العمارة المبكِّرة
ظهرت أول عمارة ذات أهمية في منطقتين في الشرق الأوسط، قبل أكثر من 5000 سنة مضت. وإحدى هاتين المنطقتين هي بلاد ما بين النهرين، التي تقع بين نهري دجلة والفرات شرقي العراق حاليًا وشمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا، والمنطقة الأخرى هي مصر.
عمارة بلاد ما بين النهرين:
سيطرت أربع مجموعات ثقافية على تاريخ بلاد ما بين النهرين. وهذه المجموعات هي السومريون والأشوريون والبابليون والفرس. فقد اشتهر تاريخ المنطقة بحروب وغزوات كثيرة، لذلك شيدت الحضارات المتنوعة كثيرًا من المباني المحصَّنة.
كانت معظم المباني في بلاد ما بين النهرين مصنوعة من الطوب الطيني، وهي مواد أقل ديمومة من الحجر والخرسانة. ونتيجة لذلك لم يبق أي مثال كامل لعمارة بلاد ما بين النهرين. وبالرغم من ذلك فقد أعاد علماء الآثار إنشاء المساقط الأفقية لبعض المباني.
ازدهرت الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين في القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد، وكانت المعابد أول المنشآت السومرية المهمة. وأقدم مثال هو المعبد الأبيض الذي بني في أواخر القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد في مدينة أورك. والمعبد مبني من الطوب المطلي باللون الأبيض. فقد بنى المعماريون المعبد على مصطبة عند قمة برج يشبه الهرم. وتسمى مثل هذه الأبراج الزكورات.
وخلال منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، استعمر الأشوريون المنطقة، وبنوا قصورًا ومعابد، متأثرين بفن العمارة السومرية، ولكن بعمارة ذات تصميمات فخمة وجميلة. فقد كان حصن الملك سَرْجون الثاني الذي بُني في مدينة خورساباد في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد واحدًا من أهم إنجازات العمارة الأشورية. ويقع الحصن في الركن الشمالي الغربي للمدينة، ويشمل قصورًا ومعابد ومباني عامة وزكورات. وقد أحاط بالمدينة جدار دفاعي.
وبعد سقوط الأشوريين في القرن السابع قبل الميلاد، جاء البابليون إلى السلطة، وبنوا زكورة مشهورة أشير إليها في التوراة ببرج بابل (أوائل القرن السادس قبل الميلاد). وضمت عاصمتهم بابل الحدائق المعلَّقة المشهورة، وبوابة عِشْتار التي كانت مزينة بالطوب الملون والمزخرف بالخزف.
وفي عام 539 ق.م، غزا الفرس بلاد ما بين النهرين. وقد كان دين الفرس، أي الزرادشتية، لا يحتاج إلى معابد. ولكنهم بنوا قصورًا كثيرة أشهرها مُجمع القصر في العاصمة الدينية برسيبوليس. ويضم هذا المُجمَّع عددًا من المباني المتصلة التي اكتملت في منتصف القرن الخامس ق.م، وتشتمل على عدة قصور بها قاعات وغرف وأفنية. وكان ملك الفُرس يستقبل زواره في حجرة ضخمة تعرف بقاعة المائة عمود. ومساحة هذه الصالة حوالي 76م²، ولها سقف ضخم محمول بجسور على أعمدة ارتفاعها قد يصل إلى 18م. ولمزيد من الإيضاح لعمارة بلاد ما بين النهرين. ★ تَصَفح: بابل، بلاد ؛ فارس القديمة.
العمارة المصرية:
كانت تتمركز حول الملك، الذي كان الحاكم الديني والسياسي لمصر القديمة. وقد اعتبر المصريون القدماء ملوكهم آلهة، وكانوا يبنون المدافن الحجرية والمعابد والقصور لتخليدهم.
وأشهر المدافن المصرية الأهرامات الضخمة التي كان يُدفن فيها الملوك. ومازالت بقايا 35 هرمًا رئيسيًا تقف إلى الآن محاذية لنهر النيل. وكان كل هرم جزءًا من مجموعة منشآت تضم عادة معبدًا كبيرًا في الجبهة الشرقية للهرم ومعبدًا أصغر بالقرب من النيل، ويربط ممر طويل المعبدين. ويبدو أن المصريين اعتقدوا أن الحجرة التي يُدفن فيها الملك أكثر أجزاء الهرم قداسة، لذلك أحكموا إغلاق المداخل التي تؤدي إلى الهرم وإلى غرفة الدفن.
وأول هرم مصري معروف بُني للملك زوسر حوالي 2650 ق.م في سقّارة. وكان الهرم يرتفع فوق سلسلة من ستة مدرجات ضخمة. وقد بُنيت ثلاثة أهرامات في الجيزة منذ حوالي 2600 إلى 2500 ق.م للملوك خوفو وخَفْرَع ومِنْقَرَع. وهي أعمال ضخمة ذات جوانب ناعمة.
بدأت الفترة العظيمة للعمارة المصرية في القرن السادس عشر قبل الميلاد، واستمرت حوالي 500 عام. فقد قام المعماريون خلالها بتصميم المعابد أساسًا وليس الأهرامات. وكانت المعابد منشآت ضخمة محمولة على أعمدة. وقد ربطت الصالات والمنحدرات مختلف أنواع الغرف. ويدخل الناس إلى معظم المعابد من خلال بوابات مكونة من برجين ضخمين يُطلق عليهما اسم أبراج البوابة. وأحد أشهر معابد تلك الفترة المعبد الذي بُني للملكة حتشبسوت في الدير البحري في حوالي عام 1480ق.م، والذي شيده رعاياها عند سفح جرف صخري ضخم في اتحاد واضح بين العمارة والطبيعة.
لمزيد من الإيضاحات عن العمارة المصرية، ★ تَصَفح: مصر القديمة ؛ الأهرامات.
ظهرت أول عمارة ذات أهمية في منطقتين في الشرق الأوسط، قبل أكثر من 5000 سنة مضت. وإحدى هاتين المنطقتين هي بلاد ما بين النهرين، التي تقع بين نهري دجلة والفرات شرقي العراق حاليًا وشمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا، والمنطقة الأخرى هي مصر.
عمارة بلاد ما بين النهرين:
سيطرت أربع مجموعات ثقافية على تاريخ بلاد ما بين النهرين. وهذه المجموعات هي السومريون والأشوريون والبابليون والفرس. فقد اشتهر تاريخ المنطقة بحروب وغزوات كثيرة، لذلك شيدت الحضارات المتنوعة كثيرًا من المباني المحصَّنة.
كانت معظم المباني في بلاد ما بين النهرين مصنوعة من الطوب الطيني، وهي مواد أقل ديمومة من الحجر والخرسانة. ونتيجة لذلك لم يبق أي مثال كامل لعمارة بلاد ما بين النهرين. وبالرغم من ذلك فقد أعاد علماء الآثار إنشاء المساقط الأفقية لبعض المباني.
ازدهرت الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين في القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد، وكانت المعابد أول المنشآت السومرية المهمة. وأقدم مثال هو المعبد الأبيض الذي بني في أواخر القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد في مدينة أورك. والمعبد مبني من الطوب المطلي باللون الأبيض. فقد بنى المعماريون المعبد على مصطبة عند قمة برج يشبه الهرم. وتسمى مثل هذه الأبراج الزكورات.
وخلال منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، استعمر الأشوريون المنطقة، وبنوا قصورًا ومعابد، متأثرين بفن العمارة السومرية، ولكن بعمارة ذات تصميمات فخمة وجميلة. فقد كان حصن الملك سَرْجون الثاني الذي بُني في مدينة خورساباد في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد واحدًا من أهم إنجازات العمارة الأشورية. ويقع الحصن في الركن الشمالي الغربي للمدينة، ويشمل قصورًا ومعابد ومباني عامة وزكورات. وقد أحاط بالمدينة جدار دفاعي.
وبعد سقوط الأشوريين في القرن السابع قبل الميلاد، جاء البابليون إلى السلطة، وبنوا زكورة مشهورة أشير إليها في التوراة ببرج بابل (أوائل القرن السادس قبل الميلاد). وضمت عاصمتهم بابل الحدائق المعلَّقة المشهورة، وبوابة عِشْتار التي كانت مزينة بالطوب الملون والمزخرف بالخزف.
وفي عام 539 ق.م، غزا الفرس بلاد ما بين النهرين. وقد كان دين الفرس، أي الزرادشتية، لا يحتاج إلى معابد. ولكنهم بنوا قصورًا كثيرة أشهرها مُجمع القصر في العاصمة الدينية برسيبوليس. ويضم هذا المُجمَّع عددًا من المباني المتصلة التي اكتملت في منتصف القرن الخامس ق.م، وتشتمل على عدة قصور بها قاعات وغرف وأفنية. وكان ملك الفُرس يستقبل زواره في حجرة ضخمة تعرف بقاعة المائة عمود. ومساحة هذه الصالة حوالي 76م²، ولها سقف ضخم محمول بجسور على أعمدة ارتفاعها قد يصل إلى 18م. ولمزيد من الإيضاح لعمارة بلاد ما بين النهرين. ★ تَصَفح: بابل، بلاد ؛ فارس القديمة.
معبد خونس بني في الكرنك في مصر في القرن الثاني عشر ق.م. يحمي المدخل برجان ضخمان يطلق عليهما المسلتان (إلى اليسار). ويظهر الرسم المقطوع الأعمدة داخل المعبد التي تحمل السقف. وإلى اليمين الحجرة المقدسة المخصصة لإله القمر خونس. |
كانت تتمركز حول الملك، الذي كان الحاكم الديني والسياسي لمصر القديمة. وقد اعتبر المصريون القدماء ملوكهم آلهة، وكانوا يبنون المدافن الحجرية والمعابد والقصور لتخليدهم.
وأشهر المدافن المصرية الأهرامات الضخمة التي كان يُدفن فيها الملوك. ومازالت بقايا 35 هرمًا رئيسيًا تقف إلى الآن محاذية لنهر النيل. وكان كل هرم جزءًا من مجموعة منشآت تضم عادة معبدًا كبيرًا في الجبهة الشرقية للهرم ومعبدًا أصغر بالقرب من النيل، ويربط ممر طويل المعبدين. ويبدو أن المصريين اعتقدوا أن الحجرة التي يُدفن فيها الملك أكثر أجزاء الهرم قداسة، لذلك أحكموا إغلاق المداخل التي تؤدي إلى الهرم وإلى غرفة الدفن.
وأول هرم مصري معروف بُني للملك زوسر حوالي 2650 ق.م في سقّارة. وكان الهرم يرتفع فوق سلسلة من ستة مدرجات ضخمة. وقد بُنيت ثلاثة أهرامات في الجيزة منذ حوالي 2600 إلى 2500 ق.م للملوك خوفو وخَفْرَع ومِنْقَرَع. وهي أعمال ضخمة ذات جوانب ناعمة.
بدأت الفترة العظيمة للعمارة المصرية في القرن السادس عشر قبل الميلاد، واستمرت حوالي 500 عام. فقد قام المعماريون خلالها بتصميم المعابد أساسًا وليس الأهرامات. وكانت المعابد منشآت ضخمة محمولة على أعمدة. وقد ربطت الصالات والمنحدرات مختلف أنواع الغرف. ويدخل الناس إلى معظم المعابد من خلال بوابات مكونة من برجين ضخمين يُطلق عليهما اسم أبراج البوابة. وأحد أشهر معابد تلك الفترة المعبد الذي بُني للملكة حتشبسوت في الدير البحري في حوالي عام 1480ق.م، والذي شيده رعاياها عند سفح جرف صخري ضخم في اتحاد واضح بين العمارة والطبيعة.
لمزيد من الإيضاحات عن العمارة المصرية، ★ تَصَفح: مصر القديمة ؛ الأهرامات.