، بصفتي شاهد عيان على الأحداث.
ويبدو أن استغراب القرّاء ناتج عن تصور خاطئ لأفغانستان تحت حكم طالبان، حيث يظن البعض أنهم مجرد مسلحين لا يملكون مؤهلات تعليمية، أو رؤية، أو أخلاقًا، أو مهارات في إدارة الدولة، ولكن طالبان كما يوحي اسمها اتحاد طلابي؛ أي أن مهنتهم هي الدراسة، والمعرفة، والعلم، والتعليم. فكلمة "طالبان" جمع كلمة طالب في لغة البشتو.
لم يكن من المتوقع أن تقدم أفغانستان أي شيء هام للعالم الغربي، وذلك بسبب حربها التي لا هوادة فيها ضد الولايات المتحدة على مدار 20 عامًا، ونمط حياتها المنعزل عن العالم قبل ذلك.
ولكن، كما قلت سابقًا، فإن أفغانستان تستحق كل الاهتمام والتقدير، وذلك بفضل ما حققته من سلام واستقرار في جميع أنحاء البلاد، من خلال العفو العام الذي أعلنته عقب توليها الحكم، بعد كل تلك الصراعات الدموية الطويلة.
ففي النهاية، يعتبر المجتمع الأفغاني مجتمعًا تقليديًا للغاية، حيث تُعدُّ العادات فيه ـ لا سيما الثأر ـ منتشرة بشكل واسع وقوي. وفي ظل مثل هذا المجتمع، لا يُعدُّ إعلان الدولة العفوَ العام أمرًا سهلًا، ناهيك عن تطبيقه. فإعلانُ الدولة العفوَ يتعارض مع عادات وتقاليد وأعراف الشعب، مما يجعل مواجهة المقاومة أمرًا شبه مستحيل.
فقد تعلن الدولة العفوَ، لكن يستمر الناس في اتباع عاداتهم ويصرون على الأخذ بثأرهم، مما يؤدي إلى استمرار حلْقة العنف والحرب دون نهاية. ولكن تمكن زعيم طالبان، هيبة الله آخوند زاده، من تطبيق العفو من خلال نص قصير استلهمه من فعل الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عند فتح مكة المكرمة. فكان لهذا النص تأثير أقوى من جميع التقاليد والأعراف والعادات، مما أدى إلى تطبيق العفو على أرض الواقع.
في الواقع، تؤثر أحكام إمارة أفغانستان الإسلامية بشكل قوي على جميع التقاليد المخالفة للإسلام، فهناك العديد من العادات والتقاليد التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتظلم المرأة فيها ولا تمنح أيّ حقوق أو قانون، وهي عادات مؤثرة للغاية في المجتمع الأفغاني.
ولكن هذه التقاليد تخضع الآن لقانون إمارة أفغانستان الإسلامية، مما يؤدي إلى تطبيقها بشكل عام لصالح الناس، وبشكل خاص لصالح المرأة. وهذه تفاصيل مهمة لا يمكن أن يراها أولئك الذين ينظرون فقط من خلال الصور النمطية التي تنتجها وسائل الإعلام الغربية حول قضية تعليم المرأة.
بالإضافة إلى ذلك فإن الوضع فيما يتعلق بتعليم النساء ليس كما يعتقد على الإطلاق. فقد بلغَنا أن هناك استعدادات جادة لإنشاء نظام لتعليم الفتيات في الجامعة.
تشهد أفغانستان لأول مرة منذ 45 عامًا، بيئة من الاستقرار والسلام في جميع أنحاء البلاد. ومن أبرز نتائج هذا الاستقرار انطلاق حملة تنموية جادة في البلاد، حيث تتوالى أخبار الاستثمارات التي لا يمكن تحقيقُها إلا بوجود حكومة مركزية قوية ومستقرة.
وكنتُ قد ذكرت في مقالات سابقة أن أفغانستان تنتظر المستثمرين الأجانب. وفي الواقع بينما لا يزال المستثمرون الأجانب مترددين؛ بسبب غموض بروتوكولات الاعتراف بأفغانستان لدى الأمم المتحدة، فقد بدأت الحكومة الأفغانية في تسريع وتيرة استثماراتها الخاصة.
تعليق