في مسرحيّة من إعداده وإخراجه.. الفنان زهير البقاعي يراهن على الحب ملاذاً أخيراً
تاريخ النشر: الإثنين, 04-03-2024
تشرين – لمى بدران:
على خشبة مسرح القباني وبعنوان “الرهان”، والذي هو ليس جديداً تماماً، لأن نصّه يعود لأكثر من مئة عام، وعَرَضَهُ مئات المخرجين حول العالم، إنه النص الروسي الشهير “الدب” لأنطون تشيخوف، إلّا أن الجديد تماماً هنا هو المقاربة والشرارة اللتان أشعلهما زهير البقاعي نحو حالة المرأة السورية في هذا الزمن، وقلبْ الأدوار بين الشخصيات لإيصال فكرة مغايرة لما سبق.
“مقارنات”
تحكي المسرحية بنصّها الأساسي قصّة امرأة تعيش حداداً وحزناً كبيراً على زوجها المتوفي، حيث تحاول خادمتها أن تساعدها في الخروج من هذه الحالة ولا تنجح أبداً، وما ينجح آنذاك هو رجل يأتي إلى منزلهم مطالباً بنقوده التي أقرضها لزوجها قبل وفاته، ومن ثمّ تتالى الأحداث والصراعات إلى أن يحظيا بالحب، أما زهير البقاعي بإعداده الجديد للنص، فقد قلبَ الموازين وجعل الرجل هو الشخصية المتعالية الكئيبة الوحيدة وصاحب الحالة التي يرثى لها بعد وفاة زوجته، ومن ثم تأتي لمنزله امرأة تطالب بحقها من النقود التي أقرضتها لزوجته قبل وفاتها، وبعد ذلك تتوالى الأحداث وتتصاعد.. حيث يركّز فيها على المصاعب التي تتعرّض لها المرأة اليوم، والضغوط التي تجابهها وتبقى صامدة شامخة أمامها، وأيضاً يحظيان بالحب بعد معاناة كبيرة…
“الحب”
وهنا سيكون الرّهان على الحب الذي ينتصر في الحالتين سواء كانت الرحلة بين امرأة أرملة ورجل وحيد أو بين رجل أرمل وامرأة وحيدة، إذاً ما الجدوى من هذا القلب في الشخصيات وما المقصود؟ هذا ما سألته (تشرين) بعد العرض، موجهة السؤال لزهير مخرج المسرحية، والذي أجابنا: الحالة الوجدانية الناعمة الشفيفة التي قصدتُ أن أصوّرها هي محاكاة لقضايا معينة واقعية وبمعالجة حديثة معاصرة تتجه نحو العلاقة بين الرجل والمرأة، وتنطلق من قوة المرأة التي هي رمز الجمال، مع إضفاء لمسات من الكوميديا وتبييء جزئيات العمل كلّه، وقلب الأدوار فيه انطلاقاً من رغبتي بملامسة الناس لأن المسرح للناس، والمرأة السورية في هذا الزمن أكثر معاناة من أي وقت مضى، ولقد انطلقتُ من حدث بسيط لا تخلو تتابعاته من بعض العبث، لأثبت أن الحب دائماً هو المنتصر مهما حدث من معاناة وعبث واضطرابات…
“جزئيات”
كما استبدل المخرج شخصية الخادمة في النص الأساسي بسكرتيرة للرجل يتحكم بها ويطردها من العمل وسط الأحداث، وتؤدي هذه الشخصية الشابة (يارا – مريم) التي لها تجارب سابقة ناجحة مع المخرجين مأمون الخطيب ووليد الدبس وغيرهما، والتي تجتهد في هذه المسرحية لإظهار أفضل ما لديها من انفعالات وتفاصيل للشخصية، أمّا شخصية المرأة التي تدخل المنزل لتطالب بنقودها وتعارك للحصول عليها فقد جسدتّها (نجاة محمد)، وهي صاحبة تجارب واسعة في العمل المسرحي، كما إنها جاءت من محافظة اللاذقية لتقديم العرض هنا في دمشق وعلى خشبة مسرح القباني.
“الديكور”
جاء الديكور بسيطاً جدّاً وبعدد قليل الأغراض: سجادة حمراء وكرسي أحمر بجانبه كرسيان أبيضان وفي الوسط وردة صالونية اصطناعية، وخلفية مما يقارب عشرين مستطيلاً حديدياً أحمر فارغاً موزعين بانتظام خلف الكراسي أقرب إلى “المتاهة” المعلقة – ربما – لتنعكس الفخامة على المكان، وهو يتماهى مع الحدث البسيط الذي تبدأ به المسرحية والحوار المريح الذي كان باللهجة العامية القريبة من الناس، واستمزاج كل هذه العوامل أعطانا نتيجة واحدة هي أنه بالفعل الحب هو الخلاص للاستمرار في الحياة، وهو ما يحمينا من مختلف النكبات.
أخيراً نقول إنه على الرغم من الظروف الصعبة التي يعملون بها وحدوث خلل فني أثناء اليوم الأول للعرض، حين ضُرب شريط الصوت وتم العرض من دون موسيقا.. إلا أنهم مستمرون في العرض لعدة أيام قادمة، وهذه التجربة الإخراجية هي الثانية لزهير البقاعي في مسرح الكبار مع مديرية المسارح والموسيقا، بعد غياب طويل عنه وانشغاله في مسرح الأطفال.
تاريخ النشر: الإثنين, 04-03-2024
تشرين – لمى بدران:
على خشبة مسرح القباني وبعنوان “الرهان”، والذي هو ليس جديداً تماماً، لأن نصّه يعود لأكثر من مئة عام، وعَرَضَهُ مئات المخرجين حول العالم، إنه النص الروسي الشهير “الدب” لأنطون تشيخوف، إلّا أن الجديد تماماً هنا هو المقاربة والشرارة اللتان أشعلهما زهير البقاعي نحو حالة المرأة السورية في هذا الزمن، وقلبْ الأدوار بين الشخصيات لإيصال فكرة مغايرة لما سبق.
“مقارنات”
تحكي المسرحية بنصّها الأساسي قصّة امرأة تعيش حداداً وحزناً كبيراً على زوجها المتوفي، حيث تحاول خادمتها أن تساعدها في الخروج من هذه الحالة ولا تنجح أبداً، وما ينجح آنذاك هو رجل يأتي إلى منزلهم مطالباً بنقوده التي أقرضها لزوجها قبل وفاته، ومن ثمّ تتالى الأحداث والصراعات إلى أن يحظيا بالحب، أما زهير البقاعي بإعداده الجديد للنص، فقد قلبَ الموازين وجعل الرجل هو الشخصية المتعالية الكئيبة الوحيدة وصاحب الحالة التي يرثى لها بعد وفاة زوجته، ومن ثم تأتي لمنزله امرأة تطالب بحقها من النقود التي أقرضتها لزوجته قبل وفاتها، وبعد ذلك تتوالى الأحداث وتتصاعد.. حيث يركّز فيها على المصاعب التي تتعرّض لها المرأة اليوم، والضغوط التي تجابهها وتبقى صامدة شامخة أمامها، وأيضاً يحظيان بالحب بعد معاناة كبيرة…
“الحب”
وهنا سيكون الرّهان على الحب الذي ينتصر في الحالتين سواء كانت الرحلة بين امرأة أرملة ورجل وحيد أو بين رجل أرمل وامرأة وحيدة، إذاً ما الجدوى من هذا القلب في الشخصيات وما المقصود؟ هذا ما سألته (تشرين) بعد العرض، موجهة السؤال لزهير مخرج المسرحية، والذي أجابنا: الحالة الوجدانية الناعمة الشفيفة التي قصدتُ أن أصوّرها هي محاكاة لقضايا معينة واقعية وبمعالجة حديثة معاصرة تتجه نحو العلاقة بين الرجل والمرأة، وتنطلق من قوة المرأة التي هي رمز الجمال، مع إضفاء لمسات من الكوميديا وتبييء جزئيات العمل كلّه، وقلب الأدوار فيه انطلاقاً من رغبتي بملامسة الناس لأن المسرح للناس، والمرأة السورية في هذا الزمن أكثر معاناة من أي وقت مضى، ولقد انطلقتُ من حدث بسيط لا تخلو تتابعاته من بعض العبث، لأثبت أن الحب دائماً هو المنتصر مهما حدث من معاناة وعبث واضطرابات…
“جزئيات”
كما استبدل المخرج شخصية الخادمة في النص الأساسي بسكرتيرة للرجل يتحكم بها ويطردها من العمل وسط الأحداث، وتؤدي هذه الشخصية الشابة (يارا – مريم) التي لها تجارب سابقة ناجحة مع المخرجين مأمون الخطيب ووليد الدبس وغيرهما، والتي تجتهد في هذه المسرحية لإظهار أفضل ما لديها من انفعالات وتفاصيل للشخصية، أمّا شخصية المرأة التي تدخل المنزل لتطالب بنقودها وتعارك للحصول عليها فقد جسدتّها (نجاة محمد)، وهي صاحبة تجارب واسعة في العمل المسرحي، كما إنها جاءت من محافظة اللاذقية لتقديم العرض هنا في دمشق وعلى خشبة مسرح القباني.
“الديكور”
جاء الديكور بسيطاً جدّاً وبعدد قليل الأغراض: سجادة حمراء وكرسي أحمر بجانبه كرسيان أبيضان وفي الوسط وردة صالونية اصطناعية، وخلفية مما يقارب عشرين مستطيلاً حديدياً أحمر فارغاً موزعين بانتظام خلف الكراسي أقرب إلى “المتاهة” المعلقة – ربما – لتنعكس الفخامة على المكان، وهو يتماهى مع الحدث البسيط الذي تبدأ به المسرحية والحوار المريح الذي كان باللهجة العامية القريبة من الناس، واستمزاج كل هذه العوامل أعطانا نتيجة واحدة هي أنه بالفعل الحب هو الخلاص للاستمرار في الحياة، وهو ما يحمينا من مختلف النكبات.
أخيراً نقول إنه على الرغم من الظروف الصعبة التي يعملون بها وحدوث خلل فني أثناء اليوم الأول للعرض، حين ضُرب شريط الصوت وتم العرض من دون موسيقا.. إلا أنهم مستمرون في العرض لعدة أيام قادمة، وهذه التجربة الإخراجية هي الثانية لزهير البقاعي في مسرح الكبار مع مديرية المسارح والموسيقا، بعد غياب طويل عنه وانشغاله في مسرح الأطفال.