البروفيسور تسفيتان تيوفانوف: مؤسسة أربيادا (arabiada) تسعى لتعريف الجمهور البلغاري بإنجازات الحضارة والثقافة العربية والعالم العربي المعاصر (الجزيرة)
محمد داود العلي
26/9/2023
المستعرب البلغاري تيوفانوف للجزيرة نت: ترجمتي لمعاني القرآن استغرقت 13 عاما ومحاولتين
في مدرسة الاستعراب البلغاري التي ظهرت مطلع ستينيات القرن الماضي، يستحوذ البروفيسور تسفيتان تيوفانوف على مكانة خاصة. فهو عالم غاص عميقا في أدب العصر العباسي وشعره، ومارس التدريس والإدارة الأكاديمية في بلاده، وحاضر في جامعات غربية عدة بينها أكسفورد، وأتحف البلغار خلال هذه السنوات ببعض من عيون المصنفات التي تتناول التراث الأدبي العربي.
في عام 1987 ترجم العالم المولود عام 1952 معاني القرآن الكريم بطلب من إحدى دور النشر البلغارية. ومع تبدل الظرف العام والشخصي، عاود تيوفانوف الترجمة مرة ثانية ليأتي بعد 10 سنوات بأول نص بلغاري لمعاني القرآن الكريم منقول عن الأصل العربي.
الجزيرة نت جالت في رحلة تيوفانوف المعرفية في سياق المقابلة التالية:
- في أكثر من لقاء صحفي ذكرت أنك وقعت في حب العربية من النظرة الأولى، أي عندما تصفحت وأنت فتى كتابا عربيا للمرة الأولى، بماذا شعرت وقتها؟ بالتحدي أم بالفضول أم بكليهما معا؟، خصوصا أنها لغة غريبة تماما بالنسبة لفتى بلغاري.
كنت طالبًا في المدرسة الثانوية، وكنت أتجول يوميًا بين المكتبات بحثًا عن كتب مثيرة للاهتمام. وأثناء ذلك حدث بالفعل شيء يشبه معجزة صغيرة، كما لو كان القدر في هذه اللحظة قد حدد مسبقًا مصيري المستقبلي مع العربية. وقعت عينيّ على كتاب مدرسي باللغة العربية، وبمجرد تصفحه أثار الكتاب اهتمامي بجمال الخط. طبعا، لم يجذبني سوى شكل الأبجدية وليس مضمونها، ولكن بعد ذلك أشعلت الشرارة بقلبي حبا قويا للعربية لم ينطفئ حتى يومنا هذا.
ولم أعتبر اللغة العربية لغة معقدة وغريبة. ولم أواجه أي صعوبات ومشاكل عند تعلمها خلال السنوات الطويلة، بل كان ذلك متعة ومغامرة مثمرة. عندما يتبع الإنسان قدره، يسهل الله جهوده في تحقيق أمانيه، فبالنسبة لي تعلم العربية لم يكن تحديًا، بل الفضول هو الذي قادني إلى التقدم المستمر حتى الآن، رغم أني أصبحت شيخا.
- ذهبتَ لدراسة العربية في جامعة بغداد عام 1972، وكان ذلك أول فرصة للتعرف على الشرق والعرب بالمعنى الواسع للكلمة، كيف كانت انطباعاتك الأولى؟ ومن بين أساتذتك بالجامعة ترك أثره لديك؟
تيوفانوف في زي التخرج من جامعة بغداد عام 1978 (الجزيرة)
أتذكر التاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1972. كان الثلج يتساقط في صوفيا، واستقبلني صيف حار في بغداد. كنت سعيدًا لأنني سأدرس لغتي المحبوبة، وقد أعجبني في البداية كل شيء، وإن كان أحيانا يبدو غريبا عليّ، كأنني أشاهد حلقة من مسلسل ألف ليلة وليلة. أدهشني مثلا الضجيج في الشوارع والأذان يسمع في جميع أنحاء المدينة، وملابس بعض الناس المختلفة تمامًا عما اعتدت عليه. ولكن مهما كان الأمر، فانطباعاتي الأولى كانت إيجابية، لاسيما فيما يتعلق بسلوك الناس. أدركت لاحقًا أن حسن التفاهم والتسامح والأخلاق الطيبة تنبع من تأثير الدين.
في ذلك الوقت كان العراق بلدا هادئا مزدهرا. وأساتذة مشهورون من جميع البلدان العربية قاموا بزيارات لجامعة بغداد وإلقاء محاضرات قيّمة، وخاصة في كلية الآداب. وأثر عليّ كثير من الأساتذة، ليس بسعة علمهم فحسب، بل بتعاملهم مع الطلبة ومواقفهم في المجتمع. منهم مهدي المخزومي، وإبراهيم السامرائي، ومحسن جمال الدين، وإبراهيم الوائلي، وعلي جواد الطاهر وغيرهم.
تعليق