المطرب موفق بهجت: الأغنية العربية الوطنية خف بريقها متأثرة بالواقع المعيشي الصعب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المطرب موفق بهجت: الأغنية العربية الوطنية خف بريقها متأثرة بالواقع المعيشي الصعب


    المطرب موفق بهجت: الأغنية العربية الوطنية خف بريقها متأثرة بالواقع المعيشي الصعب


    المرحلة التي يعيشها الفنان تفرض عليه خصوصية ما يقدمه من أغان.
    الثلاثاء 2024/03/05

    موفق بهجت فنان من الزمن الجميل

    يعد المطرب السوري موفق بهجت واحدا من رموز زمن الفن الجميل، حيث بدأ منذ سبعينات القرن الماضي تجربته الفنية التي جمعت بين الإعلام والغناء والتمثيل السينمائي، والتقى منذ ذلك الحين بنجوم الفن العربي، واختار أداء الأغنية الوطنية التي يرى أنها بدأت تفقد بريقها وانتشارها في زمننا الراهن جراء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في أغلب الدول العربية.

    دمشق- لا تزال المكانة التي زرعها الفنان الكبير موفق بهجت في قلوب الناس وأغانيه التي قدمها عبر ستة عقود راسخة في قلوب الناس وذاكرة الأجيال، حتى اعتبر بحق أحد رموز العصر الذهبي للفن والموسيقى في سوريا، والمنطقة العربية. قدم خلال مسيرته نوعا فريدا من الغناء ما بين الأغنية الراقصة والقصيدة والرومانسية، إضافة إلى الأغنية الوطنية التي أخذت حيزا واسعا من مسيرته الفنية.

    ابن مدينة دمشق حاول أن تكون بداياته الفنية من مدينته ويكون مخرجا للمنوعات إلا أنه لم يتمكن من تحقيق طموحه، بسبب وجود العديد من العوائق فتوجه إلى لبنان بداية الستينات ليعمل في الإخراج، ثم اتجه إلى مصر حيث اختار طريق الغناء بعد أن نصحه بذلك بعض الأصدقاء الذين استمعوا إلى صوته.

    ولم تسلم بدايات المطرب الفنية من تأثيرات نكسة 1967 على الحركة الفنية العربية، إذ قرر الفنان السوري موفق بهجت بعدها الانتقال إلى الخليج لتسويق صوته في مناطق مختلفة، إلا أن الحظ لم يحالفه، ومن هنا قرر التوجه لعاصمة الفن القاهرة.

    وتحققت شهرته في عالم الغناء مع أولى أغنياته “عشقت في الأندلسية” للشاعر السوري الراحل مصطفى البدوي، والتي انتشرت على مستوى العالم العربي بشكل كبير، ما شجع المطرب السوري على المضي قدما في عالم الأضواء.


    الأغاني الوطنية القديمة كان لها تأثير كبير في نفوس المستمعين، والكثير منها غناها الأطفال في الحارات والقرى


    وامتاز صاحب أغنية “بابوري رايح” بفنه الاستعراضي وخفة دمه وابتسامته، واختار طوال مسيرته الأغاني التي تتميز بالكلمة واللحن والصورة ضمن لون خاص به.

    وفي السنوات الأخيرة، اتجه صاحب أغنية “عزي وبلادي سوريا” للتركيز على الأغنية الوطنية بدءا من “سألوا الأحبة وبلدي يا عيني عليك” و”طير البشائر” وصولا إلى أغنيته الأخيرة “عاش الوطن”، منطلقا من حبه لوطنه ووقوفه معه باعتباره واجبا أخلاقيا وإنسانيا، ولإيمانه بدور الفن في ترسيخ حب الوطن بين الناس.

    ويؤكد الفنان بهجت أن الناس لا يزالون يرددون أناشيد وطنية قديمة تذكي فيهم الحماس والعنفوان مثل “سوريا يا حبيبتي” و”بلاد العرب أوطاني” وغيرهما الكثير من الأغنيات، مشيرا إلى أهمية دور الأغنية الوطنية في تعزيز مفاهيم الانتماء والمواطنة.

    ولفت بهجت في حوار له مع وكالة الأنباء السورية إلى أن هاجس الأغنية الوطنية كان بداخله منذ بداياته الفنية حيث إنه من أوائل المطربين الذين غنوها، ففي عام 1970 غنى للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد “الشمس طلعت يا أهل الغوالي” وهي من كلمات وألحان المبدع الراحل شاكر بريخان الذي ترك بصمة واضحة على الغناء الوطني والقومي، وأغنية ثانية بعنوان “رعاك الله” التي لاقت شهرة واسعة على مستوى سوريا.

    ويلاحظ عند موفق بهجت ميله للحزن في أغانيه الوطنية الجديدة بدل الحماس، ويعود ذلك حسب رأيه إلى الظروف الصعبة التي مرت على الوطن، معتبرا أن هذا النوع من الأغاني يعكس مشاعر وأحاسيس الناس.

    وردا على سؤال عما إذا كان للغناء الوطني نفس التأثير في الناس قبل خمسين عاما، يرى بهجت أن هذا النوع من الأغاني يتأثر بالواقع المعيشي لذلك خف بريقه قليلا، في حين كان للأغاني الوطنية القديمة تأثير كبير في نفوس المستمعين، والكثير منها غناها الأطفال في الحارات والقرى.

    ويستمد بهجت أغنيته الوطنية التي يصنعها من الحدث الذي يطال سوريا أحيانا ومن مشاعره وعواطفه المتدفقة أحيانا أخرى، لافتا إلى أن المرحلة التي يعيشها الفنان تفرض عليه خصوصية الأغنية، فأحيانا يستدعيه الواجب الوطني وأحيانا أخرى الحب فيتغنى ببلده كما يتغزل بحبيبته.

    بهجت الذي يبلغ نحو 86 عاما، غاب عن الفن سبعة أعوام ثم عاد إلى جمهوره في العام الماضي من بوابة الغناء الوطني، من خلال أغنيته الجديدة “طير البشاير” التي كتبها ولحنها وأنتجها بنفسه، مبينا أنه عندما كان مقيما خارج الوطن للعلاج شاهد كيف تناقلت محطات التلفزيون خبر استئناف مشاركة سوريا في اجتماعات جامعة الدول العربية، واحتفاء العرب حيث تأثر بهذا الحدث ليعيده إلى بلده وفي جعبته نص الأغنية.


    الساحة الفنية الآن تفتقد لوجود مطربين يضعون نصب أعينهم اختيار الكلمة واللحن المناسبين كما الجيل الذي سبقهم


    وسوريا بالنسبة لبهجت هي الثقافة والتاريخ والحضارة العريقة ورغم سفره المتكرر إلى أوروبا إلا أنه كلما شعر بالتعب والشوق يختار قبلته دمشق ليعيش الفرح مع الناس بكل تفاصيلهم ويرى البساطة والمحبة في عيونهم مؤمنا بأن سوريا رغم ما طالها من حروب وحصار لا تزال قلب العروبة النابض، ورغم كل الإغراءات التي حصل عليها إلا أنه لم يستطع العيش دون بلده لأن الوطن هو الكرامة والعزة.

    وبين صاحب أغنية “جاية مخباية” أن السوريين هم أصحاب الفن والفلكلور اللذين أخذهما الرحابنة (الأخوان عاصي وزياد الرحباني) وعملوا منهما أعظم المسرحيات الغنائية، كما أن المطربين السوريين حملوا الفن الأصيل ونشروه في كل أصقاع العالم كفهد بلان وصباح فخري وميادة الحناوي وجورج وسوف.

    ويقول بهجت إن الكثير من نجوم الغناء العرب يدينون للإذاعة السورية في انتشارهم، ولاسيما مع وجود لجان موسيقية كانت تضم أسماء كبيرة مثل شاكر بريخان وسهيل عرفة، أما الآن فاختفت كل هذه التفاصيل برأيه وغابت معها تفاصيل وجماليات الأغنية السورية.

    أما عن رأيه في نجوم الموسيقى والأغنية العربية من الشباب، فيقول بهجت إن الساحة الفنية الآن تفتقد لوجود مطربين يضعون نصب أعينهم اختيار الكلمة واللحن المناسبين كما الجيل الذي سبقهم مثل مروان حسام الدين ونعيم حمدي وعصمت رشيد وسمير سمرة والراحلة ميادة بسيليس الذين نشروا الأغنية السورية في العالم.

    أما عن عمله الأخير “عاش الوطن”، وهو من كلماته بالتعاون مع الشاعرة أليسار عمران وألحانه، فيبين أنه عاد إلى سوريا تقريبا منذ شهر حاملا معه فكرته من بلاد الاغتراب ويهدي هذا العمل إلى وطنه سوريا والذي سيتم عرضه قريبا، مبينا أنه بصدد التحضير لأغنية باللهجة السورية بعنوان “هالأفندية هي هي” من ألحان الفنان القدير حسام تحسين بك.

    وموفق بهجت، لم يكتف بخوض تجربة الغناء، إنما شارك في العديد من الأعمال السينمائية، خاصة فترة إقامته بمصر، وهو يقول عن تلك التجربة إنه شارك في عدة تجارب مع فنانين مصريين وكان الفيلم الأحب إلى قلبه “السلم الخلفي” من تمثيل ميرفت أمين ونور الشريف وصفاء أبوالسعود، حيث غنى فيه أغنية سورية لمحمد ضياءالدين اسمها “مجنون بحبك يا جارة”.

    والفنان الكبير الذي يحمل على كتفيه 86 عاما قضى جلها في الفن والغناء، لا يزال يتمنى لو يحظى بالتكريم على مسارح بلده الذي يقول عنه “أعشقه وعشت فيه وغنيت باسمه ولناسه ولقضاياه، وحملت راية الفن السوري في كل جولاتي ورحلاتي”.
يعمل...
X