موجة جديدة من السينمائيين تعيد تشكيل الرموز المغربية
جيل جديد من المخرجين يشكل جزءا من نهضة فنية حقيقية.
الأربعاء 2024/02/14
انشرWhatsAppTwitterFacebook
"عصابات".. فيلم مثل المغرب في مهرجانات دولية
الرباط - تشهد السينما المغربية في السنوات الأخيرة نموا ملحوظا دفعها إلى عصر جديد، عن طريق موجة من المخرجين الشباب الجريئين والمتحمسين والمبدعين الذين يغيرون ويعيدون تشكيل رموز الفن السابع.
من خلال أعمالهم، التي تم إعدادها بأصالة وعمق ومنظور مبتكر، يستكشف هؤلاء المخرجون آفاقا جديدة ويدفعون حدود التعبير الفني والسينمائي ببراعة، ما يضخ دماء التجديد في عروق هذه الصناعة التي تشهد تطورا مستمرا.
وبفضل الموهبة الثابتة والالتزام بتعزيز وتكريس السينما المغربية على الساحة الوطنية والعالمية، يشكل هذا الجيل الجديد من المخرجين جزءا من نهضة فنية حقيقية.
هو حال أسماء المدير (أم كل الأكاذيب، 2023)، وعادل الفاضلي (أبي لم يمت، 2023)، وكمال لزرق (عصابات، 2023)، وصوفيا العلوي (أنيماليا، 2023) إضافة إلى رؤوف الصباحي (واحة المياه المتجمدة، 2022).
كمال لزرق: السينما المغربية تثير فضول الشركاء محليا ودوليا
يساهم كل فيلم من أفلامهم في بناء تراث سينمائي غني ومتنوع، يفتح الطريق للحوار حول الجوانب المتعددة للواقع الحالي، ما يوفر للجمهور المتشوق للإنتاج الوطني تجربة سينمائية آسرة.
ولا يكتفي هذا الجيل الحالم بإنتاج أفلام رائعة فحسب، بل يلتزم أيضا بضمان عرضها في دور السينما الوطنية والعالمية، فضلا عن حضورها في كبرى المهرجانات والفعاليات الثقافية والسينمائية.
ويشهد هذا الحضور الكبير للأفلام المغربية في دور السينما على التطور المهم للصناعة السينمائية الوطنية، والمقاربة المبتكرة لهذه الموجة الجديدة من المخرجين المستعدين لإبراز أنفسهم على الساحة الوطنية والعالمية بكل إبداع وثقة.
أما بالنسبة إلى المخرج المغربي كمال لزرق فقد ساهم بروز جيل جديد من المخرجين الذين يقدمون أنواعا مختلفة من الأفلام ولا يترددون في استكشاف أساليب جديدة، وخاصة سينما النوع، في زيادة حضور الأفلام المحلية في دور السينما والمهرجانات المحلية والعالمية الشهيرة.
وقد أبرز المخرج الشاب بمناسبة صدور فيلمه الروائي الأول “عصابات” وعرضه في مختلف دور السينما بالمملكة، أن الإنتاج المغربي أثار في السنوات الأخيرة نوعا من الفضول لدى مختلف الشركاء المحليين والدوليين، فضلا عن عموم الناس.
وأشار إلى أن الكثير من المبادرات والبرامج التي أطلقتها المؤسسات العمومية والخاصة والمهرجانات لعبت دورا حاسما في تطوير وترويج السينما المغربية على المستوى الدولي، مستشهدا على سبيل المثال ببرنامج “ورشات الأطلس”، وهو برنامج لتنمية المواهب أطلقه المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عام 2018.
وبخصوص عمله السينمائي “عصابات” الذي حاز العديد من الجوائز في المهرجانات الوطنية والدولية، منها المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته العشرين حيث حصل على جائزة لجنة التحكيم والدورة الثامنة من مهرجان بروكسل الدولي للسينما (الجائزة الكبرى) ومهرجان كان السينمائي 2023 (جائزة لجنة التحكيم ضمن فئة “نظرة ما”)، أشار لزرق إلى أنه حاول، من خلال نظرة مميزة، “إضفاء أقصى قدر من الأصالة على الفيلم”.
وأوضح “لقد قمنا بتصوير هذا الفيلم الروائي بأسلوب وثائقي للغاية، بالتعاون مع ممثلين غير محترفين لكن يتمتعون بالموهبة”، مشددا على أن اختيار الممثلين كان فرصة للقاء عشرات المرشحين من مختلف أحياء الطبقة الشعبية في مدينة الدار البيضاء واكتشاف قصصهم وحياتهم اليومية والتحديات التي يواجهونها.
صانعو الأفلام هم بمثابة قادة أوركسترا يساهمون في صياغة الهوية السينمائية الوطنية
ويحكي “عصابات” قصة عصام (عبداللطيف المستوري) وابنه حسن (أيوب العبد) اللذين دأبا على كسب قوتهما اليومي في إحدى الضواحي الشعبية للدار البيضاء، عبر أعمال إجرامية صغيرة لصالح رئيس إحدى العصابات. وفي إحدى الليالي يموت في سيارتهما عن طريق الخطأ رجل كانا يقصدان خطفه، ليجدا نفسيهما أمام جثة يجب التخلص منها، ومن هنا تبدأ مغامرتهما الليلية الطويلة في أسوأ أحياء المدينة.
وقال المخرج الشاب، خريج المدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة والصوت بباريس، إن الأمر يتعلق “بفيلم أسود لا يخلو من لمسات من الحلم والسخرية. لكنني على الرغم من ذلك، بنيت القصة كي لا تكون مجردة من الأمل”، مضيفا أن مدينة الدار البيضاء كانت أحد مصادر إلهامه الكبيرة لهذا الفيلم.
وبحسب لزرق فإن أي تجربة، أو لقاء أو مكان، في مجال السينما يمكن أن تصبح مصدر إلهام؛ ففي فيلمه الطويل الأول لم يكن بحاجة إلى استكشاف مواقع كثيرة، إذ أنه كتب القصة وهو يفكر في الأماكن التي كان يعرفها، بالإضافة إلى أجواء وأضواء معينة في المدينة.
وكشف أن “الفن السابع لا يكون قويا أبدا إلا عندما ينتقل كل شيء من خلال نظرة أو صمت أو لفتة”، مشيرا إلى أن “السينما هي فن يتيح الشعور بالأحاسيس أثناء السفر عبر البلدان والثقافات المتنوعة”.
وختم بقوله “السينما ليست إلا القدرة على قراءة روح شخص ما بمجرد النظر إلى عينيه”، مقتبسا ما قالته الممثلة الأميركية جلين كلوز.
وإذا كانت السينما فنا ووسيلة للتعبير عن الذات ونقل الأحاسيس، فإن صانعي الأفلام هم بمثابة قادة أوركسترا يساهمون في صياغة الهوية السينمائية الوطنية، وتشكيل مشهد سينمائي مشبع بالإبداع والتنوع والغنى الثقافي.
جيل جديد من المخرجين يشكل جزءا من نهضة فنية حقيقية.
الأربعاء 2024/02/14
انشرWhatsAppTwitterFacebook
"عصابات".. فيلم مثل المغرب في مهرجانات دولية
الرباط - تشهد السينما المغربية في السنوات الأخيرة نموا ملحوظا دفعها إلى عصر جديد، عن طريق موجة من المخرجين الشباب الجريئين والمتحمسين والمبدعين الذين يغيرون ويعيدون تشكيل رموز الفن السابع.
من خلال أعمالهم، التي تم إعدادها بأصالة وعمق ومنظور مبتكر، يستكشف هؤلاء المخرجون آفاقا جديدة ويدفعون حدود التعبير الفني والسينمائي ببراعة، ما يضخ دماء التجديد في عروق هذه الصناعة التي تشهد تطورا مستمرا.
وبفضل الموهبة الثابتة والالتزام بتعزيز وتكريس السينما المغربية على الساحة الوطنية والعالمية، يشكل هذا الجيل الجديد من المخرجين جزءا من نهضة فنية حقيقية.
هو حال أسماء المدير (أم كل الأكاذيب، 2023)، وعادل الفاضلي (أبي لم يمت، 2023)، وكمال لزرق (عصابات، 2023)، وصوفيا العلوي (أنيماليا، 2023) إضافة إلى رؤوف الصباحي (واحة المياه المتجمدة، 2022).
كمال لزرق: السينما المغربية تثير فضول الشركاء محليا ودوليا
يساهم كل فيلم من أفلامهم في بناء تراث سينمائي غني ومتنوع، يفتح الطريق للحوار حول الجوانب المتعددة للواقع الحالي، ما يوفر للجمهور المتشوق للإنتاج الوطني تجربة سينمائية آسرة.
ولا يكتفي هذا الجيل الحالم بإنتاج أفلام رائعة فحسب، بل يلتزم أيضا بضمان عرضها في دور السينما الوطنية والعالمية، فضلا عن حضورها في كبرى المهرجانات والفعاليات الثقافية والسينمائية.
ويشهد هذا الحضور الكبير للأفلام المغربية في دور السينما على التطور المهم للصناعة السينمائية الوطنية، والمقاربة المبتكرة لهذه الموجة الجديدة من المخرجين المستعدين لإبراز أنفسهم على الساحة الوطنية والعالمية بكل إبداع وثقة.
أما بالنسبة إلى المخرج المغربي كمال لزرق فقد ساهم بروز جيل جديد من المخرجين الذين يقدمون أنواعا مختلفة من الأفلام ولا يترددون في استكشاف أساليب جديدة، وخاصة سينما النوع، في زيادة حضور الأفلام المحلية في دور السينما والمهرجانات المحلية والعالمية الشهيرة.
وقد أبرز المخرج الشاب بمناسبة صدور فيلمه الروائي الأول “عصابات” وعرضه في مختلف دور السينما بالمملكة، أن الإنتاج المغربي أثار في السنوات الأخيرة نوعا من الفضول لدى مختلف الشركاء المحليين والدوليين، فضلا عن عموم الناس.
وأشار إلى أن الكثير من المبادرات والبرامج التي أطلقتها المؤسسات العمومية والخاصة والمهرجانات لعبت دورا حاسما في تطوير وترويج السينما المغربية على المستوى الدولي، مستشهدا على سبيل المثال ببرنامج “ورشات الأطلس”، وهو برنامج لتنمية المواهب أطلقه المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عام 2018.
وبخصوص عمله السينمائي “عصابات” الذي حاز العديد من الجوائز في المهرجانات الوطنية والدولية، منها المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته العشرين حيث حصل على جائزة لجنة التحكيم والدورة الثامنة من مهرجان بروكسل الدولي للسينما (الجائزة الكبرى) ومهرجان كان السينمائي 2023 (جائزة لجنة التحكيم ضمن فئة “نظرة ما”)، أشار لزرق إلى أنه حاول، من خلال نظرة مميزة، “إضفاء أقصى قدر من الأصالة على الفيلم”.
وأوضح “لقد قمنا بتصوير هذا الفيلم الروائي بأسلوب وثائقي للغاية، بالتعاون مع ممثلين غير محترفين لكن يتمتعون بالموهبة”، مشددا على أن اختيار الممثلين كان فرصة للقاء عشرات المرشحين من مختلف أحياء الطبقة الشعبية في مدينة الدار البيضاء واكتشاف قصصهم وحياتهم اليومية والتحديات التي يواجهونها.
صانعو الأفلام هم بمثابة قادة أوركسترا يساهمون في صياغة الهوية السينمائية الوطنية
ويحكي “عصابات” قصة عصام (عبداللطيف المستوري) وابنه حسن (أيوب العبد) اللذين دأبا على كسب قوتهما اليومي في إحدى الضواحي الشعبية للدار البيضاء، عبر أعمال إجرامية صغيرة لصالح رئيس إحدى العصابات. وفي إحدى الليالي يموت في سيارتهما عن طريق الخطأ رجل كانا يقصدان خطفه، ليجدا نفسيهما أمام جثة يجب التخلص منها، ومن هنا تبدأ مغامرتهما الليلية الطويلة في أسوأ أحياء المدينة.
وقال المخرج الشاب، خريج المدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة والصوت بباريس، إن الأمر يتعلق “بفيلم أسود لا يخلو من لمسات من الحلم والسخرية. لكنني على الرغم من ذلك، بنيت القصة كي لا تكون مجردة من الأمل”، مضيفا أن مدينة الدار البيضاء كانت أحد مصادر إلهامه الكبيرة لهذا الفيلم.
وبحسب لزرق فإن أي تجربة، أو لقاء أو مكان، في مجال السينما يمكن أن تصبح مصدر إلهام؛ ففي فيلمه الطويل الأول لم يكن بحاجة إلى استكشاف مواقع كثيرة، إذ أنه كتب القصة وهو يفكر في الأماكن التي كان يعرفها، بالإضافة إلى أجواء وأضواء معينة في المدينة.
وكشف أن “الفن السابع لا يكون قويا أبدا إلا عندما ينتقل كل شيء من خلال نظرة أو صمت أو لفتة”، مشيرا إلى أن “السينما هي فن يتيح الشعور بالأحاسيس أثناء السفر عبر البلدان والثقافات المتنوعة”.
وختم بقوله “السينما ليست إلا القدرة على قراءة روح شخص ما بمجرد النظر إلى عينيه”، مقتبسا ما قالته الممثلة الأميركية جلين كلوز.
وإذا كانت السينما فنا ووسيلة للتعبير عن الذات ونقل الأحاسيس، فإن صانعي الأفلام هم بمثابة قادة أوركسترا يساهمون في صياغة الهوية السينمائية الوطنية، وتشكيل مشهد سينمائي مشبع بالإبداع والتنوع والغنى الثقافي.