الحصان والحمار أبناء أعمام ..
الحصان والحمار من أصل واحد
والحق أن الخيل في مجموعها الآن قد تصنفت . هي قد تصنفت منذ أجيال طوال ، منذ عشرات الألوف من السنين .
ولو أننا ذهبنا في الأصول بعيدا لجمعنا بين الحصان والحمار في آباء عتيقة واحدة . ولا تعجب من أن الحمار والحصان أبناء أعمام . انهما افترقا في الخلق حتى كاد أن ينقطع ما بينهما ، ولكنه لم يكد . ودليل ذلك أن الحصان يتصل بالأتان ( الحمارة ) فتلد البغال . وحتى الحمار قد يتطلع الى مراتب أعلى ، فيتصل بفرسة ، وقد تلد ، ولو أنه يندر حدوث هذا .
ان من الدلائل على وحدة الجنس امکان حدوث التوالد بين طائفتين من الحيوان . ولقد كان هذا من الأدلة القاطعة على وحدة البشر ، فما من رجل ، بأي بقعة من الأرض ، يتصل بامرأة ، بأية بقعة من الأرض أخرى ، على اختلاف شكل ، واختلاف لون ، الا أولدها غلاما أو غلامة .
وأنت لا تستطيع أن تجمع على مثل هذا فرسا وناقة ، ولا نمرا ولبوة . وذلك لاختلاف الجنس .
الخيل والحمير اذن كانت جنسا واحدا ثم افترقت . بهذا يحدثنا العلماء .
- والخيل ، كبني الناس ، صنوف متباينة
والخيل جنس ، قد تفرع الى صنوف ، كما يتفرع الجنس الواحد ، وفقا للأرض التي وقع عليها أو التي رحل إليها ، ووفقا للمناخ ، ووفقا لما عودها الانسان من عادات تتصل بحاجات الانسان نفسه ، حاجات عيشه ، وأهداف هذا العيش .
- الخيل اتخذت أول الأمر طعاما
واتخذ الانسان الخيل ، أول اتخاذ ، من أجل لحومها . والى اليوم هي تؤكل . تجدها في أسواق باريس وأسواق لندن وعواصم الغرب خاصة . وهكذا انا وجدتها ، ووجدت لها هناك عقب الحرب العالمية الماضية دكاكين جزارة خاصة ، وقف الجمهور أمامها ينتظر كل دوره في الشراء .
- الأفراس الخفيفة
ومن الأفراس الخفيف . والفرس الخفيف صنوف . منه الذي يصلح للجري السريع فللسباق ، فهو طويل السيقان . ومنه الذي يصلح لرعاة الأبقار .
ومنه الذي يصلح للبولو ، ووجب أن يكون حيوانا أصفر ، ليس الاندفاع أول صفاته ، ولكنه يقدر على السير الباغت ، والتوقف الباغت ، والالتواء السريع عن أي من جانبيه . واختصارا هو كما وصفه امرؤ القيس :
مگر مفر مقبل مدبر معا
كجلمود صخر حطه السيل من عل
والمرجح أن كل هذه الأصناف الخفيفة ، التي هذه صفاتها ، انحدرت أول الأمر عن الفرس العربي . حتى الاغريق والرومان ، وقد تركوا من خيولهم تماثيل قائمة بيننا الى اليوم ، نجد نحن فيما خلفوا من ذلك أشباها كثيرة للفرس العربي الأصيل ، لا سيما فيما يتصل بالرأس وعلو الجبهة وانضمام الجسم .
ومن الأفراس الخفيفة صنوف عديدة أخرى نسلوها وفقا لما يريدون منها من خدمات .
- الخيول الثقيلة العظيمة
والخيول الثقيلة تتميز قطعا عن الخيول الخفيفة في اصولها . وهي خيول غريبة الحجم في نظر الشرقي ، وقد ادهشتنا عندما رأيناها قديما في أوروبا أول مرة .
وأصلها في أوروبا ، وعلى الأخص أرض هولندا وبلجيكا والشمال من فرنسا .. وهي هي الخيول التي كان يركبها فرسان أوروبا في القرون المتوسطة ، وعليهم الدروع الفولاذية الثقيلة ، وركبها الصليبيون في غزو الشرق ولم يكن للشرق بها علم .
واخترع البارود فصارت هذه الخيول الثقيلة لا - تنفع في الحروب ، فأحيلت الى المزارع تعمل للجر ، ولجر الثقيل من الأحمال خاصة . وتفننوا في تنسيلها ، فعادت - تنقسم هي الأخرى صنوفاً أخرى . منها الشير Shires والسفلك Suffolks ، والبرشرون Percherons وكلها أسماء افرنجية لأن النسائل افرنجية وموطنها أوروبا .
- قوة عشرين ومائة حصان ...
واستخدام الخيول في جر الأثقال يذكرنا باتخاذ
الحصان وحدة لتقدير القوى ، حتى في عصر المكنات فنحن الى اليوم نقول ان هذه السيارة قوتها عشرة أحصنة وتلك قوتها عشرون حصانا . ونقول هذه المكنة قوتها أربعون حصانا ، وتلك مائة .
والدقة العلمية تغلب علينا هنا ، وتحملنا على التنبيه الى أن استخدام لفظ ( القوة » هنا استخدام خاطيء . فهي « القدرة » لا القوة .
ولكن ما علينا من هذه الدقة .
ان من فخر الحصان اعتراف الانسان بنفعه له ، وذلك باتخاذ قدرته وحدة لقدرة الطاقات جميعا ، ورحم الله جيمس وط James Watt : المخترع الاسكتلندي ( ۱۷۳٦ - ۱۸۱۹ م ) الشهير المعروف بتنشئة الآلة البخارية ، الذي تحمل اسمه الوحدة الكهربائية التي تذكرها حين تقول ان هذا المصباح قدرته ٦٠ واطا أو مائة أو مائتان . رحمه الله اذ هو الرجل الذي اتخذ من قدرة الحصان مقياسا للقدرات جميعا : جاء بحصان من معمل البيرة الذي كان بجواره . وثبت بكرة ( انظر الشكل ) .
وأجرى على البكرة خيطا ، أجرى نصفه افقيا حتى ربطه بهذا الحصان ، وأجرى نصفه الآخر عموديا يهبط الى أسفل ، وقد حمل ثقلا مقداره ۱۰۰۰ رطل . وأمر الحصان أن يمشي . ومشى الحصان ورفع الثقل ، رفعه ۳۳ قدما في الدقيقة الواحدة . قال وط عندئذ : فلتكن هذه هي الوحدة التي تقاس بها القدرة . أي قدرة ، لانسان ، الحيوان ، لآلة . واتخذ معاصروه هذا الحصان ، بهذه المقدرة ، وحدة . واتخذه من جاء من بعدهم من أجيال .
ولست أنكر أن هذه القدرة هي فوق قدرة الأحصنة في مجموعها . ذلك أن وط اختار حصانا قويا أقوى من العادة . ولكن هذا لا يضر . ان الاتفاق على أنها الوحدة هو ما يكسبها القوة ، وهو الذي أعطى قبيل الخيل الفخر ، وأعطى الانسان الاحساس بنعمة الله التي انعم عليه بها ، تلك نعمة الخيل .
( حصان ( وط ) ، وقد رفع ۱۰۰۰ رطل مسافة قدما في الدقيقة . وقد اتخذت هذه القدرة وحدة تقاس بها قدرة المكنات )
( الزبرا : أو الحمار المخطط . وهو للحصان نسيب . وموطنه أفريقية ، وهو لم يستأنس أبدا ليخدم الانسان )
- الخيول الصغيرة ، الأقزام
وهناك خيول صغيرة أشبه بالأمهار ، وما هي بها . انها صغيرة تشبه المهر صفرا ولكن المهر يكبر ، ولكن هذا هو غاية نمائها . كما تجد في الرجال الأقزام تماما . غير أن القزامة ليست في هذه الخيول بعاهة .
والفرس الصغير من هذا الصنف يعرف بالانجليزية باسم بوني Pony ، وهو كذلك بالفرنسية Poney . ولا أعرف له اسما عربيا ، ولعل هذا لأن العرب لم تعرفه . وموطن هذه الأفراس الغرب وهي صنوف تسعة أشهرها صنفان متمیزان .
اقزام شتلاند Shetland Ponies
اقزام ويلز Welsh Ponies
أما أقزام شتلاند فيبلغ ارتفاعها نحو متر وعشرين سنتمترا ، ووزنها نحو ٢٢٥ كيلوجراما ، وأصلها من جزائر شتلاند ، وهي في الشمال من اسكتلندة . وهي جزائر بها البرد والقحط . ولعل هذا كان أصلا سبب وقوف نمو هذه الأفراس عند أحجامها تلك .
وهي على كل حال لا تصلح للسباق ، ولا لحمل الأثقال . ولكن لحمل الأطفال في الملاعب وحدائق الحيوانات .
ومثل أقزام شتلاند اقزام ويلز . انها أكثر ارتفاعا وأثقل . فارتفاعها يبلغ مترا ونصفا ، وثقلها قد يبلغ ٣٥٠ ك . جم .
من أجل هذا هي أشد ، وهي للصبية الكبار ركوبة ذلول .
ولكنها في مناجم الفحم ببلاد ويلز ( ببريطانيا ) تستخدم لجر الأثقال في هذه المناجم تحت الأرض . انها تجر عربات الفحم محملة ، من حيث يستعدنون الفحم ، الى حيث يرفع الى الأرض .
ولهذه الأفراس أتعس حظ . فهي قد لا ترى النور أبدا . منها ما ينزل الى المنجم صغيرا ، ثم يكبر فلا يسهل اخراجه ، فيظل حيث هو حتى يأتيه الأجل .
- خبر قرأته
أذكر أني قرأت خبرا ، عن قرية في ويلز ، بها مناجم للفحم . وتعطلت مناجمها لسبب ما ، وطال التعطل ، فأخرجوا أقزامها من الخيل الى سطح الأرض . وظلت ترعى في حقولها أياما طالت . ثم بدأت المناجم تعمل ، وحان للأقزام أن تعود . فحدث أن أحد هذه الخيول أبي العودة . ويلاحقونه فيفر . ويمسكون به ، حتى اذا بلغوا به مدخل المنجم اهتاج ، وعنف ، وفر . وأخيرا لم
يجدوا للموقف حلا الا أن أطلقوا عليه الرصاص فمات .
والسبب ، أنه جن !!
هكذا يحكم الناس .
عندهم أن طلب الحرية ، يطلبه ابن آدم ، عقل أما طلب الحرية ، يطلبه حصان قزم ، فجنون .
- الدنيا تضيق بالخيل
اننا لو عدنا بالخيل ، بضعة قرون من التاريخ الى الوراء ، لوجدنا أن الدنيا كانت ، لمعشر الخيل ، كلها زين .
ولوجدنا الانسان يعطي الخيل أكبر عناية . ذلك لأنها كانت حاملته في الحرب ، مسرعة به عند هجوم ، مسرعة به اذا تأزمت الحال وكان لا بد له من هروب . وترتفع به الى قمم الجبال . وتهبط به الى الحضيض من الوديان . وان كان ماء في الطريق مرقت فيه ، وقد تسبح .
والخيل كانت على السلم خادمة الانسان ، تعمل في حقل ، وتحمل الأثقال في طريق ، وكانت بعض زينة الانسان .
ثم تغيرت الدنيا ، فتغيرت الحال بالخيل . في الحقل حلت محل الخيل الجرارات ، تمهد الأرض وتحرث ، وتبذر وتحصد . وفي الطريق قامت السيارات مقام العربات التي تجرها الخيل . السيارات تنقل الناس . والسيارات تنقل البضائع .. واقتصر عمل الخيل على الجر القريب المتقطع . وذلك في الأمم المتقدمة . أما الأمم المتخلفة فقد احتفظت بالخيل تقيم به فقرها ، وتعطيها من فقرها . وفي الحروب صارت الخيل هدفا سهلا ،
ولهذا استبعدت وحلت محلها الدبابات .
ان المدنية الحديثة ترمي بالخيل وراء حدودها . ولو اطرد الحال ، اذن لجاء أعقاب لنا بعد عشرة أجيال ، يسألون عن الخيل ، فيقال لهم : تجدونها في السرك ، أو في حدائق الحيوانات .. أو في ميادين السباق . هذا ان كان الانسان عندئذ لا يزال يلهو بسباق الخيل .
الحصان والحمار من أصل واحد
والحق أن الخيل في مجموعها الآن قد تصنفت . هي قد تصنفت منذ أجيال طوال ، منذ عشرات الألوف من السنين .
ولو أننا ذهبنا في الأصول بعيدا لجمعنا بين الحصان والحمار في آباء عتيقة واحدة . ولا تعجب من أن الحمار والحصان أبناء أعمام . انهما افترقا في الخلق حتى كاد أن ينقطع ما بينهما ، ولكنه لم يكد . ودليل ذلك أن الحصان يتصل بالأتان ( الحمارة ) فتلد البغال . وحتى الحمار قد يتطلع الى مراتب أعلى ، فيتصل بفرسة ، وقد تلد ، ولو أنه يندر حدوث هذا .
ان من الدلائل على وحدة الجنس امکان حدوث التوالد بين طائفتين من الحيوان . ولقد كان هذا من الأدلة القاطعة على وحدة البشر ، فما من رجل ، بأي بقعة من الأرض ، يتصل بامرأة ، بأية بقعة من الأرض أخرى ، على اختلاف شكل ، واختلاف لون ، الا أولدها غلاما أو غلامة .
وأنت لا تستطيع أن تجمع على مثل هذا فرسا وناقة ، ولا نمرا ولبوة . وذلك لاختلاف الجنس .
الخيل والحمير اذن كانت جنسا واحدا ثم افترقت . بهذا يحدثنا العلماء .
- والخيل ، كبني الناس ، صنوف متباينة
والخيل جنس ، قد تفرع الى صنوف ، كما يتفرع الجنس الواحد ، وفقا للأرض التي وقع عليها أو التي رحل إليها ، ووفقا للمناخ ، ووفقا لما عودها الانسان من عادات تتصل بحاجات الانسان نفسه ، حاجات عيشه ، وأهداف هذا العيش .
- الخيل اتخذت أول الأمر طعاما
واتخذ الانسان الخيل ، أول اتخاذ ، من أجل لحومها . والى اليوم هي تؤكل . تجدها في أسواق باريس وأسواق لندن وعواصم الغرب خاصة . وهكذا انا وجدتها ، ووجدت لها هناك عقب الحرب العالمية الماضية دكاكين جزارة خاصة ، وقف الجمهور أمامها ينتظر كل دوره في الشراء .
- الأفراس الخفيفة
ومن الأفراس الخفيف . والفرس الخفيف صنوف . منه الذي يصلح للجري السريع فللسباق ، فهو طويل السيقان . ومنه الذي يصلح لرعاة الأبقار .
ومنه الذي يصلح للبولو ، ووجب أن يكون حيوانا أصفر ، ليس الاندفاع أول صفاته ، ولكنه يقدر على السير الباغت ، والتوقف الباغت ، والالتواء السريع عن أي من جانبيه . واختصارا هو كما وصفه امرؤ القيس :
مگر مفر مقبل مدبر معا
كجلمود صخر حطه السيل من عل
والمرجح أن كل هذه الأصناف الخفيفة ، التي هذه صفاتها ، انحدرت أول الأمر عن الفرس العربي . حتى الاغريق والرومان ، وقد تركوا من خيولهم تماثيل قائمة بيننا الى اليوم ، نجد نحن فيما خلفوا من ذلك أشباها كثيرة للفرس العربي الأصيل ، لا سيما فيما يتصل بالرأس وعلو الجبهة وانضمام الجسم .
ومن الأفراس الخفيفة صنوف عديدة أخرى نسلوها وفقا لما يريدون منها من خدمات .
- الخيول الثقيلة العظيمة
والخيول الثقيلة تتميز قطعا عن الخيول الخفيفة في اصولها . وهي خيول غريبة الحجم في نظر الشرقي ، وقد ادهشتنا عندما رأيناها قديما في أوروبا أول مرة .
وأصلها في أوروبا ، وعلى الأخص أرض هولندا وبلجيكا والشمال من فرنسا .. وهي هي الخيول التي كان يركبها فرسان أوروبا في القرون المتوسطة ، وعليهم الدروع الفولاذية الثقيلة ، وركبها الصليبيون في غزو الشرق ولم يكن للشرق بها علم .
واخترع البارود فصارت هذه الخيول الثقيلة لا - تنفع في الحروب ، فأحيلت الى المزارع تعمل للجر ، ولجر الثقيل من الأحمال خاصة . وتفننوا في تنسيلها ، فعادت - تنقسم هي الأخرى صنوفاً أخرى . منها الشير Shires والسفلك Suffolks ، والبرشرون Percherons وكلها أسماء افرنجية لأن النسائل افرنجية وموطنها أوروبا .
- قوة عشرين ومائة حصان ...
واستخدام الخيول في جر الأثقال يذكرنا باتخاذ
الحصان وحدة لتقدير القوى ، حتى في عصر المكنات فنحن الى اليوم نقول ان هذه السيارة قوتها عشرة أحصنة وتلك قوتها عشرون حصانا . ونقول هذه المكنة قوتها أربعون حصانا ، وتلك مائة .
والدقة العلمية تغلب علينا هنا ، وتحملنا على التنبيه الى أن استخدام لفظ ( القوة » هنا استخدام خاطيء . فهي « القدرة » لا القوة .
ولكن ما علينا من هذه الدقة .
ان من فخر الحصان اعتراف الانسان بنفعه له ، وذلك باتخاذ قدرته وحدة لقدرة الطاقات جميعا ، ورحم الله جيمس وط James Watt : المخترع الاسكتلندي ( ۱۷۳٦ - ۱۸۱۹ م ) الشهير المعروف بتنشئة الآلة البخارية ، الذي تحمل اسمه الوحدة الكهربائية التي تذكرها حين تقول ان هذا المصباح قدرته ٦٠ واطا أو مائة أو مائتان . رحمه الله اذ هو الرجل الذي اتخذ من قدرة الحصان مقياسا للقدرات جميعا : جاء بحصان من معمل البيرة الذي كان بجواره . وثبت بكرة ( انظر الشكل ) .
وأجرى على البكرة خيطا ، أجرى نصفه افقيا حتى ربطه بهذا الحصان ، وأجرى نصفه الآخر عموديا يهبط الى أسفل ، وقد حمل ثقلا مقداره ۱۰۰۰ رطل . وأمر الحصان أن يمشي . ومشى الحصان ورفع الثقل ، رفعه ۳۳ قدما في الدقيقة الواحدة . قال وط عندئذ : فلتكن هذه هي الوحدة التي تقاس بها القدرة . أي قدرة ، لانسان ، الحيوان ، لآلة . واتخذ معاصروه هذا الحصان ، بهذه المقدرة ، وحدة . واتخذه من جاء من بعدهم من أجيال .
ولست أنكر أن هذه القدرة هي فوق قدرة الأحصنة في مجموعها . ذلك أن وط اختار حصانا قويا أقوى من العادة . ولكن هذا لا يضر . ان الاتفاق على أنها الوحدة هو ما يكسبها القوة ، وهو الذي أعطى قبيل الخيل الفخر ، وأعطى الانسان الاحساس بنعمة الله التي انعم عليه بها ، تلك نعمة الخيل .
( حصان ( وط ) ، وقد رفع ۱۰۰۰ رطل مسافة قدما في الدقيقة . وقد اتخذت هذه القدرة وحدة تقاس بها قدرة المكنات )
( الزبرا : أو الحمار المخطط . وهو للحصان نسيب . وموطنه أفريقية ، وهو لم يستأنس أبدا ليخدم الانسان )
- الخيول الصغيرة ، الأقزام
وهناك خيول صغيرة أشبه بالأمهار ، وما هي بها . انها صغيرة تشبه المهر صفرا ولكن المهر يكبر ، ولكن هذا هو غاية نمائها . كما تجد في الرجال الأقزام تماما . غير أن القزامة ليست في هذه الخيول بعاهة .
والفرس الصغير من هذا الصنف يعرف بالانجليزية باسم بوني Pony ، وهو كذلك بالفرنسية Poney . ولا أعرف له اسما عربيا ، ولعل هذا لأن العرب لم تعرفه . وموطن هذه الأفراس الغرب وهي صنوف تسعة أشهرها صنفان متمیزان .
اقزام شتلاند Shetland Ponies
اقزام ويلز Welsh Ponies
أما أقزام شتلاند فيبلغ ارتفاعها نحو متر وعشرين سنتمترا ، ووزنها نحو ٢٢٥ كيلوجراما ، وأصلها من جزائر شتلاند ، وهي في الشمال من اسكتلندة . وهي جزائر بها البرد والقحط . ولعل هذا كان أصلا سبب وقوف نمو هذه الأفراس عند أحجامها تلك .
وهي على كل حال لا تصلح للسباق ، ولا لحمل الأثقال . ولكن لحمل الأطفال في الملاعب وحدائق الحيوانات .
ومثل أقزام شتلاند اقزام ويلز . انها أكثر ارتفاعا وأثقل . فارتفاعها يبلغ مترا ونصفا ، وثقلها قد يبلغ ٣٥٠ ك . جم .
من أجل هذا هي أشد ، وهي للصبية الكبار ركوبة ذلول .
ولكنها في مناجم الفحم ببلاد ويلز ( ببريطانيا ) تستخدم لجر الأثقال في هذه المناجم تحت الأرض . انها تجر عربات الفحم محملة ، من حيث يستعدنون الفحم ، الى حيث يرفع الى الأرض .
ولهذه الأفراس أتعس حظ . فهي قد لا ترى النور أبدا . منها ما ينزل الى المنجم صغيرا ، ثم يكبر فلا يسهل اخراجه ، فيظل حيث هو حتى يأتيه الأجل .
- خبر قرأته
أذكر أني قرأت خبرا ، عن قرية في ويلز ، بها مناجم للفحم . وتعطلت مناجمها لسبب ما ، وطال التعطل ، فأخرجوا أقزامها من الخيل الى سطح الأرض . وظلت ترعى في حقولها أياما طالت . ثم بدأت المناجم تعمل ، وحان للأقزام أن تعود . فحدث أن أحد هذه الخيول أبي العودة . ويلاحقونه فيفر . ويمسكون به ، حتى اذا بلغوا به مدخل المنجم اهتاج ، وعنف ، وفر . وأخيرا لم
يجدوا للموقف حلا الا أن أطلقوا عليه الرصاص فمات .
والسبب ، أنه جن !!
هكذا يحكم الناس .
عندهم أن طلب الحرية ، يطلبه ابن آدم ، عقل أما طلب الحرية ، يطلبه حصان قزم ، فجنون .
- الدنيا تضيق بالخيل
اننا لو عدنا بالخيل ، بضعة قرون من التاريخ الى الوراء ، لوجدنا أن الدنيا كانت ، لمعشر الخيل ، كلها زين .
ولوجدنا الانسان يعطي الخيل أكبر عناية . ذلك لأنها كانت حاملته في الحرب ، مسرعة به عند هجوم ، مسرعة به اذا تأزمت الحال وكان لا بد له من هروب . وترتفع به الى قمم الجبال . وتهبط به الى الحضيض من الوديان . وان كان ماء في الطريق مرقت فيه ، وقد تسبح .
والخيل كانت على السلم خادمة الانسان ، تعمل في حقل ، وتحمل الأثقال في طريق ، وكانت بعض زينة الانسان .
ثم تغيرت الدنيا ، فتغيرت الحال بالخيل . في الحقل حلت محل الخيل الجرارات ، تمهد الأرض وتحرث ، وتبذر وتحصد . وفي الطريق قامت السيارات مقام العربات التي تجرها الخيل . السيارات تنقل الناس . والسيارات تنقل البضائع .. واقتصر عمل الخيل على الجر القريب المتقطع . وذلك في الأمم المتقدمة . أما الأمم المتخلفة فقد احتفظت بالخيل تقيم به فقرها ، وتعطيها من فقرها . وفي الحروب صارت الخيل هدفا سهلا ،
ولهذا استبعدت وحلت محلها الدبابات .
ان المدنية الحديثة ترمي بالخيل وراء حدودها . ولو اطرد الحال ، اذن لجاء أعقاب لنا بعد عشرة أجيال ، يسألون عن الخيل ، فيقال لهم : تجدونها في السرك ، أو في حدائق الحيوانات .. أو في ميادين السباق . هذا ان كان الانسان عندئذ لا يزال يلهو بسباق الخيل .
تعليق