جيهان حجة في مركز الفنون البصرية .. تغيب الشجرة أحياناً وتبقى روحها الدالة عليها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جيهان حجة في مركز الفنون البصرية .. تغيب الشجرة أحياناً وتبقى روحها الدالة عليها


    معرض جيهان حجة في مركز الفنون البصرية ..
    تغيب الشجرة أحياناً وتبقى روحها الدالة عليها..
    ـــ أديب مخزوم ـــ 3 ـ 2 ـ 2024 ـــــ
    في لوحات معرضها الفردي بالمركز الوطني للفنون البصرية تعاملت الفنانة جيهان حجة (عضوة الهيئة التدريسية بكلية الفنون الجميلة في دمشق) مع مطبوعات محفوراتها، بمرونة وبحرية أكبر في معالجة موضوعاتها، وفي أكثرية لوحاتها تتناول موضوع الشجرة وفروعها حصراً، مستعيدة روحها وحركتها وإيقاعاتها الدالة عليها. أما في لوحاتها الأخرى فتصل إلى حدود التجريد ، وذلك لإيجاد بعض الفروقات في تركيب السطوح اللونية والأجواء الشفافة والشاعرية والوصول الى المزيد من الإختزال والإختصار والتأثيرات البصرية الخاصة بها، إلى الحد الذي يجعل بعض لوحاتها تنفتح على الأجواء التعبيرية والرمزية والغرائبية وصولاً إلى التجريد، وكل لوحات المعرض قادمة من تقنية الطباعة الحفرية على سطح اللوحة، وهي تستخدم تقنيات عديدة أبرزها الشاشة الحريرية في خطوات الوصول إلى اللوحة الحديثة والمعاصرة والخاصة . ومن هنا تأتي الحساسية البصرية بحركات خطوطها الرفيعة ( البيضاوية والملتوية والمتعرجة والحلزونية والمتداخلة والمتشابكة والتي تأخد شكل البصمة في أحيان كثيرة ) كما تتميز ألوانها بتدرجاتها وتنقلاتها بين الإغماق والتفتيح ( وأفضل مثال هنا لوحة بصمة امل، ولوحة شجرة بقلب ابيض ونافدة ) .
    واللوحة الغرافيكية الحديثة لم تكن في برنامج ودفتر يوميات جيهان، لغايات تقنية فحسب ( لأن الوسائل التقنية مهمة وأساسية لطلاب قسم الحفر، وليس لجمهور الفن التشكيلي، الذي تهمه النتائج وليس الوسائل على الصعيدين التشكيلي والتعبيري، ولهذا لاداعي للغوص في تفاصيل الجانب التقني) .. تهمنا النتائج التي تنقلنا هنا من حساسية خطية ولونية إلى أخرى .
    هكذا أعتمدت على مبدأ الرسم والحفر وكل ذلك بحس تلقائي وعفوي، حيث تلاشت تفاصيل موضوعات لوحاتها ، في مساحات وحركات اللون المطبوع والضوء، في ظل الاقتراب أو الابتعاد عن الصياغة الواقعية . فهي أحياناً تميل إلى التعبيرية التي تحافظ على بعض اشارات الشكل أو المشهد، وأحياناً أخرى تزاوج بين مؤشرات العناصر العفوية المثبتة في جزئيات اللوحة، وبين مؤشرات التجريد اللوني الذي يظهر في لوحات أخرى أو في بعض أجزاء اللوحة ، حيث لا فواصل ولا حدود بين حضور اشارات الأشكال وبين غيابها الجزئي أحياناً في بعض أقسام اللوحة . ومن خلال هذا التداخل بين مؤشرات الأشكال المنظورة والعناصر اللونية التجريدية، تصل إلى خطوط منسابة وملتوية ومتشابكة، تأتي على هيئة إيقاعية إنفعالية وذاتية، وتتجه نحو لغة التلميح ، القادر على إختصار العناصر إلى أقصى حد في مطبوعات محفوراتها الأحدث . كما تعتمد في قسم من مطبوعات محفوراتها على حركة الأسود والرمادي وتدرجاتهما .
    وهكذا نستطيع الحديث عن اختراق المظهر السطحي للعناصر، في خطوات البحث عن التركيب الداخلي، الذي يعمل عن تصعيد ميزة الشفافية اللونية والتشكيل الخطي المنساب طلاقة وحيوية، وهي هنا تنوع في المواد والتقنيات وتغوص في تجربة تعبيرية متحررة تستعيد إيقاعات الأشكال والتكاوين وما تعكسه من تداعيات عفوية تزيد من أجواء الحرية والتلقائية .
    ويمكن القول أن ظهور اللمسة العفوية الأكثر ارتباطاً بحالات الانفعال الوجداني، لم تأتِ إلا نتيجة البحث المستمر والمتواصل والصدق ( متى وجد الصدق وجد التميز والتفرد في حركة الخطوط والألوان ) أو نتيجة اختباراتها المتتابعة، حيث تظهر مرونة رموزها التعبيرية التلقائية، التي تحكي من خلالها حكايتها مع الواقع، وتدل هذه اللوحات على عفوية في التنفيذ والتلوين ، وعلى شحن عناصر التشكيل بعاطفة نامية وشغف تلقائي، كونها تتعامل مع أشكال الواقع بمزيد من العفوية والمحبة والصدق الحامل خلاصة بحوثها وتشكيلاتها المسكونة بدرجات أعلى من الانفعال، والمشغولة بخطوط متلاحقة تتجه إلى الكثافة التشكيلية في فضاء اللوحة .
    هكذا عكست لوحاتها الأحدث هواجس انحيازها نحو الأسلوب التعبيري ( الذي يقترب أحياناً من عوالم الاتجاهات التجريدية ) حيث اللمسة اللونية تعكس شاعرية التفاعل مع حركة النور والضوء، والإيقاعات البصرية الموسيقية القادمة من طريقة صياغة حركات الخطوط الكثيفة والتي تلف غياب الأشكال، ومن ثم يبرزها كرؤية تعبيرية ـ تجريدية لما بعد الإنطباع .
    وهذا يعني أنها وصلت إلى تشكيل تعبيرية مستقى من المشاعر، كل ذلك بلوحات تجمع أجواء التفاؤل بالمستقبل وإيقاع النغم وشاعرية اللون، الذي يعرف كيف يعزف على أوتار المشاعر. ولا بد أن نكتشف بعض أوجه التنوع والنضج الموسيقي في الحوارات الخطية واللونية. فالحضور الخطي واللوني هنا هو حضور موسيقي بصري قبل أي شيء آخر، كونها تقطف إيقاعات روح الشكل، وتبرز التفاعل الوجداني معه بآن واحد، إنها حالة تعبيرية - تجريدية معاصرة تلغي المسافة بين الإحساس والتجسيد الموزع دون تقليد واقعي على مساحة اللوحة ، مع الإبقاء على الحركة المتداخلة في كل الاتجاهات ، والتي تعطي لوحاتها الدفق اللوني التلقائي وإشارات النغم الموسيقي البصري ، ومن أجل ذلك تقترب لوحاتها من ضفاف التجريد اللوني الجزئي ، وقد تصل إلى التجريد الخالص أو المطلق.
    وعلى هذا فهي تعتمد على تشكيلات متجاورة ومتداخلة تعطيها بصمة واسلوبية خاصة، تثير نقاشاً وجودياً، بقدر ماتكشف عن تموجات المشاعر الفنية والأحاسيس الداخلية، في خطوات بحثها عن إيقاعات تشكيلية حديثة ومعاصرة وغير تقليدية أو محتقنة من الداخل .
    جيهان حجة





يعمل...
X