الحِصَان ..
⏺هو للإنسان معوان وزينة .
⏺هل تنقرض الخيل فلا يجدها الأحفاد إلا في السِّرك وحدائق الحيوان ؟
⏺الحصان والحمار أبناء أعمام .
كنت أعبث في أوراق لي قديمة ، وكتب عتيقة ووقعت من ذلك على كتاب للصبية . کتاب به من الأقاصيص الألمانية والأساطير شيء كثير .
ووقعت منه على أقصوصة ، هي ضمنت كتابا للصبية ان شئت ، ولكن كاتبها هو الكاتب الألماني الكبير الشهير ليسنج Lessing وهو ولد في القرن الثامن عشر ، عام ۱۷۲۹ ، ومات فيه قبيل الثورة الفرنسية عام ۱۷۸۱ . وهي أقصوصة لا تتصل بالثورة الفرنسية ، ولا بالسياسة ولا بالحروب قط . انما هي تتصل بذلك الحيوان الشهير الذي يعيش بيننا ، ونسميه الحصان ونستصغر هذا الاسم له فنسميه الجواد . وأحيانا نسميه بالفرس . فالذكر منه فرس ، والأنثى منه فرس كذلك وقد نقول فرسة .
وأقصوصة هذا الكاتب الألماني الشهير تتصل بالحصان من حيث الخلق ، وأشكال الخلق وحظوظه ومقدراته .
واختصارا هي هذه :
- القصة
شكا الحصان خلقته الى رب الأرباب ، زيوس ( على عادة الأساطير اليونانية ) . قال وهو يقترب من عرش الرب :
يا خالق الانسان والحيوان ، ان الناس تقول ان الخيل من أجمل الحيوانات التي زينت انت بها الدنيا وأنا أؤمن بالذي يقولون ومع هذا هل وقف بك التحسين ، يا رب الأرباب ، عند هذا . أليس لنا عندك ، نحن معشر الخيل ، أحسن مما صنعت ؟
فقال الرب :
وماذا تريد أن أصنعه بك لتزيد حسنا ؟
قال الحصان :
لعلي أكون أسرع في الجري لو أن سيقاني طالت وانفتلت . ولعل صدرا أوسع وأرحب يزيد في قوتي . ولعل رقبتي ان طالت فلن تعدم جمالا .
ثم انك قضيت علي في قديم حكمتك بأن أحمل الرجال ، فما عليك الا أن تصنع من ظهري برذعة تليق بالأكرمين من بني الناس .
فقال رب الأرباب :
اذن فصبرا . لحظة واحدة ، تنل بعدها ما تريد .
وما نطق الرب ، بكلمة كن ، حتى كان ما أراد وبغتة وقف أمام عرش الرب مخلوق غريب الخلق عجيب : انه الجمل .
فما وقع بصر الحصان على هذا المخلوق الجديد حتى أخذ يرتعد خوفا وهلعا مما رأى . عندئذ صاح به الرب :
هاهنا سيقان عالية مفتولة . ها هنا رقبة طويلة .
ها هنا صدر أوسع . ها هنا ظهر أعلى وأرفع .
فهل تريد یا حصان أن أبدل من خلقك لتكون كهذا .
ولم يستطع الحصان جوابا . وانما ظل يرتعد .
فقال له رب الأرباب :
اذن فاذهب . هذه المرة لتعليمك ولتفطينك ، فلا عقاب عليك . ولكن اذكرها ، ولا تعد اليها . وارض
بما قسم لك الله .
وألقى الرب نظرة الى الجمل . أما الحصان فما كاد يلقي عليه بنظرة أخرى حتى عاد جسمه يهتز .
- قصة تحزن لها الأباعر
قصة يفرح لها قبيل الخيل جميعا ، كما يحزن لها كل بعير . ولكن يقلل من حزن الأباعر والضالعين معهم ، أن الجمال والقبح فيما يراه الانسان من جمال وقبح في هذه الدنيا ، انما هو من صنع نفسه . انه جمال من صنع الانسان انه جمال أشكال وألوان . وأجمل من جمال الشكل ، وأكثر دواما ، جمال الحقيقة .
والحقائق التي تكمن وراء الجمل تضع الجمال في المرتبة الأولى من الجمال . لم علت ساقه ؟ لم تلحم خفه ؟ لم انشق مشفره ؟ لم كان سنامه ؟ كل هذه حقائق وراءها من أسرار الخلق شيء عجیب ... جميل .
- همنا اليوم الحديث عن الخيل
ليس من همنا اليوم الحديث عن الأباعر ، ولكن من همنا الحديث عن الخيل . ان اسم العرب ، عند سكان الأرض ، يقترن دائما بالصحراء ، وبالجمل ، ذلك الذي أسموه سفين الصحراء.
( من انسال الخيل جميعا ، نجد الجواد العربي لا يزال أقدمها ، وأجملها . وهو الجواد الذي كان له أكبر الأثر وأوسعه في تحسين أكثر انسال الدنيا من الخيل )
ولكنه يقترن كذلك بالخيول العربية الأصيلة . وان يكن العرب قد نزحوا قديما وحديثا الى أنحاء من الدنيا غير قليلة ، فقد نزح الدم العربي ، ممثلا في هذه الخيول العربية ، الى كل بقاع الأرض .
وميادين السباق ، في عواصم الغرب ، لا تأخذ أنت العربي مجلسك فيها ، بين الآلاف المؤلفة من الناس ، وتمر أمامك أفراس السباق لتنظر اليها ، حتى تذكر من أشكالها ، ومن جميل خطوها ، ومن دقة سيقانها ، وضمور أجسامها ، تلك الآباء العربية القديمة التي منها انحدرت ، تلك التي يقول فيها المتنبي :
أعز مكان في الدَّنا ظهر سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
والسابح عنده هي الفرس التي تسير بك فكأنما تجري بك لسلاستها في ماء .
⏺هو للإنسان معوان وزينة .
⏺هل تنقرض الخيل فلا يجدها الأحفاد إلا في السِّرك وحدائق الحيوان ؟
⏺الحصان والحمار أبناء أعمام .
كنت أعبث في أوراق لي قديمة ، وكتب عتيقة ووقعت من ذلك على كتاب للصبية . کتاب به من الأقاصيص الألمانية والأساطير شيء كثير .
ووقعت منه على أقصوصة ، هي ضمنت كتابا للصبية ان شئت ، ولكن كاتبها هو الكاتب الألماني الكبير الشهير ليسنج Lessing وهو ولد في القرن الثامن عشر ، عام ۱۷۲۹ ، ومات فيه قبيل الثورة الفرنسية عام ۱۷۸۱ . وهي أقصوصة لا تتصل بالثورة الفرنسية ، ولا بالسياسة ولا بالحروب قط . انما هي تتصل بذلك الحيوان الشهير الذي يعيش بيننا ، ونسميه الحصان ونستصغر هذا الاسم له فنسميه الجواد . وأحيانا نسميه بالفرس . فالذكر منه فرس ، والأنثى منه فرس كذلك وقد نقول فرسة .
وأقصوصة هذا الكاتب الألماني الشهير تتصل بالحصان من حيث الخلق ، وأشكال الخلق وحظوظه ومقدراته .
واختصارا هي هذه :
- القصة
شكا الحصان خلقته الى رب الأرباب ، زيوس ( على عادة الأساطير اليونانية ) . قال وهو يقترب من عرش الرب :
يا خالق الانسان والحيوان ، ان الناس تقول ان الخيل من أجمل الحيوانات التي زينت انت بها الدنيا وأنا أؤمن بالذي يقولون ومع هذا هل وقف بك التحسين ، يا رب الأرباب ، عند هذا . أليس لنا عندك ، نحن معشر الخيل ، أحسن مما صنعت ؟
فقال الرب :
وماذا تريد أن أصنعه بك لتزيد حسنا ؟
قال الحصان :
لعلي أكون أسرع في الجري لو أن سيقاني طالت وانفتلت . ولعل صدرا أوسع وأرحب يزيد في قوتي . ولعل رقبتي ان طالت فلن تعدم جمالا .
ثم انك قضيت علي في قديم حكمتك بأن أحمل الرجال ، فما عليك الا أن تصنع من ظهري برذعة تليق بالأكرمين من بني الناس .
فقال رب الأرباب :
اذن فصبرا . لحظة واحدة ، تنل بعدها ما تريد .
وما نطق الرب ، بكلمة كن ، حتى كان ما أراد وبغتة وقف أمام عرش الرب مخلوق غريب الخلق عجيب : انه الجمل .
فما وقع بصر الحصان على هذا المخلوق الجديد حتى أخذ يرتعد خوفا وهلعا مما رأى . عندئذ صاح به الرب :
هاهنا سيقان عالية مفتولة . ها هنا رقبة طويلة .
ها هنا صدر أوسع . ها هنا ظهر أعلى وأرفع .
فهل تريد یا حصان أن أبدل من خلقك لتكون كهذا .
ولم يستطع الحصان جوابا . وانما ظل يرتعد .
فقال له رب الأرباب :
اذن فاذهب . هذه المرة لتعليمك ولتفطينك ، فلا عقاب عليك . ولكن اذكرها ، ولا تعد اليها . وارض
بما قسم لك الله .
وألقى الرب نظرة الى الجمل . أما الحصان فما كاد يلقي عليه بنظرة أخرى حتى عاد جسمه يهتز .
- قصة تحزن لها الأباعر
قصة يفرح لها قبيل الخيل جميعا ، كما يحزن لها كل بعير . ولكن يقلل من حزن الأباعر والضالعين معهم ، أن الجمال والقبح فيما يراه الانسان من جمال وقبح في هذه الدنيا ، انما هو من صنع نفسه . انه جمال من صنع الانسان انه جمال أشكال وألوان . وأجمل من جمال الشكل ، وأكثر دواما ، جمال الحقيقة .
والحقائق التي تكمن وراء الجمل تضع الجمال في المرتبة الأولى من الجمال . لم علت ساقه ؟ لم تلحم خفه ؟ لم انشق مشفره ؟ لم كان سنامه ؟ كل هذه حقائق وراءها من أسرار الخلق شيء عجیب ... جميل .
- همنا اليوم الحديث عن الخيل
ليس من همنا اليوم الحديث عن الأباعر ، ولكن من همنا الحديث عن الخيل . ان اسم العرب ، عند سكان الأرض ، يقترن دائما بالصحراء ، وبالجمل ، ذلك الذي أسموه سفين الصحراء.
( من انسال الخيل جميعا ، نجد الجواد العربي لا يزال أقدمها ، وأجملها . وهو الجواد الذي كان له أكبر الأثر وأوسعه في تحسين أكثر انسال الدنيا من الخيل )
ولكنه يقترن كذلك بالخيول العربية الأصيلة . وان يكن العرب قد نزحوا قديما وحديثا الى أنحاء من الدنيا غير قليلة ، فقد نزح الدم العربي ، ممثلا في هذه الخيول العربية ، الى كل بقاع الأرض .
وميادين السباق ، في عواصم الغرب ، لا تأخذ أنت العربي مجلسك فيها ، بين الآلاف المؤلفة من الناس ، وتمر أمامك أفراس السباق لتنظر اليها ، حتى تذكر من أشكالها ، ومن جميل خطوها ، ومن دقة سيقانها ، وضمور أجسامها ، تلك الآباء العربية القديمة التي منها انحدرت ، تلك التي يقول فيها المتنبي :
أعز مكان في الدَّنا ظهر سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
والسابح عنده هي الفرس التي تسير بك فكأنما تجري بك لسلاستها في ماء .
تعليق