أيام الشارقة المسرحية تكرم الرواد وتناقش راهن المسرح
مصممات عربيات يكشفن أهمية الأزياء في المسرح العربي المعاصر.
الخميس 2024/03/07
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الأزياء عنصر أساسي في المسرح المعاصر
تفتح الدورة الثالثة والثلاثون من أيام الشارقة المسرحية عبر برنامجها الموازي للعروض المسرحية العديد من القضايا المسرحية المحورية اليوم، علاوة على اهتمامها بعقد لقاءات مع رواد المسرح الخليجي والعربي، في تناقل لتجاربهم، ما يمثل إطلالة على حركة المسرح التاريخية.
الشارقة - تتواصل فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين من أيام الشارقة المسرحية، والتي تشهد مشاركة واسعة من الفنانين والمسرحيين والباحثين من مختلف الدول في الوطن العربي ضمن البرامج الفكرية والمحاورات والندوات المصاحبة للعروض.
وعلاوة على العروض المتنافسة على جوائز المهرجان تشهد الأيام التي تختتم في التاسع من مارس الجاري عددا هاما من اللقاءات التكريمية والنقدية.
شخصيات مكرمة
المشهد المسرحي العربي عرف تحولات مهمة في السنوات الأخيرة عبر دمج الأزياء بشكل فعال في تشكيل الشخصيات
ضمن فعاليات أيام الشارقة المسرحية التقت مؤخرا الفنانة العمانية فخرية خميس، الحاصلة على جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي في دورتها السابعة عشرة، بالمشاركين في ملتقى الشارقة الثاني عشر لأوائل المسرح العربي، وتحدثت معهم عن مشوارها الفني منذ البدايات، وعن الصعوبات التي واجهتها أثناءه.
واستهلت الفنانة حديثها بتحية الطلاب والحديث عن بداياتها في المسرح، مؤكدة أن الطريق لم يكن مفروشا بالورود، ولكن كانت هناك بالتأكيد صعوبات واجهتهم، فلم يكن لديهم مسرح بالشكل المتعارف عليه، ولكنهم كانوا يفرشون الأرض ويضعون الستائر ويمثلون في الشارع، وحينها كان قد اجتمع بعض الشباب المتحمسين لفن المسرح ليؤسسوا فرقة مسرحية أسوة ببقية البلدان العربية، وتحدوا الظروف، وكانوا مستمتعين بما يقومون به.
وأضافت “وفي عام 77 قررت وزارة الإعلام والثقافة أن تؤسس مسرح الشباب، وكان أول عروضنا فيه مسرحية ‘تاجر البندقية’، كما كنا نقدم كل عام عرضا سنويا في العيد الوطني، وهنا قررت وزارة الثقافة أن ترسلنا أنا وبعض زملائي في الفرقة لأخذ دورة تدريبية في المعهد العالي للفنون المسرحية، ودرسنا على يد أساتذة كبار مثل كرم مطاوع، وزكريا سليمان، وخلال هذا العام قدمنا العديد من المسرحيات، وبعد ذلك أخذنا التلفزيون وقدمنا العديد من المسلسلات التلفزيونية”.
وأكدت خميس خلال اللقاء أن جيلها كان صابرا ومتحملا، وأن من واجبهم تحمل الصعاب، وتابعت “أهالينا كانوا يدعموننا بشكل كبير، ولكن بعض أفراد المجتمع كانوا يرفضوننا ويرفضون أن تحتك بناتهم بنا، ولكن المفارقة أن من هؤلاء الذين كانوا يرفضوننا الآن أبناؤهم من الملتحقين وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية”.
وعن فكرة تقديم أدوار جريئة في المسرح، قالت الفنانة “من المفترض أن يطرح المخرج الفكرة من دون أن يخدش الحياء، ذلك هو إبداع المخرج”، موجهة في نهاية اللقاء رسالة إلى طلاب المسرح حيث قالت “لا تفوتوا أي فرصة للتعلم، أثبتوا موهبتكم وشاركوا في كل الورش المتاحة لكم حتى تصقلوا هذه الموهبة، فأنتم أوائل المسرح، فكروا في المسرح واجعلوه متسيدا حياتكم وتحملوا الصعاب”.
وفي إطار البرنامج الثقافي المصاحب لأيام الشارقة المسرحيّة، شهد قصر الثقافة مؤخرا محاورة حول التجربة الإبداعيّة للفنان عبدالله راشد، الشخصيّة المحليّة المكرمة لهذه الدورة، قدم لها وأدارها الفنان عبدالله مسعود.
إطلالة على حركة المسرح التاريخية
وبعد كلمته الترحيبية بضيوف الأمسية، وبرفقاء المسرح، اختار مدير الندوة أن ينطلق في حديثه عن رفيق دربه عبدالله راشد من البدايات، لأنها في نظره تشكل المؤثر الحقيقي في الفنان، ولم يجد حرجا في وصف النزعة الثوريَّة للشاب عبدالله راشد الذي “أراد أن يصل بسرعة.. ويقدم كل ما لديه”.
كما أشار إلى الجهود المضنية التي قام بها، والظروف الصعبة التي مر منها سعيا إلى إثبات ذاته فنيّا ومسرحيّا.
أما المسرحي الأردني محمد المراشدة، فأشاد بتجربة عبدالله راشد العلميَّة والمعرفيَّة، التي تستحق الاهتمام في أكثر من جانب، وأكد أن بصمته المسرحيَّة لا يمكن تجاوزها.
المسرحي عدنان سلوم عد عبدالله راشد “صاحب القلب الأبيض الذي اغتسل بفجر الفجيرة وشروق الشارقة”. وقرأ رسالة نقلها عن المسرحي التونسي محمد العوني، فحواها التعبير عن سعادته العارمة بهذا التكريم.
بينما هنأ المسرحي السعودي فهد الحارثي كل الجهات التي كرمت عبدالله راشد، وحكى عن تجربته المسرحيَّة معه، ولقاءاته، وبعض صفاته الإنسانيَّة، وأنه يحب الحكي، وبعيد كل البعد عن الغضب حيث يستقبل الناس بصدر رحب. أما المسرحي يوسف الحمدان فقد خلص إلى أن عبدالله راشد نموذج للإنسان واسع الصلات بفضل أريحيته وحسه الإنساني، وأكد أن “في هدوئه إنجازات وأسئلة مهمة”.
وتتالت المداخلات من الحضور، حيث تحدث البعض عن دور الشخصيَّة المحليَّة المكرمة في إثراء المسرح المحلي، ومشاركته بالتمثيل في مجموعة من العروض المتميزة، وتحدث البعض الآخر عن الخصال الشخصيَّة له.
وقد جاءت الكلمة الختاميّة للمسرحي عبدالله راشد، الذي حكى مجموعة من الأحداث الطريفة والتحديات والإشراقات التي رافقت بداياته المسرحيّة، مشيرا إلى أنه سعى دائما إلى الموازنة بين الانخراط في الأنشطة المسرحيّة والتزاماته المهنيّة، وهو استذكر عددا من الأسماء المسرحيّة المحليّة والعربيّة التي كان لها تأثيرها على شخصيته، منها عبدالله الظنحاني وخليفة التخلوفة، والمصري سامي عبدالحليم، والعراقي عزيز خيون، والتونسي محمد العوني، والأردني الراحل سمير خوالدة، ثم قال راشد مختتما “رسالتي لنفسي أولا وللأجيال لاسيما القادمة.. الصبر والإحسان”.
الأزياء والمسرح
أطروحات مسرحية ملهمة
في إطار البرنامج الثقافي للدورة الثالثة والثلاثين من أيام الشارقة المسرحية، نظمت ندوة تحت عنوان “دلالات وجماليات الأزياء في المسرح اليوم”، قدمت خميس أطروحات مهمة عن منظومة الملابس المسرحية، في جلسة أدارتها الباحثة البحرينية زهراء منصور بمقر إقامة الضيوف.
في مستهل الندوة، ركزت ابتسام الحمادي من الكويت، على أن الأزياء تعد عنصرا محوريا ورئيسا للعرض المسرحي، بحسبان ما تحمله من شكل ومضمون يخدم تكاملية العرض، وعملها على خلق حالة من الانصهار بين الشخصية المكتوبة في النص وجسد الممثل.
وسجلت الحمادي أن مهمة مصمم الأزياء تقوم على فهم المعطيات الفنية والدرامية، التي تتجلى من خلال التعامل مع أبعاد الشخصية لتقديم البيئة المتوافقة مع الزمان والمكان، مع مراعاة المدرسة الفنية المعتمدة للعرض المسرحي، سواء أكان واقعيا أم رمزيا أم عبثيا وما إلى ذلك.
وفي حالة أزياء مسرحية “ماكبث” لشكسبير، تصورت الحمادي نقل المصمم الشخصيات التاريخية باختلاف مستوياتها من البلاط الملكي وصولا إلى الشعب، بحرفية اختيار الألوان والخامات ضمن منظومة الحقبة الزمنية.
لكنها فتحت قوسا يخص الشخصيات التي تظهر بمعطيات تختلف عن العالم الواقعي، مثل “ساحرات ماكبث”، وعدت ذلك نقطة التحول في تصميم وتنفيذ الأزياء تبعا لما تحمله من طبوع مختلفة، وتقديمها طابعا طقسيا مشحونا بالنبوءات، ما يفرض على مصمم الأزياء أن يجد منفذا لإثارة جدارته في تقديم الشخصيات.
وأوضحت الحمادي أن مصمم الأزياء مدعو إلى أن يتغلغل بين الوصف وحالة المشهد في مخيلة الكاتب، فيلجأ المصمم إلى تصميم الزي من خلال الحوار المكتوب، مستدلة بأن الجمل التي ترددها الساحرات تحمل دلالات تساعد على ابتكار الزي، ونادت الحمادي بضرورة حضور مصمم الأزياء بروفات العمل، بحكم أن حركة جسد الممثل تساعد المصمم على ابتكار هيئة وجمالية التصميم.
وفي منظور الحمادي، لم تعد الأزياء ترمز إلى هوية الشخصية المسرحية فقط، بل تحولت إلى محرك للأحداث، وعنصر يملأ ويثير الفضاء المسرحي ويساهم في تجديد وتحول الشخصية، ويكون حضور الأزياء أعمق في العرض القائم على استخدام الرمزية والدلالات، وأصبح الزي المسرحي يحمل لغة وقراءة جديدة للنص من حيث الإقناع ومساعدة الممثل على الدخول في الحالة.
وشددت المصممة المصرية مروة عودة على إمكانية نهوض الأزياء المسرحية بأدوار مبتكرة، وأبرزت أهمية مراعاة البعد التاريخي والمنحى الفني على نحو يضيف أجزاء ويضفي زوايا مضيئة.
وأفادت عودة بأن الطباعة ثلاثية الأبعاد وفرت وقتا وأتاحت خلق هياكل مغايرة لأزياء مختلفة، مع إمكانية استخدام أجهزة الاستشعار والتفاعل في تصميم الأزياء لتنشيط الآثار البصرية، عندما يتحرك الممثل أو يجنح لتفعيل تأثيرات صوتية عندما يتحدث.
وثمنت المتحدثة أدوار البرمجية والروبوتات، وأيدت تطويع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لإضافة عناصر متحركة وتفاعلية، تشمل القطع المتحركة أو الأجنحة أو الأجزاء القابلة للتغيير في الملابس، محيلة على التفكير خارج الصندوق.
ولاحظت ريم شمالي من سوريا أن فن تشكيل العرض المسرحي يقتضي معرفة بالصور والأحجام والأوزان والأشكال، مبرزة أهمية تضمين الفضاء البصري معاني مضافة إلى النص، وذلك مرهون بالانتصار إلى الانسجام بين سائر العناصر.
وفي مقابل تأكيدها أن مفتاح نجاح العرض هو تناغم البنية والمكياج، نوهت شمالي بانتقال تصميم الأزياء إلى طور جرى فيه تحميل الشخصية بعدا إضافيا، لتقديم خيالات جديدة للمخرج، وعدم حصر عوالم تشكيل الأزياء في تطبيقات الحقبة الكلاسيكية.
وألحت شمالي على أنه لا ينبغي تجريد الزي المسرحي من الدلالة والبعد الذي يتطلبه، مع الحرص على ثالوث الخامة والظل والضوء، ممايزة بين المصمم القادر على طرح فكرة في قالب جمالي، والمنفذ الذي يكتفي بالتشكيل، وكلما كان التنسيق حقيقيا، كلما تحقق الهدف المشترك.
وتابعت شمالي “الدلالات المحملة للزي لا بد أن تعبر عن فعل الممثل وعمقه، فالزي يمكنه أن يكون مفتاحا للشخصية، والعمل المسرحي أفضل صيغة تسمح للفنان بتجاوز ذاته”.
بدورها أبرزت المصممة سناء الشدال من المغرب، أن المشهد المسرحي العربي عرف تحولات مهمة في السنوات الأخيرة، عبر دمج الأزياء بشكل فعال في تشكيل الشخصيات، مسجلة أن الأزياء مدعوة إلى أن تعكس الأصالة الثقافية والأبعاد التاريخية التي تعبر عن امتداد الشخصية المسرحية.
وبجانب ملاحظتها أن توظيف الأزياء في العروض المسرحية المعاصرة أخذ أنماطا منوعة، كاستخدام الأقمشة والإكسسوارات، ذكرت صاحبة تجربة عقدين في مجال التصاميم، أن الأزياء أصبحت تلعب دورا أكبر في إيصال الحمولات الدلالية، وتعزيز المظهر الجمالي للعرض المسرحي.
وثمنت الشدال مشاركة مصمم الأزياء اليوم في عروض مسرحية مبتكرة، بعدما صارت الأزياء جزءا لا يتجزأ من استكشاف مختلف جوانب التجارب المسرحية، بالتزامن مع تعزيز المشهد البصري في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، ودمج الإضاءة في الأزياء، ما أتاح تحويلها إلى واجهات ديناميكية تفاعلية.
وتطرقت إيناس عزت من مصر إلى تأثير الأزياء على الممثل، موضحة أن في المسرح يفرض الزي تعبيرات معينة على الشخصية والجسد، وأقحمت تأثير الأزياء على الممثل سيكولوجيا، في إشارة إلى ما يلف عملية التقمص، فإذا ارتدى ممثل زي طبيب يختلف عن أي زي ثان، مؤكدة أن الأصل في الموضوع يبقى التصديق.
وقاربت عزت تأثير الأزياء على حركة الممثل، من حيث منحه قوة أكبر، واتكأت على استخدام التقنيات الحديثة في الأزياء من حيث الإضاءة والرسم والتعامل مع فترة بعينها ودراما بنسق ما، مستنتجة أن العلاقة التكاملية بين الأزياء والمكياج تكثف المضمون، وتكفل تغييرا سريعا على الخشبة.
وانتهت الندوة بفقرة تكريمية، شهدت تقديم أحمد بورحيمة مدير أيام الشارقة المسرحية، شهادات تقديرية للمشاركات.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
مصممات عربيات يكشفن أهمية الأزياء في المسرح العربي المعاصر.
الخميس 2024/03/07
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الأزياء عنصر أساسي في المسرح المعاصر
تفتح الدورة الثالثة والثلاثون من أيام الشارقة المسرحية عبر برنامجها الموازي للعروض المسرحية العديد من القضايا المسرحية المحورية اليوم، علاوة على اهتمامها بعقد لقاءات مع رواد المسرح الخليجي والعربي، في تناقل لتجاربهم، ما يمثل إطلالة على حركة المسرح التاريخية.
الشارقة - تتواصل فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين من أيام الشارقة المسرحية، والتي تشهد مشاركة واسعة من الفنانين والمسرحيين والباحثين من مختلف الدول في الوطن العربي ضمن البرامج الفكرية والمحاورات والندوات المصاحبة للعروض.
وعلاوة على العروض المتنافسة على جوائز المهرجان تشهد الأيام التي تختتم في التاسع من مارس الجاري عددا هاما من اللقاءات التكريمية والنقدية.
شخصيات مكرمة
المشهد المسرحي العربي عرف تحولات مهمة في السنوات الأخيرة عبر دمج الأزياء بشكل فعال في تشكيل الشخصيات
ضمن فعاليات أيام الشارقة المسرحية التقت مؤخرا الفنانة العمانية فخرية خميس، الحاصلة على جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي في دورتها السابعة عشرة، بالمشاركين في ملتقى الشارقة الثاني عشر لأوائل المسرح العربي، وتحدثت معهم عن مشوارها الفني منذ البدايات، وعن الصعوبات التي واجهتها أثناءه.
واستهلت الفنانة حديثها بتحية الطلاب والحديث عن بداياتها في المسرح، مؤكدة أن الطريق لم يكن مفروشا بالورود، ولكن كانت هناك بالتأكيد صعوبات واجهتهم، فلم يكن لديهم مسرح بالشكل المتعارف عليه، ولكنهم كانوا يفرشون الأرض ويضعون الستائر ويمثلون في الشارع، وحينها كان قد اجتمع بعض الشباب المتحمسين لفن المسرح ليؤسسوا فرقة مسرحية أسوة ببقية البلدان العربية، وتحدوا الظروف، وكانوا مستمتعين بما يقومون به.
وأضافت “وفي عام 77 قررت وزارة الإعلام والثقافة أن تؤسس مسرح الشباب، وكان أول عروضنا فيه مسرحية ‘تاجر البندقية’، كما كنا نقدم كل عام عرضا سنويا في العيد الوطني، وهنا قررت وزارة الثقافة أن ترسلنا أنا وبعض زملائي في الفرقة لأخذ دورة تدريبية في المعهد العالي للفنون المسرحية، ودرسنا على يد أساتذة كبار مثل كرم مطاوع، وزكريا سليمان، وخلال هذا العام قدمنا العديد من المسرحيات، وبعد ذلك أخذنا التلفزيون وقدمنا العديد من المسلسلات التلفزيونية”.
وأكدت خميس خلال اللقاء أن جيلها كان صابرا ومتحملا، وأن من واجبهم تحمل الصعاب، وتابعت “أهالينا كانوا يدعموننا بشكل كبير، ولكن بعض أفراد المجتمع كانوا يرفضوننا ويرفضون أن تحتك بناتهم بنا، ولكن المفارقة أن من هؤلاء الذين كانوا يرفضوننا الآن أبناؤهم من الملتحقين وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية”.
وعن فكرة تقديم أدوار جريئة في المسرح، قالت الفنانة “من المفترض أن يطرح المخرج الفكرة من دون أن يخدش الحياء، ذلك هو إبداع المخرج”، موجهة في نهاية اللقاء رسالة إلى طلاب المسرح حيث قالت “لا تفوتوا أي فرصة للتعلم، أثبتوا موهبتكم وشاركوا في كل الورش المتاحة لكم حتى تصقلوا هذه الموهبة، فأنتم أوائل المسرح، فكروا في المسرح واجعلوه متسيدا حياتكم وتحملوا الصعاب”.
وفي إطار البرنامج الثقافي المصاحب لأيام الشارقة المسرحيّة، شهد قصر الثقافة مؤخرا محاورة حول التجربة الإبداعيّة للفنان عبدالله راشد، الشخصيّة المحليّة المكرمة لهذه الدورة، قدم لها وأدارها الفنان عبدالله مسعود.
إطلالة على حركة المسرح التاريخية
وبعد كلمته الترحيبية بضيوف الأمسية، وبرفقاء المسرح، اختار مدير الندوة أن ينطلق في حديثه عن رفيق دربه عبدالله راشد من البدايات، لأنها في نظره تشكل المؤثر الحقيقي في الفنان، ولم يجد حرجا في وصف النزعة الثوريَّة للشاب عبدالله راشد الذي “أراد أن يصل بسرعة.. ويقدم كل ما لديه”.
كما أشار إلى الجهود المضنية التي قام بها، والظروف الصعبة التي مر منها سعيا إلى إثبات ذاته فنيّا ومسرحيّا.
أما المسرحي الأردني محمد المراشدة، فأشاد بتجربة عبدالله راشد العلميَّة والمعرفيَّة، التي تستحق الاهتمام في أكثر من جانب، وأكد أن بصمته المسرحيَّة لا يمكن تجاوزها.
المسرحي عدنان سلوم عد عبدالله راشد “صاحب القلب الأبيض الذي اغتسل بفجر الفجيرة وشروق الشارقة”. وقرأ رسالة نقلها عن المسرحي التونسي محمد العوني، فحواها التعبير عن سعادته العارمة بهذا التكريم.
بينما هنأ المسرحي السعودي فهد الحارثي كل الجهات التي كرمت عبدالله راشد، وحكى عن تجربته المسرحيَّة معه، ولقاءاته، وبعض صفاته الإنسانيَّة، وأنه يحب الحكي، وبعيد كل البعد عن الغضب حيث يستقبل الناس بصدر رحب. أما المسرحي يوسف الحمدان فقد خلص إلى أن عبدالله راشد نموذج للإنسان واسع الصلات بفضل أريحيته وحسه الإنساني، وأكد أن “في هدوئه إنجازات وأسئلة مهمة”.
وتتالت المداخلات من الحضور، حيث تحدث البعض عن دور الشخصيَّة المحليَّة المكرمة في إثراء المسرح المحلي، ومشاركته بالتمثيل في مجموعة من العروض المتميزة، وتحدث البعض الآخر عن الخصال الشخصيَّة له.
وقد جاءت الكلمة الختاميّة للمسرحي عبدالله راشد، الذي حكى مجموعة من الأحداث الطريفة والتحديات والإشراقات التي رافقت بداياته المسرحيّة، مشيرا إلى أنه سعى دائما إلى الموازنة بين الانخراط في الأنشطة المسرحيّة والتزاماته المهنيّة، وهو استذكر عددا من الأسماء المسرحيّة المحليّة والعربيّة التي كان لها تأثيرها على شخصيته، منها عبدالله الظنحاني وخليفة التخلوفة، والمصري سامي عبدالحليم، والعراقي عزيز خيون، والتونسي محمد العوني، والأردني الراحل سمير خوالدة، ثم قال راشد مختتما “رسالتي لنفسي أولا وللأجيال لاسيما القادمة.. الصبر والإحسان”.
الأزياء والمسرح
أطروحات مسرحية ملهمة
في إطار البرنامج الثقافي للدورة الثالثة والثلاثين من أيام الشارقة المسرحية، نظمت ندوة تحت عنوان “دلالات وجماليات الأزياء في المسرح اليوم”، قدمت خميس أطروحات مهمة عن منظومة الملابس المسرحية، في جلسة أدارتها الباحثة البحرينية زهراء منصور بمقر إقامة الضيوف.
في مستهل الندوة، ركزت ابتسام الحمادي من الكويت، على أن الأزياء تعد عنصرا محوريا ورئيسا للعرض المسرحي، بحسبان ما تحمله من شكل ومضمون يخدم تكاملية العرض، وعملها على خلق حالة من الانصهار بين الشخصية المكتوبة في النص وجسد الممثل.
وسجلت الحمادي أن مهمة مصمم الأزياء تقوم على فهم المعطيات الفنية والدرامية، التي تتجلى من خلال التعامل مع أبعاد الشخصية لتقديم البيئة المتوافقة مع الزمان والمكان، مع مراعاة المدرسة الفنية المعتمدة للعرض المسرحي، سواء أكان واقعيا أم رمزيا أم عبثيا وما إلى ذلك.
وفي حالة أزياء مسرحية “ماكبث” لشكسبير، تصورت الحمادي نقل المصمم الشخصيات التاريخية باختلاف مستوياتها من البلاط الملكي وصولا إلى الشعب، بحرفية اختيار الألوان والخامات ضمن منظومة الحقبة الزمنية.
لكنها فتحت قوسا يخص الشخصيات التي تظهر بمعطيات تختلف عن العالم الواقعي، مثل “ساحرات ماكبث”، وعدت ذلك نقطة التحول في تصميم وتنفيذ الأزياء تبعا لما تحمله من طبوع مختلفة، وتقديمها طابعا طقسيا مشحونا بالنبوءات، ما يفرض على مصمم الأزياء أن يجد منفذا لإثارة جدارته في تقديم الشخصيات.
وأوضحت الحمادي أن مصمم الأزياء مدعو إلى أن يتغلغل بين الوصف وحالة المشهد في مخيلة الكاتب، فيلجأ المصمم إلى تصميم الزي من خلال الحوار المكتوب، مستدلة بأن الجمل التي ترددها الساحرات تحمل دلالات تساعد على ابتكار الزي، ونادت الحمادي بضرورة حضور مصمم الأزياء بروفات العمل، بحكم أن حركة جسد الممثل تساعد المصمم على ابتكار هيئة وجمالية التصميم.
وفي منظور الحمادي، لم تعد الأزياء ترمز إلى هوية الشخصية المسرحية فقط، بل تحولت إلى محرك للأحداث، وعنصر يملأ ويثير الفضاء المسرحي ويساهم في تجديد وتحول الشخصية، ويكون حضور الأزياء أعمق في العرض القائم على استخدام الرمزية والدلالات، وأصبح الزي المسرحي يحمل لغة وقراءة جديدة للنص من حيث الإقناع ومساعدة الممثل على الدخول في الحالة.
وشددت المصممة المصرية مروة عودة على إمكانية نهوض الأزياء المسرحية بأدوار مبتكرة، وأبرزت أهمية مراعاة البعد التاريخي والمنحى الفني على نحو يضيف أجزاء ويضفي زوايا مضيئة.
وأفادت عودة بأن الطباعة ثلاثية الأبعاد وفرت وقتا وأتاحت خلق هياكل مغايرة لأزياء مختلفة، مع إمكانية استخدام أجهزة الاستشعار والتفاعل في تصميم الأزياء لتنشيط الآثار البصرية، عندما يتحرك الممثل أو يجنح لتفعيل تأثيرات صوتية عندما يتحدث.
وثمنت المتحدثة أدوار البرمجية والروبوتات، وأيدت تطويع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لإضافة عناصر متحركة وتفاعلية، تشمل القطع المتحركة أو الأجنحة أو الأجزاء القابلة للتغيير في الملابس، محيلة على التفكير خارج الصندوق.
ولاحظت ريم شمالي من سوريا أن فن تشكيل العرض المسرحي يقتضي معرفة بالصور والأحجام والأوزان والأشكال، مبرزة أهمية تضمين الفضاء البصري معاني مضافة إلى النص، وذلك مرهون بالانتصار إلى الانسجام بين سائر العناصر.
وفي مقابل تأكيدها أن مفتاح نجاح العرض هو تناغم البنية والمكياج، نوهت شمالي بانتقال تصميم الأزياء إلى طور جرى فيه تحميل الشخصية بعدا إضافيا، لتقديم خيالات جديدة للمخرج، وعدم حصر عوالم تشكيل الأزياء في تطبيقات الحقبة الكلاسيكية.
وألحت شمالي على أنه لا ينبغي تجريد الزي المسرحي من الدلالة والبعد الذي يتطلبه، مع الحرص على ثالوث الخامة والظل والضوء، ممايزة بين المصمم القادر على طرح فكرة في قالب جمالي، والمنفذ الذي يكتفي بالتشكيل، وكلما كان التنسيق حقيقيا، كلما تحقق الهدف المشترك.
وتابعت شمالي “الدلالات المحملة للزي لا بد أن تعبر عن فعل الممثل وعمقه، فالزي يمكنه أن يكون مفتاحا للشخصية، والعمل المسرحي أفضل صيغة تسمح للفنان بتجاوز ذاته”.
بدورها أبرزت المصممة سناء الشدال من المغرب، أن المشهد المسرحي العربي عرف تحولات مهمة في السنوات الأخيرة، عبر دمج الأزياء بشكل فعال في تشكيل الشخصيات، مسجلة أن الأزياء مدعوة إلى أن تعكس الأصالة الثقافية والأبعاد التاريخية التي تعبر عن امتداد الشخصية المسرحية.
وبجانب ملاحظتها أن توظيف الأزياء في العروض المسرحية المعاصرة أخذ أنماطا منوعة، كاستخدام الأقمشة والإكسسوارات، ذكرت صاحبة تجربة عقدين في مجال التصاميم، أن الأزياء أصبحت تلعب دورا أكبر في إيصال الحمولات الدلالية، وتعزيز المظهر الجمالي للعرض المسرحي.
وثمنت الشدال مشاركة مصمم الأزياء اليوم في عروض مسرحية مبتكرة، بعدما صارت الأزياء جزءا لا يتجزأ من استكشاف مختلف جوانب التجارب المسرحية، بالتزامن مع تعزيز المشهد البصري في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، ودمج الإضاءة في الأزياء، ما أتاح تحويلها إلى واجهات ديناميكية تفاعلية.
وتطرقت إيناس عزت من مصر إلى تأثير الأزياء على الممثل، موضحة أن في المسرح يفرض الزي تعبيرات معينة على الشخصية والجسد، وأقحمت تأثير الأزياء على الممثل سيكولوجيا، في إشارة إلى ما يلف عملية التقمص، فإذا ارتدى ممثل زي طبيب يختلف عن أي زي ثان، مؤكدة أن الأصل في الموضوع يبقى التصديق.
وقاربت عزت تأثير الأزياء على حركة الممثل، من حيث منحه قوة أكبر، واتكأت على استخدام التقنيات الحديثة في الأزياء من حيث الإضاءة والرسم والتعامل مع فترة بعينها ودراما بنسق ما، مستنتجة أن العلاقة التكاملية بين الأزياء والمكياج تكثف المضمون، وتكفل تغييرا سريعا على الخشبة.
وانتهت الندوة بفقرة تكريمية، شهدت تقديم أحمد بورحيمة مدير أيام الشارقة المسرحية، شهادات تقديرية للمشاركات.
ShareWhatsAppTwitterFacebook