أحمد بن يوسف، القرماني Al-Karamani مؤرخ، أخذ العلم عن علماء دمشق ومشايخها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحمد بن يوسف، القرماني Al-Karamani مؤرخ، أخذ العلم عن علماء دمشق ومشايخها

    القرماني (أحمد بن يوسف)
    (939 ـ 1019هـ/1532 ـ 1611م)

    أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد بن سنان الدمشقي المعروف بالقرماني المؤرخ، ولد في دمشق، وقضى فيها معظم حياته، وأخذ العلم عن علماء دمشق ومشايخها، ونهل من ثقافتها، وصار كاتباً منشئاً. كان أبوه ناظراً على الجامع الأموي والبيمارستان النوري، ثم قتل، وتولى القرماني ابنه كتابة وقف الحرمين الشريفين (الحرم المكي والحرم المدني)، ثم صار ناظراً عليه في دمشق.
    قام أبو العباس القرماني بأداء فريضة الحج عام 978هـ/1570م، وصادف هناك شريف مكّة أبا نُمي بن بركات بن قتادة، يذكر أنه التقاه في العام نفسه، وفي ذلك يقول: «وقد رأيته بمنى سنة ثمان وسبعين، وهو محرم».
    كان أبو العباس القرماني رقيق المعاشرة، حسن العبارة، مما عزز صلاته بأعيان عصره من أمراء وحكام، فأقام معهم علاقات وطيدة، وأكرم وفادتهم، واستضافهم في دارته التي أنشأها بمحلّة الجسر الأبيض في الصالحية، فكان يضيف أحدهم أول مرة؛ ليستحسن المكان، فيعود إليه، ويقيم فيه الأيام، حتى صار ذلك ديدنهم، يتوارد عليه الواحد منهم بعد الواحد.
    ويبدو أن القرماني قد أحسن الإفادة من صداقاته هذه، فأطلقت يده في كثير من الأمور، وخصوصاً ما يتعلق منها بأوقاف الحرمين الشريفين.
    ترجم للقرماني قلّة من المؤرّخين المعاصرين له والمتأخرين عليه الذين جاءت ترجماتهم موجزة، على الرغم من شهرته وعلو قدره وسعة ثقافته التي تعكسها كثرة الكتب التي أثبتها في كتابه «الأخبار».
    قال عنه النجم الغزي (ت 1061هـ/1650م): «كان ـ القرماني ـ حسن المحاضرة، وله مخالطة مع الحكام خصوصاً مع قضاة القضاة.. وكان عنده حشمة وإنصاف في كثير من الأمور، جمع تاريخاً لطيفاً تعرض فيه لكثير من الموالي والأمراء والمتأخرين». ووصفه ابن فضل الله المحبّيّ (ت1111هـ/ 1699م) بأنه: «صاحب التاريخ المشهور، وأحد الكتَاب المشهورين».
    تُوفِّي أبو العباس القرماني بدمشق ليلة الجمعة التاسع والعشرين من شوال، ودفن بمقبرة الفراديس.
    لم تحفظ المصادر التي ترجمت للقرماني سوى كتابين اثنين «الروض النسيم والدر اليتيم في مناقب السلطان إبراهيم بن أدهم»، و« أخبار الدول وآثار الأول» في التاريخ العام للدول الإسلامية، ويشتمل على مقدمة وخمسة وخمسين باباً. وضعه القرماني بعد أن نضجت ثقافته باطلاعه على جمهرة واسعة من أمّات الثقافة العربية، ويتضح ذلك من القائمة الطويلة من الموضوعات التي عرضها، والمصادر المتنوعة التي اعتمدها في كتابة تاريخه الذي يستهله ببداية الكون وينتهي إلى العام (1008هـ/1599م).
    في المقدمة التي احتوت على سبعة فصول، يعرض فيها القرماني مفهومه للتاريخ، ثم يتحدث عن بداية الكون، وينتقل بعدها إلى تحديد معنى النبوّة والرسالة، وعدد الأنبياء، والمسافة الزمنية التي تفصل ما بينهم، وفي الأبواب الخمسة والخمسين التي احتوت على طائفة من المعلومات المتنوعة، سعى القرماني إلى كتابة تاريخ عالمي، يبدأ من بداية الخليقة، وينتهي إلى عصره.
    واقتصرت المصادر التي اعتمد عليها القرماني في هذا الكتاب على نوعين، هما:
    1ـ المشاهدة والمعاصرة: ويظهر ذلك جلياً في الفترة التي عاشها وخبر أحداثها.
    2ـ المصادر المكتوبة: اعتمد القرماني على المصادر المكتوبة مجاراة لروح العصر وأصول البحث العلمي؛ لذا أثبت ما ينوف على (190) مصدراً.
    أما المنهج الذي اعتمده القرماني في كتابه أخبار الدول، فقد اهتم بتاريخ الدول والسلالات الحاكمة، مراعياً بذلك تقليداً التزمه قدامى المؤرخين العرب المسلمين، ورتبه على التعاقب والتسلسل، مفتتحاً عصر كل دولة بمقدمة مقتضبة عن أسباب نشأتها وظروفها. وعند معالجته للعصور التاريخية أوجز في ذكر الحوادث المهمة، ورتبها على السنين أسوة بالمؤرخين الذين سبقوه، إلا أنه ابتعد عن السرد وذكر التفاصيل التي تهتم بها عادة كتب الحوليات، ويعدّ الكتاب سجلاً تاريخياً حافلاً، حفظ تواريخ الدول والسلالات الحاكمة منذ أقدم العصور حتى بدايات القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي، كما احتوى الكتاب على العديد من المصادر التاريخية التي فقد بعض منها، وحوى ثبتاً للكتب والرسائل التي تبادلها الحكام الذين تقصى أخبارهم، ونقلها بكثير من الدقة والأمانة العلمية، وقد أفرد القرماني باباً خاصاً للبلدان مرتباً على حروف المعجم.
    محمد هشام النعسان
يعمل...
X