الجلوكوما
كانَتْ تُودِي بِصَاحِبَهَا إِلَى العَمَى ثم جاء لطف الله ، علمًا ، عند علماء
الجلوكوما هي باختصار مرض يصيب العين ، إذا لم يعالج في أوانه ، أدى الى العمى .
وهو كان يؤدي الى العمى الى أن اكتشف له العلاج ، شريطة أن لا يأتي العلاج متأخرا .
وسبب المرض ضغط يحصل في سائل العين يكون من نتيجته الاساءة الى أجهزة الابصار ، سيما ألياف العصب البصري .
واللفظ لفظ اغريقي ، يتضمن معنى الخضرة .
وسبب ذلك أن المرضى عندما كانوا قديما ينتهون الى العمى ، كانت قزحية عينهم تتراءى خضراء .
- العين ؛
ولكي نفهم كيف يحدث هذا الداء ، لا بد من أن نتذكر العين ، تركيبها ، وما يجري فيها .
ان العين شكلها شكل الكرة تقريبا ، حتى ليسمى جرمها هذا بكرة العين Eyeball ، وهذه الكرة قسمان أو خزانتان خزانة كبيرة ، وهي ملانة بمادة شفافة جيلاتينية أطلق عليها قديما عبارة الرطوبة الزجاجية . والماء عند القدماء رطوبة . ثم خزانة في مقدمة العين صغيرة ، بها ماء وملح وغير ذلك ، تسمى بالرطوبة المائية ، وهي بالماء أشبه .
ويلاحظ أنه يفصل الخزانتين ، الخلفية والأمامية عدسة العين والروابط التي تتصل بالعضلة الهدبية ( في كل من الناحيتين ) وهذه العضلة للتحكم في تحدب العدسة الذي يقتضيه بعد الشيء المرئي أو قربه ، لكي تتبوار صورته واضحة على الشبكية الموجودة في خلف العين ، أو في قاعها على ما يقولون .
والذي يهمنا الحديث فيه الساعة هو الخزانة فهناك العدسة الأمامية للعين . أنظرها بادئا من خلف وروابطها بالعضلة الهدبية ، أو الجسم الهدبي ، تليها القزحية ، وهي التي تعطي العين لونها الأسود أو العسلي أو الأزرق .
وفي القزحية الفتحة المعروفة بحدقة العين ، ومنها تدخل أشعة الجسم المنظور . ثم تأتي بعد ذلك القرنية ، وهي غشاء شفاف أكثر تقوسا من سائر كرة العين .
وهذه الخزانة الأمامية فجوتان : فجوة واقعة بين العدسة والقزحية والجسم الهدبي ) ويتضمن العضلة الهدبية ) ، وفجوة واقعة بين العدسة والقزحية من خلف، والقرنية من أمام . والفجوتان تملؤهما الرطوبة المائية .
- الجلوكوما ؛
ان هذه الخزانة الأمامية بفجوتيها هي الهدف من كل هذا الحديث عن العين ، الذي منه نصل الى وصف الداء ، الجلوكوما . فالداء خلل يبدأ أساسا في هذه الخزانة ورطوبتها المائية .
ان الرطوبة المائية ماء به ملح وأشياء أخرى ترفع ضغطه عن ضغط الدم ( بلازما الدم ) في الجسم وهو ماء شفاف .
والجسم الهدبي هو الذي يزود هذه الخزانة برطوبتها المائية .
ولكي تبقى الرطوبة المائية عند ضغط معلوم (۱) لا بد لها من مصرف . وهذه الرطوبة تخرج من قناة تعرف بقناة شلیم Shlemm Canal .
وتبقى العين سليمة ما تساوى داخلها بالخارج
منها .
ولكن يحدث أن تحدث في العين أمور تعطل خروج الرطوبة الزائدة ، كأن تنسد قناة شليم . واذن تختل العين كأداة للابصار . انها صنعت لتعمل تحت هذا القدر من الضغط ، وبزيادته تتأثر القرنية ( وهي تعمل في الحقيقة كعدسة تكسر الأشعة فتعين عدسة العين في مركزة أي بودرة صور الأشياء على الشبكية ، وتتأثر كذلك العدسة فهي لا تستطيع عندئذ أن تتشكل كما يجب لكل حالة ، وتتعطل العضلة الهدبية فلا تقوى على تشكيل العدسة . والعصب البصري نفسه يصيبه التلف .
فهذه هي الجلوكوما .
- الجلوكوما الحادة والمزمنة ؛
والجلوكوما قد يصاب بها صاحبها بغتة . والاصابة
تأتي عادة في الليل . وتظهر على صورة ألم شديد يصيب العين الواحدة ، وقد لا يكون الألم في العين ، ولكن في الرأس ، يمرق فيها كالسهم من جنب الى جنب . وقد يخال المريض أن الألم يخرج من الأنف ، أو من بسن . وقد يكون الألم من الشدة بحيث يقيء المريض ويظهر كأنما اعتراه مغص صفراوي .
والبصر لا يلبث أن ينقص ، وكرة العين تخال جامدة عند الجس ، والعين تحمر ، والقرنية تتغبش ، وحدقة العين تتسع .
والجلوكوما قد تأتي المريض تسللا ، يصحبها قليل من الألم بحيث يغفل عنها المريض ، وحتى الطبيب ، فلا ينتبهان اليها الا وقد قطعت مرحلة طويلة مزعجة .
وقد يصاب صاحبها بآلام تأتي ثم تزول ، فلا يصحو لها .
(1) الضغط في السوائل هو الضغط الأزموزي الذي يفرض على المحاليل حركة الماء فيها . فمثلا لو وضعنا ماء به ملح في وعاء مسامي ووضعنا هذا الوعاء في ماء صاف ، تحرك الماء ، فدخل الى حيث الماء والملح ، فكأنما الملح يضغط على مائه ليفسح لدخول ماء جديد اليه ليستوي الضغطان )
وكثيرا ما حدث أن المريض ، قبل أن ينضج الداء كان شكا من ضعف بصره ، وغير نظارته ، ثم غيرها بعد مدة قصيرة ، فأخرى قصيرة قبل أن ينتبه الى الداء.
والمريض قد يشكو تفبشا فيما يرى ، ويرى هالات
ذات ألوان حول شعلة بيضاء أو مصدر للنور أبيض .
و توكيد كل هذا يكون عند طبيب العيون بالكشف عن زيادة في ضغط العين ، وبفقدان الجزء الأوسط من حقل الرؤية ، وكذلك من النظر الى العصب البصري في قاع العين ، فهو يكون قد تراجع الى الوراء بحيث صنع شيئا أشبه بنقرة .
- علاج الجلوكوما ؛
لم يكن لها علاج قبل عام ١٨٥٧ ، أي قبل نحو قرن
من الزمان .
كانت تنتهي بالعمى .
وفي هذا العام جاء فن جراف Von Graafe
بعلاجه . وهو احداث شق في الخزانة الأمامية ، حيث الرطوبة المائية ، يخرج منها السائل الذي بسببه زاد الضغط ، وبذلك يهبط الضغط الى ما كان عليه والعين صحيحة .
والشق الذي أحدثه ، أحدثه عند ملتقى القرنية بالقزحية ، وبسببه اقتطع جزءا يسيرا من القزحية .
والجراحة الأحدث تشبه الجراحة التي ابتدعها ( فن جراف ) ، الا أن الذي يقتطع منه ليس القزحية ، وانما الطبقة الصلبة التي تغلف كرة العين من خارجها ، والتي القرنية امتداد لها ..
- علاج بالدواء ؛
وعندما يكون تقدم المرض بطيئا جدا ، والى أن تتهيأ العين للجراحة ، أو عندما تتعذر الجراحة ، يمكن ضبط المرض وربطه فلا يزيد ، وذلك بقطرات تقطر كل يوم في العين صباحا ومساء ، من محلول من العقار ايسرتين Esertine ، تركزه واحد في المائة .
ويستحسن قطر العينين معا ، فالأغلب ان العين الاخرى تتأثر بسبب ما اعترى المريض من القلق الذي أصابه بمرض العين هذا . فكثيرا ما يكون القلق هو حافز المرض أول مرة .
والعلاج بالقطرات لا ضرر من مداومة المريض عليه أشهرا أو سنوات . انه يضبط ضغط السائل في العين كلما سقط فيها .
كانَتْ تُودِي بِصَاحِبَهَا إِلَى العَمَى ثم جاء لطف الله ، علمًا ، عند علماء
الجلوكوما هي باختصار مرض يصيب العين ، إذا لم يعالج في أوانه ، أدى الى العمى .
وهو كان يؤدي الى العمى الى أن اكتشف له العلاج ، شريطة أن لا يأتي العلاج متأخرا .
وسبب المرض ضغط يحصل في سائل العين يكون من نتيجته الاساءة الى أجهزة الابصار ، سيما ألياف العصب البصري .
واللفظ لفظ اغريقي ، يتضمن معنى الخضرة .
وسبب ذلك أن المرضى عندما كانوا قديما ينتهون الى العمى ، كانت قزحية عينهم تتراءى خضراء .
- العين ؛
ولكي نفهم كيف يحدث هذا الداء ، لا بد من أن نتذكر العين ، تركيبها ، وما يجري فيها .
ان العين شكلها شكل الكرة تقريبا ، حتى ليسمى جرمها هذا بكرة العين Eyeball ، وهذه الكرة قسمان أو خزانتان خزانة كبيرة ، وهي ملانة بمادة شفافة جيلاتينية أطلق عليها قديما عبارة الرطوبة الزجاجية . والماء عند القدماء رطوبة . ثم خزانة في مقدمة العين صغيرة ، بها ماء وملح وغير ذلك ، تسمى بالرطوبة المائية ، وهي بالماء أشبه .
ويلاحظ أنه يفصل الخزانتين ، الخلفية والأمامية عدسة العين والروابط التي تتصل بالعضلة الهدبية ( في كل من الناحيتين ) وهذه العضلة للتحكم في تحدب العدسة الذي يقتضيه بعد الشيء المرئي أو قربه ، لكي تتبوار صورته واضحة على الشبكية الموجودة في خلف العين ، أو في قاعها على ما يقولون .
والذي يهمنا الحديث فيه الساعة هو الخزانة فهناك العدسة الأمامية للعين . أنظرها بادئا من خلف وروابطها بالعضلة الهدبية ، أو الجسم الهدبي ، تليها القزحية ، وهي التي تعطي العين لونها الأسود أو العسلي أو الأزرق .
وفي القزحية الفتحة المعروفة بحدقة العين ، ومنها تدخل أشعة الجسم المنظور . ثم تأتي بعد ذلك القرنية ، وهي غشاء شفاف أكثر تقوسا من سائر كرة العين .
وهذه الخزانة الأمامية فجوتان : فجوة واقعة بين العدسة والقزحية والجسم الهدبي ) ويتضمن العضلة الهدبية ) ، وفجوة واقعة بين العدسة والقزحية من خلف، والقرنية من أمام . والفجوتان تملؤهما الرطوبة المائية .
- الجلوكوما ؛
ان هذه الخزانة الأمامية بفجوتيها هي الهدف من كل هذا الحديث عن العين ، الذي منه نصل الى وصف الداء ، الجلوكوما . فالداء خلل يبدأ أساسا في هذه الخزانة ورطوبتها المائية .
ان الرطوبة المائية ماء به ملح وأشياء أخرى ترفع ضغطه عن ضغط الدم ( بلازما الدم ) في الجسم وهو ماء شفاف .
والجسم الهدبي هو الذي يزود هذه الخزانة برطوبتها المائية .
ولكي تبقى الرطوبة المائية عند ضغط معلوم (۱) لا بد لها من مصرف . وهذه الرطوبة تخرج من قناة تعرف بقناة شلیم Shlemm Canal .
وتبقى العين سليمة ما تساوى داخلها بالخارج
منها .
ولكن يحدث أن تحدث في العين أمور تعطل خروج الرطوبة الزائدة ، كأن تنسد قناة شليم . واذن تختل العين كأداة للابصار . انها صنعت لتعمل تحت هذا القدر من الضغط ، وبزيادته تتأثر القرنية ( وهي تعمل في الحقيقة كعدسة تكسر الأشعة فتعين عدسة العين في مركزة أي بودرة صور الأشياء على الشبكية ، وتتأثر كذلك العدسة فهي لا تستطيع عندئذ أن تتشكل كما يجب لكل حالة ، وتتعطل العضلة الهدبية فلا تقوى على تشكيل العدسة . والعصب البصري نفسه يصيبه التلف .
فهذه هي الجلوكوما .
- الجلوكوما الحادة والمزمنة ؛
والجلوكوما قد يصاب بها صاحبها بغتة . والاصابة
تأتي عادة في الليل . وتظهر على صورة ألم شديد يصيب العين الواحدة ، وقد لا يكون الألم في العين ، ولكن في الرأس ، يمرق فيها كالسهم من جنب الى جنب . وقد يخال المريض أن الألم يخرج من الأنف ، أو من بسن . وقد يكون الألم من الشدة بحيث يقيء المريض ويظهر كأنما اعتراه مغص صفراوي .
والبصر لا يلبث أن ينقص ، وكرة العين تخال جامدة عند الجس ، والعين تحمر ، والقرنية تتغبش ، وحدقة العين تتسع .
والجلوكوما قد تأتي المريض تسللا ، يصحبها قليل من الألم بحيث يغفل عنها المريض ، وحتى الطبيب ، فلا ينتبهان اليها الا وقد قطعت مرحلة طويلة مزعجة .
وقد يصاب صاحبها بآلام تأتي ثم تزول ، فلا يصحو لها .
(1) الضغط في السوائل هو الضغط الأزموزي الذي يفرض على المحاليل حركة الماء فيها . فمثلا لو وضعنا ماء به ملح في وعاء مسامي ووضعنا هذا الوعاء في ماء صاف ، تحرك الماء ، فدخل الى حيث الماء والملح ، فكأنما الملح يضغط على مائه ليفسح لدخول ماء جديد اليه ليستوي الضغطان )
وكثيرا ما حدث أن المريض ، قبل أن ينضج الداء كان شكا من ضعف بصره ، وغير نظارته ، ثم غيرها بعد مدة قصيرة ، فأخرى قصيرة قبل أن ينتبه الى الداء.
والمريض قد يشكو تفبشا فيما يرى ، ويرى هالات
ذات ألوان حول شعلة بيضاء أو مصدر للنور أبيض .
و توكيد كل هذا يكون عند طبيب العيون بالكشف عن زيادة في ضغط العين ، وبفقدان الجزء الأوسط من حقل الرؤية ، وكذلك من النظر الى العصب البصري في قاع العين ، فهو يكون قد تراجع الى الوراء بحيث صنع شيئا أشبه بنقرة .
- علاج الجلوكوما ؛
لم يكن لها علاج قبل عام ١٨٥٧ ، أي قبل نحو قرن
من الزمان .
كانت تنتهي بالعمى .
وفي هذا العام جاء فن جراف Von Graafe
بعلاجه . وهو احداث شق في الخزانة الأمامية ، حيث الرطوبة المائية ، يخرج منها السائل الذي بسببه زاد الضغط ، وبذلك يهبط الضغط الى ما كان عليه والعين صحيحة .
والشق الذي أحدثه ، أحدثه عند ملتقى القرنية بالقزحية ، وبسببه اقتطع جزءا يسيرا من القزحية .
والجراحة الأحدث تشبه الجراحة التي ابتدعها ( فن جراف ) ، الا أن الذي يقتطع منه ليس القزحية ، وانما الطبقة الصلبة التي تغلف كرة العين من خارجها ، والتي القرنية امتداد لها ..
- علاج بالدواء ؛
وعندما يكون تقدم المرض بطيئا جدا ، والى أن تتهيأ العين للجراحة ، أو عندما تتعذر الجراحة ، يمكن ضبط المرض وربطه فلا يزيد ، وذلك بقطرات تقطر كل يوم في العين صباحا ومساء ، من محلول من العقار ايسرتين Esertine ، تركزه واحد في المائة .
ويستحسن قطر العينين معا ، فالأغلب ان العين الاخرى تتأثر بسبب ما اعترى المريض من القلق الذي أصابه بمرض العين هذا . فكثيرا ما يكون القلق هو حافز المرض أول مرة .
والعلاج بالقطرات لا ضرر من مداومة المريض عليه أشهرا أو سنوات . انه يضبط ضغط السائل في العين كلما سقط فيها .
تعليق